فخري المالكي.. برلماني سابق و"عرّاب جديد" للعملية السياسية في العراق
لم يكن اسم السياسي العراقي فخري المالكي معروفا قبل اندلاع أزمة بين الحكومة وقوات "الحشد الشعبي" على خلفية اعتقال أحد القيادات العسكرية للأخيرة، في مايو/أيار 2021، رغم أنه كان نائبا في البرلمان لفترة امتدت 4 سنوات من 2014 وحتى 2018.
وكان لفخري المالكي دور في إدارة الأزمة بين الحكومة و"الحشد"، حيث استضاف أحد الاجتماعات المهمة في منزله بالعاصمة بغداد، حضرها قادة القوى والمليشيات الموالية لإيران، ولا سيما رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وزعيم تحالف "الفتح"، هادي العامري.
عراب جديد
على خلفية الأزمة الأخيرة، بدأ اسم "فخري المالكي" يتردد كثيرا في الأوساط السياسية، كونه أصبح أحد المشاركين في قرار القوى الشيعية القريبة من إيران، وآخرها حضوره اجتماعا معهم حضره قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قاآني في بغداد.
ففي يوم الإفراج عن القيادي بالحشد الشعبي قاسم مصلح في 9 يونيو/حزيران 2021، وصل الجنرال قاآني إلى بغداد وأجرى لقاءات مع رئيسي الجمهورية برهم صالح، والحكومة مصطفى الكاظمي، ثم عقد اجتماعا بحضور نوري المالكي وفخري المالكي وهادي العامري في منزل الأخير.
وهذه المرة الأولى التي يتصدر اسم "فخري" إلى جانب قيادات الصف الأول للقوى والكتل السياسية الشيعية، وحضوره اجتماعا خاصا مع شخصية عسكرية إيرانية كبيرة، والتي عادة ما تلتقي شخصيات عراقية تربطهم علاقة طويلة مع طهران.
فخري عقد أيضا اجتماعا في منزل العامري، نتج عنه رفض الأخير لأي حكومة طوارئ في العراق قد تلجأ إليها حكومة الكاظمي، أو الذهاب إلى خيار تأجيل الانتخابات البرلمانية المبكرة، المقرر إجراؤها في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
وتداولت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي صورة تجمع فخري مع العامري، قيل إنها تعود للاجتماع الذي عقد في منزل الأخير ببغداد، في 17 يونيو/حزيران 2021.
ومن ضمن الأنباء التي ترددت في 14 يونيو/حزيران 2021 أن القيادي السني وزير المالية الأسبق رافع العيساوي، زار فخري للتوسط في حل قضاياه التي أبعدته عن الساحة السياسية، على اعتبار الأخير مقربا من غريم العيساوي رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
ناشطون يصفون فخري، بأنه أصبح "عرابا جديدا" و"مهندسا" للعملية السياسية في العراق، فيما يعتبره آخرون بأنه أحد الممولين الأساسيين لرئيس الوزراء الأسبق، زعيم ائتلاف "دولة القانون"، نوري المالكي، ورئيس تحالف الفتح، العامري.
صدري سابق
لكن الظهور الأول للمالكي في وسائل الإعلام كما تشير حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي تعود إلى عام 2014، حينما رشح للانتخابات البرلمانية عن التيار الصدري، وفاز بعدها بمقعد عن كتلة "الأحرار" التابعة للتيار.
المالكي يشير في أغلب منشوراته إلى انتمائه للتيار الصدري بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر، وامتثاله لجميع توجيهاته السياسية، إضافة إلى مشاركته في نشاطات التيار الصدري الثقافية والسياسية ببغداد.
وكان أحد المعتصمين مع نواب كتلة "الأحرار" داخل قبة البرلمان في أبريل/نيسان 2016، المطالبين بإقالة رئيس البرلمان حينها سليم الجبوري، ومن ثم الدعوة لسحب الثقة عن رئيس الحكومة آنذاك حيدر العبادي.
ونقلت وكالة "الأناضول" التركية الرسمية عن النائب المالكي قوله: إن النواب المعتصمين "هم الآن يمثلون الشعب وصوته، وسنستمر بالإصلاح، ونحن أطحنا بالجبوري وغدا بالعبادي".
