تعادي الثورة وتكره الديمقراطية.. عبير موسي نجمة شاشات الإمارات

زياد المزغني | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

منذ مدة ليست بالقصيرة، اقترن اسم تونس في وسائل إعلام محسوبة على الإمارات، باسم رئيسة حزب "الدستوري الحر"، ونائبة البرلمان التونسي عبير موسي.

علاقة عبير موسي ودعمها إماراتيا، أصبحت مسألة علنية ومجمع عليها في الوسط السياسي بتونس، عبّر عنها البعض تحت قبة البرلمان في أكثر من مناسبة، وجاءت على ألسنة قيادات من حركات النهضة، والشعب والتيار الديمقراطي، وائتلاف الكرامة.

فمنذ تنصيب البرلمان الجديد، انطلقت آخر أمينة عامة مساعدة للتجمع الدستوري الديمقراطي المنحل (حزب الرئيس الراحل زين العابدين بن علي)، أو زعيمة الفلول كما يصفها البعض، بالقيام بدور تعطيلي داخل البرلمان، في مختلف الجلسات التي أقيمت، فاتحة صراعا مع بقية الكتل ومتهجّمة على رئاسة المجلس.

مواقف موسي قوبلت بإشادة كبيرة من رموز دولة الإمارات على تويتر، ونشر بعضهم مقاطع لموسي وهي تهاجم رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) راشد الغنوشي".

احتفاء إعلامي

"امرأة بألف رجل.. لقنت الغنوشي درسا سيخلده التاريخ"، بهذه التغريدة أشاد رئيس شرطة دبي السابق ضاحي خلفان بمداخلة موسي ضد الغنوشي، على خلفية زيارة الأخير لتركيا ولقائه الرئيس رجب طيب أردوغان يوم 11 يناير/كانون الثاني 2020.

تغريدة خلفان كانت ضمن موجة من الإشادة على مواقع التواصل الاجتماعي، قادها ما بات يعرف بـ "الذباب الإلكتروني"، الذي تديره جهات سيادية في أبوظبي، كما كشفت عن ذلك تقارير صحفية عالمية في أكثر من مناسبة.

المتابع للإعلام الإماراتي يلاحظ تركيزه على الأخبار القادمة من تونس، ودفاعه عن كل الأطراف المناهضة للثورة التونسية، والتي تقف حجر عثرة أمام التغيير والبناء بعد الثورة.

ومثلما كان متوقعا، رحب الإعلام الإماراتي باعتصام عبير موسي داخل البرلمان، مدعيا أن رئيسة الحزب الدستوري الحر تعمل على "تخليص الوطن من هذه المنظومة التي ركعت المواطنين وجوعتهم، والتي لم تحسن إدارة شؤون الدولة طيلة 9 سنوات"، حسب مقال نشره الموقع الإماراتي إرم نيوز. 

وتحت عنوان "تونس.. أنصار الحزب الدستوري يحتجون أمام البرلمان"، لفت الموقع إلى أن "عبير موسي تحظى بدعم كبير من أنصارها حيث تجمع 200 شخص من أنصارها أمام البرلمان، مرددين النشيد الوطني وشعارات مؤيدة لرئيسة الحزب ورافضة لما اعتبروه إهانة لنوابه".

نفس هذا الترويج الشعبي لعبير موسي وحزبها، سبق وتزامن مع حملة الدعاية في الانتخابات الرئاسية خريف 2019، حيث نشرت حينها صحيفة البيان الإماراتية مقالا بعنوان "ترفض الاعتراف بالربيع العربي والإخوان ومن يتوافق معهم.. عبير موسي وجه نسائي طموح يسعى لرئاسة تونس".

وقال المقال: "ضمن كوكبة المتنافسين الجديين على بلوغ الدور الثاني للانتخابات الرئاسية في تونس، تبدو عبير موسي في موقع متقدم، وهو ما سبق أن أكدته استطلاعات الرأي، التي نظمتها مؤسسات من داخل تونس وخارجها، وأثار انزعاج أغلب القوى السياسية".

إلا أن موسي حصدت فقط 4 % من أصوات الناخبين، ولم ينجح حزبها سوى في تصعيد 17 نائبا للبرلمان، جلهم مستفيدون من القانون الانتخابي الذي يمنح مقاعد لما يعرف بأكبر البقايا.

دور الضحية

منتصف الجمعة 17 يناير/ كانون الثاني 2020، خرجت موسي باكية على أمواج إذاعة موزاييك التونسية، معتبرة أن البرلمان، تحت سيطرتهم (في اشارة إلى النهضة وائتلاف الكرامة) وأنهم أرادوا من خلال ما حدث إجبارها على السكوت بالقوة.

ما حدث هو دخول عدد من أسر شهداء وجرحى الثورة إلى ساحة البرلمان ورفعوا شعار "ارحل"، ضد عبير موسي ونواب الحزب الدستوري الحر، وطالبوا بمحاسبتهم على ما اعتبروه إهانة من موسي وكتلتها البرلمانية لهم، ورفضها تلاوة الفاتحة على أرواح ذويهم في الذكرى التاسعة للثورة.

