"النازيون الجدد".. لهذه الأسباب ألمانيا غير جدية في مكافحة العنصرية

12

طباعة

مشاركة

وصفت صحيفة تركية، سياسة ألمانيا في مكافحة العنصرية بأنها "غير ناجعة"، بل تزيد عبر السياسة المتبعة من وتيرة العنصرية، فضلا عن دعواتها للأمم المتحدة باتخاذ إجراءات غير منطقية وهي تعرف أكثر من غيرها أن المنصة الأممية "لا قيمة لقرارتها البتة". 

وفقا لأحدث تقرير سنوي صادر عن الوكالة الاتحادية الألمانية لمكافحة التمييز، فإن مستويات العنصرية في ألمانيا في مكان العمل أعلى بكثير من معدلات الاتحاد الأوروبي.

ويبلغ معدل التمييز بحق السكان المنحدرين من أصل إفريقي 9 في المائة في جميع دول الاتحاد، بينما في ألمانيا يبلغ 14 بالمائة. واكتشفت الوكالة أيضا أن الأشخاص الذين يحملون أسماء تبدو أنها أجنبية يدعون لإجراء مقابلات شخصية للعمل بنسبة ٢٤ في المائة أقل من هؤلاء الذن يحملون أسماء ألمانية.

وقال الكاتب مصطفى كارت أوغلو في مقال له بصحيفة أكشام: إن "كلا من الحزبين الاشتراكي الديمقراطي والخضر تحركا معا في الانتخابات الأخيرة في ألمانيا، وهذا مؤشر على زيادة العنصرية". ووفقا لما نقلته وكالة الإعلام الألمانية، وصفت صحيفة Badische Zeitung خسارة الحزب العنصري AfD في هامبورغ بأنها "أفضل رسالة للانتخابات".

وقالت صحيفة دي فيلت: "حزب الحرية والتنمية"، والذي جرى اختياره من خلال الديمقراطية ولكنه يتجاهلها، على وشك أن ينتهي في الدولة كما أوضحت جرائم القتل في هاناو مرة أخرى ماهية هذا الحزب. وبحسب صحيفة مانهايمر مورغن، لعبت القضايا المحلية دورا أكبر في الانتخابات في هامبورغ لكن لا يمكن تقييم ذلك على المستوى العام.

تاريخ عنصري

وارتكب يمينيون متطرفون في ألمانيا العديد من الجرائم مثل الحرق العمد والإرهاب والقتل خلال الفترة 1990-2020، مما أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص خلال هذه الفترة.

وظهرت أولى الدلائل على وجود منظمة إرهابية قومية يمينية متطرفة عرفت باسم "النازيون الجدد" في مدينة تورينغن الألمانية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، وبدأ مكتب المدعي العام الفيدرالي بإجراء تحقيق خاص للكشف عن توجهات هذه المنظمة.

وفي 11 يوليو/ تموز 2018، حمل القضاء الألماني منظمة "النازيون الجدد" الإرهابية، مسؤولية مقتل 10 أشخاص، 8 منهم أتراك، في هجمات مسلحة وقعت بمدن ألمانية مختلفة.

وفي هذا الإطار، حكم القضاء الألماني على بعض المدانين بالانتماء للمنظمة الإرهابية والضلوع في تلك الهجمات بالسجن مدى الحياة، فيما حكم على بعض العناصر التي ساعدت أعضاء المنظمة بالسجن من عامين ونصف إلى عشر سنوات.

وعقب سلسلة من الهجمات التي استهدفت الأجانب ومجموعة من المساجد في ألمانيا، جاء الهجوم المسلح المزدوج في هاناو، والذي وقع في 19 فبراير/ شباط الجاري، وأسفر عن مقتل 9 بينهم 5 أتراك، وإصابة 6 بجروح، ليكشف أزمة تفشي العنصرية هناك.

وأعلن الادعاء الألماني، أن "كراهية الأجانب" هي الدافع وراء الهجوم المسلح المزدوج على مقهيين للشيشة في مدينة هاناو غربي البلاد.

