جمال بنعمر.. دبلوماسي مغربي أحيا "مجددا" دوره المشبوه في اليمن

12

طباعة

مشاركة

عاد إلى الواجهة من جديد الدبلوماسي المغربي والمبعوث الأممي الأسبق إلى اليمن جمال بنعمر، وذلك بعد ظهوره التلفزيوني، ونشاطه الملحوظ على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت خاملة لفترة طويلة.

الدبلوماسي المعروف حل ضيفا على قناة الميادين اللبنانية، في 5 مايو/أيار 2021، وأدلى بتصريحات داعمة لمليشيا الحوثي على برنامج "لعبة الأمم".

وقال بنعمر: "الحوثيون يمنيون ولم يأتوا من المريخ ولديهم وجهة نظر خاصة بهم"، مضيفا: "التقيت بالسيد الحوثي عام 2014 بطلب من الرئيس (عبد ربه منصور) هادي وزعماء الأحزاب اليمنية"، مؤكدا: "علاقتي به طيبة ومهنية، وهو اتفق واختلف معي في قضايا عدة".

وفي حواره على قناة الميادين التي تتخذ من بيروت مقرا لها، وتخضع لإشراف حزب الله اللبناني (حليف إيران)، أضاف بنعمر أن "أطرافا دولية طلبت من حركة أنصار الله تسليم صنعاء والسلطة لأطراف تقيم في فنادق الرياض"، في إشارة للحكومة الشرعية.

ومع أن بنعمر يعلم أن مليشيات الحوثي المسلحة هي من دفعت بالحكومة الشرعية إلى الرياض عقب اعتقال وتصفية مسؤوليها، وصدر بحقها قرار أممي يقضي بضرورة تسليمها السلاح، إلا أنه تجاهل هذا الأمر، ومضى بدوره في التطبيع لمليشيا الحوثي.

وأضاف المبعوث الأممي السابق: "الولايات المتحدة طرف في الصراع اليمني وهي من دعمت السعودية والإمارات سياسيا وعسكريا"، مؤكدا: "لو كان موقف الرياض مختلفا عام 2015، كان يمكن للحوار اليمني أن يصل لحل ولتقاسم للسلطة".

دور مشبوه

شكل منصب بنعمر كمبعوث أممي إلى اليمن أبرز محطاته ومسيرته الدبلوماسية، حيث مارس دورا مشبوها منذ تعيينه مبعوثا أمميا لليمن في أغسطس/آب 2012 وحتى تقديم استقالته في أبريل/نيسان 2015، أي بعد اندلاع الحرب بأٌقل من شهر.

كان بنعمر شاهدا على تطور جماعة الحوثي حتى انقلابها على الدولة، ثم تحولها من مليشيا مسلحة خارجة عن الدولة إلى سلطة أمر واقع، من غير أن يؤدي جهودا حقيقية تدفع المليشيا لتسليم السلاح وتنهي انقلابها.

لم يندد حتى بسلوك الحوثيين في دماج بمحافظة صعدة، عندما هجروا أبناء تلك المنطقة من ديارهم. كما لم يندد بما فعلوه في حاشد وعمران بل على العكس من ذلك، قدم في إحاطاته لمجلس الأمن رواية تدعم الجماعة بشكل غير مباشر. 

قال في الإحاطة: إن المعركة الدائرة في محافظة عمران في يوليو/تموز 2015، (التي كانت أول حلقة في مسلسل الانقلاب الحوثي) هي بين الحوثيين ومجموعة مسلحة في مدينة عمران في اليمن، مع أنها كانت بين الجماعة المتمردة على الدولة واللواء 310 التابع لوزارة الدفاع اليمنية.

كان للسردية التي قدمها بنعمر دور سلبي في تعميق الأزمة اليمنية، حيث تم النظر إلى الصراع الدائر بين جماعة الحوثي ومؤسسات الدولة، كصراع بين قوى تقليدية يمنية.

تعامل بنعمر مع الحوثيين كطرف خصم للحكومة الشرعية، وجمعهم مع قادة الأحزاب السياسية على طاولة واحدة، متجاوزا القرار الأممي 2212، الذي عد الجماعة مليشيا مسلحة، وطالبهم بإنهاء انقلابهم والانسحاب من صنعاء وتسليم السلاح للدولة.

واتهم الرئيس اليمني في أحد تصريحاته جمال بنعمر بفرض مشاركة الحوثي في مؤتمر الحوار الوطني قائلا إن "المليشيا لم توقع على المبادرة الخليجية، ولم تعترف بالقرارات الأممية، وأعطاها بنعمر  (قيمة) أكثر من أي حزب موجود في الحوار".

