كلاكيت ثالث مرة.. فرص وسيناريوهات تنتظر تشكيل الحكومة الإسرائيلية

خالد كريزم | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

تستعد إسرائيل لإجراء انتخابات برلمانية جديدة في 2 مارس/آذار 2020، ستكون الثالثة خلال عام واحد، وسط ضبابية وتشاؤم بسبب تضاؤل فرص تشكيل حكومة، واحتمال الذهاب إلى جولة رابعة.

يتنافس في الانتخابات حزبان كبيران: "الليكود" بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، و"أزرق أبيض" بقيادة الجنرال السابق في الجيش بيني غانتس، وأحزاب صغيرة تدور في فلك كل منهما.

فشل الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) في تشكيل ائتلاف حكومي بعد الانتخابات التي جرت في نيسان/أبريل، وفي أيلول/سبتمبر الماضيين.

وتصدر حزب "أزرق أبيض" (يسار الوسط) الانتخابات الأخيرة بحصوله على 33 مقعدا، متقدما بمقعد واحد على "الليكود" (يميني)، إلا أن أيا من الحزبين لم يتمكن من تشكيل حكومة أغلبية في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا.

وتمكن نتنياهو من الحصول على تأييد 55 نائبا لتشكيل ائتلاف، بينما حصل منافسه على 54، لكن لا أحد منهما استطاع الوصول إلى رقم 61 نائبا الذي يتيح تشكيل أغلبية حكومية.

وتشير استطلاعات الرأي، إلى أن الانتخابات القادمة لن تحل المأزق السياسي، وأن أيا من الحزبين لن يتمكن من تشكيل حكومة إذا ما لم يحدث تغير جذري في المواقف.

مشكلة غانتس

تراجعت حظوظ غانتس الذي حل أولا في الانتخابات الأخيرة، بعد إعلان دعمه خطة الولايات المتحدة المزعومة للسلام المعروفة بـ"صفقة القرن" في 28 يناير/كانون الثاني 2019. 

وتتضمن الخطة إقامة دولة فلسطينية في صورة "أرخبيل" تربطه جسور وأنفاق، مع جعل مدينة القدس المحتلة عاصمة موحدة مزعومة لدولة الاحتلال، وحل قضية اللاجئين خارج "حدود إسرائيل".

وأصبحت فرص بيني غانتس، أقل من نتنياهو بكثير، خصوصا بعد أن أعلن، مؤخرا في مهرجان انتخابي، أنه لن يكون بمقدور القائمة العربية المشتركة أن تشارك في الحكومة المقبلة في حال قام هو بتشكيلها.

وتضم القائمة المشتركة تحالفا سياسيا من 4 أحزاب عربية، هي التجمع الوطني الديمقراطي، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، الحركة العربية للتغيير، والحركة الإسلامية في إسرائيل.

وحصلت القائمة على 13 مقعدا في انتخابات الكنيست الأخيرة، ما يجعلها ثالث أقوى حزب إسرائيلي. وذكر النائب العربي أحمد الطيبي في 21 فبراير/شباط 2020، أن القائمة تسعى للحصول على 15 أو 16 مقعدا في الانتخابات المقبلة.

وعكفت القائمة على ما أسمته "إسقاط نتنياهو" من خلال دعم بيني غانتس لتشكيل حكومة ائتلاف إسرائيلية، لكن يبدو أنها تراجعت عن مساندة هذا الأخير بعد دعمه لـ"صفقة القرن".

ورغم ذلك، أبقت القائمة الباب مفتوحا بشأن العودة لدعم غانتس من عدمه، بناء على نتائج الانتخابات، حيث رفض الطيبي في حديث لوكالة الأناضول، الرد بشكل حاسم، على إمكانية التوصية بدعم زعيم حزب "أزرق أبيض" لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات القادمة.

وقال الطيبي: "نحن عاقدون العزم على أن نتخذ القرار الذي فيه مصلحة جماهيرنا وشعبنا". وشدد على معارضة النواب العرب لصفقة القرن الأمريكية المزعومة، التي اعتبر أن البند الأسوأ فيها هو ما يتعلق بالقدس والمسجد الأقصى".

واستدرك: "ولكن هناك بند يتعلق بالترحيل لسكان المثلث، ونتنياهو هو الذي أدخل هذا البند، لأنه يتعامل مع المواطن العربي وكأنه ضيف مع أننا لم نهاجر إلى هنا، لا بسفينة ولا بطائرة كما فعل آخرون"، ليعطي احتمالية لدعم غانتس إذا سحب هذا البند.

