"حرر الفاسدين".. هكذا حول قانون الجرائم الإلكترونية الكويت إلى سجن

12

طباعة

مشاركة

ألقت "إدارة الجرائم الإلكترونية" في الكويت القبض على مغرد كويتي اعتاد انتقاد الأجهزة الحكومية بطريقة ساخرة، منتحلا اسم "المغرد الماركسي نصير الشعب"، الأمر الذي أثار موجة غضب واسعة بين ناشطي مواقع التواصل، الذين طالبوا السلطات بإطلاق سراحه.

ونقلت وسائل إعلام كويتية عن مصدر أمني، قوله: إن "رجال المباحث استطاعوا تحديد هوية المتهم وضبطه وبمواجهته اعترف بأنه صاحب الحساب"، فيما أطلق رواد موقع "تويتر" وسم #الحرية_للمغرد_نصير_الشعب، للتضامن مع المغرد الكويتي.

ويأتي اعتقال المغرد الكويتي صاحب الحساب الوهمي ضمن سلسلة اعتقالات تشنها السلطات الكويتية على الحسابات الوهمية في "تويتر" منذ العام الماضي، وذلك برغم تأكيد المغرد "الماركسي نصير الشعب" أن حسابه ساخر.

ويعرف "الماركسي" نفسه بأنه "رئيس جمعية الكادحيين الكويتية وناشط سياحي وإذا فلست أصير سياسي مدرب، معتمد بجلد الذات وصعلوك #كويتي_وبنفجر"، وكانت آخر نشاطاته على "تويتر" مشاركته في وسم #كورونا_كشف_التجار وانتقاده لاستغلال التجار لظهور إصابات بفيروس كورونا بالبلاد وتضخم ثرواتهم من المال العام.

وأتبعها بأخرى سخر فيها من إشادة نقابة الكهرباء والماء بقرار مجلس الخدمة بإيقاف العمل بنظام البصمة مؤقتا في كافة الجهات الحكومية كإجراء احترازي لتجنب انتقال كورونا، قائلا: "يعجبوني نقابة الإشادة، طول السنة نايمين ويخلصون أشغالهم الخاصة بدون الالتفات لمطالب العاملين ولما يطلع قرار من الوزارة أو الديوان يشيدون بالقرار".

وأعلن الناشطون رفضهم التام لكل ما تقوم به السلطات من اعتقالات لمغردين أو كتاب أو ناشطين سياسيين، فقط لأنهم عبروا عن آرائهم بكلمات أو أسلوب أو طريقة لا تناسب هوى السلطة أو تنال إعجابها، جازمين بأن ما تنتهجه السلطة من تكميم الأفواه وقمع للأصوات وملاحقة المغردين أصحاب الرأي مخالف لمواد الدستور التي تكفل حرية التعبير.

واعتبروا تشريع قانون الجرائم الإلكترونية رقم (63) لسنة 2015 بأنه أكبر كارثة تشريعية تبعها سلسلة اعتقالات وفرض غرامات وهجرة الشباب وقمع الحقوق والحريات ودفن الأصوات، مؤكدين أنه حان الوقت لإلغاء القانون سيئ الذكر حتى تصبح الكويت بلد الحريات والتعدديات الفكرية.

تجاهل الفاسدين

واستغرب الناشطون من تركيز السلطة جهودها على ملاحقة المغردين وتجاهلها لملفات الفساد التي تحتاج إلى دور قانوني أقوى، وقالت خلود: "#الحرية_للمغرد_نصير_الشعب الحين المباحث ما عندها إلا مغردين تويتر شغالين ضبط وإحضار عليهم عشان بس تغريدة وسرااق المال العام مخليهم على راحتهم يرفعون قضايا ومحد يقاضيهم".

وقال المغرد خليلو: "الرأي الذي ينتقد الأجهزة الحكومية جريمة يعاقب عليها القانون من سرق الملايين ونهب الأموال العامة من خزانة الدولة يتمتع بأفضل سبل الراحة والحرية".

