حذف رسائل "واتساب" تلقائيا.. هل يضمن التطبيق الجديد الخصوصية؟

يجرب تطبيق "واتساب" خاصية "التدمير الذاتي للرسائل" أي حذف الرسائل بشكل تلقائي خلال المدة التي يحددها المستخدم، وتسعى الشركة إلى تطوير الخاصية على الأجهزة العاملة بنظامي التشغيل "أندرويد" و"آي أو إس".
وتمكّن الخدمة الجديدة المستخدمين من اختيار الوقت الذي تحذف بعده رسائل معينة، كما أنها تساعدهم على توفير مساحة تخزين تستهلكها عادة الدردشات وما يرافقها من صور وفيديوهات.
يروج القائمون على التطبيق، الذي اشترته شركة "فيسبوك" عام 2014 مقابل 19 مليار دولار، إلى أنهم يسعون إلى ضمان مساحة أكبر من الخصوصية للمستخدم.
في 2018، كشف باحثون ألمان أن الخصوصية على واتساب "مجرد وهم"، ونقلت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن المتخصصين أنه يمكن لأي شخص يتحكم في خوادم التطبيق، من بينهم الموظفون الحكوميون، اختراق محادثات المجموعات.
الشركة اضطرت في 2019، الكشف عن أن "هاكرز" استغل ثغرة أمنية في التطبيق لتثبيت برمجية للتجسس على الهواتف المحمولة، موضحة أنها تسعى إلى إصلاح الثغرة، فهل الشركة جادة في محاولاتها؟ وهل تأتي بنفع؟
سلسلة فضائح
لعل الفضيحة الأكبر والأحدث التي ارتبطت بـ"واتساب"، هي اختراق ولي عهد السعودية محمد بن سلمان لهاتف مؤسس شركة "أمازون" ومالك صحيفة "واشنطن بوست" جيف بيزوس، عن طريق رسالة عبر التطبيق تحتوي على فيروس. ذلك بعد أن انتقدت صحيفته ولي العهد على خلفية اتهامه بقتل كاتبها الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2018.
لكن الفضيحة تذيلت سلسلة من المشكلات التي واجهها التطبيق وأيضا شركة "فيسبوك" الأم. ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2019، أقامت شركة "واتساب" دعوى قضائية على شركة المراقبة الإلكترونية الإسرائيلية "إن إس أو جروب" بتهمة استهداف الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان باستخدام برنامج للتجسس عبر تطبيق المراسلة الأشهر.
الشركة تحدثت عن استغلال "واتساب" للتجسس على أكثر من 1400 شخص في 20 دولة، وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن الهواتف التي تعرضت للهجوم توجد في المكسيك والبحرين والإمارات، ومن بين الضحايا 100 صحفي، وزعيمة بارزة، وعدة أشخاص استهدفوا بمحاولات اغتيال فاشلة، ومنشقون سياسيون، وناشطون في مجال حقوق الإنسان، إلى جانب عائلاتهم.
في بداية عام 2016 منعت المكالمات الصوتية عبر "واتساب" في المغرب، ثم عادت دون أي توضيح لسبب المنع ولا التراجع، وتحدثت بعض المصادر عن مساومة الدولة للشركة الأجنبية على السماح لها بالاطلاع على كل المحادثات والمكالمات داخل المغرب، مقابل فتح السوق لها، ما رضخت له الشركة في النهاية.
وأظهرت تسريبات سابقة للشركة الإيطالية المتخصصة في بيع برامج التجسس "هاكينغ تيم" أن هذه الشركات في المغرب تعد أحد أبرز زبائنها.
أما الإمارات فأجرت واحدة من أهم صفقات التجسس عام 2016، عندما اشترت برنامج "بيجاسوس" من إسرائيل في صفقة يتراوح سعرها ما بين 10 ملايين إلى 15 مليون دولار، كي تتمكن من تسجيل المكالمات الهاتفية والرسائل النصية على البرامج المشفرة، بما فيها "واتساب".
وفي مصر اعتقلت الناشطة إسراء الطويل في 2015، وأفادت مصادر صحفية أن تحديد مكان وجودها جاء عن طريق تتبع رسائلها على "واتساب"، فيما استدلت أجهزة الأمن على اتهامها بـ"التورط في عمليات إرهابية" حسب زعمها، من خلال رسالة لها عبر مجموعة على التطبيق نفسه.
أحد المتخصصين في مجال التواصل الرقمي تحدث عن تغول الدول على حقوق المستهلك المرتبطة بالإنترنت بهدف تقليص حرية التعبير. فيما رجح آخرون كفة الدواعي الأمنية، إذ تصعب مراقبة المكالمات التي لا ترعاها شركات وطنية.
القراصنة الإلكترونيون
توصل أحد خبراء تكنولوجيا المعلومات، وهو جال وايسمان، في يناير/ كانون الثاني 2020، إلى ثغرة في تطبيق واتساب عبر أجهزة الكمبيوتر، يسمح بالاطلاع على الملفات المخزنة على جهاز الكمبيوتر.
