أزمة المياه تهدد بتدمير السعودية كدولة.. هذا دور إسرائيل

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "جارديان" البريطانية، تقريرا للصحفي روث مايكلسون، سلط فيه الضوء على التقارير التي تتحدث عن مخاطر نفاد المياه الجوفية في السعودية بشكل سريع، متسائلا عما إذا كان نقص إمدادات المياه بالسعودية سيدمر المملكة التي شيدتها عوائد النفط.

وقال مايكلسون في التقرير، إن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة كانت أعلنت في 2008 أن "الموارد المائية الجوفية في السعودية يتم استنفادها بمعدل سريع للغاية".

نفاد المياه مسألة وقت

وبحسب المنظمة الدولية، تأتي معظم المياه المسحوبة من طبقات المياه الجوفية الأحفورية، وتشير بعض التوقعات إلى أن هذه الموارد قد لا تدوم أكثر من حوالي 25 سنة.

وأضاف تقرير الصحيفة، إن "أحد الخبراء السعوديين في مجال المياه الجوفية في جامعة الملك فيصل، توقع عام 2016 أن المملكة لم يتبق لها سوى 13 عاما من احتياطي المياه الجوفية".

ومضت "جارديان" تقول: "في دولة نادرا ما تشهد أمطارا، يمكن أن تكون عادة استنزاف المياه الجوفية محفوفة بالمخاطر، لأن المياه الجوفية تشكّل ما يقدّر بنحو 98 بالمئة من المياه العذبة التي تجري بشكل طبيعي في السعودية".

وأردفت: "في الواقع، ربما يكون النفط قد شيد الدولة السعودية الحديثة، لكن نقص المياه يمكن أن يدمرها إذا لم يتم العثور على حلول جذرية قريبًا".

وتابعت الصحيفة البريطانية: "تبدو حالة الطوارئ غير مرئية في الرياض، التي تشهد طفرة بناء، إذ تزحف المزيد من المباني لتنضم إلى مجموعة من ناطحات السحاب الشاهقة".

وأردفت: "على الرغم من أن الجميع يعرف أن هذه الدولة في الصحراء تدين بوجودها لاكتشاف النفط في عام 1938، إلا أن عددا أقل منهم أدرك أن الماء كان بنفس الأهمية".

سياسة العائلة المالكة

ولفتت الصحيفة إلى أن عقودا من الجهود لجعل الصحراء مزروعة لإطعام سكان المدينة، أسفرت عن مشاريع زراعية لزراعة محاصيل كثيفة الاستخدام للمياه مثل القمح، في أراض زراعية لأشخاص تفضلهم العائلة المالكة.

واستطردت: "بينما يشكك الكثيرون في دقة تقديرات المملكة المتفائلة لاحتياطاتها النفطية، فإن التهديد الذي يلوح في الأفق بنقص المياه يمكن أن يكون مشكلة أكبر، حيث تستهلك السعودية ضعف المتوسط ​​العالمي للمياه للشخص الواحد، بما يعادل 263 لترا للفرد يوميا ويزيد، وسط مناخ متغير من شأنه أن يجهد احتياطيات المياه".

وأضافت الصحيفة: "في مارس/آذار الماضي، أطلقت المملكة برنامج (قطرة) لحث المواطنين على خفض استخدام المياه بشكل كبير. والهدف منه هو ترشيد المياه إلى 200 لتر للشخص الواحد في اليوم بحلول عام 2020 و 150 لترا بحلول عام 2030".

وبيّن التقرير، أن "المملكة حاولت إصلاح صناعة الزراعة المتعطشة للماء، بتقليل الحوافز الحكومية لإنتاج الحبوب. لايزال العدد الإجمالي للأراضي الزراعية المروية لم ينخفض​​، مع تحوّل المنتجين إلى محاصيل أكثر ربحية لا تزال تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه".

وأردفت: "كما بدأت المراعي، وهي منتج رئيسي للأغذية، في شراء الأراضي المهجورة في الولايات المتحدة، على قطع أرض بالقرب من لوس أنجلوس وأريزونا، والأرجنتين، من أجل زراعة البرسيم الغني بالمياه لإطعام أبقارها من الألبان".