واستنكر ناشطون انتهاج السلطة لسياسية تقييد الحريات العامة في بلد تدعي الديمقراطية، ولفت المطيري إلى أن انتقاد حيتان المال العام يزعج السلطة، متسائلا: "عن أي ديمقراطية يتحدث الساسة وأي حرية إذا كان قول الحقيقة جريمة.. أليس الدستور يكفل لنا حقوقنا وحريتنا أين هذا الدستور؟".

حصار السلطة

ولفت رواد "تويتر" إلى أن السلطات الكويتية تضيق الخناق على الشعب وتفرض عليه توجهات معينة تحاول أن تلزمه باتباعها وإما يعتبر خارجا عن القانون ومخالفا لهوى السلطة ويستحق الملاحقة القانونية.

وكتب مهدي الصيرفي: "أما أن تكون كالديك أو كالنعامة لكي ترضيهم، وهذا لم نعتد عليه ولم نترب على منهج الذل والخزي أو ترم في السجون وتشرد في الخارج، شعب الكويت يسمو على جراحاته وصابر على فساد بعض أصحاب النفوذ لن يقبل سلبه من حرية الرأي والتصدي لحماية ممتلكاته".

قضايا الرأي

وأشارت الناشطة هند المسلم إلى أن كثرة قضايا الرأي جعلت الجميع يتساءل: "لِمَ أصبحت الآراء تشكل عبئا إضافيا على كاهل الصرح القضائي؟ وأصبحت القضايا تستنزف وقت المحاكم وجهودها حتى يتم الفصل فيها ليت بعض قضايا الرأي بقيت رأيا للمناقشة وتبادل الفكر بما فيه مصلحة البلاد والعباد".

كفالة الدستور

وأكد ناشطون أن دستور بلادهم يكفل لهم حرية الرأي والتعبير وليس فيها بنود تمنع الشعب من إبداء رأيه في سياسة الحكومة، إذ جزم يوسف العطوان بذلك قائلا: "لا يوجد مادة بالدستور أو بند في قانون يقول إن انتقاد الحكومة جريمة يعاقب عليها القانون بأي شكل من الأشكال"، مستطردا: "نحن نعيش في دولة دستورها يكفل حرية الرأي ودولة تتمتع بالديمقراطية و المادة ٣٦ من الدستور واضحة الله يفك عوقك ".

وأكد الدكتور يوسف الجارد المطيري في تغريدة على "تويتر" أن حرية التعبير عن الرأي تُعتبر من أهم الحقوق التي يجب أن تتوفر للإنسان، وهي الأساس للنظام الديمقراطي لأي دولة من دول العالم.

وأشار عتيج إلى أن الدستور يقول: "حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما"، متسائلا: "شلون الانتقاد صار جريمة؟".

وأكد ثامر جمعان المطيري: "لن نسمح بتكميم الأفواه الدستور كفل حرية الرأي للجميع والقانون يجب أن يحمي الجميع ويشعر الجميع بالعدالة والمساواة"، مطالبا "جمعية المحامين" و"مجلس الأمة" بتسجيل موقف للذود عن الشعب وحرياتة.

نهج بوليسي

واستنكر رواد "تويتر" النهج البوليسي للسلطة والبعد عن مسار الدول الديمقراطية، وتأسف بسام البغدادي قائلا: "للأسف... ها هي الكويت مرة أخرى تتنازل عن شرف الانتماء للبلدان الحرة التي تحترم حرية الرأي والحريات الفردية وتعود لحضيرة البلدان البوليسية الطائشة التي تحاول السيطرة على ما يقوله أو يفكر به الشعب المسكين.. آمالنا بالكويت كانت أكبر من ذلك بكثير".

واعتبر مطلق الزعبي الرئيس التنفيذي لـ"الاتحاد العربي لعمال النفط والمناجم والكيماويات"، أن ما يحدث من وزارة الداخلية باعتقال المغرد "الماركسي نصير الشعب" أمر خطير وعادت الداخلية كما كانت بالسابق تتعمد تكميم الأفواه وترفض حرية التعبير التي كفلها الدستور، متسائلا: " منذ متى أصبحت التغريدة بانتقاد الحكومة جريمة !".

