عبدالعزيز بلخادم.. رجل بوتفليقة الذي غضب عليه وأعاده تبون للواجهة

12

طباعة

مشاركة

بيان رئاسة الجمهورية الجزائرية حول استقبال الرئيس عبد المجيد تبون، رئيس الحكومة الأسبق عبد العزيز بلخادم، يوم 8 سبتمبر/ أيلول 2020، لم يكشف عن أي تفاصيل أخرى، لكنه كان كافيا لإشعال غضب الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي.

بلخادم الذي اختفى من الساحة السياسية عام 2014، شغل مناصب مرموقة في الجزائر فكان وزيرا للخارجية ثم رئيسا للحكومة وممثلا خاصا لبوتفليقة، ويعتبر أحد وجوه النظام القديم الذي أطاح به الجزائريون في "حراك فبراير/شباط 2019.

بلخادم أدلى، بتصريح مقتضب للإعلام عقب زيارته لتبون، أكد فيه أن الرئيس "أظهر حُسن نية، وينبغي أن تتضافر الجهود لإنجاح هذا المسعى لتمكين الجزائر من أن تنهض من كبوتها، بالاستماع إلى مطالب المواطنين المشروعة، وعلى الجميع أن ينسوا خلافاتهم من أجل مصلحة الجزائر".

التصريح أوحى لكثير من الناشطين أن تبون ينوي الاستعانة ببلخادم في الاستفتاء الشعبي حول الدستور الجديد، المزمع في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، ما أثار حالة واسعة من الجدل في الشارع الجزائري.

المغضوب عليه

في 2012 قرر المعارضون داخل حزب جبهة التحرير الوطني مقاضاة بلخادم بتهمة انتهاك وخرق القوانين والنصوص المنظمة للحزب، واتهموا بلخادم بالاستفراد بالحزب والتخلص من معارضيه، وأشاروا إلى سعيه للترشح للانتخابات الرئاسية الذي يستوجب حصوله على الأغلبية في اللجنة المركزية.

اتهم بلخادم باستغلال قربه من بوتفليقة، حتى أصبح أقوى رجل في الحزب الحاكم، بل وفي الساحة السياسية ككل.

ذهب معارضو بلخادم إلى حد وصفه بأنه "خطر على أمن البلاد"، بعد تمكنه من إحباط محاولة للإطاحة به من قيادة الحزب الذي كان يرأسه شرفيا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

مع وجود معارضين تمتع بلخادم الذي تولى عدة مسؤوليات طيلة 14 سنة، بشعبية واسعة داخل حزبه ظهرت في 2013 عندما تمكن من العودة بقوة إلى الواجهة بعد يوم واحد من سحب الثقة منه، إذ حشد أنصاره من جديد للظفر بقيادة الحزب مرة أخرى.

وفي أغسطس/آب 2013، انتخب أعضاء اللجنة المركزية للحزب الوطني خلال دورة طارئة سعداني خلفا لبلخادم الذي تمت تنحيته مطلع العام نفسه في ظل انقسام داخلي في الحزب.

وفي أغسطس/ آب 2014، أنهى الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة مهام مستشاره الخاص عبد العزيز بلخادم، ولم يكتف بوتفليقة بذلك بل نص القرار على إنهاء جميع نشاطات بلخادم ذات الصلة مع كافة مؤسسات الدولة.

كما جرت اتصالات مع حزب جبهة التحرير الوطني (أكبر تمثيلية بغرفتي البرلمان إلى الآن) والذي كان ينتمي إليه بلخادم لإنهاء مهامه فيه، ومنعه من المشاركة في نشاطاته.

وسائل إعلام محلية قالت آنذاك: إن الخطوة تدل على خلافات شديدة داخل جبهة التحرير الوطني، وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن بوتفليقة منع أيضا بلخادم من ممارسة أي نشاط داخل الجبهة، دون ذكر الأسباب.

القرار الغامض فتح الباب أمام التكهنات، ورجحت وسائل إعلام محلية بأن بلخادم أثار غضب بوتفليقة بتعليقات اعتبرت محاولة للزج به في صراع على الزعامة داخل جبهة التحرير، عندما حاول بلخادم (تولى من قبل منصب رئيس الوزراء والأمين العام لجبهة التحرير الوطني) إزاحة الأمين العام للجبهة عمار سعداني.

إعفاء بلخادم أثار حينها جدلا سياسيا واسعا داخل الطبقة السياسية، ودفع بلخادم إلى الانزواء والابتعاد كليا عن الساحة، قبل أن يستدعيه تبون مرة أخرى في 2020.

رجل الانتخابات

كان بلخادم وسعداني من بين أبرز السياسيين الذين خاضوا حملة ترشيح بوتفليقة في أبريل/ نيسان 2013، وساعداه على الفوز بفترة رئاسية رابعة مدتها 5 سنوات رغم ضعف صحته بعد أن أصيب بجلطة دماغية.

مراقبون رجحوا أن يكون سبب استعانة تبون ببلخادم في الفترة المقبلة لدرايته وخبرته الواسعة بالحملات الانتخابية، بعد إعلان تبون، نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 موعدا للاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، وشكل لجنة من الخبراء تشرف على الاستفتاء.

إلحاح تبون على تمرير الدستور في وقت قياسي، فسره محللون على أنه مسعى لترميم شرعية انتخابية منقوصة، نتيجة الظروف والملابسات التي جرى فيها انتخابه، بسبب تدني نسبة التصويت والمقاطعة الكبيرة لرفض جزء من مكونات الحراك الشعبي للانتخابات.

في رئاسيات 2019 عاد اسم بلخادم للظهور من جديد، إذ أعلنت وسائل إعلام محلية نية الوزير الأسبق الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، لكن بعدها خرجت مصادر مقربة من الرجل لتنفي الخبر، وأنه لا يفكر إطلاقا في الترشح رغم مناشدته من عدة وفود حزبية وشعبية، طالبته بدخول سباق الرئاسيات كمنافس لديه حظوظ كبيرة أمام رئيسي الحكومة السابقين عبد المجيد تبون وعلي بن فليس.

ممثل بوتفليقة

في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 1945 ولد بلخادم في آفلو بولاية الأغواط (غربا)، وشغل بلخادم الحاصل على شهادة دراسات عليا منصب مفتش للمالية لمدة 3 سنوات، قبل أن يبدأ مساره المهني كأستاذ، ثم التحق برئاسة الجمهورية ليشغل بين 1972 و1977 منصب نائب مدير العلاقات الدولية.

وفي سنة 1977 انتخب بلخادم نائبا في المجلس الشعبي الوطني عن حزب جبهة التحرير بولاية تيارت، كما تم انتخابه مجددا في ذات المنصب لعدة مرات حيث كان مقررا للجنة "التخطيط والمالية" ثم رئيسا للجنة "التربية والتكوين والبحث العلمي".

ثم شغل السيد بلخادم من سنة 1988 إلى سنة 1990 منصب نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني، وعندما تولى بوتفليقة منصبه كرئيس للجمهورية سنة 1999 تم تعيين بلخادم وزير دولة وزير الشؤون الخارجية في عام 2000.

وبعد أن جددت عهدته لعدة مرات في ذات المنصب عين بلخادم في 2005 وزيرا للدولة ممثلا شخصيا لرئيس الجمهورية، الذي عينه في 2006 على رأس الحكومة.