بعد تجاهلها لعقود.. وسائل إعلام أجنبية تغير سياستها من العدوان على غزة

لم تكن المؤسسات الإعلامية العربية وحدها التي تضامنت مع القضية الفلسطينية خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة وحي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة، إذ لوحظ تغطية واسعة من قبل نظيرتها الأجنبية، في زخم غير معهود.
وأفردت وسائل إعلام أجنبية صفحات عدة لصور عشرات الشهداء المدنيين، لا سيما الأطفال الذين قضوا في العدوان الإسرائيلي على غزة (10 -21 مايو/ أيار 2021).
جاءت التغطية من قبل الصحف التقليدية الأجنبية، في وقت مارست منصات التواصل الاجتماعي قيودا على المحتوى الذي تحدث عن عدوان إسرائيل.
تمثل ذلك في إغلاق بعض الصفحات وحظر العبارات التي تنقل معاناة الفلسطينيين، بحجة أنها مواد تنشر الكراهية بشكل منحاز تماما لإسرائيل، الأمر الذي استفز تلك المؤسسات، فيما يبدو، ودفعها لطرح الموضوع بشكل مغاير.
كانوا مجرد أطفال
في 26 مايو/أيار 2021 نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية تقريرا مصورا بعنوان "كانوا مجرد أطفال" لـ67 طفلا فلسطينيا قضوا نتيجة العدوان الأخير على غزة، وأتبعت صور الأطفال بشهادات عن أقاربهم، بالإضافة إلى تعليق الصحيفة على تلك الحوادث التي استهدفت فيها إسرائيل أطفالا مدنيين من سكان غزة.
تقول الصحيفة إن أولئك الأطفال كانوا يحلمون أن يصبحوا أطباء وفنانين وقادة، وأن آباءهم تجاه تلك الحوادث يكتفون بالقول إنها "مشيئة الله" بشعور محبط وكلمات بسيطة.
تضيف الصحيفة: "غزة مزدحمة، ونصف سكانها تحت سن 18، لهذا عندما قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية المنازل والأحياء السكنية، كان عدد الأطفال المعرضين للخطر مرتفعا، وفي بعض الأحيان تختفي أسر بكاملها بانفجار واحد".
إلى جانب كونهم أكثر من يتعرض للخطر تقول الصحيفة "الأطفال هم أكثر ضعفا، ففي غزة، نشؤوا وسط انتشار الفقر والبطالة المرتفعة، وهم إلى جانب ذلك يعانون من قيود السفر، فلا يمكنهم السفر بحرية داخل القطاع أو الخروج منه بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل ومصر، وهذا جعلهم يعيشون تحت التهديد المستمر".
وألقت الصحيفة باللائمة على إسرائيل في استهداف المدنيين فقالت: "الجيش الإسرائيلي يقول إنه يتخد احتياطات لمنع سقوط قتلى بين المدنيين، وإن جزءا كبيرا من حملته للقصف كان يستهدف شبكة الأنفاق تحت الأرض التابعة لحركة (المقاومة الإسلامية) حماس، إلا أن مقتل العديد من المدنيين يثبت أن تلك الاحتياطات غير كافية، وتسببت بمفاقمة المأساة".
تضيف الصحيفة: "في غزة لا يستطيع معظم الناس الوصول إلى غرف آمنة أو ملاجئ، لهذا فالكثيرون يلجؤون إلى مدارس الأمم المتحدة، لكن حتى تلك المدارس تم قصفها أيضا، مما يعزز الشعور لدى أولئك بأنهم عرضة للقتل في أي مكان.
الحياة تحت الاحتلال
تحت عنوان "الحياة تحت الاحتلال.. البؤس في قلب الصراع"، نشرت نيويورك تايمز أيضا تقريرا في صفحتها الأولى بنسختها الورقية، و نسختها الإلكترونية أيضا.
وفي التقرير الذي نشرته في 23 مايو/أيار 2021 وحدثته في 28 من ذات الشهر، اعتبرت الصحيفة الوجود الإسرائيلي احتلالا، وهو اتجاه لم يكن مألوفا بهذا الوضوح لدى مؤسسة عريقة تعمل منذ أكثر من 170 عاما مثل نيويورك تايمز.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي أعده كل من ديفيد هالبفينجر وآدم راغسون، إن عملية الإخلاء في شرق القدس تكمن في قلب الصراع الذي أدى إلى اندلاع حرب بين إسرائيل وحماس، لكن بالنسبة لملايين الفلسطينيين، فإن الإهانات الروتينية للاحتلال هي جزء من الحياة اليومية.
