"الأقصى في السعودية".. موقع إسرائيلي: هذه أدوات الرياض لخدمة تل أبيب
نشر موقع "مكور ريشون" العبري، مقالا للباحث الإسرائيلي في الثقافة العربية ومحاضر في جامعة بار إيلان، مردخاي كيدار، يسلط فيه الضوء على "الإهانات" التي تعرضت لها فلسطين من محسوبين على دول السعودية والإمارات والبحرين.
وقال كيدار: إنه "على مدار العامين الماضيين كان هناك تبادل للتنديد والإهانات بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من السعودية والإمارات والبحرين، من جهة والفلسطينيين وأنصارهم من جهة أخرى".
وأضاف: "سمعنا وشاهدنا طوال هذه الفترة أشخاصا، مثل السعودي رواف السعين، والكويتي عبد الله الهدلق، يقولان: من يزعم أن الفلسطينيين لهم حق في أرض إسرائيل، وأنها ملك لليهود حسب القرآن. فيما الفلسطينيون من جانبهم شتموا وفضحوا أهل الجزيرة العربية".
وأشار كيدار إلى أنه "في الآونة الأخيرة تصاعد تحدي الفلسطينيين، مقابل ادعاء متحدثين من شبه الجزيرة العربية أن المسجد الأقصى المذكور في القرآن والذي احتله اليهود وهو موضوع مركزي في الرواية الفلسطينية التي أطلق عليها لقب الانتفاضة الثانية، موجود في الأصل في السعودية وليس القدس".
وتابع: "بذلك، فإنهم (دعاة الطرح من السعوديين) يقوضون الأساس الديني للنضال الفلسطيني ضد إسرائيل".
ولفت كيدار إلى أن "مركزية الأقصى في الإسلام ومكانتها في السنوات الأخيرة قد طغت على مكة والمدينة وهو أحد أسباب غضب السعوديين على الفلسطينيين".
تحريض سعودي
أشار كيدار إلى أنه "لم يعد الادعاء بأن الأقصى لم يكن في القدس في الأصل مجالا لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي فحسب، بل تمت ترقيته من خلال مقال نشره إعلامي سعودي يُدعى أسامة يماني، في صحيفة عكاظ (رسمية)".
وشدد على أنه "لم تكن لتجرؤ الصحيفة على نشر مثل هذا المقال دون إذن مسبق من سلطات الدولة ومن سلطتها الدينية العليا، وقد نشرته في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بعنوان: أين المسجد الأقصى؟".
وأكد الباحث الإسرائيلي أن "إثارة هذا السؤال تلقي بظلال الشك على فرضية أن المسجد الأقصى يقع في القدس".
وأفاد "كيدار" بأن "الكاتب السعودي قدم في مقالته أدلة من مصادر إسلامية على أن القدس لم تكن أول مكان عبادة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، حيث تم بناء المسجد الأقصى فقط في أيام الخلفاء الأمويين، بعد حوالي 60 عاما من وفاة النبي محمد "ص".
وكتب يماني في مقالته، أن "(الخليفة الأموي) عبد الملك بن مروان بنى قبة الصخرة عام 691 ميلادي، بسبب الغضب الشعبي من عدم قدرتهم على متابعة الحج إلى مكة لأن (عبد الله) بن الزبير (حاكم مكة) الذي ثار عام 682 في ظل حكم الأمويين في دمشق والذي كان يطالب من جاء للحج بأداء يمين الولاء له، لذلك بنى ابن مروان (قبة الصخرة) ليأتي الجمهور إلى الحج بدلا من مكة كما وصفها ابن خلكان (مؤرخ مسلم من القرن الثالث عشر)".
وأضاف يماني: أن "المسجد الأقصى كما وصفه العقدي (مؤرخ مسلم من القرن التاسع) يقع في جعرانة (قرية تبعد حوالي 30 كم شمال شرق مكة)"، وفق كيدار.
مصالح سياسية
يرى كيدار أن الخلاصة التي توصل إليها هي أن هذا الجدل "ينبع من المصالح السياسية التي تم حشدها لأحداث سياسية وأمور ومواقف لا علاقة لها بالإيمان أو الأعمال الصالحة أو العبادة".
وأضاف: "يقول يماني ضمنيا ولكن بشكل واضح تماما ما يلي: في أواخر القرن السابع اندلعت الخلافات والصراعات السياسية بين المركز في مكة الذي تسيطر عليه الأسرة الهاشمية بقيادة عبد الله بن الزبير ومركز دمشق، الحي الأموي السكني برئاسة الخليفة عبد الملك بن مروان".
وتابع: "بسبب هذه الصراعات أغلق ابن الزبير أبواب مكة في وجه الأمويين، ونتيجة لذلك اختار الأمويون القدس كمكان بديل للحج، ولدعم ذلك بالوسائل الدينية اخترعوا روايات (حديث) أن رحلة محمد الليلية المذكورة في الجزء 17 من القرآن كانت في الواقع إلى القدس، بينما كانت في الواقع إلى مسجد يسمى المسجد الأقصى الذي كان قرب قرية جعرانة على بعد 30 كم شمال شرق مكة".
ضربة للفلسطينيين
كيدار اعتبر أن "وضع الأمور على هذا النحو (التشكيك في رحلة الإسراء والمعراج ورمزية المسجد الأقصى) يقوض بشدة إن لم يكن يلغي تماما الأساس الديني للمطالبة الفلسطينية بأن تكون القدس (الشرقية) عاصمة للدولة الفلسطينية".
