موفق دواه.. سفاح "اليرموك الفلسطيني" الذي خدم الأسد وتحاكمه ألمانيا

يوسف العلي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تباعا بدأ تساقط العناصر المسلحة الموالية لنظام بشار الأسد، التي فرت إلى أوروبا بعدما انتهت أدوارها في عمليات القتل والإبادة والاغتصاب وتجويع السوريين واللاجئين الفلسطينيين على مدار سنوات.

وتمهد إطاحة السلطات الألمانية بعنصر مليشيا "حركة فلسطين الحرة" موفق دواه، في 4 أغسطس/ آب 2021، إلى محاكمته بتهم ارتكاب جرائم حرب بمخيم اليرموك السوري للاجئين الفلسطينيين.

أحداث المخيم والتي تورط فيها دواه، جرت إثر اندلاع الثورة السورية عام 2011، وتحديدا بين الأعوام 2013 و2018.

اعتقال دواه، يأتي في إطار حملة ملاحقات يحركها ناشطون ومنظمات حقوقية سورية معارضة، تستهدف عددا من مجرمي الحرب الموالين للنظام والفارين من سوريا.

تلك الحملة الحقوقية، تهدف أيضا إلى عرض قضايا مجرمي الحرب أولئك أمام محاكم دول الاتحاد الأوروبي، والتي أسفرت بالفعل عن اعتقال عدد منهم ومحاكمتهم.

مجرم حرب

أودع المتهم في الحجز الاحتياطي، بعد عرضه على قاضي التحقيقات في المحكمة الاتحادية الألمانية.

أفراد المكتب الإقليمي للشرطة الجنائية في ولاية برلين فتشوا أيضا منزل موفق دواه، في العاصمة الألمانية في 4 أغسطس/ آب 2021.

النيابة العامة في محكمة "كارسلوه" الألمانية، أعلنت مسؤولية دواه، عن قصف مخيم اليرموك أثناء تجمع مجموعة من اللاجئين الفلسطينيين لتسلم مساعدات غذائية عام 2014.

تلك المساعدات كانت آتية من قبل وكالة تابعة للأمم المتحدة عام 2014، ما تسبب في مقتل 7 أشخاص بينهم أطفال.

تقرير نشرته مجلة "دير شبيغل" الألمانية في 4 أغسطس/ آب 2021، أكد أن مكتب المدعي العام الفدرالي وجه لدواه، تهمة ارتكاب جرائم حرب وقتل في سبع قضايا، وإلحاق الأذى البدني الخطير في ثلاث قضايا.

وتعرض مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا، لحصار خانق عام 2013، واستمر حتى تدمير المخيم بعملية عسكرية واسعة عام 2018، أسفرت عن مقتل نحو 192 شخصا.

تلك العملية شاركت فيها آلية للنظام السوري وفصائل فلسطينية منها: "القيادة العامة"، و"فتح"، و"الانتفاضة"، إضافة إلى مليشيات مستحدثة مثل "فلسطين حرة".

اعتقال موفق دواه ليس الأول من نوعه، إذ قضت محكمة ألمانية في أبريل/ نيسان 2021، على ضابط مخابرات سوري سابق بالسجن 4 سنوات ونصف، بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

المعارضة السورية ومنظمات حقوقية تعول على محاسبة المحاكم الألمانية لموفق دواه على جرائمه التي ارتكبها بحق المدنيين منذ اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد بالعام 2011.

سفاح اليرموك

دواه، هو فلسطيني وعضو في تنظيم "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة"، ومن ثم في مليشيا "فلسطين حرة" الموالية لرئيس النظام السوري بشار الأسد.

وساهم كلا التنظيمين في حصار وقصف مخيم اليرموك السوري للاجئين الفلسطينيين منذ عام 2013 حتى 2018.

ناشطون في المخيم وصفوا دواه بـ"سفاح اليرموك" واتهموه بارتكاب جرائم حرب، أثناء قيادته الجناح العسكري لمليشيا "فلسطين حرة" التي يتزعمها كل من ياسر قشلق، وسائد عبد العال.

دواه، من سكان مخيم اليرموك في شارع صفد، ويعرف عنه قبل الثورة أنه كان عامل بناء (نجار باطون)، كما أنه من أصحاب السوابق وسجن عدة مرات لإدانته بجرائم مختلفة.

مع اندلاع الثورة السورية وامتدادها لمخيم اليرموك ومحيطه، جاءت بداية دواه مع مسؤول الفرع الداخلي بالمخيم أبومحمد سرية إذ شارك بقمع المتظاهرين في مناطق التضامن والزاهرة والميدان.