وأوردت قصة فلسطيني هدم الاحتلال الإسرائيلي بيته، وعلقت عليه بالقول: قاموا بهدم بيته بعد أن قررت السلطات الإسرائيلية أن تجريفها من شأنه تحسين مناظر المدينة القديمة للسياح".
وأضافت: "هذه هي حياة الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي، الخوف الدائم من الطرق على الباب الأمامي".
وتابعت: "إذا كان على المرء أن يأمل في حل الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كحل يعتقد الكثيرون أنه الأمثل لسلام متوازن، فإن تقديم منظور فريد مثل وجهة نظرك يجعل هذه النتيجة أكثر بعدا".
تضيف الصحيفة في أجزاء من التقرير: "في أي صراع هناك أخطاء من الطرفين، وإسرائيل ليست بمنأى عن ذلك اللوم".
وعزت العدوان الأخير إلى عملية التهجير التي قام بها العدوان الإسرائيلي في حي الشيخ جراح بالقدس.
وبينت أن: "الإبعاد الوشيك لست عائلات فلسطينية من منازلها في القدس الشرقية أشعل جولة من الاحتجاجات التي ساعدت في اندلاع الحرب الأخيرة بين إسرائيل وغزة".
لكن بالنسبة لحوالي ثلاثة ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية وشرق القدس، التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 وسيطرت على عقود من محادثات السلام الفاشلة ، كانت القصة استثنائية فقط لأنها جذبت الأضواء الدولية، وفق قولها.

فصل عنصري
كانت صحيفة "أميركا اليوم" هي الأخرى التي نشرت عدة مواد تعاطفت فيها مع الفلسطينيين، من بينها تقرير نشرته أثناء عملية التهجير من الشيخ جراح بعنوان "يخشى الفلسطينيون فقدان منازل العائلات مع اقتراب الإخلاء".
أورد التقرير الذي أعده الصحفي جوزيف كروس قصة المهجرة الفلسطينية سميرة الدجاني وقال في أجزاء منه: "عائلة الدجاني هي واحدة من عدة عائلات فلسطينية تواجه إخلاء وشيكًا في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية. أشعلت محنة العائلات أسابيع من التظاهرات والاشتباكات في الأيام الأخيرة بين المتظاهرين والشرطة الإسرائيلية".
وقد تضطر سميرة وزوجها اللذان يعيشان مع أطفالهما الكبار في مكان أشبه بعش خال، إلى ترك كل شيء وراءهما وذلك بعد استعداد إسرائيل لإجلائهم قسرا عقب معركة قانونية استمرت عقودا خاضها المستوطنون اليهود الأيديولوجيون ضدهم و جيرانهم، وفق قولها.
وتابعت الصحيفة: "تقول جماعات حقوقية إن مجموعة من السياسات التمييزية تهدف إلى إخراج الفلسطينيين من القدس للحفاظ على الأغلبية اليهودية فيها، مشيرة إلى كل من منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية ومنظمة هيومان رايتس ووتش ومقرها نيويورك تحدثتا عن هذه السياسات كمثال لما يقولون إنه أصبح نظام فصل عنصري.
ومع أن الصحيفة لم تسم إسرائيل محتلة إلا أنها أوردت مجموعة من الشواهد على سياسات التمييز العنصري الذي تمارسه تل أبيب.
وقالت الصحيفة: تعتبر إسرائيل القدس بأكملها عاصمتها الموحدة وتقول إن السكان يعاملون على قدم المساواة. لكن سكان القدس الشرقية لهم حقوق مختلفة حسب كونهم يهودا أو فلسطينيين".
وتتابع الصحيفة: "تمنح إسرائيل اليهود المولودين في القدس الشرقية الجنسية الإسرائيلية تلقائيا، ويحق لليهود من أي مكان آخر في العالم أن يصبحوا مواطنين إسرائيليين، كما يتم التعامل مع الفلسطينيين بشكل مختلف عندما يتعلق الأمر بالسكن، مما سيجعل من الصعب على عائلات الشيخ جراح البقاء في القدس إذا تم طردهم.