وفي 27 فبراير/شباط 2018، وبعد تقديم العبادي تشكيلة حكومية جديدة، حذر المالكي من خطورة المضي في تشكيلها على أساس المحاصصة الحزبية السياسية، مبينا أن "هذا الأمر هو تمهيد لمشروع تقسيم العراق وإعادته إلى المربع الأول".
وقال المالكي إن "المحاصصة الحزبية السياسية تعد الجزء الأكبر من مشروع تقسيم العراق وعلى الجميع الحذر من رجوع العراق إلى المربع الأول"، مجددا مطالبة الصدر بأن تبث جلسة البرلمان على الهواء مباشرة عن طريق القنوات التلفزيونية.
وشدد على ضرورة أن "تصوت الكتل السياسية على بعض المرشحين الشرفاء فقط في الكابينة الجديدة التي قدمها العبادي إلى مجلس النواب".
وقبل ذلك، ارتدى المالكي زي قادة "الحشد الشعبي"، وبدأ يتجول في المناطق التي تستعاد من "تنظيم الدولة" غرب وشمال العراق، مطالبا بالثأر في معارك مدن الأنبار والموصل لـ"مجزرة سبايكر" التي أودت بحياة نحو 1700 جندي عراقي على يد تنظيم الدولة بمدينة تكريت في 12-15 يونيو/حزيران 2014.
وبعدها بدأ المكتب الإعلامي للمالكي بتذييل بيانات الأخير التي تنشر على حساباته عبر مواقع التواصل الاجتماعي بلقب "المجاهد"، في إشارة إلى أنه أحد القادة الميدانيين خلال المعارك ضد تنظيم الدولة، الذي سيطر على ثلث مساحة العراق في يونيو/حزيران 2014.
طبيب جراح
فخري عطية المالكي من مواليد العراق عام 1955، حاصل على بكالوريوس الطب من جامعة البصرة عام 1978، متخصص في الجراحة العامة، وتدرج بعدها في السلم الوظيفي في دوائر وزارة الصحة.
أصبح بعدها مديرا عاما لمستشفى "الشهيد الصدر" في بغداد، قبل انتخابه نائبا بالبرلمان عام 2014، وذلك بدعم من التيار الصدري، الذي مسك إدارة وزارة الصحة في أكثر من حكومة بعد 2003.
لكنه لم يرشح في انتخابات الدورة السابقة عام 2018، ذلك لأن زعيم التيار الصدري، وجه جميع نواب "كتلة الأحرار" البرلمانية بعدم الترشح في الانتخابات، وأمر بحلها بعدما طالتها اتهامات بـ"الفساد المالي".
وفي منشور عبر صفحة المالكي بموقع "فيسبوك" في 20 أبريل/نيسان 2018، كتب فيه: "إلى جميع الأعزاء، نود إعلامكم بأننا لم نرشح إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة، ونتمنى انتخاب الشخص الذي يحمل الكفاءة والنزاهة والوفاء للوطن، وأسأل الله التوفيق لجميع الشرفاء".
ويرجح مراقبون في الشأن العراقي أن انشقاق السياسي، فخري المالكي، عن التيار الصدري وذهابه باتجاه التقرب من قوى قريبة من إيران، "ربما تكون محاولة منه للعودة إلى قبة البرلمان عن طريق الترشح في قوائم انتخابية بعيدة عن تيار مقتدى الصدر".
ويعتقد آخرون أن طرح المالكي خلال المرحلة الحالية وحضوره اجتماعات مهمة للقيادات السياسية الشيعية، قد يكون خطوة أولى لإيصاله إلى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات المقبلة، كونه شخصية سياسية لم تكلف بمنصب متقدم في الدولة.
المصادر
- كتلة الأحرار : تشكيل حكومة على أساس المحاصصة تمهيد لمشروع تقسيم العراق
- قائد فيلق القدس في بغداد يتجول بين الرئاسات والزعامات ويحادثهم عن الانتخابات.
- العراق.. إطلاق سراح القيادي في "الحشد" قاسم مصلح
- لماذا أفرج القضاء العراقي عن قائد بالحشد رغم "أدلة تثبت إدانته"؟
- تجاذبات برلمانية بالعراق وسط تصاعد الأزمة السياسية