الصراع داخل "الشعب الجمهوري".. ما تأثيره على رئاسيات تركيا 2023؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "حرييت" التركية المعارضة، مقالا للكاتب عبدالقادر سيلفي، تحدث فيه عن بداية مبكرة لمعركة الانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى: أن الصراع بين المرشحين المحتملين في حزب الشعب الجمهوري المعارض تزداد وتيرته مع الأيام.

وقال الكاتب في مقاله: إنه "من الآن، يبدو أن تركيا وسياسييها يستعدون للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها عام 2023، ثمة أحزاب جديدة تتشكل، وأن الصراع المعتاد عليه في مثل هذه المسائل والتي ينشب بين أروقة حزب الشعب الجمهوري بدأ يزيد من وتيرته".

وأشار إلى: أنه خلال فترات الوصاية العسكرية القوية، كانت منطقة تشانكايا التي تعتبر الحصن الأخير. لذلك كانوا يسعون للسيطرة على هذه المنطقة الحساسة من الدولة والتي ترمز بشكل آو بآخر على السيطرة والنفوذ في تركيا.

وتشانكايا منطقة في أنقرة، موطن لكثير من المباني الحكومية، بما في ذلك الجمعية الوطنية الكبرى في تركيا، وكذلك جميع السفارات الأجنبية تقريبا. يمكن أن توصف بأنها منطقة عالمية وتعتبر المركز الثقافي والمالي لأنقرة.

معروف، أن تركيا شهدت انقلابات كثيرة سواء ذلك الذي حدث لأول مرة في 27 مايو/آذار، عام 1960 مرورا بانقلاب 12 مارس/آذار عام 1971 أو ذلك الذي حدث في 12 سبتمبر/أيلول عام 1980 و28 من فبراير/شباط 1997. كل تلك الانقلابات كان لرجالات تشانكايا دور كبير فيها.

وأكد الكاتب: أن هذا كله بات من الماضي، وانتهت الوصاية العسكرية بالانتقال إلى النظام الرئاسي الذي انتخب من قبل الجمهور مباشرة؛ لكن حروب مقعد رئيس الجمهورية لن تنتهي، بالرغم من وجود نظام رئاسي، وقد أصبحت السلطة التنفيذية أكثر أهمية حيث أصبح تشكيل الحكومة بالكامل يتم من الرئيس.

ولفت إلى: أن قواعد اللعبة مع النظام الجديد تغيرت وهذا طبيعي، فنظام جديد يستلزم وضع قواعد لعبة جديدة، فانتهت إلى غير رجعة قضية الانقلابات، الصناديق دائما وأبدا ستقول كلمتها.

ونوه الكاتب إلى: أنه لم يتم تشكيل اللجنة المنظمة للانتخابات بشكل كاف في انتخابات عامي 2014 و2018 لكن التحضيرات والترتيبات للانتخابات المقبلة بدأت من الآن، وبالتحديد بعيد الانتخابات البلدية الأخيرة، إذ فازت المعارضة في رئاسة بلديتي إسطنبول وأنقرة وبات اسم "إكرم إمام أوغلو" هو البطل المنشود للخوض الانتخابات الرئاسية فيما يبدو.

"إمام أوغلو"

الكاتب قال: إن ردود الفعل توالت حول  كتاب "رحلة بطل" الذي كتبه نجاتي أوزكان، الذي يدير الحملة الانتخابية لإمام أوغلو، ومنها رد فعل جانان كافتانجي أوغلو رئيس حزب "الشعب الجهوري" في إسطنبول؛ وبدت للسطح معركة جديدة، حول الاسم المقبل الذي سيمثل الحزب في الانتخابات المقبلة.

ولفت الكاتب إلى: أن كفتانجي أوغلو لم تعلن صراحة رغبتها في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، ولكن الظروف وردود الأفعال وتحركاتها كله يشي بذلك.

وتابع: من ردات الفعل تلك، اعتراضها على كيل المديح للحملة الانتخابية لأكرم إمام أوغلو والوكالة التي تسلمت هذه المهام وبالطبع لشخص إمام أوغلو، وكانت هذه الاعتراضات فيها شيء من الحكمة والصبر، ولاسيما وهي التي أدارت المقر الانتخابي الذي يجمع بين حزبي "الشعب الجمهوري" و"الشعوب الديمقراطي" تحت واجهة "اتفاق إسطنبول" حيث حصل بالفعل إمام أوغلو على دعم الشريحة الداعمة لحزب "الشعوب الديمقراطي" وهي الواجهة السياسية لمنظمة حزب العمال الكردستاني "بي كا كا"، بحسب الكاتب.

