"أبو درع".. جندي عراقي ارتبط اسمه بفرق الموت ويعيش طليقا في بغداد
يلاحظ العراقيون باستغراب شديد، تجوال إسماعيل اللامي المعروف بـ"أبو درع" حرا طليقا في بغداد أمام أنظار السلطات الأمنية، كونه أحد أبرز قادة المليشيات الشيعية الذين ارتبط اسمهم بفرق الموت، التي أزهقت أرواح الآلاف خلال سنوات الاقتتال الطائفي.
القيادي السابق في مليشيا "جيش المهدي" بقيادة رجل الدين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، متهم بقتل المئات من العراقيين السُنة على أساس طائفي خلال أعوام 2006 إلى 2008، ومن المتباهين بإجرامهم والاستعراض الدموي بدعوى الدفاع عن المذهب.
جندي هارب
إسماعيل حافظ اللامي من مواليد العراق عام 1970 (50 عاما)، عمل مساعد ضابط بسلاح الدروع في الجيش العراقي، ومن هنا كانت تسميته "أبو درع"، وكان معروفا بمنطقته في مدينة الصدر ببغداد معقل الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.
"أبو درع" ليس له من التدين شيء ومسجلة عليه عدة دعاوى مشاجرات في مخافر الشرطة، هرب عام 2000 من الجيش وتحول بعدها إلى التدين، وخصوصا بعد مقتل رجل الدين محمد محمد صادق الصدر (والد مقتدى)، وعند سقوط بغداد شارك "أبو درع" في عمليات النهب للإدارات الحكومية والأسواق العامة.
تأمر على أحد سرايا مليشيا "جيش المهدي" بعد سقوط النظام السابق عام 2003، في مدينة الصدر شرق بغداد، وبعد انتهاء الاشتباكات التي جرت عام 2004 بين جيش المهدي والقوات الأميركية عيّن في هيئة استخبارات خاصة بالمليشيا ذاتها.
"هيئة الاستخبارات" هذه قامت بعمليات قتل منظمة ضد البعثيين وضباط الجيش والمخابرات السابقين، ثم تم إرساله إلى إيران لغرض التدريب، وبعد عودته إلى العراق أصبح يقود عمليات قتل طائفي، حسبما أفادت تقارير صحفية.
عام 2008 اعتقل ضمن عملية "صولة الفرسان"، التي استهدفت "جيش المهدي" بمحافظة البصرة، وأسفرت عن اعتقال العديد من قيادات المليشيا، وفي نيسان/ أبريل 2010، هرب "أبو درع" إلى إيران بعدما أفرج عنه من السجن في ظروف غامضة.
فرار لإيران
وفي عام 2011، كشف مقتدى الصدر، عن إيواء إيران لأبو درع، هربا من مطالبته والسلطات العراقية له لمحاكمته عن الكثير من الجرائم، التي ارتكبها بطرق وحشية في أحياء ذات غالبية سنية ببغداد.
وطالب الصدر إيران بإرجاع "أبو درع" إلى العراق، لكنها لم تستجب لطلبه كما قال، داعيا أتباعه إلى إعلان رفضهم لمن أسماهم "المنشقين والمفسدين" في التيار الصدري.
وسبق للصدر أن دعا في حزيران/ يونيو 2011، سكان "قطاع 33" في مدينة الصدر إلى التصدي لأتباع أبو درع، اجتماعيا أو عن طريق العشائر، مطالبا الحكومة بردعهم، مؤكدا أنه يقف مع أهالي الحي وسيعمل على دعمهم.
وقال مقتدى الصدر في كلمة صدرت عن مكتبه، ردا على استغاثة أرسلها سكان في "حي 33" في مدينة الصدر ببغداد إليه: "عليه وعليهم لعائن الله، (أتباع أبو درع) مجرمون قتلة لا دين لهم ولا ورع، وعلى الحكومة ردعهم وأنا معهم رادع معهم".
وأضاف الصدر: "على أهالي المدينة عدم السماح لهم بذلك، بالطرق الاجتماعية أو عن طريق العشائر أو ما شابه"، بحسب تعبيره.
خادم الصدر
لكن "أبو درع" المعروف بصوته الأجش، وزيه الأسود الذي قلما يغيره، ظهر في مقطع فيديو عام 2015 وقال: إنه ينتظر إشارة من زعيم التيار الصدري لمعاودة حمل السلاح مرة ثانية، مشيرا إلى أن الصدر وضعه في بغداد لحمايتها في حال تعرضها لأي هجوم من قبل تنظيم الدولة".
