بطلة في زمن الجبناء.. تضامن واسع مع الأسيرة المحررة أحلام التميمي

أطلق ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي حملة تضامن واسعة مع الأسيرة الأردنية المحررة من سجون الاحتلال الإسرائيلي أحلام التميمي الذي أفادت مصادر إعلامية بأن السلطات الأردنية طلبت منها مغادرة البلاد بشكل فوري.
وكشفت مصادر لمواقع إخبارية عربية ومحلية أن جهاز المخابرات الأردنية أبلغها بضرورة مغادرة التميمي المملكة، رغم أن الأخيرة تحمل الجنسية الأردنية، فيما أشارت مصادر أخرى إلى أن الأردن خيّر حماس بين ترحيل التميمي أو تسليمها لواشنطن.
وفي أعقاب ذلك، عد رئيس مجلس النواب الأردني أحمد الصفدي، أن الحديث عن ترحيل التميمي، التي تتهمها الولايات المتحدة الأميركية بالتورط في هجوم أسفر عن مقتل أميركيين اثنين عام 2001 "أخبارا غير دقيقة".
وقال في رده على سؤال لأحد أعضاء المجلس (الغرفة الأولى للبرلمان) في 3 فبراير/شباط 2025: "تابعنا ذلك، وأخبار غير دقيقة، ولا نفتح (موضوعها) أفضل".
ورغم تصريحات الصفدي إلا أن الناشطين كثفوا تغريداتهم وتدويناتهم الرافضة لترحيل التميمي وصبوا عبر حساباتهم الشخصية على منصتي "إكس" و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #أحلام_التميمي، #لا_لترحيل_أحلام_التميمي، جام غضبهم على النظام الأردني.
وعدوا اعتزام السلطات الأردنية ترحيل التميمي أو تسليمها لأميركا "عار"، مؤكدين عدم قانونية تلك الخطوة ومخالفتها للحكم القضائي السابق الصادر من محكمة التمييز التي تعد أعلى هيئة قضائية في الأردن واستحضروا نصوصا قانونية تجرم ذلك.
بطولة التميمي
وقضت التميمي في السجون الإسرائيلية عشر سنوات بعد أن حكم عليها بالسجن 16 عاما بتهمة المشاركة في تنفيذ عملية استشهادية لكتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحماس في مطعم سبارو بالقدس الغربية، في أغسطس/آب 2001، قتل فيها 15 شخصا وجرح 122 آخرون.
وأفرجت إسرائيل عن التميمي وسلمتها إلى الأردن عام 2011 ضمن صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة "حماس".
والتميمي صحفية فلسطينية تحمل الجنسية الأردنية وهي من مواليد مدينة الزرقاء (وسط المملكة) عام 1980، وعادت إلى فلسطين مع أهلها بعد أنهت دراسة المرحلة الثانوية في الأردن، ودرست الإعلام في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم أخيرا من سجون الاحتلال تقرر إبعادهم خارج الأراضي الفلسطينية ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، فيما رفضت عمان استقبال الأسيرين الأردنيين عمار حويطات وثائر اللوزي.
وهما الأسيران المحرران ضمن الدفعة الثانية من المرحلة الأولى لصفقة التبادل التي بدأ تنفيذها بين الاحتلال وحماس في 19 يناير/كانون الثاني 2025.
وإثر الرفض الأردني لاستقبال الأسيرين، أعرب حويطات المحكوم عليه بالمؤبد و20 عاما إضافية، عن رفضه رسميا توقيع أوراق الإفراج عنه إلى الضفة الغربية أو قطاع غزة، في 25 يناير، مؤكدا رغبته في العودة حصرا إلى الأردن، وتم استبداله بأسير آخر.
بدورها، أصدرت اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين الأردنيين بيانا، قالت فيه إنها تفاجأت بقرار إبعاد الأسيرين الأردنيين حويطات واللوزي.
وأضافت أن الأسير حويطات رفض التوقيع على قرار الإفراج والإبعاد، وبقي في الأسر، فيما تم الإفراج عن اللوزي وإبعاده إلى قطاع غزة.
وحويطات المعتقل في سجون الاحتلال منذ عام 2002، يُعد أحد أبرز ممثلي الأسرى الأردنيين وعضوا في لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الأسيرة، وتعرض خلال فترة اعتقاله لاعتداءات متكررة كان أبرزها نهاية عام 2023.
أما عن الأسرى المبعدين خارج الأراضي الفلسطينية، فقد قال مسؤول الإعلام في مكتب الشهداء والأسرى في حركة حماس، ناهد الفاخوري، إنه "وصل إلى القاهرة حتى الآن 79 أسيرا محررا ممن تقرر إبعادهم، وسيستقر جزء منهم داخل الأراضي المصرية".
