بوبليكو: هكذا يجبر بايدن السعودية والإمارات على إنهاء الحرب في اليمن

12

طباعة

مشاركة

تشير تحركات الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة جو بايدن إلى وجود إصرار على إنهاء الحرب بين الحكومة وجماعة الحوثي في اليمن، على عكس تجاهل إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب. 

ومن جهته، كان وزير الخارجية أنتوني بلينكن واضحا في هذا الصدد خلال مثوله أمام مجلس الشيوخ في 19 يناير/كانون الثاني، وفي تصريحات لاحقة أخرى.

وقال بلينكن في مؤتمر صحفي نهاية ذات الشهر: "نرى أن الحملة التي تشنها السعودية أدت، حسب تقديرات كثيرة، إلى وقوع أسوأ أزمة إنسانية في العالم".

وعموما، يعد التعليق المؤقت لمبيعات الأسلحة والذخيرة للسعودية والإمارات خطوة حاسمة في هذا الاتجاه.

تقترب من النهاية؟

وقالت صحيفة بوبليكو الإسبانية إن حرب اليمن الرهيبة تقترب من نهايتها بعد أن أمر الرئيس بايدن في 27 يناير/كانون الثاني 2021 بتجميد بيع الأسلحة والذخيرة للإمارات والسعودية "مؤقتا"؛ وهو قرار يتناقض مع سياسات سابقه دونالد ترامب لبيع الأسلحة لهذين البلدين. 

في الأثناء، يبدو من الواضح أن أوروبا لن تزود البلدان الخليجيان بالذخيرة التي توقف الولايات المتحدة إمدادها، بحسب الصحيفة.

في الواقع، ظهرت أصوات متناقضة في المملكة المتحدة في الأيام الأخيرة تطالب لندن بالسير على خطى واشنطن من أجل إنهاء أكبر كارثة إنسانية في عصرنا.

وأشارت الصحيفة إلى أنه خلال ولاية ترامب، حاول الحزب الديمقراطي عرقلة بيع الأسلحة للسعودية والإمارات في الكونغرس، لكن مبادراته اصطدمت بصلاحيات الرئيس السابق. ومع تولي بايدن منصبه، اختفت هذه العقبات. 

وأضافت الصحيفة أن قرار بايدن يعلق عقد بيع عشرات طائرات إف 35 للإمارات العربية المتحدة، والذي وافق عليه ترامب عندما وقعت الأخيرة "اتفاقية سلام" مع إسرائيل. 

عموما، لا يعني هذا القرار أن الولايات المتحدة لن تبيع الطائرات، ولكن ببساطة ستعمل واشنطن على مراجعة العقد واتخاذ القرار النهائي لاحقًا. 

وأفادت الصحيفة بأنه لن يكون لقرار التعليق المؤقت للعقد مع الإمارات تأثير فوري على الحرب في اليمن لأن هذه الأنواع من العقود تحتاج إلى عدة سنوات -من 3 إلى 5 على الأقل- لتكون سارية المفعول، حيث يجب أن تمر بمراحل مختلفة قبل التسليم.

وأوضحت أنه في المقابل سيكون لتعليق بيع الذخيرة تأثير فوري، لأن طائرات السعودية والإمارات بحاجة إلى القنابل التي يستخدمونها حتى الآن لمواصلة الحرب ضد الحوثيين. 

ومن النتائج الإضافية التي يمكن أن تتبلور قريبًا، يبرز انسحاب الخبراء العسكريين الأميركيين الذين يقدمون المشورة للرياض.  

ونقلت الصحيفة أن الرياض حاولت خلال العامين الماضيين إيجاد أسواق بديلة، لكن هذه المهمة كانت صعبة نوعا ما. 

وفي هذا السياق، حظرت إسبانيا بيع الذخيرة للسعودية منذ سنة ونصف، خاصة القنابل الذكية المثبتة في طائرات إف 15. وعلى الرغم من اكتمال العقود الموقعة سابقًا، إلا أن مدريد لم توقع عقودًا جديدة مع هذا البلد الخليجي.