وذلك إلى أن انضم دواه إلى اللجان الشعبية داخل المخيم، والتي كانت تتبع "الجبهة الشعبية – القيادة العامة" بزعامة أحمد جبريل.

كان دواه أيضا أحد قادة المجموعات المقاتلة في مليشيا "قوات درع الأقصى" التي يقودها سائد عبدالعال، وهي الجناح العسكري لـ"حركة فلسطين حرة"، والتي أسسها رجل الأعمال الفلسطيني ياسر قشلق.

داوه، من أوائل الأشخاص الذين اجتمعوا حول قائد مليشيا "قوات درع الأقصى" أيضا، سائد عبدالعال، وبدؤوا أعمال القمع والاعتقال والتنكيل بحق أهالي مخيم اليرموك، ونصبوا الحواجز على مداخل المخيم.

شهادات ضحايا

وصل موفق دواه الملقب "أبوعكر" إلى ألمانيا قبل سنوات منتحلا صفة مدني هارب من الحرب بعدما دمر وهجر وجوع فلسطينيي المخيم.

وبعد أن كان سببا في لجوء وتهجير الآلاف من أبناء المخيم، وارتكابه العديد من الانتهاكات سواء جرائم قتل أو اغتصاب.

وبحسب شهادة أحد الضحايا التي نقلتها مواقع سورية معارضة في 8 يوليو/ تموز 2020، فإن موفق دواه كان من أوائل الأشخاص الذين التحقوا بمليشيا أحمد جبريل.

كما أنه قاد فيها إحدى المجموعات لقمع المظاهرات والاحتجاجات بمخيم اليرموك، وفق الشاهد.

وإضافة إلى قمع مناطق الحجر الأسود ويلدا، اشترك دواه في معارك في مواجهة فصائل "الجيش السوري الحر" التي تشكلت في تلك المنطقة.

كذلك شارك موفق دواه مع مجموعته بجانب قوات النظام باقتحام المخيم وقصف المدنيين فيه.

وجرى توثيق مشاركته بفيديو نشر من قبل مليشيا "فلسطين حرة" التي ينتمي لها، بحسب الشاهد.

دواه متهم من سكان المخيم بارتكاب الكثير من الجرائم، منها جرائم اغتصاب لنساء من مخيم اليرموك في مسجد البشير.

ذلك المسجد اتخذه النظام السوري والمليشيات الفلسطينية ثكنة عسكرية، وجرى وضع حاجز سمي فيما بعد حاجز البشير، بعدما فرض الحصار على المخيم.

أما أبرز الجرائم التي ارتكبها دواه بشكل مباشر ومتعمد بحق المدنيين من سكان مخيم اليرموك، فكانت إطلاقه قذيفة من قاذف "آر بي جي" باتجاه تجمع للمدنيين في ساحة الريجة.

وخلال استلام اللاجئين مساعدات ومواد غذائية نهاية مارس/آذار 2014، وانتقاما لمقتل أحد أقربائه في معارك مع الجيش الحر داخل المخيم، أطلق القذيفة.

جريمة دواه بحق المدنيين أسفرت عن مقتل 17 شخصا وإصابة آخرين، بحسب الشاهد.

ويستطرد الشاهد بالقول: إن "السفاح موفق دواه، لم يكتف بهذه المجزرة التي ارتكبها في ذاك اليوم،".

ويضيف: "إنما جاء بعد يومين من تنفيذه للمجزرة لمكان توزيع المساعدات بلباسه العسكري وسلاحه، يسأل عن عدد الأشخاص الذين قتلهم".

لم يكتف بهذا بل "أطلق عليهم أقذع وأبشع الألفاظ والشتائم، متوعدا باستهداف آخر للمدنيين من سكان المخيم وقتل المزيد منهم"، وفق قول الشاهد.

وأكد شهود أن كلا من موفق دواه ومحمود قاسم سويدان، ومفيد سلام كانوا من المشاركين بـ"مجزرة شارع علي الوحش"، في 5 يناير/ كانون الثاني 2014.

وذلك بعدما جرى إعطاء ضمانات لسكان المخيم المحاصرين بالخروج منه عبر حاجز شارع علي الوحش بين منطقتي "حجيرة" و"ببيلا" في ريف دمشق الجنوبي.

تلك المجزرة راح ضحيتها 250 شخصا، إذ جرى إعدامهم ميدانيا.