"الحج الشيعي" يحل وسط كورونا.. كيف يدير العراق الموسم؟

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

في وقت تحاول الحكومة العراقية منع انتشار متغير كورونا المعروف باسم "دلتا" من إيران، تتزايد الضغوط الداخلية والخارجية لفتح حدودها أمام الحجاج الشيعة لزيارة مدينتي كربلاء والنجف المقدستين.

ويتجمع ملايين الشيعة من جميع أنحاء العالم سنويا في كربلاء يوم "عاشوراء" العاشر من محرم في التقويم الهجري، لإحياء ذكرى مقتل الإمام الحسين، ثم مرة أخرى في "الأربعين" بعد 40 يوما من مقتله، الموافق 20 من شهر صفر (27 سبتمبر/أيلول 2021).

احتفالات الشيعة

لكن هذا العام، وبسبب القيود الوبائية المشابهة لعام 2020، لم يتمكن سوى عدد قليل من الحجاج من دخول العراق لحضور الاحتفالات في مدينتي كربلاء والنجف المقدستين، وفق صحيفة المونيتور الأميركية.

وفيما تستمر احتفالات عاشوراء لمدة شهرين، حثت بعض الدول والعديد من أصحاب الأعمال العراقيين، الحكومة العراقية على فتح حدودها أمام جميع الحجاج.

واستجاب العراق لطلب باكستان بتسهيل منح تأشيرات لمواطنيها الشيعة لدخول العراق وزيادة عدد التأشيرات المتاحة لهم لأداء فريضة الحج.

وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال زيارته إسلام أباد في 11 أغسطس/آب: إن العراق سيعلن قريبا عن تأشيرة جديدة، تلبية لطلب باكستان.

وأطلقت الحكومة العراقية في فبراير/شباط 2021 برنامجا لإعفاء 36 دولة غربية من التأشيرات لجذب المزيد من السياحة والاستثمار. 

منذ ذلك الحين، ضغطت إيران على الحكومة العراقية لإدراجها أيضا في برنامج الإعفاء من أجل السماح بمرور مواطنيها بسهولة إلى الأماكن المقدسة. 

وأثناء وجوده في منصبه، ألغى رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي رسوم التأشيرة للزائرين الإيرانيين إلى العراق.

وطالب السفير الإيراني لدى العراق إيراج مسجدي خلال لقاءات عديدة مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بإلغاء رسوم التأشيرة للإيرانيين، بحسب تصريحه للوكالة الإيرانية الرسمية (إرنا). 

ورفضت الحكومة العراقية الطلب بسبب تفشي الوباء في إيران. وفي يوليو/تموز 2021، طلبت طهران مليون تأشيرة للحج بعد رفض طلبها بالإعفاء الكامل منها.

وغالبا ما يسافر الشيعة الإيرانيون عن طريق عبور الحدود العراقية في الشلامجة في الجنوب أو مهران في الوسط أو خسروي في الشمال. 

ولا تزال الحدود الثلاثة تخضع لقيود صارمة لمنع تفشي الوباء. ولهذا لجأ بعض الإيرانيين إلى دخول العراق عبر كردستان ليشقوا طريقهم إلى الجنوب لزيارة كربلاء والنجف. 

لكن السلطات الكردية أغلقت أيضا المعابر الحدودية  بداية من 15 أغسطس/آب فصاعدا بسبب الانتشار السريع لمتغير الدلتا في إيران، والذي أودى بحياة أكثر من 100 ألف شخص. 

وأصدرت السلطات الكردية بيانا في 15 أغسطس/ آب جاء فيه أن "القرار أتى بسبب تجمع عدد كبير من المواطنين والمسافرين الإيرانيين المحتملين في مدينة قصر شيرين على الحدود العراقية".

موجة وبائية

ويشهد العراق أيضا موجة جديدة من الوباء، ومن المتوقع أن يرتفع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا بشكل كبير خاصة خلال "زيارة الأربعين" في 27 سبتمبر/أيلول، وهو أكثر أوقات الحج الشيعي ازدحاما. 