عند تنحيه من منصبه كمبعوث للأمين العام في اليمن، أشار إلى أن جهوده فشلت في إعادة العملية الانتقالية إلى مسارها باليمن، وقال إن ذلك الأمر يعود إلى "التصعيد المطرد في أعمال العنف", دون أن يحدد الطرف المسؤول عنه.

مسيرة طويلة

ولد جمال بنعمر في 11 أبريل/نيسان 1957 لأسرة ريفية في مدينة الناظور المغربية، وهو ينحدر من قبيلة بني ورياغل الأمازيغية، وكان يعمل في بداية حياته في أحد الفنادق السياحية الكبيرة بمدينته.

انخرط في السياسة منذ سن مبكرة، ومارس نشاطا معارضا في المغرب حتى تم اعتقاله في عام 1976 بمدينة تطوان وهو في سن 19.

وجهت إليه لاحقا اتهامات بالتآمر لقلب نظام الحكم مع رفاقه، وتهديد أمن الدولة، والعضوية في منظمات غير مشروعة، وسجن لفترة قاربت ثماني سنوات، تعرض خلالها للتعذيب.

وكان بنعمر ينتمي لحركة سرية تؤيد انفصال الصحراء الغربية عن المملكة المغربية، وهي منظمة "إلى الأمام" اليسارية التي أسسها اليهودي المغاربي إبراهام السرفاتي والمرتبطة بجبهة البوليساريو الانفصالية، كما يوصف بنعمر من بعض أصدقائه بأنه مناضل يساري.

خلال فترة اعتقاله، حصل على درجتي البكالوريوس والماجستير من جامعة السوربون الفرنسية، وذلك بعد جهود قادتها منظمة العفو الدولية وتدخلات أستاذه في باريس للدراسة من معتقله.

أفرج عنه في 1984، لكنه وضع قيد الإقامة الجبرية، قبل أن يتمكن لاحقا من الهرب عبر قارب صيد باتجاه المملكة المتحدة، وهناك تمكن من الحصول على حق اللجوء السياسي، وعمل مع منظمة العفو الدولية.

واصل بنعمر دراسته وأكمل الدكتواره في جامعة لندن، حتى أصبح محاضرا وباحثا مشاركا في السياسة الإفريقية والشرق أوسطية بجامعة باريس السابعة، وعمل حينها كأخصائي شؤون إفريقيا في منظمة العفو الدولية بلندن.

بعد إكماله الدكتوراه انتقل إلى واشنطن وانضم إلى معهد كارتر الذي قفز به إلى الأمم المتحدة، فعمل كمدير برنامج لحقوق الإنسان في مركز كارتر بجامعة إيموري، بمعية الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر المتخصص بقضايا حقوق الإنسان والوساطة وحل النزاعات. 

التحق، عقب ذلك، بالأمم المتحدة وابتدأ عمله في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان (OHCHR)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وإدارة الشؤون السياسية (DPA).

تدرج في مناصبه الدبلوماسية لدى الأمم المتحدة حتى تم تعيينه في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 مستشارا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة السابق بان كي مون لشؤون النزاعات، وذلك بعد نحو 5 أشهر من تقديم استقالته كمبعوث خاص إلى اليمن، وإعلانه رغبته تولي مهمة أممية في منطقة أخرى.

كلف بالملف العراقي ورافق الأخضر الإبراهيمي في مهمته مبعوثا أمميا خاصا لأفغانستان، وشارك في تسوية النزاعات في عدة مناطق، من بينها كوسوفو والبوسنة وجنوب إفريقيا.

في 23 يوليو/تموز 2018، رفع الأميركي الجمهوري إليوت برويدي المسؤول في إدارة دونالد ترامب، دعوى قضائية ضد بنعمر في محكمة اتحادية بمانهاتن، واتهمه بأنه يعمل كوكيل غير معلن لصالح قطر، ضمن حملة الدوحة "لإسكات منتقديها والتأثير على السياسة الأميركية" زاعما أن ذلك تم بناء على توجيه من مسؤولين قطريين.

وفي الدعوى القضائية بنيويورك، زعم برويدي أن "ابن عمر عمل بشكل مباشر لصالح قطر وكان على اتصال هاتفي متكرر مع كبار المسؤولين القطريين" منذ عام 2017 على الأقل، وأنه "استخدم منصبه الرسمي في الأمم المتحدة" لدفع عجلة أجندة قطرية 'بما في ذلك عمله كمبعوث للأمم المتحدة إلى اليمن ".