حدود أوروبا.. مفتوحة مع دول موبوءة بكورونا ومغلقة أمام تركيا

12

طباعة

مشاركة

مع بداية تفشي فيروس كورونا وانتقاله إلى خارج الصين، أغلقت العديد من الدول حدودها للسيطرة على الوباء ومنها الاتحاد الأوروبي، حيث قيل وقتها إن هذا الإغلاق يهدد اتفاقية "شنغن" التي تشكل العمود الفقري للاتحاد وتضمن حرية التنقل بين بلدانه.

ويقول مركز سيتا التركي للأبحاث: "كما هو معتاد، لا تستطيع أوروبا إظهار صورتها كاتحاد صاحب رؤى مشتركة حتى في قرار إغلاق الحدود، إذ اختلفت سياسات الإغلاق للدول بشكل كبير".

فعلى سبيل المثال، أغلقت التشيك حدودها في البداية أمام خمسة عشر دولة أوروبية فقط، بينما فضلت سلوفاكيا إغلاق حدودها أمام جميع المواطنين الأوروبيين باستثناء البولنديين.

فوضى الإغلاق

ويوضح المركز في تقرير له: "تسبب إغلاق الحدود بين دول شنغن في انتقادات من قبل العديد من المجموعات؛ لدرجة أن خوان فرناندو لوبيز أغيلار، رئيس لجنة الحريات المدنية والعدل والشؤون الداخلية بالبرلمان الأوروبي، أعرب عن عدم ارتياحه لإغلاق الحدود في 16 مارس/آذار، وقال إن هذه القرارات تنتهك الاتفاقيات الدولية".

وقد ألغيت هذه القرارات من قبل دول مختلفة منذ بداية يونيو/حزيران وكانت إيطاليا أول دولة تفتح حدودها مع دول شنغن في الثالث من الشهر المذكور. وبعد هذا القرار، فتحت العديد من الدول حدودها مجددا أمام الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

في الأثناء، أبقت دول مثل السويد وبولندا حدودها مغلقة مع تركيا وفي الحقيقة، يقول المركز: "لا يمكن أن نفسر موقف المجتمع الدولي، فالقرارات المتخذة المتعلقة مثلا بعلاقات دول أوروبا مع أنقرة، يصعب تفسيرها بطريقة عقلانية".

تم اتخاذ القرار الأول بشأن الدول غير الأعضاء في شنغن في 16 مارس/آذار، عندما تبنت مفوضية الاتحاد الأوروبي إعلانا يقترح تقييد السفر غير الإلزامي إلى الاتحاد مؤقتا لمدة شهر .

طبق رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي هذا التقييد في 17 مارس/آذار، وتم تمديد حظر السفر لمدة شهر واحد في 8 أبريل/نيسان. وفي 11 يونيو/حزيران، أصدرت اللجنة بيانا تقترح فيه تمديد التقييد حتى 30 يونيو/حزيران، وتحديد نهج لإلغائه اعتبارا من 1 يوليو/تموز 2020. 

اعتبارا من 1 يوليو/تموز، تبنى المجلس الأوروبي اقتراحا لرفع القيود المؤقتة تدريجيا على السفر غير الإجباري إلى الاتحاد الأوروبي وأوصى برفع قيود السفر عن البلدان المدرجة في قائمة، يتم تحديثها كل أسبوعين.

والبلدان المدرجة في القائمة هي؛ الجزائر ورواندا وأستراليا وكندا وصربيا وكوريا الجنوبية وجورجيا وتايلاند وتونس وأوروغواي والمغرب ونيوزيلندا واليابان والجبل الأسود والصين.

ويعلق المركز: "هكذا نجد أن أوروبا تفهم أن المملكة المتحدة هي مصدر للفيروس بعد الصين وكذا تركيا، ولن تفتح الحدود مع هذه الدول في وقت عدت فيه منظمة الصحة العالمية جهود أنقرة استثنائية في مواجهة الجائحة، بينما أخرجت فيه صربيا وجمهورية الجبل الأسود من القائمة".

وشجع الاتحاد الأوروبي مؤخرا الدول الأعضاء على فتح حدودها أمام دول مثل إسبانيا وإيطاليا والصين وقررت العديد من الدول اتباع تلك التوصيات.

عند مقارنة الإحصائيات الخارجة من تركيا وهذه الدول في مواجهة الجائحة، تظهر نتائج مثيرة للدهشة.

في 11 يونيو/حزيران، أصدرت مفوضية الاتحاد الأوروبي إعلانا يشجع الدول الأعضاء على رفع حظر السفر داخل منطقة الاتحاد الأوروبي في ذلك الوقت كانت تركيا قد سجلت 170 ألف إصابة تليها المملكة المتحدة بـ290 ألفا و143 إصابة، وإسبانيا 242 ألفا و707 إصابات، وإيطاليا 235 ألفا و763 إصابة، وألمانيا 185 ألفا و416 إصابة مسجلة رسميا.

تركيا وأوروبا

وبالمقارنة مع عدد السكان في ذات الفترة، وبحسب البيانات المشتركة، فمن بين كل مليون شخص في تركيا، يصاب 2051 شخصا، فيما يصاب 6 آلاف و468 في لوكسمبورغ  وإسبانيا 5 آلاف ومثلها تقريبا في بلجيكا.