وأضافت: "بعد عام 1967، وسعت إسرائيل الحدود البلدية للمدينة لتشمل مساحات شاسعة من الأراضي المفتوحة حيث أقامت منذ ذلك الحين مستوطنات يهودية يسكنها عشرات الآلاف من الناس. في الوقت نفسه، وضعت حدود الأحياء الفلسطينية ، مما حد من نموها".
خارطة طريق
من جانبها كتبت صحيفة ديلي فوكس الجنوب إفريقية مقالا بعنوان "5 طرق لمساعدة الفلسطينيين"، مثلت إستراتيجية أو خارطة طريق لدعم الشعب الفلسطيني والتضامن مع قضيته.
كانت الطريقة الأولى بحسب الصحيفة، هي دعوة مواطني جنوب إفريقيا إلى القراءة للتعرف على تاريخ القضية الفلسطينية.
أما الثانية فهي الاستماع إلى الفلسطينيين والأحداث التي ينقلونها، للتعرف أكثر إلى واقع الاضطهاد الذي يعيشونه، في حين كانت الثالثة بحسب الصحيفة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي لنقل أصواتهم والتعبير عن التضامن معهم.
والطريقة الرابعة هي الانضمام لـ"حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)"، التي بدأها فلسطينيون للتشجيع على مقاطعة البضائع التي تنتجها إسرائيل.
أما الخامسة فهي التبرع للفلسطينيين الذين يعانون من أوضاع اقتصادية متدهورة جراء الاحتلال.
بي بي سي البريطانية قالت في تقرير لها نشرته في 10 مايو/أيار بعنوان " العنف في القدس: ضربت غارات جوية دامية غزة بعد هجمات صاروخية" إن الأحداث تصادف يوم احتلال إسرائيل للقدس الشرقية - موطن البلدة القديمة والأماكن المقدسة - في عام 1967.
وعادة ما يرى المئات من الشباب الإسرائيليين الملوحين بالأعلام يشقون طريقهم عبر الحي الإسلامي من خلال باب العامود، وهم يهتفون ويغنون الأغاني الإسرائيلية.
تضيف الصحيفة: "يعتبر الكثير من الفلسطينيين ذلك استفزازا متعمدا، وقد جاءت أحدث أعمال العنف بعد أيام من الاشتباكات بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في حي الشيخ جراح القريب من القدس الشرقية ، مع احتمال إخلاء مستوطنين يهود لعائلات فلسطينية من منازلهم هناك، وهو ما يشكل نقطة محورية لغضب الفلسطينيين.
أما موقع هيئة الإذاعة الوطنية الأميركية فقد نشر في 21 مايو/أيار 2021 تقريرا بعنوان "توقف القصف لكن الألم والدمار مازالا في مدينة غزة"، سلط فيه الضوء على الدمار الذي حل ببعض المباني في غزة.
وقال التقرير الذي كتبه كل من لوريل وامسلي، ودانيال استرين : "في شارع الوحدة ، قتلت الغارات الجوية الإسرائيلية أكثر من 40 شخصا، وفقا لمسؤولي الصحة في غزة، وقد انهارت بعض المباني في الشارع، ودفنت عائلات على قيد الحياة، في حين تقول إسرائيل إنها كانت تهاجم نفقا للمسلحين في عمق الأرض وإن أساسات المباني انهارت".
وأضافت الصحيفة : "توقف القتال في الوقت الحالي ، لكن ما زالت هناك أعمال تطهير خطيرة تنتظرنا".
أما صحيفة "آيرش تايمز" الإيرلندية فقد اعتبرت أن العدوان على غزة كان نتيجة سياسية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي مكن التيار المتطرف.
المصادر
- Palestinians fear loss of family homes as evictions loom
- Israel Strikes Hamas Targets After Rockets Fired at Jerusalem
- 5 ways to help the people of Palestine
- After Raid on Aqsa Mosque, Rockets From Gaza and Israeli Airstrikes
- Just minutes after the war between Israel and Hamas broke out, a 5-year-old boy named Baraa al-Gharabli was killed in Jabaliya, Gaza.
- Jerusalem violence: Deadly air strikes hit Gaza after rocket attacks
- Cease-fire finds parts of Gaza a shambles and renewed tensions in Jerusalem
- The Bombing Has Stopped, But Pain And Destruction Remain In Gaza City
- Life Under Occupation: The Misery at the Heart of the Conflict