منصة سداسية.. هكذا شيع أردوغان وعلييف "مينسك" لمثواها الأخير

12

طباعة

مشاركة

اعتبر خبراء أن اقتراح الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والأذربيجاني إلهام علييف؛ بإنشاء منصة من 6 دول؛ لتطوير التعاون في منطقة القوقاز، يمكن أن يشكل أساسا لمجتمع اقتصادي أوراسي قوي في المستقبل.

ومبادرة "المنصة السداسية" للتعاون الإقليمي، تتكون من تركيا وروسيا وأذربيجان وإيران وجورجيا إلى جانب أرمينيا.

أصل الفكرة

ونشرت وكالة "سبوتنيك" الروسية بنسختها التركية مقالا للكاتب "أمور غادجييف" لفت فيه الخبير الروسي "سيرجي ماركوف" الانتباه إلى "إمكانية أن تحل المنصة السداسية المقترحة من قبل أردوغان وعلييف محل "مجموعة مينسك" التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا".

وتأسست "مينسك" التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا عام 1992، وتتشكل من أميركا وروسيا وفرنسا؛ لإيجاد حل سلمي للأزمة التي بدأت مع احتلال أرمينيا لـ"قره باغ" ومحافظات أذربيجانية أخرى، لكنها فشلت في ذلك. 

وقال ماركوف: "لطالما حاولت تركيا أن تصبح رئيسا مشاركا لهذه المجموعة، بعدما تم استبعاد فرنسا والولايات المتحدة بالفعل (غير رسمي) من مجموعة مينسك من قبل روسيا".

وأوضح أن "الاستبعاد راجع لتصرف هذين البلدين بطريقة سيئة، ولم يفعلا شيئا للتوصل إلى حل في أزمة إقليم قره باغ، وبالتالي، يمكن أن تحل المنصة السداسية محل مينسك".

ويرى ماركوف أن "هذا العرض (المنصة) جذاب اقتصاديا، ويمكن أن نتحدث هنا عن بُعدين، الأول تطوير المشاريع الإقليمية، من أهمها "ممر ناخجوان" للنقل الذي يبدأ من أذربيجان مرورا بأراضي أرمينيا إلى ناخجوان لتمتد إلى تركيا، وكلها تمر على يمين الأراضي الإيرانية".

وذكر أن "فكرة تركيا في تطوير المشروع ليصبح مشروعا دوليا على نطاق إقليمي، ويمكن إذا تم بناء هذا الممر أن يكون فعالا للغاية، وفي الواقع سيخلق بديلا لطرق جنوب القوقاز الأوروبية التي تمر حاليا من الأراضي الروسية".

وتابع: "يكمن البعد الاقتصادي الثاني في الفكرة الإستراتيجية الكبرى المتمثلة في إنشاء تكتل اقتصادي أوراسي قوي مبني على هذه المنصة السداسية".

وأشار "ماركوف" إلى أن "تركيا تعمل على الانتقال إلى أسواق أوسع، وهي غير سعيدة بمنع الاتحاد الأوروبي المستمر لها. لذلك فإن تكوين تكامل اقتصادي جديد يتكون من روسيا وتركيا وإيران وأذربيجان وجورجيا وأرمينيا، سيخلق سوقا مشتركا ذا مستقبل كبير من خلال مجتمع اقتصادي أوراسي".

عرض جديد

من جانبه، اعتبر الكاتب التركي "ندرت أرسانيل" في مقال نشرته صحيفة "يني شفق"، أن "حضور الرئيس أردوغان في احتفالات باكو بمناسبة نصر أذربيجان على أرمينيا، كان يتضمن رسائل للقمة التي تجمع قادة أوروبا لمناقشة العقوبات على تركيا في نفس الوقت (9 ديسمبر/كانون الأول 2020)".

وأضاف: أن "رسائل تركيا لم تكن موجهة للاتحاد الأوروبي فقط بل للولايات المتحدة الأميركية".

وأوضح "أرسانيل" ذلك بقوله: "كانت واشنطن على وشك اتخاذ قرارات بشأن العقوبات التي ستفرضها على تركيا في نفس الوقت أيضا، وكانت الأخبار تنتشر مساء الخميس (10 ديسمبر) عن أن هذه العقوبات جاهزة ويمكن الإعلان عنها في أي وقت".

وتابع: "خلال كل هذا كان أردوغان برفقة علييف يعلنان عن منصة سداسية وافق عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضا، ماذا كانت تلك المنصة؟ كانت منصة تضم روسيا وإيران وتركيا وأذربيجان وجورجيا وأرمينيا أيضا في حال رغبت في ذلك".

ويرى الكاتب التركي أن "هذا الخطاب يعتبر دعوة، لكنه قبل ذلك، عرض جيوسياسي جديد".

وقال أرسانيل: "عندما يكون هناك عرض أو محاولة لإنشاء مثل هذه المنصة في أي مكان في العالم ـ وخاصة في هذه المنطقة ـ يبحث الغرباء بمردود فعلي عن إجابات لبعض الأسئلة".

ومن بين هذه الأسئلة، بحسب الكاتب، "من يوالي هذه المنصة ومن يناهضها؟" و"كيف يقيم الغرب والولايات المتحدة وأوروبا هذه المنصة؟؛ هل تتماشى مع مصالحهم وأهدافهم أو تقف ضدها؟" و "هل ترى الصين هذه المنصة قريبة لها أم بعيدة؟".