وأضاف في تصريحات لقناة "الجزيرة"، أنه "سيتم تحديد العدد النهائي بناء على الدفعات التي سيفرج عنها في أوقات لاحقة"، موضحا أن الترتيب يجرى لاستقبال أسرى محررين في دول أخرى، حيث سيصل 15 منهم إلى تركيا، بينما يصل 15 آخرون إلى باكستان في وقت لاحق، بعدما أبدت استعدادها لاستقبالهم.
رفض وتضامن
ورفضا لترحيل الأسيرة الأردنية المحررة وتحذيرا من الخطر الذي ستواجهه حال ترحيلها وإعرابا عن التضامن معها، شارك بيان البيتار في وسم #لا_لترحيل_أحلام التميمي، قائلا: "لا لتسليم حرائرنا للعدو".
وقال سبأ حميدان: "لا تفرطوا في أمانة الجعبري!" -في إشارة إلى قائد كتائب القسام أحمد الجعبري الذي نفذ صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس والاحتلال عام 2011 "صفقة شاليط أو صفقة وفاء الأحرار" التي تم بموجبها الإفراج عن 1047 أسيرا مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاط شاليط.
ودخل حينها الجعبري الجانب المصري من معبر رفح قابضا على يد شاليط، وكان بجانبه مجموعة كبيرة من مقاتلي القسام بينما اطمأن الاحتلال على شاليط أفرج عن نصف الأسرى المحررين ثم تحفظ الجانب المصري على شاليط ليتم الإفراج عن النصف الثاني من المرحلة الأولى من الصفقة.
ودخل الأسرى الفلسطينيون المحررون إلى معبر رفح يستقلون عددا من الحافلات ملوحين بعلامات النصر.
وعرض رشاد عطا، صورة لأحلام التميمي، متسائلا: “إلى أين تذهب؟ أين الحياء وأين الرجولة وأين العشيرة والقبيلة؟”
وقال: "ويحكم أتدرون أن العرب قديما تموت دون أن يتفوه أحد على بناتهم.. فما بالكم هذا!! أحلام التميمي أختكم وعرضكم يا أهل الأردن".
واستنكرت المغردة نجوى الاتجاه لترحيل أحلام، قائلة: "هذا حال الفاسدين الخونة في مجتمعنا اليوم يقتلون ويعزلون ويحاربون كل شريف كل غيور كي ﻻ يكون شاهدا على فسادهم وحتى لا يبقى للأمة إلا هم".
واستنكر عبدالرحمن الكسار، قول البعض إن قضية ترحيل أحلام شائعات أو مازالت غير رسمية وعلينا الانتظار، متسائلا: “انتظار ماذا؟ ترحيلها؟ أم صدور قرار رسمي بذلك؟”
وقال: "واجبنا الآن إظهار أن الرأي العام ملتهبٌ غيرة على عرضه، حتى يُحجم المسؤولون عن عار كهذا"، محذرا المسلمين من أن "أحلام قد تواجه عقوبة الإعدام".
وأكدت منى عوض الله، أن ترحيل التميمي "تهديد حقيقي لحياتها، حتى وإن قبلت إحدى الدول استقبالها فستكون حياتها مهددة"، قائلة إن "الأردن هو البلد الوحيد الذي يملك أحقية منع تسليمها للولايات المتحدة، وحمايتها واجب على الدولة".
غير قانوني
وتأكيدا على عدم قانونية تسليم الأسيرة الأردنية المحررة، أوضح الأكاديمي الأردني وليد عبدالحي، أن المادة 9 الفقرة الأولى من الدستور تنص على عدم جواز إبعاد الأردني من المملكة.
وأشار إلى أن محكمة التمييز (وهي أعلى هيئة قضائية أردنية) سبق لها عام 2017 المصادقة على قرار لمحكمة الاستئناف (عمان) بعدم تسليم أحلام للسلطات الأميركية، وهو ما يعني أن مستويات القضاء المختلفة (البداية والاستئناف والتمييز) قررت عدم التسليم.
ولفت عبدالحي إلى أن قرارات هذه المستويات القضائية قضت بأن شروط تسليم أحلام "غير متوفرة" لأن الاتفاقية الأميركية الأردنية الموقعة عام 1995 لتسليم "المجرمين" ليست نافذة المفعول لأن الشرط الأساسي لنفاذها هو تصديق مجلس الأمة عليها وهو ما لم يتم.