ورأى: أن "هذا كله يفيد بحقيقة أن الصراع بين إمام أوغلو وكفتانجي أوغلو محتم، وأن شوارع إسطنبول وساحاتها سوف تشهد هذا الصراع عاجلا أم آجلا، وهذه النتيجة تعلم بها كفتانجي أوغلو، حتى إنه من الممكن أن نقول إنها تنتظرها، ولكنها في الوقت ذاته لا تريد بحال أن تبدأ المعركة الرئاسية مبكرا.

ولفت الكاتب إلى تصريحات زعيم "حزب الشعب الجمهوري" كمال كليتشدار أوغلو، التي قال فيها: "لم أعط أحدا وعدا بأن يكون مرشح الحزب عن الانتخابات الرئاسية المبكرة، ولا أجد أنه من اللائق التحدث عن الانتخابات الرئاسية في الوقت الراهن".

وعلق عبدالقادر سيلفي على ذلك بالقول: "إذا ما نظرنا الى تصريحات كليتشدار أغلو هذه، فإن هذا يؤكد أن ثمة صراع في حزبه على من يترشح للانتخابات الرئاسية أو أن أكثر من طرف يريد ذلك".

وأكد الكاتب: أن الرحلة قد بدأت، ولو استعرنا من "أوزكان" مصطلحه فمن حقنا أن نسأل إلى أين هذه الرحلة؟ وهل ثمة ركاب آخرون فيها؟ وهو – أي أوزكان - عارض وبشدة ترشح "محرم إنجة" المرشح الرئاسي السابق لأي انتخابات رئاسية مقبلة وغرد على "تويتر" قائلا: "ما كان في الأمس يبقى في الأمس، وثمة لهذا المكان صاحب".

ونوه إلى: أن "الجميع يعرف ما هو هدف رحلة إمام أوغلو، فهو يتصرف على أنه بالفعل رئيس لتركيا، وليس كرئيس بلدية إسطنبول، ولا يضع حدودا لنفسه، منذ فوزه بمنصب رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، حيث لا تقتصر رحلته إلى هذا المقعد وحسب؛ فكل خطوة يخطوها يتضح من خلالها ويتأكد أن هدفه المقعد الرئاسي، وهو الذي لم ينف أن يكون مرشح الحزب في الانتخابات المقبلة".

التحدي المقبل

وبحسب الكاتب،: فإنه "قبل أن يكون إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول الكبرى لم يكن يعرفه أحد، وكانت الإحصائيات تتحدث عن 14 بالمئة يعرفوه وهو الذي بات اليوم اسما عالميا، لكن لم لا تكون السلطة التي يتمتع بها إمام أوغلو الآن سببا في القضاء عليه؟".

ونوه إلى: أن تانسو تشيلر كانت أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في تركيا وكانت محط أنظار كثير من الزعماء حول العالم، بل ويحرصون على التقاط الصور معها في الاجتماعات والمحافل الدولية، متسائلا: "فما الذي حدث؟"

وتانسو تشيلر سياسية تركية، قادت حزب الطريق القويم بعد انتقال سليمان ديميرل إلى رئاسة الجمهورية، ثم كانت أول رئيسة وزراء في تاريخ تركيا الحديث.

وكانت تشيلر أيضا، وزيرة الشؤون الخارجية ونائبة رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان في حكومته، لكن هذه الحكومة انتهت عام 1997 إثر أزمة عرفت بأزمة "28 فبراير" أدت إلى حظر حزب "الرفاه" ومنع أربكان من ممارسة السياسة.

فقد حزب تشيلر شعبيته في انتخابات 1999 عندما احتل المركز الخامس في البرلمان بنسبة 12 بالمئة من الأصوات، فقامت في هذه الفترة بدور المعارضة، لكنها منيت بهزيمة أخرى في انتخابات 2002، فاعتزلت الحياة السياسية.

وتابع الكاتب مقاله قائلا: "المهم هو الفوز في الانتخابات، وفي الحقيقة كلنا يعرف أن إمام أوغلو الذي فاز قبل عام في الانتخابات البلدية ليس نفسه في الوقت الراهن. يبدو أن أولئك (المعارضة) الذين كانوا يهدفون إلى تصفية الرئيس أردوغان في انتخابات عام 2023 غيروا الطريقة من عبدالله غُل إلى أكرم إمام أوغلو، ولكن هذا لا يعني أن غُل استسلم .

وختم عبدالقادر سيلفي مقاله بالقول: "إمام أوغلو لا مشكلة لديه أن يكون علمانيا في حي من الأحياء وأن يكون شيخا يقرأ سورة (يس) لكسب الأصوات في حي آخر؛ ولكن يعلم أو قد لا يعلم أن مقابله سيكون رجب طيب أردوغان الذي ما إن يدخل انتخابات حتى يفوز بها".