وقال: إنه سيتم التعامل والتحقيق في الهجوم على أنه "عمل إرهابي"، مضيفا أن "النيابة المختصة في مكافحة الإرهاب تولت التحقيق في الهجوم، ويُشتبه بأن يكون دافع المهاجم هو كراهية الأجانب". كما أشار إلى أن للمنفذ "ميول يمينية متطرفة".

التعاون المشترك

من جهتها، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أن الكثير من الدلائل المرتبطة بالهجوم "تشير إلى أنه كان بدافع العنصرية". وقالت ميركل، في تصريحات: إن "العنصرية كالسم، والهجوم في هاناو له صلة باليمين المتطرف".

بدوره قام وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بتقييم الموضوع في اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف؛ وذكر أن الكراهية تظهر الوجه القاتل لعمل عنف يميني متطرف في هاناو "وهذا هو الاستنتاج الصحيح". ومع ذلك، تخلى ماس قليلا عن المسؤولية من خلال الدعوة إلى "الحرب العالمية ضد العنصرية".

بالطبع، يقول الكاتب: "يجب مكافحة العنصرية؛ ولكن الأمر يتعلق أيضا بالجهود المبذولة وتقييمها في كل مرحلة، وبالتالي لا تتمتع ألمانيا بترف الإشارة إلى المجتمع الدولي في محاربة العنصرية، التي ترتفع في بلدها".

وتابع: "يجب أن تكون تركيا أول دولة تظهر التضامن بشأن هذه المسألة والتي يمكن أن تكون مثالا للبلدان الأوروبية الأخرى. يعرف ذلك جيدا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس والذي كان سابقا وزير العدل إذ شغل سابقا منصب الوزير الاتحادي للعدالة وحماية المستهلك منذ 17 ديسمبر/كانون الأول 2013 وحتى تسلمه وزارة الخارجية".

وأردف: "تتصدر رئيسة الوزراء أنجيلا ميركل ألمانيا منذ 15 عاما، وكلاهما أي ميركل وماس لهما بعض التصريحات والمواقف التي أزعجت الشعب التركي، كما كانت مليئة ببعض الأخطاء الملموسة ورغم ذلك لم يتوقفا عن التعاون مع تركيا، وهما يعرفان أن ذلك لمصلحة أمريكا في الحاضر والمستقبل".

وبالتالي يعد المسؤولان من أهم الأسماء الوازنة التي تتعاون مع تركيا وما تزال. يقول الكاتب: "وينبغي على ميركل أن تبدأ مسعى مشتركا ضد العنصرية، الأمر الذي أدى إلى تعطيل العلاقات بين البلدين، قبل أن تغادر منصبها، وإلا فإن الافتقار إلى القيادة في ظل نقص متوقع بعد ميركل سيجعل من الصعب اتخاذ مثل هذه الخطوات".

ولفت الكاتب إلى أن العلاقات بين تركيا وألمانيا، راسخة ومتشعبة وهناك تعاون بين أجهزة مخابرات البلدين في كثير من القضايا. وعليه، "لا يمكن لبرلين أن تنجح في حل هذه المشكلات بالاعتماد على الاستخبارات الألمانية الداخلية وحدها وهي التي يعتمد كثير من عناصرها ويعمل لصالح أمريكا، ولذلك هي تواصل اكتساب المزيد من العنصرية".

ووفق تقديراته، فإن "طريقة التخلص من المناخ الذي يمكن أن يحول الناس العاديين إلى إرهابيين لا يكون بإحالة الأمر إلى الأمم المتحدة؛ لهذا، يجب أن يكون هناك طريقة أخرى لمعالجة المشكلة بخلاف والقلق والحزن والتحذير".

وختم الكاتب مقاله بالقول: "قد ينشأ الحل من تعاون الأطراف ذات العلاقة المزدوجة أو المتعددة ومن نافلة القول إن ألمانيا وتركيا، دولتان تتمعان بخبرة واسعة في العمل المشترك بينهما".