قانون مرفوض

واستنكر ناشطون إصرار الحكومة على التعامل بقانون الجرائم الإلكترونية رغم سوء سمعتها وحالة الجدل والشبهات التي تحاط به، وطالب الحقوقي الكويتي أنور الرشيد بـ#الحرية_للمغرد_نصير_الشعب #الحرية_لهاني_حسين وللألوف من شباب وشابات الكويت.

وأضاف: "اليوم لا يستطيع أحد أن ينكر بأن ليس لدينا سجناء رأي ولا ينكر بأن لدينا لاجئين كويتيين ولاجئات كويتيات بسبب تطبيق تلك القوانين".

واستطرد الرشيد: "المهم قد تكون مسألة إلقاء القبض على المغرد الماركسي نصير الشعب هزة لضميركم وهزة لبقية التيارات المدنية ومؤسسات المجتمع المدني كي تصحو على ما يحصل من انتهاك واضح لحقنا كشعب بحرية الرأي التي كفلها الدستور وتُصادرها تلك القوانين المقيدة  للحُريات وكما يقول المثل رب ضارة نافعة".

وقالت مي حفيدة الحمد: "تركوا من كان يعيث بالديرة (البلد) فسادا من التجار وغيرهم ومسكوا من تكلم بالحق وهاجم الحرامية والفاسدين العار كل العار لمن وضع قانون الجرايم الإلكترونية لأبناء بلده ومن وافق عليه من النواب عساكم تكتون بنار القانون".

وأضافت: "٥ سنين الشعب كله راح ينسجن بسبب قانون الجرايم الإلكترونية شوفولكم شعب ثاني مطيع وساكت على خمالكم وفسادكم".

وأكد الناشط عبدالرحمن على "ضرورة إلغاء قانون الجرائم الإلكترونية"، مشيرا إلى أنه "دمر الشعب والحريات وحرر الفاسدين".

وأعرب ناشطون عن استنكارهم لتأييد نواب كويتيين لقانون الجرائم الإلكترونية وسماحهم بتمريره وإقراره، وقال إسلام الشطي: "#الحرية_للمغرد_نصير_الشعب لا حول و لا قوة إلا بالله ولا مرة شفته ينتقد بقلة أدب أو أنه غلط على أحد. هذه مشكلة قانون الجرائم الإلكتروني اللي وافقوا عليه أعضاء مجلس الأمة يبون (يريدون) الكل يطبل ويمدح و ممنوع النقد".

 

مواقف متحفظة

وفي مقابل ذلك، حرص ناشطون على الإشارة إلى خلافاتهم في الرأي مع الطريقة التي يطرح فيها المغرد المعتقل آرائه لكنهم أصروا على المطالبة له بحقه في الحرية والتعبير عن الرأي.

وقال فهد المولي: "رغم أن طرحه ما يعجبني وشماتته بالمعارضة سابقا ألغيت متابعته من أكثر من ٨ سنوات، لكن يبقى أخ وصديق وما يجمعنا أكبر من تويتر وتغريدات وسياسة #الحرية_للمغرد_نصير_الشعب، وحكومتنا ما تركت أحد مؤيد أو معارض أو متلحطم".

وتحفظ ناشطون على التوصيفات التي ألحقها بعض المغردين بالمغرد المعتقل كوصفه بنصير الشعب بحسب ما يطلق على نفسه ومنحه بطولات زائفة، لافتين إلى أنه كان ضد المعارضة ومحرض على اعتقالهم.

ونشر المغرد أبو سعود صورا من تغريدات سابقة لـ"الماركسي"، قائلا: "كان ضد المعارضة... وكان يحرض على اعتقال المغردين... مشكلتكم أي شخص يعتقل خليتوه بطل قومي حتي لو كان سلوقي (اسم لأحد أصناف كلاب الصيد)".

وتساءل مبارك بن سالم، قائلا: "متى صار نصير الشعب! له تغريدات كان يحرّض فيها أمن الدولة على المغردين"، مضيفا: "عالعموم الله يفك عوقه (أسره)، بس لا تخلونه (صورونه) بطلا قوميا".

ودعا الدكتور وضاح الوردان في تغريدة على "تويتر" قائلا: "الله يفك عوقه رغم أنه حرض على شباب الحراك وحرض على المغردين، وكما قيل كل ساق يسقى بما سقى  #الحرية_للمغرد_نصير_الشعب".