صحيفة فرنسية: هذه أسباب انسحاب الحوثيين من الحديدة

12

طباعة

مشاركة

أعلن الحوثيون في اليمن السبت الماضي بدء الانسحاب من ثلاثة موانئ رئيسية بما فيها ميناء الحديدة في إطار اتفاق السويد، فهل يمكننا أن نتوقع انفراجة في اليمن؟ وإن كان يشهد حربا طاحنة مستمرة منذ نحو أربع سنوات أدت لمصرع قرابة 250 ألف شخص، وأزمة إنسانية حادة هي الأسوأ في العالم، وفقا للأمم المتحدة.

سؤال طرحته صحيفة "لوريون لوجور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية، في تقرير أوضح أنه بعد خمسة أشهر من الانتظار، أعلن الحوثيين الانسحاب من الحديدة والصليف ورأس عيسى، وهو إعلان قابله اتهام من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا للحوثيين، بتنفيذ "مسرحية جديدة" في الحديدة.

وأوضحت الصحيفة أن القرار المعلن يمكنه أن يفتح صفحة جديدة في مفاوضات السلام المتوقفة منذ اتفاق ستوكهولم، الذي صادق عليه الحوثيون المدعومون من إيران، والحكومة اليمنية المدعومة من قبل قوات التحالف التي تقودها الإمارات والسعودية، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

خطوة صغيرة إلى الأمام

وأفاد التقرير أن نص الاتفاق يشدد على جملة من الأمور؛ من بينها وقف إطلاق النار في الحديدة وانسحاب المتمردين من ثلاثة موانئ، وهي عملية تجري تحت إشراف فرق تابعة للأمم المتحدة، التي ينبغي على مراقبيها بعد ذلك "التحقق" من هذا الانسحاب.

وقال أحد الدبلوماسيين للصحيفة، طالبا عدم الكشف عن هويته: "هذا القرار يُظهر رغبة الحوثيين في تنفيذ اتفاقية ستكهولم، ورغم أنها خطوة صغيرة إلى الأمام لكنها تظل خطوة مهمة"، مضيفا: "يمكنهم أيضا من خلال هذه الخطوة اختبار الجانب الآخر، لمعرفة ما إذا كانوا يميلون إلى حل وسط في وقف لإطلاق النار ينص عليه الاتفاق الذي تم التوصل إليه في السويد".

وبينت "لوريون لوجور" أن المرحلة الأولى من انسحاب الحوثيين في الحديدة، بدأت أواخر ديسمبر/ كانون الأول قبل أن تنقطع في يناير/ كانون الثاني بسبب عدم الاتفاق على الإدارة المستقبلية للميناء، وفي الأشهر التالية، التي اتسمت بالاتهامات المتبادلة بانتهاكات وقف إطلاق النار من جانب الطرفين، كانت هناك مفاوضات متعددة وراء الكواليس تحت رعاية الأمم المتحدة للتوصل إلى أرضية مشتركة.

ورأت أنه في حين تعقّد تطورات الحرب مهمة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن جريفيث، بسبب انخفاض مستوى الثقة بين الطرفين، يقول الدبلوماسي إن المبعوث "يبدو أقل إحباطًا مما كان عليه في السابق وأن لديه بعض الأمل في أداء مهمته".

وذكرت الصحيفة أن مبادرة الحوثي، الذي يتعرض لضغوط من الأمم المتحدة منذ ديسمبر/ كانون الأول، تأتي في وقت "يشعر فيه اللاعبون الدوليون بالإحباط بسبب الركود النسبي لاتفاقية ستوكهولم"، بحسب المحلل المشارك في مجلس اللجنة الأوروبية للعلاقات الدولية، أولج آدم بارون، مضيفا: "من نواح كثيرة، شعر البعض أنه إذا لم يكن هناك تقدم، يمكن أن ينهار كل شيء".

"مسرحية من الحوثيين"

ورغم أن الأمم المتحدة قالت إن العملية كانت "وفقًا للخطط الموضوعة"؛ تم الطعن فيها من قبل مصادر مختلفة، مشككين في رغبة المتمردين الحقيقية في تقديم تنازلات. فعند إعلان انسحاب الحوثيين من الموانئ، قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني يوم الأحد على حسابه على تويتر: "ما فعلته ميليشيا الحوثيين هو مسرحية على نقل السيطرة على الميناء إلى قوات موالية لهم"، مضيفا: "هذا يدل على استمرار التلاعب ومحاولة لتجنب تنفيذ اتفاق ستوكهولم".