كما سارت ألمانيا على نفس خطى إسبانيا، حيث استخدمت حق النقض ضد بيع الأسلحة للسعودية وتصدير القنابل الذكية لها، وذلك من أجل عدم المشاركة في جرائم الحرب المرتكبة في اليمن. 

وفي ظل هذه الظروف تجد الرياض صعوبات في إيجاد سوق بديل للولايات المتحدة. 

وضع كارثي

وبدأت المملكة العربية السعودية تدخلها في اليمن في مارس/آذار سنة 2015، بعد أن طرد الحوثيون المدعومون من إيران، الحكومة المعترف بها دوليًا من العاصمة صنعاء. 

ونقلت الصحيفة أن أكثر من 80 بالمئة من سكان اليمن حاليًا يعتمدون على المساعدات الإنسانية. ويقدر تقرير للأمم المتحدة أن مئات الآلاف من الأطفال سيموتون في الأشهر المقبلة إذا لم تنته الحرب.  

من الناحية الأخرى، تفاقمت الأزمة التي ترهق اليمنيين بسبب تفشي وباء كورونا، الذي ينتشر بشكل خاص بين السكان المدنيين، الذين لا يتمكنون حتى من الحصول على المياه الصالحة للشرب.

في هذا الصدد، تسعى الإدارة الأميركية الجديدة إلى إنهاء هذا الوضع الكارثي، الذي يحتاج بشكل خاص إلى حظر إمدادات الأسلحة والذخيرة للسعودية والإمارات.  

لكن في الوقت نفسه، من الضروري زيادة الضغط على الحوثيين من أجل تحقيق وقف إطلاق النار، مما يمهد إلى عملية إعادة الإعمار في هذا البلد الذي دمرته الحرب.

لكن قبل يوم واحد فقط من مغادرته البيت الأبيض، أضاف ترامب الحوثيين إلى قائمة المنظمات الإرهابية؛ وهي خطوة استعملها من أجل جعل الأمور أكثر تعقيدًا بالنسبة للإدارة الجديدة، والتي سيراجعها بايدن الآن.  

وأوردت الصحيفة أنه على الرغم من تفاخر دونالد ترامب بأنه كان أول رئيس أميركي منذ سنوات عديدة لم يبدأ أي حرب، فإنه في الآن ذاته، لم ينه أي نزاع مسلح. في المقابل، تصاعدت بعض الحروب بسبب سياساته، حيث يعتبر اليمن خير مثال على ذلك.

في ديسمبر/كانون الأول 2020، وافق ترامب على بيع ما قيمته 290 مليون دولار من القنابل للسعودية، مع العلم أن هذه القنابل تستخدم بشكل متكرر لمهاجمة أهداف مدنية يمنية. 

وعلقت الصحيفة بأنه كان من الممكن استبدال مبيعات الأسلحة الضخمة للسعوديين والإماراتيين بالمساعدات الإنسانية لإنهاء المجاعة التي ابتليت بها البلاد.

من ناحية أخرى، أشار مسؤولون يمنيون مختلفون إلى أن الحرب في اليمن تساعد إسرائيل على أن تطأ قدمها في ذلك البلد جنبًا إلى جنب مع الإماراتيين والسعوديين؛ وهو خبر ترددت أصداؤه بشكل دوري في الصحافة العبرية ويزيد من تعقيد حل الأزمة.  

ونوهت الصحيفة بأنه بالتزامن مع تغيير الإدارة الأميركية، سيتعرض ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد لضغوط شديدة لإنهاء التدخل العسكري. 

من جهتهم، سيحاول ابن سلمان وابن زايد بالتأكيد إيجاد مخرج "مشرف"، لكن في جميع الأحوال، لا يمكن للوضع الحالي أن يطول كثيرا.

وأوردت الصحيفة أن التقارب بين واشنطن وطهران سيساعد على جعل الإيرانيين يتكفلون بمهمة الضغط على الحوثيين للتفاوض. لكن، ستتطلب المهمة أيضًا الضغط من الولايات المتحدة على الإماراتيين والسعوديين.

 وفي عام 2015، ظن السعوديون والإماراتيون أن تدخلهم في اليمن سيكون هينا وسهلا للغاية، لكنهم وقعوا في كابوس ومتاهة، بحسب تعبير الصحيفة.