لن يجتمعا لمجرد المصافحة.. ما أهداف اللقاء المرتقب بين بوتين وأردوغان؟
سلطت صحيفة روسية الضوء على العلاقات بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان وخلافهما بسبب شبه جزيرة القرم، متطرقة إلى انتخابات مجلس الدوما (البرلمان) الروسي.
ومن المقرر أن يعقد اجتماع في مدينة سوتشي الروسية نهاية سبتمبر/أيلول 2021، لمناقشة عدد كبير من القضايا التي تخص الطرفين.
وقت الحديث
وعن لقائه المرتقب، أوضح أردوغان في 25 من ذات الشهر أن بلاده تسعى إلى تعزيز علاقتها الثنائية مع روسيا والوصول إلى حجم تبادل تجاري قيمته 100 مليار دولار.
وقال أردوغان إن النظام السوري يشكل تهديدا جنوب بلاده. وشدد على ضرورة أن تبحث تركيا وإيران وروسيا لتحويل سوريا إلى حوض سلام.
وأكد تطلع أنقرة إلى إبداء الرئيس الروسي وبلاده باعتبارها بلدا صديقا موقفا مغايرا حيال الشأن السوري بما تقتضيه علاقات التضامن بين البلدين، والعمل المشترك في الحدود الجنوبية لتركيا.
وتقول صحيفة "غازيتا.رو" الروسية في مقال للكاتب دينيس تيلمانوف: "حان الوقت لكي يتحدث الزعيمان منذ فترة طويلة".
ومع ذلك، فإن الموقف غامض فيما يتعلق بموقف تركيا من عدم الاعتراف بنتائج انتخابات مجلس الدوما في شبه جزيرة القرم، تقول الصحيفة.
وأكدت وزارة الخارجية التركية، في 20 سبتمبر/أيلول عدم شرعية نتائج انتخابات مجلس الدوما الروسي على أراضي شبه جزيرة القرم (بين 17-19 من ذات الشهر) باعتبارها أراضي أوكرانية.
وكرر الرئيس التركي أردوغان رفضه لذلك الإجراء في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية ذات الشهر.
وعقب استفتاء من جانب واحد، في 16 مارس/ آذار 2014، ضمت روسيا إلى أراضيها شبه جزيرة القرم التابعة لأوكرانيا، وهو ما لم يعترف به المجتمع الدولي، وأعقبه فرض عقوبات على موسكو من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى.
وفقا لبيان صادر عن مكتب الرئيس التركي، فإن زيارة أردوغان إلى سوتشي ستتم في 29 سبتمبر/أيلول. وفي روسيا، لم يتم تأكيد هذه المعلومات.
النتائح المتوقعة
فوفقا لرئيس تحرير مجلة روسيا في الشؤون العالمية، فيودور لوكيانوف، فإن بوتين وأردوغان يفهمان بعضهما البعض جيدا، لكن لا يمكن توقع اتفاقات حقيقية من هذا الاجتماع.
كما أشار لوكيانوف، إن الاجتماع مليء بعدد كبير من القضايا الحقيقية التي تستجوب طوال الوقت، وبصورة دائمة، إجراء مفاوضات معقدة للغاية، والتي بالفعل يتم إجراؤها.
فهذه المفاوضات تصل إلى طريق مسدود في مرحلة ما، ومن ثم فمن الضروري عقد اجتماع على مستوى الرؤساء، وفق قوله.
المتحدث الرسمي باسم الكرملين "ديمتري بيسكوف"، قال عن الاجتماع إن "جدول الأعمال سيكون الأكثر شمولا".
في الوقت نفسه، أشار إلى أن موضوع سوريا سيتم بحثه بشكل منفصل.
ويرى الخبراء أنه سيتم إيلاء اهتمام خاص للأوضاع في محافظة إدلب السورية، حيث تتواصل هجمات القوات الجوية الروسية على مواقع المعارضة.
ويرى الصحفي لوكيانوف أنه لا يوجد حل وسط بشأن أزمة محافظة إدلب، لأن روسيا وتركيا لديهما "مصالح متعارضة تماما" في هذه المنطقة.