وبحسب التقرير، فإن الخطة الوطنية للتحول في السعودية، والمعروفة أيضا باسم رؤية 2020 - وهي مجموعة فرعية من مبادرة رؤية 2030 التي ترمي لتنويع اقتصاد المملكة بعيدا عن النفط - تهدف إلى تقليل كمية المياه التي يتم سحبها من طبقات المياه الجوفية لاستخدامها في الزراعة.

إسراف للماء صادم

ونقلت الصحيفة، عن الدكتورة ريبيكا كيلر من "ستراتفور" (مؤسسة خاصة للتحليل الجيوسياسي)، قولها: "هذا يعني أن السعودية تستخدم أكثر من 4 أضعاف المياه التي تتجدد في المتوسط ​​- وهذا في رؤية 2020".

وأعربت ريبيكا كلير عن صدمتها بعدما علمت حجم استخدام المياه في البلاد. وأضافت: "من الناحية الفنية، يستخدمون المياه الأحفورية التي تتجدد بمعدل بطيء حقا. كان الحجم الهائل للإفراط يبرز أمامي".

ومضت "جارديان" تقول: "طالما اعتبرت تحلية مياه البحر بمثابة عصا سحرية في مواجهة التهديد المتزايد بنقص المياه في الشرق الأوسط. تتصدر السعودية في حجم المياه المحلاة التي تنتجها، وتدير الآن 31 محطة لتحلية المياه. وتشكل المياه المحلاة، والتي تختلف عن المياه العذبة الطبيعية، 50 بالمئة من المياه المستهلكة في السعودية. ويتم سحب 50 بالمئة المتبقية من المياه الجوفية".

وواصلت الصحيفة البريطانية تقول: "كما تأتي بتكلفة عالية الطاقة، ولكن. وفقا لوكالة الطاقة الدولية، في عام 2016، كانت تحلية المياه تمثل 3 بالمئة من إمدادات المياه في الشرق الأوسط، ولكن 5 بالمئة من إجمالي تكاليف الطاقة".

وبحسب التقرير، فإن الباحثون في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، يقدّرون أن الطلب على المياه المحلاة يزداد بنحو 14 بالمئة كل عام، لكنهم يضيفون: أن "تحلية المياه عملية مكلفة للغاية ولا يمكن تحملها".

وتابعت الصحيفة: "كما أن محطات تحلية المياه تلحق الضرر بالبيئة المحيطة، حيث تضخ الملوثات في الهواء وتعرض النظم الإيكولوجية البحرية للخطر من خلال جريانها".

التوجه نحو إسرائيل

ونوّهت إلى أن "الدافع الأخير نحو استخدام الطاقة الشمسية بدلا من الوقود الأحفوري لتحلية المياه يعني أنه من المتوقع أن يتم تشغيل أول مصنع تجاري بحلول عام 2021 في أقرب وقت ممكن، على الرغم من أنه لا يزال متأخرا عن الجدول الزمني".

ونقلت عن كيلر، قولها إن استخدام السعودية المتطور لتكنولوجيا تحلية المياه يمكن أن يغير من علاقتها مع الدول الأخرى في المنطقة، وخاصة إسرائيل.

وتابعت كيلر: "أنهم ينتجون أحدث التقنيات لتحلية المياه، خاصة على نطاق واسع.  بما أننا نرى أن لدى البلدين أشياء جيوسياسية مشتركة من حيث موقفهما من إيران، هناك مجال أكبر لنمو هذه العلاقة، وقطاع المياه السعودي يمكن أن يستفيد من هذا التعاون".

وخلصت الصحيفة، بالقول: "يظل التحدي الأصعب على الإطلاق هو تغيير عادات الاستهلاك لتجنب حدوث طارئ وشيك في المياه. تمضي المملكة قدما في مشروع البحر الأحمر، وهو منتجع سياحي بحجم بلجيكا يهدف إلى جذب مليون زائر سنويا إلى شواطئها البكر و50 فندقا جديدا. هذا البناء الضخم يعني تزايد استخدام المياه، مع التقديرات الحالية بأن سلسلة المنتجعات ستستخدم 56 ألف متر مكعب من المياه في اليوم".

واختتمت "جارديان" تقريرها، بحديث للخبيرة البريطانية "كيلر"، التي قالت: "إنها الصحراء. من الواضح أن المياه تشكّل عائقا طبيعيا".