وشدد الدبلوماسي في حديثه للصحيفة على أنه "من الواضح أن هناك انسحابًا، لكنني لا أعتقد أن الأمم المتحدة لديها الوسائل للتحقق مما إذا كانت الشرطة وأفراد الحرس الوطني الذي سلمت إليهم الموانئ ليسوا حوثيين متنكرين، في حين أن قوات الأمم المتحدة على الأرض لا يوجد بها عدد كاف من الأفراد".

وقالت المحللة في معهد الجزيرة العربية، فاطمة أبو الأسرار: "سيكون من المثير للاهتمام أن نرى الأمم المتحدة قادرة على المساعدة في تحييد أيدي الحوثيين وصد التأثير العسكري للمتمردين".

ولفتت الصحيفة إلى أن الموقع الإستراتيجي لمحافظة الحديدة وموانئها في غرب البلاد كانت محور الصراع لأطراف النزاع منذ ما يقرب من عام؛ فعلى الحدود مع البحر الأحمر، يمر عبر ميناء الحديدة ما يقرب من 70 ٪ من المساعدات الإنسانية. وأضافت أن 80 ٪ من سكان اليمن يحتاجون إلى المساعدة أو الحماية، وفقا للأمم المتحدة، فيما تواصل المنظمات غير الحكومية دق جرس الإنذار لجذب انتباه المجتمع الدولي، إذ أن نقص المياه والغذاء والبنية التحتية والمرض يصيب المدنيين بشدة.

السلطة ستبقى في أيديهم

وأوضح التقرير أن للميناء أهمية خاصة بالنسبة للإمارات، التي تهدف إلى توسيع نفوذها على المياه الإقليمية، وعلى الرغم من أن لديها بالفعل قواعد عسكرية في إريتريا وأرض الصومال وتسيطر على الجزر اليمنية في سقطرى، تختلف الأهداف في مينائي "رأس عيسى" و"سليف"؛ فالأول محطة نفط والثاني يستخدم لواردات الحبوب.

وذكر الدبلوماسي أن إطلاق النار يوم الخميس الماضي على صوامع الغلال المخزنة في مطاحن دقيق البحر الأحمر، التي تسيطر عليها القوات الحكومية بالقرب من الحديدة، ربما يكون قد أدى إلى تسارع رحيل المتمردين لبدء انسحاب القوات الموالية والتحالف.

واعتبرت أبو الأسرار أنه "مهما كانت محاولات الانسحاب، فإن السلطة تبقى في أيدي الحوثيين"، مضيفًة أن "المتمردين يمكنهم البقاء في الحديدة لأنهم لا يشكلون جيشًا ولكنها ميليشيا يمكن أن تندمج بسهولة مع السكان المحليين".

حجم الخسائر

وقد نص اتفاق ستوكهولم على هدنة وانسحاب قوات الجانبين من الحديدة، وكذلك جمع إيرادات الموانئ في فرع البنك المركزي بالحديدة للمساعدة في دفع رواتب موظفي الحكومة. ودمرت الحرب الاقتصاد اليمني، مما زاد من حدة الأزمة الإنسانية ودفع الملايين إلى شفا المجاعة، حتى بات كثير من اليمنيين غير قادرين على شراء السلع الأساسية لارتفاع أسعارها، ويجد البنك المركزي صعوبة في دفع رواتب القطاع العام مع تبخر احتياطيات النقد الأجنبي.

وستساعد الأمم المتحدة في إدارة موانئ الحديدة، التي ستكون تحت إدارة مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية وأيضا في تفتيش السفن. ويشار إلى أن النزاع في اليمن نشب عقب فشل عملية الانتقال السياسي للسلطة، بعد أن أجبرت انتفاضة شعبية الرئيس السابق علي عبدالله صالح على تسليم السلطة لنائبه عبد ربه منصور هادي عام 2011.

واستغل الحوثيون الذين حاربوا ضد صالح في العقد الماضي الأوضاع السياسية للسيطرة على منطقة صعدة والمناطق المحيطة بها، كما استولوا على العاصمة صنعاء نهاية عام 2014، وأجبروا هادي على الفرار، ما أدى إلى تدخل السعودية مع دول عربية أخرى في محاولة لإعادة الحكومة إلى السلطة.