وأضاف القيادي السابق في "جيش المهدي": أنه "إذا قال لنا الصدر اخرجوا فسنخرج، وإذا قال لنا عودوا فسنعود، كلنا خدام آل الصدر وأنه جاهز لسحق تنظيم الدولة بالأقدام".
وفي معرض دفاعه عما قام به من عمليات قتل إبان الحرب الأهلية في العراق بين عامي 2006-2007، قال أبو درع: إنه لم يعتقل أو يقتل إلا "الإرهابيين"، وإنه كان يفرج عن الأبرياء، أو أولئك الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء الأبرياء، وفي ذلك دليل واضح على أنه كان يختطف، ويقتل من يشاء.
إضافة إلى ذلك، فإن "أبو درع" وجد في مظاهرة لأتباع التيار الصدري عام 2016، وحين سُئل الصدر عن أسباب انضمامه لهذه المظاهرة وسط بغداد، رد رجل الدين الشيعي قائلا: إنه "يريد إظهار تضامنه مع شخص الصدر".
الصدر نفى خلال مقابلة تلفزيونية عام 2016 أن يكون "أبو درع" أحد أفراد مليشيا "سرايا السلام" التابعة للتيار الصدري، مؤكدا أن "الحشد الشعبي هو من أتى به وضمه إلى صفوفه. وإذا كان خارجا عن القانون أنا أعيده".
وفي سبتمبر/أيلول 2016، فوجئ سكان العاصمة العراقية بغداد، بظهور أبو درع، وسط حشد من الناس، في موقع التفجير بمنطقة الكرادة، وهو يهتف "عزوا علي.. عزوا علي"، مدعيا أن "كل الضحايا هم من الشيعة"، في إشارة إلى ضرورة الثأر لهم.
يصول ويجول
في يوليو/ تموز 2019، أطلق الصدر حملة ضد "الفاسدين" داخل التيار الصدري، وأصدر قوائم تضم 23 شخصا متهما بالفساد واستغلال اسم الصدر في التجارة والابتزاز المالي، وعلى رأسهم إسماعيل اللامي "أبو درع".
ورغم مهاجمة أنصار التيار الصدري لعدد من ممتلكات هؤلاء الفاسدين ومن أبرزهم مول البشير في محافظة النجف المملوك لجواد الكرعاوي، إلا أن "أبو درع" لم يقربه أحد في محل سكناه بمدينة الصدر شرق بغداد.
وعن أسباب وضعه ضمن قائمة الفاسدين، يرى معنيون بشؤون التيار أن زعيم التيار الصدري عمد إلى إبعاد الشخصيات التي توسعت ماليا على حساب مقتدى الصدر، وتحصلوا على أموال وشراكات اقتصادية كبيرة.
وأوضح المحلل السياسي حازم البلداوي خلال تصريحات صحفية في يوليو/ تموز 2019 أن "إجراءات الصدر الأخيرة يرى فيها البعض انتقاما غير مقبول، وهناك من يراها حملة واسعة ضد الفساد لتطهير التيار من المنشقين، والمستغلين اسم آل الصدر في مشاريعهم التجارية".
وأضاف البلداوي: أن "بعض المشمولين بتلك العقوبات أو اللائحة يمتلكون فصائل مسلحة، أو عصابات تعمل لصالحهم باسم التيار لغاية الآن، ومن غير المستبعد أن يخوض هؤلاء معركة مع التيار الصدري في حال شملتهم إجراءات عقابية إضافية، أو دخلت العقوبات الحالية مرحلة التنفيذ، فمثلا أبو درع ما زال نافذا في مدينة الصدر، ولديه مجموعة مسلحة، قد يشعل بها نزاعا مع آخرين".
ويظهر "أبو درع" بين الحين والآخر في موكب من السيارات الحديثة يتجول في أحياء مدينة الصدر ويشارك بالمناسبات، ويحرسه عدد من رجاله المسلحين، دون معرفة الصفة التي يحملها والتي تسمح له بحمل السلاح.
المصادر
- بالفيديو.. “ابو درع” التابع للتيار الصدري والمتهم بقتل المئات يتجول ببغداد ويحضر اعراس مدينة الصدر!
- أبو درع "رمز" الاقتتال الطائفي بالعراق يظهر مجددا
- وثائق| بينهم "أبو درع".. لجنة الصدر تنشر أسماء جديدة من المتهمين بـ"الفساد"
- ظهوره يثير الخوف.. "أبو درع" اسم ارتبط بالقتل والرعب في العراق
- يتقدمهم "المليشياوي" أبو درع .. حملة مقتدى الصدر لتنقية التيار تنذر بصدامات مسلحة
- "أبو درع" .."زرقاوي الشيعة" عاد إلى بغداد