المعركة تحتدم.. صحيفة عبرية ترصد "تدخلات إيران" في انتخابات العراق
سلطت صحيفة "ذا تايمز أوف إسرائيل" الضوء على الانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2021، وعلاقة ذلك بالنفوذ الهائل الذي تمارسه إيران، وكذلك رد الفعل الشعبي المتزايد ضدها.
وتجرى الانتخابات في وقت مبكر استجابة لمطالب المتظاهرين الذين ينتقدون النظام السياسي العراقي ويصفونه بأنه غير كفء وفاسد ومدين بالفضل لإيران.
وقال أستاذ العلوم السياسية مارسين الشمري: "أحد الأمور الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لإيران في العراق في الوقت الحالي هو الشعور الهائل بعدم الرضا العام تجاهها".
ونقلت الصحيفة عن الباحث في كلية هارفارد كينيدي: "هذا أحد الأشياء التي لم تكن إيران تتوقعها وشيء عليها أن تتعامل معه".
علاقات متقلبة
وفي ذروة الاحتجاجات غير المسبوقة في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، هاجم متظاهرون غاضبون القنصلية الإيرانية في مدينة النجف الجنوبية وأضرموا النار فيها، وهم يهتفون "اخرجوا من العراق".
وعندما قتل مسلحون العديد من المتظاهرين، وجه ناشطون أصابع الاتهام إلى الفصائل الموالية لإيران التي تلعب دورا رئيسا في العراق والتي تحمل الولايات المتحدة المسؤولية عن الهجمات على مصالحها هناك.
تضم الشبكة شبه العسكرية المعروفة باسم قوات الحشد الشعبي - التي تشكلت عام 2014 لهزيمة تنظيم الدولة - العديد من الجماعات الشيعية الموالية لإيران.
وبعد سقوط التنظيم، جرى دمج هذه المليشيات في جهاز أمن الدولة في العراق.
وفي البرلمان العراقي أيضا، شكلت الأحزاب السياسية ذات العلاقات العميقة مع الجمهورية الإسلامية كتلا قوية لها تأثير كبير في الحكومات السابقة.
تاريخيا، كانت العلاقات متقلبة بين العراق وجارته الأكبر في الشرق. وبعد الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، هاجم الرئيس العراقي صدام حسين إيران بسبب نزاع حدودي، مما أدى إلى اندلاع حرب وحشية من 1980 إلى 1988.
وبعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 الذي أطاح بصدام - مما أشعل فتيل سنوات من التمرد - اكتسبت إيران نفوذا كبيرا في العراق.
ومنذ ذلك الحين، تمكن الحجاج الإيرانيون الشيعة من التدفق مرة أخرى إلى مدينتي النجف وكربلاء المقدستين في العراق.
وأصبحت إيران أيضا أحد أكبر الشركاء التجاريين للعراق، وهو ما يمثل دفعة كبيرة للجمهورية الإسلامية التي تضررت من العقوبات بسبب برنامجها النووي المتنازع عليه.
ويستورد العراق الكهرباء الإيرانية وكذلك المواد الغذائية والمنسوجات والأثاث والسيارات.
لكن العديد من العراقيين قلقون من أن النفوذ الإيراني أصبح الآن قويا للغاية.
واندلع الغضب ضد إيران في السنوات الأخيرة، حتى فيما يعرف باسم معقل الشيعة في جنوب العراق.وقال ريناد منصور من مؤسسة تشاتام هاوس البحثية الأميركية: "خسرت إيران الكثير من القاعدة في الجنوب ووسط العراق، خسرت القاعدة الشيعية التي افترضت لفترة طويلة أنها ستكون قاعدة موالية لها".
كما تواجه العديد من الأحزاب المتحالفة مع إيران صعوبة أكبر في الحفاظ على شعبيتها.
"لا خضوع"
سمحت انتخابات 2018 التي تميزت بعدد قياسي من الامتناع عن التصويت، لمرشحي الحشد الشعبي بدخول البرلمان لأول مرة، بعد طرد تنظيم الدولة.
ويهدف هؤلاء اليوم إلى دعم نفوذهم لكن الخبراء يشككون في قدرتهم على ذلك، تقول الصحيفة العبرية.
وبالنسبة للنواب الموالين لإيران، فإن العلاقة مع طهران ليست شيئا يخجلون منه، حيث قال أحد الشخصيات البارزة في كتلة الحشد الشعبي، النائب أحمد أسدي، في مقابلة تلفزيونية حديثة إن "علاقتنا مع الجمهورية الإسلامية ليست جديدة، بل هي إستراتيجية".
وأضاف: "لا يوجد خضوع أو انحياز، إنها علاقة تقوم على التوازن بين مصالح العراق والجمهورية الإسلامية معا".
وقال المتحدث باسم كتائب حزب الله محمد محيي، لوكالة الصحافة الفرنسية إن "العلاقات مع إيران تصب في مصلحة الشعب العراقي ويجب تعزيزها".
وزاد: "لم نشهد قط أي تدخل سلبي من الجمهورية الإسلامية في الشؤون العراقية".
وبالنظر إلى مطالب المحتجين، قالت كتائب حزب الله إن تحسين الخدمات العامة والبنية التحتية يجب أن يكون أولوية قصوى، لكنها شددت أيضا على أولويات أخرى أهمها انسحاب القوات الأميركية.
قال المحلل السياسي العراقي علي البيدر إن الفصائل الموالية لإيران تسعى إلى "ترسيخ وجودها في السياسة والحكومة".
وأضاف أنهم يريدون "أن يكونوا حاضرين على عدة مستويات - الدبلوماسية، والثقافة، والرياضة - لتغيير الصورة التي تربطهم بالأجهزة الأمنية.
وقالت لهيب هيجل من مجموعة الأزمات الدولية إنه يتوقع أن تحتفظ الأحزاب الموالية لإيران في البرلمان بحصة المقاعد نفسها تقريبا قائلا "لا أرى أنه ستكون هناك زيادة كبيرة بالنسبة لهم".
وبينت أن طهران تأمل في "رئيس وزراء يمكنها العمل معه". وتابعت "المرشح الوسطي ليس اختيارا سيئا بالنسبة لهم لأنه يعني عادة أنه رئيس وزراء ضعيف إلى حد ما".
وأردفت "وهكذا في هذه الحالة يمكنهم العمل، إن لم يكن مباشرة مع مكتب رئيس الوزراء، فعندئذ مع الممثلين من حوله".
وقال ريناد منصور إنه على الرغم من أهمية الانتخابات، فإن "المفتاح هو الصفقات الخلفية التي يتم إجراؤها كجزء من تشكيل الحكومة".
وأضاف "في تلك العملية، كان لإيران تاريخيا دور كبير، وقد أثبتت أنها الفاعل الخارجي الأكثر قدرة عندما يتعلق الأمر بتشكيل الحكومة".