وقال: "كل الاتفاقات التي تم التوصل إليها مرارا وتكرارا كانت بشأن انسحاب المسلحين من هناك".
وذكر الكاتب دينيس تيلمانوف أنه بعد المفاوضات،" هناك عملية كبيرة من جانب تركيا"، و"مرحلة من الضغط القوي الروسي"، بما في ذلك القصف، ثم "يجلسون للحديث". ذلك لأن أنقرة لا تحتاج إلى تجاوزات.
عدة ملفات
وبدوره، يعتقد الباحث في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية "أمور حجييف"، أن الوضع في سوريا "لا يزال بعيدا عن نهايته" لعدد من الأسباب الموضوعية والمتحيزة التي تجعل تركيا غير مستعجلة للوفاء بالتزاماتها، وفق تقديره.
وأشار حجييف إلى أن "الجانب الروسي أكد مرارا أنه على الرغم من اتفاقيات سوتشي والالتزامات التي تعهدت بها تركيا، فإن هذه الشروط لم يتم الوفاء بها بعد".
واقترح أن يوقع بوتين وأردوغان في الاجتماع المقبل وثيقة جديدة بشأن محافظة إدلب.
ويقول: "لن يجتمع الرؤساء عبثا، وسيوقعون على شيء قد يكون مهما بما يكفي لإلقاء الضوء على عملية التسوية الإضافية".
وختم الخبير: "باختصار، يبدو لي أنه سيتم التوقيع على بعض الاتفاقيات بشأن إدلب، وسيكون هناك اتفاق معين، حيث جرى تنفيذ العمل على المستوى الدبلوماسي بشكل مكثف للغاية".
وأشار الكاتب أن من المواضيع المهمة في المحادثات بين بوتين وأردوغان، الوضع في أفغانستان، التي تسيطر عليها حركة طالبان التي ما تزال محظورة في روسيا.
وبين أنه قد يجري مناقشة الأوضاع في إقليم قره باغ الأذربيجاني والتدريبات المشتركة بين باكو وأنقرة التي جرت أوائل سبتمبر/أيلول.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لبوتين وأردوغان مناقشة الوضع في شرق البحر الأبيض المتوسط وليبيا، وكذلك توريد الفوج الثاني من الدفاعات الجوية الروسية إس 400 وبناء محطة للطاقة النووية وغيرها من القضايا "السياسة الثنائية الواسعة"، بما في ذلك تخفيضات الغاز.
وعلق الكاتب أن الخلفية السلبية للمحادثات أن أنقرة ليست مستعدة للاعتراف بشبه جزيرة القرم كأراضي روسية، وكذلك انتخابات مجلس دوما التي أجريت على أراضيها.
شبه جزيرة القرم
ومع ذلك، يعتقد الخبير أمور حجييف من الأكاديمية الروسية للعلوم أنه لن يتم مناقشة موضوع القرم بشكل عام لأنها قضية مغلقة.
ويرى أن التصريحات التركية بشأن القرم "شعبوية بحتة ولن يكون لها أي تأثير مباشر على جو المحادثة القادمة".
وفي إطار ذلك يتفق معه فيودور لوكيانوف، مضيفا أن عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات في شبه جزيرة القرم ينبع من عدم الاعتراف بشبه الجزيرة كجزء من أراضي روسيا.
ومن غير الواضح ما هو سبب إثارة أردوغان لهذا الموضوع من على منبر الأمم المتحدة. على ما يبدو، أن هناك حاجة من وقت لآخر للإشارة إلى انتماء معين للغرب، وفق تقديره.
ولم تعترف تركيا بضم شبه جزيرة القرم في بداية الأمر ولا خلاله، وليس الآن.
كما هو حال دول أخرى، لا تعترف أيضا بيلاروسيا بنتائج الانتخابات في القرم، لكنها لا تدلي بتصريحات صاخبة في نفس الوقت، يقول لوكيانوف.
وأوضح أن "بيلاروسيا، بالطبع، ستعترف بالنواب المنتخبين من القرم، لكنها ستتظاهر بأنها لا تولي أهمية لانتمائهم".