وأكد أن "هذه ضربة خطيرة للقضية الفلسطينية، سواء في جانبها الوطني كما تقدمه منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، ومن منظورها الديني كما تقدمه حماس والجهاد، وهما منظمتان انبثقتا من الحاضنة الأيديولوجية للإخوان المسلمين، كارهي السعوديين"، وفق قول الكاتب.
وأشار كيدار إلى أن "الفلسطينيين ورفاقهم غاضبون بسبب مقال يماني، ما دفع علي الأعور، وهو فلسطيني حاصل على الدكتوراه من الجامعة العبرية وجامعة هارفارد، لوصف أسامة يماني بأنه (قاطع طريق)، كما اتهمت قناة TRT التركية يماني بإعادة تدوير مزاعم الإسرائيليين والصهاينة".
وقال: "هذه ادعاءات سمعت في إسرائيل في الماضي، يجب أن أعترف أن هناك الكثير من العدالة، قبل 40 عاما أثناء دراستي للحصول على درجة البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم السياسية في جامعة بار إيلان، سمعت من أستاذي والحاخام الراحل الدكتور يشعياهو غولدفيلد، القصة الحقيقية لتقديس الأمويين للقدس كثقل موازن لقدسية مكة والمدينة".
وأضاف: "في عام 2008 قبل 12 عاما، قمت بتحميل أول فيديو باللغة العربية على موقع اليوتيوب مع الادعاء بأن الأقصى المذكور في القرآن كان في جعرانة و نقله الأمويون إلى القدس كمنافسة إلى مكة، وبسبب تمرد عبد الله بن الزبير الذي أغلقه أمام الأمويين وعلى مر السنين تبنى علماء آخرون هذه الدعاية، ومنهم الدكتور المصري يوسف زيدان، والمغربي رشيد علال، والسوري نبيل فياض، وغيرهم الكثير".
تطور خطير
وزعم الباحث الإسرائيلي أن "جماعة الإخوان المسلمين صعّدت في مصر وأنتجت فيديو على موقع يوتيوب تظهر فيه يوسف زيدان في شاشة منقسمة تقول جملة وأنا أقول جملة مماثلة واستنتاجهم أن العالم المصري تعلم أشياء من العالم اليهودي، الإسرائيلي، الصهيوني، الدكتور مردخاي كيدار ".
واستطرد "لا أعرف ما إذا كان هذا الادعاء صحيحا، لأنه من المحتمل جدا أن يكون الدكتور زيدان يعرف أشياء من مصدر آخر، لكن يجب أن أعترف أن هذا الفيديو الخاص بالإخوان المسلمين جعلني سعيدا للغاية، وفي العام الماضي قمت بتحميل القصة الحقيقية لتقديس القدس في أيام الأمويين على تويتر وآلاف المتابعين تعرضوا له، وفي الردود تلقيت الشتائم ولكنني تلقيت موافقات على ذلك".
وأضاف كيدار: "في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2020، أجريت استطلاعا على موقع تويتر، سألت فيه المتابعين عما إذا كانوا يوافقون على الادعاء بأن المسجد الأقصى الحقيقي يقع في جويانة، ورد على الاستطلاع 1744 قارئا 27.8٪ يوافقون على هذا الادعاء فيما يعارضه 72.2٪".
وتابع: "ما يعني أن أكثر من الربع يوافقون على أن المسجد الأقصى المذكور في القرآن ليس في القدس، وهذا يعد تحولا ليس بسيطا، لأن العينة إذا كانت تمثل الرأي العام بين المسلمين فهي ثورة حقيقية، وبالتالي يخشى الفلسطينيون ورفاقهم من هذا التطور الخطير عليهم"، حسب رأي الباحث.
حرب دينية
ويتساءل الباحث "ما هو استمرار الحرب الدينية بين السعوديين والفلسطينيين؟ أنا لست نبيا ولا أعلم ما سيحدث في المستقبل"، وأجاب زاعما "لكن من الواضح أن الفلسطينيين ورفاقهم، وخاصة الإخوان المسلمين وحماس والجهاد والقطريين والجزيرة والأتراك، سيوجهون سهامهم إلى النقطة الحساسة لعائلة آل سعود التي تسيطر على الحجاز ومكة والمدينة".
وأشار إلى أن "عائلة سعود ليست في الأصل من الحجاز ولكنهم من هضبة نجد، منطقة العاصمة الرياض، منذ أيام الملك المؤسس عبد العزيز بن سعود ، أطلق ملوك المملكة العربية السعودية على أنفسهم اسم خادم الحرمين الشريفين أي مكة والمدينة".
وتابع: "لهذا الاسم المستعار يضفي ختما دينيا على حكمهم على أرض ليست ملكهم احتلوها قبل حوالي قرن من الزمان وأبعدوا من هناك الحاكم الشرعي الشريف حسين وابنيه عبد الله وفيصل".
واستطرد كيدار: "يخبرني قلبي أنه في هذه المرحلة سيتم توجيه سهام انتقاد المعارضين السعوديين، حيث يحاول الإيرانيون أيضا في دعايتهم ضد النظام الملكي السعودي تقويض الشرعية الدينية للحكم السعودي على مكة والمدينة، الأماكن المقدسة لجميع المسلمين، بمن فيهم الشيعة".
ولفت الباحث في نهاية مقاله إلى أنه "من النتائج الأخرى التي لا تقل أهمية عن هذا الصراع الرغبة المتزايدة بين المسلمين لفحص ودراسة أصول الإسلام وخاصة الحديث وتفسير القرآن، النصوص المكتوبة عبر الأجيال، حيث كانت هذه المصادر تعتبر حتى سنوات قليلة مضت على أنها مصونة ومقدسة".