الوضع الروسي

ويستطرد أرسانيل: "يجب الاعتراف بأن سباق الشعب والجيش الأذربيجاني الذي استمر 44 يوما للانتصار على أرمينيا، قد مهد الطريق لفرص جديدة من ناحية، ومخاطر جيوسياسية من ناحية أخرى".

وأضاف: "إذا نظرنا بمنظار عين الطائر، بمعنى النظر بطريقة شاملة، يمكن أيضا قراءة الصورة النهائية في بحر قزوين - القوقاز على أنها إزاحة وتنظيف لبعض قوى الولايات المتحدة والغرب من المنطقة".

ولفت أرسانيل إلى أن "نقطة الاعتراض الأولى لأولئك الذين يعتقدون بوجود بعض الصعوبات في تحقيق هذه المنصة، هي الادعاء بأن موقف روسيا التقليدي والراسخ في المنطقة وخاصة أرمينيا لن يسمح بذلك".

واستدرك الكاتب قائلا: "لكن الجواب السهل على ذلك يكمن في تصريحات روسيا التي تفيد بأنها مفتوحة لهذه المنصة، أيضا بدءا من الفترة قبل بدء الصراع بين باكو-يريفان".

وتابع: "بينما يمثل الجواب الصعب دعوة للنظر في فكرة أن السياسة الخلفية لروسيا غير قابلة للتغيير، وأنها ستظل ثابتة حتى في جميع الظروف الإستراتيجية المتغيرة".

وأردف أرسانيل: أن "تصنيف الولايات المتحدة للدول التي تشكل تهديدا عليها، يشير إلى أن الصين وروسيا في المركزين الأول والثاني، وإن كان يمكن تغيير الترتيب لتكون روسيا الأولى والصين في المرتبة الثانية".

وأضاف: أن "سلسلة من التطورات أيضا، كقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بانسحاب روسيا من القرم (في 7 ديسمبر)، يشير إلى وجود بعض حزم الإصلاح المتعلقة بتجديد الناتو على هذا المسار".

وقال أرسانيل: "علينا أن نتذكر الصدمة التي لم ينسها بوتين أبدا أثناء تحديد مكانة بلاده في السياسة العالمية؛ حقيقة أن روسيا فقدت الدول التي كانت تتعاون معها واحدة تلو الأخرى بدءا من عام 1989، وحتى العقد الأول من القرن 21، ضد الولايات المتحدة بعد سقوط جدار برلين (في 1989)".

أضاف: "لهذا يشعر الكرملين الآن بقلق شديد من أن يعيد التاريخ نفسه في عهد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، وهو يعتقد أن منطقة القوقازـ بحر قزوين، باعتبارها إحدى الجبهات الرئيسية لهذه الخطة، ستتعرض لهجمات ممنهجة".

الموقف الدولي

ويرى "أرسانيل" أنه يمكن للجميع أن يرى أن هذا الخط، والذي يمثل أيضا الخط الرئيسي للطرق والأحزمة الصينية، "نقطة تفتيش" لـ المساهمة في تدخلات واشنطن وبكين أيضا.

وشرح ذلك قائلا: "الظروف الإستراتيجية الإقليمية آخذة في التغير! هل هو بعيد بالنسبة لروسيا أن تتخذ خطوات نحو بناء معادلات إقليمية تحت سيطرتها في هذه الظروف؟ وماذا يمكن أن نفهم من دعمها لقضية تركيا وأذربيجان المحقة غير رغبتها في معاقبة أرمينيا ضد إمكانية انضمامها للغرب وحتى لحلف الناتو؟".

واستدرك أرسانيل: "لا يمكننا أن نعرف فيما إذا كان هناك تحالف بين روسيا وتركيا وأذربيجان، لكن في حال وجد هذا التحالف فمن يستطيع تحمل هذا العبء في المنطقة؟ خاصة مع عدم وضوح موقف الصين وإيران وباكستان وبريطانيا التي تملك استثمارات كبيرة في المنطقة".

وتابع: "كما لا يجب أن ننسى أيضا عدم وضوح موقف الدول المستقلة في آسيا الوسطى، والتي تملك حدودا مع الصين".

ويلفت إلى أنه على الرغم من أنه ليس من الواضح ما إذا كانت جورجيا متوافقة مع هذه المنصة أم لا، والتي تعتبر مادة في "قائمة التحديات"، فإن القضية الرئيسية هي أنه لا يمكن تفسير هذه المنصة السداسية من خلال القراءات الإقليمية الدقيقة. حيث تكمن القضية الرئيسية في تحليل هذه الأرضية الجديدة في دورها في "منافسة القوة العالمية". 

وتساءل أرسانيل: "ما هو موقع المنصة الجديدة في سياق العلاقات الصينية الأميركية؟ وما مكان المنصة الجديدة في نطاق العلاقات الروسية الأميركية؟ أين موقع الشرق الأوسط، والخليج، والهند، وباكستان، وأفغانستان من المنصة التي تتابعها إسرائيل من بعيد؟".

وختم مقاله بالقول: "أسئلة صعبة، لكن تركيا تطوعت لحلها".