ناهيك عن دول أخرى تقارن بها تركيا مثل إيطاليا وفرنسا، فيما ضاعفت لوكسمبورغ والسويد وإسبانيا وبلجيكا إصابتها لتغدو ضعفي الإصابات المسجلة في تركيا.

بالنظر إلى ما تغير منذ 1 يوليو/تموز، ثمة إحصائية مثيرة للاهتمام.

فبعدما اتخذ القرار بأسبوعين، سجلت تركيا انخفاضا بنسبة 22 ٪، فيما دول أخرى سجلت زيادة مثل بلجيكا بنسبة  73٪، و97 ٪ في رومانيا، و177 ٪ في إسبانيا و245 ٪ في الصين. 

هل يمكن لدول الاتحاد الأوروبي التي لم تعمل متحدة في إغلاق الحدود أن تعمل كذلك لفتح الحدود؟، يتساءل مركز سيتا التركي للأبحاث.

كما ذكر أعلاه، فإن الدول الأعضاء ليست ملزمة قانونا بالامتثال لقائمة "السياحة الآمنة" وفي حين ذكرت دول مثل فرنسا وليتوانيا أنها ستمتثل لهذا القرار، قررت العديد من الدول عدم الامتثال لهذه القائمة.

قررت بلجيكا فتح حدودها أمام الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وسويسرا وليختنشتاين وأيسلندا والنرويج في 15 يونيو/حزيران كما صرحت بروكسل بأنها لن تنفذ قرار مجلس الاتحاد فيما يتعلق بالدول غير الأعضاء فيه، وأنها تريد تحديد سياسة فتح الحدود على أساس وطني.

وصرحت ألمانيا أيضا أنها لن تمتثل للقرار المتخذ في 1 يوليو/تموز. بالإضافة إلى عدم اتباع القائمة المشتركة، فإن النمسا أكثر حذرا وثباتا، حيث تبقي حدودها مغلقة أمام المملكة المتحدة والسويد والبرتغال.

من ناحية أخرى، قررت المجر إغلاق حدودها مع دول مثل بلغاريا والبرتغال والسويد ورومانيا وإنجلترا والنرويج منذ 13 يوليو/تموز. بالإضافة إلى هذه البلدان، كانت الدولة التي اتخذت القرار الأكثر لفتا للنظر هي كرواتيا حيث قررت البلد العضو في الاتحاد الأوروبي فتح حدوده أمام السياح من الولايات المتحدة منذ 10 يوليو/تموز.

معايير مزدوجة

كشف التناقض في قيود السفر في الدول الأوروبية عن حقيقتين، وفق المركز، أنهم "يتصرفون بروح دول الاتحاد الأوروبي بمعايير مزدوجة مطبقة ضد تركيا".

نتيجة لذلك، فإن المشكلات الناشئة عن السياسات الحدودية المختلفة للبلدان ذات الحدود المشتركة واضحة؛ فعلى سبيل المثال، لم تفتح بلجيكا بعد حدودها مع الجزائر ، لكن من الصعب جدا عمليا منع التهريب من الجزائر إلى فرنسا ثم إلى بروكسل برا، لأنه كما هو معروف، لا توجد نقاط تفتيش حدودية بين هذه الدول.

وبالنظر إلى الصعود الأخير للأيديولوجية اليمينية المتطرفة، فإن الاتفاقيات مثل شنغن التي تشكل أساس الاتحاد الأوروبي، ستخلق توترات كبيرة بين الدول خلال فترات لا تستطيع فيها الدول الأعضاء تنفيذ سياسات حدودية مشتركة.

ظهرت حقيقة أخرة وهي أن أوروبا تُطبق معايير مزدوجة ضد تركيا، حيث يقول المركز: "لا ينبغي أن ننسى أن أنقرة قدمت أقنعة وأجهزة تنفس إلى الدول الأوروبية التي واجهت صعوبات كبيرة في مواجهة الوباء قبل بضعة أشهر".

هذا عدا عن الوضع الصحي للبلاد من ناحية إحصائيات الإصابات، ومع ذلك الحدود ما زالت مغلقة ما يثير الانتباه حول هذا الأمر. وكما ذكر العديد من الصحفيين الأوروبيين، يبدو أن هذا القرار سياسي ويصعب تفسيره بطريقة معقولة، يقول مركز سيتا.

ويتابع: "تعودنا أن الاتحاد الأوروبي يسيس كل شيء ومن ذلك ما يفعله الآن ويستخدم الإغلاق عصا في دواليب العلاقة مع أنقرة، لأن عددا كبيرا من السياح يأتون من أوروبا إلى تركيا وهي تحقق دخلا كبيرا من ذلك ويحاولون بالطبع حرمانها من هذه الميزات أو الحصول على مقابل لذلك".

وواصل المركز: "اضطر السائحون الأوروبيون إلى قضاء إجازة في إسبانيا وإيطاليا وفرنسا، ونتيجة لذلك، تسارع الوباء الذي اكتسب قوة في المنتجعات السياحية في بداية يوليو/تموز، في دول أوروبية أخرى".

ولفت إلى أن الوباء انتشر لدرجة أنه في العديد من البلدان، بدأ حظر التجول بالعودة، فيما أعلنت دول مثل ألمانيا التي أدركت الخطأ، أنها أزالت تحذير السفر عن مدن مثل أنطاليا وإزمير وآيدن وموغلا التركية.