ويسافر ملايين الحجاج الشيعة سيرا على الأقدام باتجاه كربلاء. ويستضيف العراق عادة حوالي 20 مليون سائح خلال "زيارة الأربعين".

ومنذ ذلك الحين، نما الحج الذي كان محظورا في ظل نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، بشكل مطرد، وأصبح يدر دخلا كبيرا للقطاع الخاص في العراق.

ويضغط العديد من أصحاب الأعمال أيضا على الحكومة لتسهيل العبور الحدودي للحجاج الإيرانيبين.

وقال علي الصفار وهو صاحب فندق في كربلاء لـ "المونيتور": "العام 2020، بسبب الوباء كنت وشك الإفلاس. أغلق العديد من أصدقائي مطاعمهم ومقاهيهم. لا يمكننا الصمود إذا قررت الحكومة إبقاء الحدود مغلقة".

وعلى الرغم من أن تسهيل متطلبات التأشيرة للحجاج وفتح الحدود يحملان انتشارا محتملا لمتغير الدلتا في البلاد، فإنه يمثل أيضا إستراتيجية ممتازة لتعزيز الاقتصاد الذي تضرر بشدة في عام 2020 بسبب الوباء.

وحشد هذا الهدف الكثيرين في البرلمان العراقي للمطالبة بإعادة فتح الحدود. 

وفي مقابلة مع المونيتور، قال عضو البرلمان خالد الجشمي: "اقترحت على رئيس الوزراء منح المزيد من التأشيرات للزوار، فكل زائر يدخل العراق سيساهم في دعم الاقتصاد، وسيوفر المزيد من التدفقات النقدية للقطاع الخاص، وتمويل خزينة العراق  بشكل مباشر أو غير مباشر".

وعلى الرغم من أن الفوائد الاقتصادية المحتملة من الحج كثيرة، إذا لم يتم تنفيذ القيود، فإن الموجة الرابعة من الوباء في جميع أنحاء العراق ستضر بالنظام الصحي الهش بالفعل في البلاد وتسبب عواقب اقتصادية أكبر.

وذكرت صحة كربلاء خلال أغسطس/آب أن "المديرية ستوزع أكثر من 50 فريقا رقابيا في جميع مناطق المحافظة لمتابعة عمليات توزيع الغذاء والمياه على الزوار ومراقبة التزام المحلات والمطاعم  بالإجراءات الوقائية". 

وحذرت مديرية الصحة من غرامات تصل إلى 5 ملايين دينار (حوالي 3500 دولار) وإغلاق محتمل للمتاجر إذا لم يتم اتباع التعليمات وانتهاك القيود.

وتوسع عضو البرلمان الجشمي في أفكاره لمنع الموجة الرابعة، وقال: "اقترحت أيضا أن يفرض رئيس الوزراء التطعيم الإجباري على جميع العاملين في المنشآت السياحية والسماح فقط بدخول السياح الملقحين الذين يمكنهم أيضا إجراء اختبارات PCR في غضون 72 ساعة قبل دخولهم".

 وأضاف أن الحكومة العراقية يمكنها أيضا تسهيل دخول الزوار خلال 20 يوما قبل "الأربعين" بدلا من السماح لملايين الأشخاص بدخول البلاد في غضون أيام قليلة. 

ومن خلال تنفيذ هذه الإستراتيجية، ستكون الحكومة أكثر فاعلية في فرض الإجراءات الصحية وإدارة الحشود التي تسير إلى كربلاء، وفق تعبيره.

وبالنظر إلى الأزمة الاقتصادية في العراق والحاجة الماسة إلى السيولة النقدية، ليس أمام الحكومة خيار سوى فتح حدودها في نهاية المطاف مع فرض إجراءات وقيود جديدة في الوقت نفسه لمنع موجة رابعة من الوباء وتأثيراته الاقتصادية.