قمة العشرين في السعودية تواجه دعوات للمقاطعة.. إليك الأسباب

12

طباعة

مشاركة

منذ تسلم السعودية رئاسة مجموعة العشرين لعام 2020، في 1 ديسمبر/ كانون الأول 2019، لم تنقطع دعوات ونداءات منظمات عالمية لمقاطعة فعاليات القمة، والتي بدأت خلال الأيام الماضية، وصولا إلى انعقادها بالرياض خلال نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

استندت تلك الدعوات إلى خلفيات انتهاكات ارتكبتها قيادة السعودية بشكل متكرر، على جميع المستويات الإنسانية والحقوقية والسياسية، والتي كان من أبرزها الانتهاكات والتجاوزات في اليمن، إضافة إلى ملف المعارضين بالداخل والخارج.

كان القاسم المشترك بين الدعوات المقاطعة لاجتماعات مجموعة العشرين، التركيز على التناقض الواضح بين ما تبديه المملكة في اجتماعاتها الدولية، وبين أفعالها على الأرض، مما دفع بشخصيات غربية إلى تبني إيصال نداءات المقاطعة إلى أعلى المستويات.

مجموعة العشرين

هي عبارة عن منتدى يضم مجموعة من الدول المتقدمة، وأكبر الدول النامية والناشئة على مستوى العالم، وتأسست في 25 سبتمبر/ أيلول 1999، على هامش قمة مجموعة الثمانية بواشنطن، كرد فعل على الأزمات المالية العالمية التي حدثت في نهاية التسعينيات، مثل أزمة المكسيك وأزمة دول جنوب شرق آسيا.

وتتألف مجموعة العشرين مـن 19 دولة إضافة لرئاسة الاتحاد الاوروبي ليصبح عدد الدول الأعضاء 20 دولة، هي: الأرجنتين، وأستراليا، والبرازيل، وكندا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، والهند، وإندونيسيا، وإيطاليا ، واليابان، والمكسيك، وروسيا، والسعودية، وجنوب إفريقيا، وتركيا، وكوريا الجنوبية، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، ورئاسة الاتحاد الأوروبي مع مشاركة كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

وتمثل الدول الأعضاء في مجموعة العشرين قرابة ٩٠ بالمئة من الإجمالي العالمي للإنتاج القومي، و٨٠ بالمئة من نسبة التجارة العالمية (بما في ذلك التجارة الداخلية للاتحاد الأوروبي)، وأيضا تمثل الدول الأعضاء ثلثي سكان العالم، فضلا عن الثقـل الاقتصادي لأعضاء المجموعة الذى يضفي عليها درجة عالية من الشرعية والتأثير في إدارة النظامين المالي والاقتصادي العالميين.

وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإن الهدف من إنشاء تلك المجموعة، تعزيز الاقتصاد العالمي وتطويره، علاوة على إصلاح المؤسسات المالية الدولية وتحسين النظام المالي، كما تركز على دعم النمو الاقتصادي العالمي وتطوير آليات فرص العمل وتفعيل مبادرات التجارة المنفتحة، كما تهدف إلى الجمع بين الأنظمة الاقتصادية للدول النامية والدول الصناعية التي تتسم بالأهمية والتنظـيم لمناقـشة القـضايا الرئيسية المرتبطة بالاقتصاد العالمي.

حماية الكوكب

تعليقا على تولي بلاده رئاسة مجموعة العشرين لعام 2020، قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان: إن بلاده ستلتزم خلال رئاستها، بمواصلة العمل الذي انطلق من أوساكا (باليابان)، وتعزيز التوافق العالمي، وستسعى جاهدة بالتعاون مع الشركاء بالمجموعة لتحقيق إنجازات ملموسة، واغتنام الفرص للتصدي لتحديات المستقبل.

وأضاف ابن سلمان: "تقع المملكة العربية السعودية على مفترق الطرق لثلاث قارات وهي: آسيا وإفريقيا وأوروبا. وباستضافة المملكة لمجموعة العشرين، سيكون لها دور مهم في إبراز منظور منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ونحن نؤمن أن هذه فرصة فريدة لتشكيل توافق عالمي بشأن القضايا الدولية عند استضافتنا لدول العالم في المملكة"، وفق وكالة الأنباء السعودية.

وبحسب الوكالة، فإن "السعودية تركز خلال رئاستها لمجموعة العشرين على الهدف العام، وهو اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع، والمتضمن ثلاثة محاور رئيسة: تمكين الإنسان، والحفاظ على كوكب الأرض، وتشكيل آفاق جديدة".

وزير الدولة السعودي، فهد المبارك، قال: إن الرياض بدأت بالفعل اجتماعات مجموعة العشرين بعد توليها رئاستها، وأن عدد تلك الاجتماعات ستصل إلى نحو 140، إضافة إلى ورش العمل والمؤتمرات والمنتديات على هامشها.

دعوات مضادة

في مجموعة من المبادئ التوجيهية التي جرى تبنيها العام الماضي في أوساكا باليابان، قالت مجموعة العشرين: إنها تريد "حماية البيئة، وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وحقوق الإنسان".