وتابع: "أعتقد أن القائمة المشتركة ستكون متوافقة فيما يتعلق بالتوصية أو عدمها، وبعد ذلك فإن المرحلة الأهم هي مرحلة الاتصالات، التي نريد من خلالها إنجاز قضايا لمجتمعنا العربي الفلسطيني في الداخل، ضد العنف والجريمة وضد القوانين العنصرية وهدم البيوت والقرى غير المعترف بها في الجنوب".

أزمة نتنياهو

تشير كافة الاستطلاعات تقريبا إلى أن معسكر اليمين، بقيادة نتنياهو، لا يزال بعيدا عن نيل أغلبية 61 مقعدا، وينقصه على الأقل ما بين 5 إلى 6 مقاعد.

ورغم إعلان "صفقة القرن" وضم المستوطنات والجولان ودفع الولايات المتحدة للاعتراف بالقدس عاصمة مزعومة لإسرائيل، وتسريع وتيرة التطبيع مع دول عربية، فإن كل هذا لم يساهم بزيادة حظوظ نتنياهو في الانتخابات.

وخلال الجولات السابقة، كثف نتنياهو دعايته الانتخابية ضد منافسه، عبر التحريض على القائمة العربية بالقول: إنها لن تسمح لحكومة بقيادة غانتس، بضم غور الأردن والمستوطنات، وهو ما يجعل حكومته في نهاية المطاف أسيرة مواقف الأحزاب العربية.

في المقابل، طلب نتنياهو من الناخبين العرب التصويت لحزبه خلال ظهوره في محطة تلفاز محلية تبث لفلسطينيي الداخل، وهاجم في نفس الوقت القائمة المشتركة بقوله: إنها لم تقدم شيئا لصالح العرب (يشكلون 20 % من عدد السكان في إسرائيل).

وحاول نتنياهو تبديد مخاوف الفلسطينيين في منطقة المثلث قائلا: "هذا بالون فارغ.. لن يقتلع أي أحد من بيته، لا يوجد شيء كهذا في صفقة القرن، الأمر يتطلب موافقة الجميع، انسَ الأمر فهو لن يتم، كل ما في الأمر أنه بالون يحاولون نفخه لتحريض الناس ليصوتوا للقائمة المشتركة".

واعتبر النائب العربي في الكنيست أحمد الطيبي، أن عهد نتنياهو، قد انتهى. وقال: "إذا حصلنا على 15 أو 16 مقعدا، فإن من المؤكد أن نتنياهو لن يصبح رئيسا للوزراء وينتهي عهده".

كما سارع أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة، للرد على نتنياهو من خلال تدوينة على حسابه في "فيسبوك" قائلا: "نتنياهو فهم أن المواطنين العرب سيصلون إلى 15 أو 16 مقعدا، وأن نهايته السياسية ليست على يد المستشار القضائي وإنما على يد ضحايا عنصريته وهم نحن".

وتأتي محاولات نتنياهو للفوز بالانتخابات، في وقت تحاصره ملفات الفساد، حيث حددت المحكمة المركزية في القدس المحتلة يوم 17 مارس/آذار 2020 موعدا لأولى جلسات محاكمته بتهم الارتشاء والغش وخيانة الأمانة.

ويستغل خصوم نتنياهو ذلك في المعركة الانتخابية، ويشنون حملة دعائية ضده تتهمه بأنه فاقد للأهلية وغير قادر على إدارة شؤون إسرائيل الأمنية والسياسية والاجتماعية على حد سواء.

ومن جهته، وصف الطيبي، نتنياهو بـ"مسيلمة الكذاب". وقال في شريط نشره على حسابه في "فيسبوك": إن "الالتفاف القوي حول القائمة المشتركة هو أمر مزعج لنتنياهو ولحزب الليكود، وهم خائفون"، وهي تصريحات تؤشر جميعها إلى استحالة دعم القائمة له.

العرب وليبرمان

في الأثناء، يعتبر حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني برئاسة وزير الجيش السابق أفيغدور ليبرمان هو "بيضة القبان" في تحديد هوية رئيس الوزراء القادم.

وكان بإمكان "إسرائيل بيتنا" (8 مقاعد) حسم تشكيل الحكومة بعد الانتخابات الأخيرة، لكنه رفض الانضمام لحكومة اليمين بقيادة نتنياهو، بمشاركة الأحزاب الحريدية (جماعة من اليهود المتدينين) التي يختلف معها في قضايا تخص علاقة الدين بالدولة في إسرائيل.

كذلك رفض ليبرمان الانضمام لحكومة أقلية بقيادة غانتس، تضم القائمة المشتركة (تحالف الأحزاب العربية في إسرائيل) التي وصفها بـ"الطابور الخامس"، وأصر في المقابل على حكومة وحدة وطنية تعتمد على الليكود برئاسة نتنياهو وتحالف "أزرق أبيض".

