بين المغرب والبوليساريو.. هكذا تدور "حرب إلكترونية" بالصحراء الغربية
أكد موقع بريطاني أن النزاع على الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة "البوليساريو"، انتقل من الواقع الحقيقي إلى مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت منصة لطرفي الصراع لـ"تزوير وتلفيق الحقائق".
ومنذ 1975، يدور نزاع بين المغرب و"البوليساريو" بشأن إقليم الصحراء، بدأ بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، وتحول الصراع إلى مواجهة مسلحة استمرت حتى 1991، وتوقفت بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار اعتبر "الكركرات" منطقة منزوعة السلاح.
ونهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أعلنت "البوليساريو" أنها لم تعد ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار، وذلك عقب تحرك للجيش المغربي أنهى إغلاق معبر "الكركرات" من جانب موالين للجبهة، منذ 21 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
وفي الوقت نفسه، تصاعدت التوترات بسبب اعتراف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المنتهية ولايته في اللحظة الأخيرة، في ديسمبر/كانون الأول 2020 بالصحراء التي ضمها المغرب عام 1975، كأرض مغربية ذات سيادة.
تحريف الحقائق
واعتبر موقع "معهد تشاتام هاوس" أن "هذا الاعتراف يعتبر مكافأة من واشنطن لموافقة الملك محمد السادس على تطبيع العلاقات فتح قنوات دبلوماسية بالكامل مع إسرائيل، كما أعلنت الولايات المتحدة عن افتتاح قنصلية في المنطقة المتنازع عليها، من المفترض أن تعزز الروابط التجارية في المنطقة".
وأفاد بأنه "مع توقف القتال إلى حد كبير، قام المؤيدون من كلا الجانبين بنقل الصراع عبر الإنترنت، والانتقال إلى وسائل التواصل الاجتماعي لنشر معلومات خاطئة تفيد معسكرهم".
وفي هذا السياق، قال أحد الدبلوماسيين للموقع: "لا يمكنك أن تأخذ أي شيء تسمعه كأمر مسلم به.. إنه يمتد من سلسلة من التقارير غير الدقيقة إلى أشياء رائعة تماما، أحيانا في نفس الجملة".
فيما ذكر الموقع أن "غالبية الصحراويين يعيشون في مخيمات اللاجئين في الجزائر، ويلجؤون إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار، ورغم أن المقاتلين الصحراويين لا يشكلون أي تهديد للقوات المسلحة المغربية، فإن الملك متردد في شن حرب شاملة بالنظر إلى أن البوليساريو معترف بها من قبل الأمم المتحدة كممثل شرعي للشعب الصحراوي".
ومن خلال أساليب البحث العكسي عن الصور، تم الكشف عن عدد من التقارير الأخيرة تستخدم صورا قديمة لتحريف الحقائق أو تلفيقها حول صراع اليوم.
ونشرت صفحة على موقع "فيسبوك" والتي تضم أكثر من 17 ألف متابع وتدعى "RASD PRES"، صورة لمقاتلة في 4 يناير/كانون الثاني الماضي، زاعمة أنها تظهر طائرة مغربية تتدخل قرب الساتر الترابي، وهو الجدار الرملي الذي يفصل الأراضي الخاضعة للسيطرة المغربية عن ما يسمى بالمنطقة الحرة للبوليساريو، لكن تبين أن الصورة عمرها أكثر من سنة.
أكثر خطورة
كما نشر حساب على "تويتر" يضم ما يقرب من 13 ألف متابع مصمما على ما يبدو ليشبه حسابا رسميا للبوليساريو، "Polisario"، تحديثا للقتال في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، مصحوبا بصورة لمجموعة من الدبابات، لكن تبين أن الصورة تعود إلى عام 2012.
وقال الناشط الصحراوي، إتنجي أحمد: إن "تأثير الأخبار الكاذبة أكثر خطورة وأكثر تعقيدا في الحرب".
وأضاف أحمد الذي عمل سابقا أيضا مع منظمة "هيومن رايتس ووتش" للتحقق من انتهاكات الحقوق من قبل القوات المغربية: "من الأفضل عدم نشر أي شيء على أن تنشر شيئا كاذبا، لأن هذا يضر بشدة بمصداقية القضية".
وأشار الموقع البريطاني إلى أن "أحد مقاطع الفيديو، الذي نشره يوم 6 يناير/كانون الثاني الماضي، صحفي مؤيد للمغرب ولديه أكثر من 24 ألف متابع على فيسبوك، يزعم أنه يظهر القوات المغربية تطلق النار على مركبات البوليساريو".
وفي الواقع، قال مصدر على اتصال بالمسؤولين الموريتانيين: إن "اللقطات مأخوذة من حادث وقع في ديسمبر/كانون الأول 2020، حيث واجهت دورية موريتانية بالخطأ مركبات مغربية، رغم أنه لم يكن من الممكن تأكيد ذلك مباشرة مع القوات المسلحة الموريتانية".
وختم الموقع تقريره بالقول: إن "القرار الأميركي بفتح قنصلية (في مدينة الداخلة) تعترف بالحكم المغربي للصحراء الغربية الممثلين الصحراويين، الذين يرون في ذلك خطوة توجه ضربة لمطالبهم بالاستقلال".
وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، فيما تطالب "البوليساريو" باستفتاء لتقرير مصير الإقليم، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تؤوي لاجئين من الإقليم المتنازع عليه.