ويحدث الاختراق عند ضغط المستخدم على رسالة تصله عبر التطبيق وتحتوي على رابط، يسمح للقراصنة بالدخول على كافة الملفات الموجودة على جهاز الكمبيوتر وأحيانا بتحميل برامج ضارة على كمبيوتر الضحية، وفقا لتقرير نشره موقع "تيك بوك" الألماني التقني.
في هذه الأثناء نجحت شركة فيسبوك في سد هذه الثغرة مؤخرا، وأصدرت التحذير المناسب، وفقا للتقرير، إلا أن الخبراء ينصحون جميع مستخدمي النسخ القديمة بضرورة تحديثها في أسرع وقت.
ثغرة أخرى في تطبيق "واتساب" كشفت عنها شركة "فيسبوك"، قالت: إنها تسمح للقراصنة الإلكترونيين بتعطيل الهاتف الذكي بالكامل أو تثبيت تطبيقات أخرى تمكن المخترقين من تشغيل ما يسمى بـ "تجاوز سعة المخزن المؤقت" والوصول إلى محتوى التخزين ثم تشغيل التطبيقات الخاصة به، أو إيقاف تشغيل الهاتف الذكي دون ملاحظة المستخدم.
وأعلن "واتساب" فيما بعد أنه تمكّن من حل المشكلة من خلال تحديثات جديدة للإصدارات، وأكد مرة أخرى على تثبيت النسخة الأخيرة منه باستمرار، لضمان حماية أكبر.
خبير في الأمن السيبراني، أواكيند - كما يعرف نفسه - عثر على ثغرة أخرى في التطبيق، تمكن المتسلل من اختراق الهواتف الذكية وسرقة الملفات الشخصية للمستخدمين ورسائلهم، عن طريق إرسال صورة متحركة بصيغة جيف (Gif) للضحايا الذين يقومون بفتحها، ما يتيح للمتسللين الوصول إلى بياناتهم الشخصية.
تلجأ شركة فيسبوك الأم مع اكتشاف كل ثغرة جديدة على "واتساب" تسمح باختراق خصوصية المستخدمين، إلى القول إنها نجحت في معالجة الأمر وتحث مستخدمي التطبيق على ضرورة تحديث النسخة، لكن ماذا إذا كانت هذه النسخ الحديثة جزء من المشكلة وليست هي الحل؟.
صفقة مربحة
تساءل موقع "إنفستوبيديا" الأمريكي في تقرير له عن كيف يجني التطبيق واسع الانتشار (واتساب) المال، في الوقت الذي يوفر خدمات مجانية لأكثر من مليار شخص.
اشترت شركة "فيسبوك" قبل 6 سنوات تطبيق "واتساب" مقابل 19 مليار دولار، وبعد الصفقة بأربع سنوات، أعلن مدير الشركة الأم جان كوم، الذي شارك في تأسيس التطبيق عن انفصاله عن الشركة بعد خلاف حول استخدام بيانات المُستخدمين، في حين كان كوم وشريكه براين أكتون، يدافعان عن خصوصية مستخدمي "واتساب" منذ فترة طويلة.
التقرير أفاد أنه قبل انفصال جان كوم عن الشركة وصل "واتساب" إلى 1.5 مليار مُستخدم، وكان ثاني أكبر مشروع تمتلكه الشركة الأم بعد "فيسبوك".
ورجح المصدر ذاته أن جزءا من الأسباب المنطقية وراء شراء الشركة للتطبيق هو الوصول إلى البيانات السلوكية للمستخدمين ومعلوماتهم الشخصية.
وذكر التقرير أنه من خلال مشاركة بيانات الموقع، و60 مليار رسالة تُرسل يوميا، وقوائم جهات الاتصال الخاصة بالمستخدمين، فإن "فيسبوك" بإمكانها الوصول إلى الكثير من المعلومات الشخصية، وكلها يجري تحميلها وحفظها على شبكتها، أي أن خاصية تدمير الرسائل مجرد "وهم" تروج له الشركة لإسكات الأصوات التي تتهمها بعدم احترام الخصوصية.
الموقع الأمريكي أوضح أن الشركة واجهت مشاكل مع الحكومات "بعد الكشف عن أن الإرهابيين يستخدمون هذه التطبيقات للتواصل قبل الهجمات وأثنائها، وأنها طلبت مُشاركة مفاتيح التشفير للوصول إلى الرسائل بين الإرهابيين"، وهو الملف الذي تحججت به الكثير من الأنظمة للتضييق على الحريات في مجموعة من الدول خاصة العربية.
المصادر
- WhatsApp beta for Android: what’s new?
- اختراق أمني "خطير" لواتساب والشركة تحث المستخدمين على تحديث التطبيق
- ثغرة في "واتساب" تتيح سرقة بيانات المستخدمين بواسطة صورة "جف"
- WhatsApp Says Israeli Firm Used Its App in Spy Program
- لماذا عطل المغرب خدمة التواصل الصوتي عبر الإنترنت؟!
- ثغرة أمنية خطرة.. حدّث الواتساب على هاتفك الآن!
- ثغرة خطيرة تهدد مستخدمي "واتساب" على الكمبيوتر
- How WhatsApp Makes Money