موسي اعتبرت ما حدث تهديدا صريحا لها ومحاولة للاعتداء عليها قائلة: "لن أصمت ولن أركع ولن أتراجع.. وسنواصل معركة تحرير تونس من الأجندة الاستعمارية إلى آخر رمق. قلت لبناتي عندما أموت لا تبكين لأنها قضية وطن.. وسيجدون ملايين عبير موسي غيري"، داعية وسائل الإعلام إلى "عدم الانحياز لتبييض هؤلاء الأشخاص"، وفق تعبيرها.

وشهدت الجلسة العامة بالبرلمان سجالا حادا بين النائب عن حركة الشعب ليلى الحداد، ورئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر على خلفية اتهام الأخيرة عائلات شهداء الثورة في البرلمان بالاعتداء عليها وعلى نواب من حزبها.

وقالت الحداد: "نظامك قتل شهداء الثورة.. جرحى الثورة مازال فيهم الكرطوش يعيّط أنو بن علي قتلهم، كان انتي موجودة في البرلمان راهو بفضل شهداء وجرحى الثورة".

وحذرت عبير موسي من لعب دور الضحية في علاقة بملف شهداء وجرحى الثورة، قائلة: "يمكنك أن تلعبي دور الضحية في علاقة بالصراعات الحزبية لكنك لا تستطيعين لعب دور الضحية في علاقة بملف شهداء وجرحى الثورة".

ليست المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن محاولة اغتيال عبير موسي، حيث نشرت قناة سكاي نيوز الإماراتية يوم 3 سبتمبر/أيلول 2019، أي خلال الحملة الانتخابية، عن وجود "تحذيرات لمرشحة رئاسية من مخطط لاغتيالها"، وأضافت القناة أن موسي أكدت يوم 17 مارس/آذار 2019، خلال اجتماع شعبي بمدينة سوسة وسط تونس، أنها تلقت معلومات عن مخططات لاغتيالها، قائلة: "يظنون أن هذه التهديدات ترهبني لأعود أدراجي وألتزم بيتي".  

الدعم العلني

في 26 أبريل/نيسان 2019، سجّل المؤتمر الصحفي، الذي عقده الحزب الدستوري الحر بالعاصمة التونسية، حضور سفير أبوظبي في تونس، الذي واكب تقديم رئيسة الحزب عبير موسي برنامج حزبها الاقتصادي والمالي والاجتماعي في المرحلة القادمة.

وحسب الأعراف وتقاليد العمل الدبلوماسي، فإنه لا يجوز للسفراء التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد أو التأثير على القرار السياسي بأي طريقة كانت، كما أنهم لا يحضرون الندوات الصحفية للأحزاب، وإنما في بعض الأحيان، الجلسات الافتتاحية للمؤتمرات الكبرى، شرط علم السلطات التونسية بتحركاتهم.

هذا الحضور المشبوه، أثار حينها موجة من الانتقادات والغضب من الاستقواء بالأجنبي بالإضافة إلى الشبهات التي تروج حول الحزب ورئيسته من تلقيه دعما مباشرا من الإمارات وانخراطه في أجندتها المعادية لتونس وثورتها وتجربتها الديمقراطية الناجحة.

وفي عام 2017، ظهرت وثيقة مسربة على الإنترنت بعنوان "الإستراتيجية الإماراتية المقترحة تجاه تونس" منسوبة إلى مركز الإمارات للسياسات، كشفت عن "خطة إماراتية" لحشر الإسلام السياسي في الزاوية وبسط نفوذ الإمارات في تونس.

الوثيقة المكونة من 7 صفحات، رغم صياغتها المقتضبة، قدمت معرفة دقيقة بتطورات المشهد السياسي في تونس، وأجابت عن 3 أسئلة مفصلية تتعلق بمآل الأوضاع في تونس، والسياسات المقترحة من أبوظبي لتعزيز نفوذها، وتحديد القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في تونس، التي يمكن الاعتماد عليها لخلط الأوراق والإمساك بخيوط اللعبة السياسية.

واقترحت الوثيقة "السعي إلى كسر تحالف التحالف الدستوري ـ النهضوي"، عبر دعم محسن مرزوق رئيس حزب مشروع تونس وجبهة الإنقاذ في انتخابات الرئاسة، والانفتاح على شخصيات دستورية كرشيد صفر ومصطفى الفيلالي ومنصور معلى وكمال مرجان، ودعم الحزب الدستوري الحر برئاسة عبير موسي باعتباره يضم الأوفياء لنظام ابن علي، وتبني نجيب الشابي ليشكل زعامة مستقبلية لها وزنها في تونس.

استقواء بالخارج

قال أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك في مداخلة على قناة حنبعل: إن كلا من الأمين العام لحزب مشروع تونس محسن مرزوق ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي يستقويان بمحور مصري إماراتي سعودي من أجل غلق الملف الديمقراطي في البلاد.

وأضاف جوهر بن مبارك: "مرزوق وموسي لا يتحدثان بشكل واضح عن ضرب التجربة الديمقراطية بل يبرران موقفهما بالتدخل التركي والإخواني. يمكن تفسير ما يحدث اليوم من ذلك المنطلق وعلينا حماية المسار الديمقراطي من الاختراقات، هنالك تحالف ينطلق من القائد الليبي خليفة حفتر إلى عبير موسي ومحسن مرزوق".