كما أن القائمة العربية المشتركة، في المرحلة الحالية، وفي حال حققت نفس عدد المقاعد (13)، أو حتى أضافت مقعدا أو اثنين، تبقى جسما معطلا لتشكيل الحكومة.

فالقائمة تحول دون تمكن نتنياهو من الوصول إلى 61 مقعدا، كما تمنع غانتس من تشكيل حكومة ائتلاف ضيقة. وبالتالي فإن ذلك ينذر بالذهاب نحو انتخابات رابعة في سبتمبر/أيلول 2020.

يقول الكاتب الفلسطيني "سليمان أبو إرشيد": "المتتبع لحالة العرب في إسرائيل يلحظ دالة تشير إلى تحسن مضطرد في وضعهم من انتخابات إلى أخرى، لذلك فالسيناريو الأفضل بالنسبة للعرب هو حصول انتخابات رابعة، خاصة وأن البديل هو تشكيل حكومة ائتلافية بين الليكود وحزب الجنرالات".

ويرى في مقال نشره في 20 فبراير/شباط 2020، أن "الجديد في هذه الانتخابات هو توجه نتنياهو للعرب كناخبين، على أمل أن يحصل منهم على بضعة آلاف من الأصوات تزيد من مقاعد حزبه وتقربه من إمكانية تشكيل الحكومة القادمة، وهو توجه لم يقم به الأخير سابقا أو خلال المعركتين الأخيرتين، حيث تعامل معهم كمادة للتحريض فقط".

استطلاعات وسيناريوهات

أظهر استطلاع نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" اليمينية في 21 فبراير/شباط 2020، أن نتنياهو سيتساوى مع غانتس بالنتيجة 56:56 مقعدا، إذ يحصل "أزرق أبيض" على 36 مقعدا ومعه تحالف "العمل– غيشر – ميرتس" 8 مقاعد والقائمة المشتركة 13 مقعدا.

بينما يحصل "الليكود" على 33 مقعدا، حزب يمينا 8 مقاعد، وشاس 8 مقاعد، ويهدوت هتوراة 7 مقاعد. وأما ليبرمان فيحصل وفقا لهذا الاستطلاع على 7 مقاعد.

فيما أظهر استطلاع آخر لصحيفة "معريب" نشر بنفس التاريخ أن معسكر نتنياهو سيحصل على 54 مقعدا، بينها 32 لليكود، 8 مقاعد لشاس، 7 مقاعد لكل من «يهدوت هتوراة» و"يمينا".

في المقابل يحصل "أزرق أبيض" على 36 مقعدا، و"العمل – غيشر – ميرتس" على 8 مقاعد. ويرتفع تمثيل القائمة المشتركة إلى 14 مقعدا، وحزب ليبرمان 8 مقاعد.

أما عن سيناريوهات تشكيل الحكومة وشكلها، فيمكن حصرها فيما يلي استنادا إلى عدة تحليلات عربية وإسرائيلية:

  • حكومة وحدة: يجري فيها التناوب بين نتنياهو وغانتس على رئاسة الحكومة بدعم من ليبرمان، وهذا السيناريو فشل التكتلان الكبيران في تنفيذه، ورفضاه سابقا، لكنه وارد الحدوث إذا فشلت الخيارات الأخرى.
  • حكومة يمين: تتم في حال وافق ليبرمان على الاتحاد مع نتنياهو وأحزاب اليمين مجددا في حكومة يكون نصابها 63 مقعدا بالكنيست، ولكن هذا أمر صعب الحدوث بسبب رغبة ليبرمان بتجنيد الحريديم (اليهود المتدينون) في الجيش، الأمر الذي يعارضه نتنياهو.
  • حكومة أقلية: لا تحصل على 61 مقعدا داخل الكنيست، ولكن يتم دعمها من أحزاب خارج الائتلاف الحكومي دون أن تشارك في الحكومة بشكل فعلي، وهذا سيناريو مستبعد لاستحالة موافقة غانتس أو ليبرمان على ذلك، لأن هذه الحكومة لن تستطيع استكمال دورتها لأربع سنوات، بسبب تألفها من مجموعة أحزاب مختلفة أيديولوجيا.
  • حكومة ضيقة: تتم عبر تشكيل غانتس حكومة مؤقتة بدعم من ليبرمان ودون أصوات النواب العرب، إلى أن تتم محاكمة نتنياهو، لحث أعضاء كنيست من الليكود للتمرد عليه والالتحاق بالحكومة. لكن هذا أمر مستبعد لأن ليبرمان يفضل الجلوس في حكومة يمينية مع الحريديين، بدل حكومة يسارية مدعومة من النواب العرب.
  • انتخابات رابعة: في حال فشل الحصول على أغلبية 61 مقعدا لتشكيل حكومة، ستتعمق الأزمة السياسية، ما قد يدفع في نهاية المطاف للذهاب نحو انتخابات رابعة.