وأكد أن القرار بترحيلها إلى خارج الأردن لا يعني بالضرورة تسليمها للولايات المتحدة، متسائلا: "هل سينتظر تنفيذ القرار إلى حين موافقة دولة على استقبالها، وماذا لو لم يصدر أي قرار خارجي باستقبالها؟ وهذا أمر محتمل ، ولكنه يثير إشكالية أخرى تعيدنا إلى سيادة القانون من ناحية أخرى.
وتابع عبدالحي تساؤلاته: “هل هناك قرار قضائي مكتمل (أي مر بمراحل التقاضي بدرجاته كلها) بترحيل أحلام؟ أين هذا القرار؟ ومن أصدره من الجهات القضائية؟ وما هو السند القانوني لقرار الترحيل إن صح ما جرى تداوله؟”
وذكرت الصحفية شروق طومار، بأن التميمي مواطنة أردنية ترحيلها مخالف للدستور، مؤكدة أن "لا أحد يحترم الضعيف".
وقال الباحث في الشؤون الإسرائيلية سلطان العجلوني: "ما يهمني هو سلامة الأخت أحلام التميمي وإنهاء معاناتها واجتماعها بزوجها أما العنتريات والشعارات وتسجيل المواقف فلها أهلها".
وأضاف: "نعم واجب الأردن احترام الدستور وتنفيذ أحكام القضاء (وهذا ما تم حتى الآن) ولن أنتظر أن تزل الحكومة لأعلي صوتي بالشتم والحمد لله أن المقاومة لا تفكر بغريزتها".
وأكد محمد محمود، أن إبعاد المواطن الأردني عن وطنه أو منعه من دخوله يشكل مخالفة لصريح النص الدستوري ولاتجاه القضاء الأردني البات، محذرا من أنه "في حالة تم إبعاد المواطنة التميمي فإنها معرضة لخطر الاعتقال والتسليم لأميركا التي قد تتعرض فيها للحكم بعقوبة المؤبد أو الإعدام!".
نضال ووطنية
وعن نضال ووطنية أحلام وإيمانها بالقضية الفلسطينية ودفاعها عنها وانتمائها للقسام، قال علاء القضاة، إن "حُبَّك للمنسف والشماغ ليس برهانا على أردنيتَك".
وأضاف: "أحلام أردنية أكثر من أي منا، الأردني هو الذي ينتمي للأردن ويحمي أمنه القومي ويسبق العدو بخطوات ويشتبك معه قبل أن يتحول من تهديدٍ كامن إلى تصريحات علنية."
وذكر بأن "أحلام دافعت عن الأردن وعن أمن شعبه عبر الإثخان في العدو الصهيوني".
وقالت مايا رحال، إن "المناضلة التميمي سطرت أروع البطولات بعملياتها الفدائية على أرض فلسطين بحيث لم تشكل أي خطر محدق على الأردن"، واصفة قرار ترحيلها بـ"المؤسف ورجت التراجع عنه".
تفريط النظام
وهجوما على النظام الأردني ودعوة للتصدي له ومناهضته وتنديدا بموقف الأنظمة العربية الحاكمة، قالت المغردة ديا: "هناك فرق بين من كان حلمه تحرير الأسيرة أحلام، وبين من رفض حتى استقبال الأسرى الأردنيين الذين تحرروا في صفقة طوفان الأقصى".
وأضافت: "هناك فرق بين من يحرر أسيرة وبين من يسلّم ويطرد أسيرة محررة من أراضيها".
ورفضت الصحفية درة السيد، لوم الدول التي رفضت لجوء التميمي، ورأت أن "العجب العجاب في نظام الأردن الذي يرفض استقبال مواطنة أردنية ويطالب بترحيلها وتعريض حريتها للسلب وحياتها للخطر على يد أميركا"، قائلة: "ضاقت عليك الدنيا أختاه وأنت البطلة زمن الجبناء".
ووصف طارق زهري، ما يفعله النظام الأردني مع أحلام التميمي بأنه "فضيحة كبرى".
وحث عمر أبو شادي، على إعلاء الصوت ضد النظام العاجز عن حماية امرأة، متسائلا: "كيف سيوقف مخطط تهجير الضفة؟".
واستهجن الكاتب محمد حامد العيلة، عدم موافقة أي دولة عربية على استقبال الأسرى المبعدين، وبدلا من استقبالهم، تطرد الأردن الأسيرة المحررة التميمي، متسائلا: "هل هذا هو التضامن العربي؟".
وأعاد الباحث في الشأن السياسي سعيد زياد، نشر تغريدة العيلة، ساخرا بالقول: "التضامن العربي في أبهى حلّة".