وكرد فعل على استضافة السعودية لقمة مجموعة العشرين لهذا العام، أعلنت ثلاث منظمات غير حكومية دولية رائدة، في بيان مشترك، مقاطعة الاجتماعات التي تعقدها المملكة مع منظمات المجتمع المدني، في إطار قمة مجموعة العشرين، احتجاجا على السجل الحقوقي للمملكة.

وفي بيان مشترك، أوضحت كل من "منظمة العفو الدولية"، و"منظمة الشفافية الدولية"، ومنظمة "سيفيكوس"، أن تلك الاجتماعات "محاولة هزلية من جانب مضيفي مجموعة العشرين الجدد للتستر على سجلهم المزري لحقوق الإنسان".

ووصفت المنظمات، اجتماعات الرياض بأنها "صورية زائفة، ولا يمكننا المشاركة في عملية يساء استخدامها من دولة تقوم بمراقبة حرية التعبير، وتجرّم النشاط من أجل حقوق المرأة والأقليات، وتعذب وتعدم المنتقدين".

وأضاف البيان: "السعودية مسؤولة عن إعدام الصحفي والناقد السلمي، جمال خاشقجي، خارج نطاق القضاء، وبعد أكثر من عام من مقتله في أكتوبر/تشرين الأول 2018، لم تحقق العدالة ولم يُحاسب أحد على مقتله. لا تزال الناشطات البارزات في مجال حقوق المرأة في البلاد وراء القضبان ويخضعن للمحاكمة بسبب دفاعهن عن حقوق المرأة في البلاد".

وأوضح: "كما يقضي العشرات من الأفراد الآخرين، ومن بينهم المدافعون عن حقوق الإنسان، أحكاما بالسجن لفترات طويلة بسبب نشاطهم السلمي، أو تم احتجازهم تعسفا لمدة تصل إلى عام ونصف العام دون توجيه تهم إليهم. ونفذت السلطات السعودية عمليات إعدام إثر محاكمات جائرة، ومارست التعذيب بشكل معتاد وغيره من ضروب المعاملة السيئة في الحجز".

إعدام خارج القانون

في 30 يوليو/ تموز 2019، دعت المحامية في محكمة الجنايات الدولية، هيلينا كينيدي، دول مجموعة العشرين إلى مقاطعة القمة المزمعة في السعودية نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، مشيرة إلى ارتفاع أحكام الإعدام بالمملكة بشكل كبير.

وخلال مؤتمر صحفي عقدته في لندن، أشارت كينيدي -وهي عضو بمجلس اللوردات ومستشارة لملكة بريطانيا- إلى أن السلطات السعودية نفذت خلال عام 2019 حتى الآن 134 حكما بالإعدام.

ولفتت كينيدي -التي أعدت تقريرا بطلب من المنظمة العربية لحقوق الإنسان- إلى وجود عمليات فساد وإجراءات غير قانونية تحدث في السعودية.

من جهتها، سلطت الكاتبة دانيا عقاد في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، الضوء على دعوة كينيدي، ولم تستبعد أن يفوق معدل عمليات الإعدام هذا العام كل الأرقام المسجلة سابقا إذا استمرت بوتيرتها الحالية، مشيرة إلى أن من بين المهددين بالإعدام الداعية المعتقل سلمان العودة.

ضغط على الحكومات

لم تقتصر دعوات مقاطعة قمة العشرين في السعودية على المنظمات الدولية غير الحكومية، بل كانت هناك نداءات من سياسيين، وجهوها لقيادات بلادهم، مطالبين بعد المشاركة في قمة مجموعة الدول الصناعية العشرين الكبرى.

وطالب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب اليسار الألماني، ديتمار بارتش، المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، بعدم المشاركة في قمة العشرين المقررة في السعودية، إلا فقط في حال إنهاء الحرب في اليمن، وفق وكالة "دي بي إيه" الألمانية.

ونقلت الوكالة عن بارتش تصريحاته عشية استلام السعودية لرئاسة العشرين: إنه يتعين على ألمانيا ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي ومشاركة في القمة، أن توضح للسعودية أن "الحرب الوحشية في اليمن يجب أن تنتهي، وإلا سيكون هناك مقاطعة أوروبية لرئاسة السعودية للقمة"، على حد قوله.

من جانب آخر، طالبت رئيسة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، ماريا أرينا، الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في حضوره لقمة مجموعة العشرين، المزمع عقدها في الرياض.

وتأتي هذه التحركات البرلمانية بعد الكشف عن تورط السعودية في قرصنة هاتف مالك صحيفة "واشنطن بوست"، جيف بيزوس، واصفة هذا السلوك بأنه "مبعث قلق كبير"، وفق صحيفة "التايمز" البريطانية.

وقالت أرينا: إن "هذه القرصنة تندرج ضمن نمط أوسع من المراقبة السعودية للمعارضين؛ من ضمنهم الصحفي جمال خاشقجي الذي تعرض للقتل وتقطيع جثته داخل مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول".