غير مسبوقة.. لماذا تشكل المناورات المصرية الصينية مصدر قلق لإسرائيل؟

منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

مناورات عسكرية هي الأولى من نوعها بين مصر والصين، لم تفاجئ المراقبين فحسب بل أدهشت بكين نفسها، حتى إن وزارة الدفاع الصينية لم تتردد في التعبير عن فخرها بها علنا.

وبدأ الجيشان المصري والصيني تنفيذ أول مناورة جوية مشتركة من نوعها تحت اسم "نسور الحضارة 2025"، بمشاركة مقاتلات متعددة المهام ومعدات وآليات متنوعة.

وتُقام المناورات في قاعدة عسكرية داخل مصر لم يُعلن عن موقعها، وتستمر من منتصف أبريل/نيسان وحتى أوائل مايو/أيار 2025.

وتحدثت صحيفة عبرية عن المناورات العسكرية المشتركة بين مصر والصين، مشيرة إلى ما قد تحمله من دلالات لكل من الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي.

وقال إيلي ديكل، الرئيس السابق لفرع الأبحاث الميدانية العسكرية بجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، والمتخصص في الشأن المصري، إن “العلاقات تمر حاليا بأكثر مراحلها توترا” منذ اندلاع العدوان على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

تساؤلات إسرائيلية

وأشارت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، إلى أن مخاوف القاهرة بشأن احتمال انهيار الحدود مع غزة، وتدفّق سكان القطاع نحو سيناء، إلى جانب تمركز القوات المصرية قرب الحدود، أثارت العديد من التساؤلات في الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية.

ووصفت الصحيفة، المناورة العسكرية غير مسبوقة بين مصر والصين بأنها كانت "مفاجأة"، وقد شاركت فيها مقاتلات صينية متطورة.

لكن يرى ديكل أن تعاون مصر العسكري مع الصين “ليس مفاجئا، بل هو جزء من سياسة واضحة تتبعها القاهرة منذ عقود”.

وأوضح أن “مصر تنتهج منذ سنوات طويلة سياسة متعمّدة تقوم على عدم الارتهان لأي قوة عظمى واحدة، ورغم ما يكلفها ذلك من موارد باهظة”. 

وذكر أنها "تواصل شراء الأسلحة من أطراف متعددة، وتحرص على تنويع علاقاتها العسكرية والسياسية مع عدد واسع من الدول".

كل هذا بهدف تجنب موقف مشابه لما واجهته أربع مرات في الماضي، حين أغلقت الولايات المتحدة "الصنابير" عنها، وفق تعبير المسؤول الإسرائيلي السابق.

وفي هذا السياق، أشار ديكل إلى اعتماد إسرائيل الحالي على إمدادات الأسلحة الأميركية؛ حيث قال: "في حربنا الأخيرة (إبادة غزة)، لم تزودنا واشنطن بالجرارات، وفي الماضي، لم تزودنا بمحركات الطائرات، وقبل ذلك لم تُزودنا بأي أسلحة على الإطلاق".

وتابع: "الولايات المتحدة تلعب معنا لأننا معتمدون عليها، وهي تعرف أننا معتمدون عليها، أما مصر، فقد تعلمت هذا الدرس على مر السنين، ألا تكون معتمدة على أحد".

وأضاف ديكل أنه "حتى وإن فاجأ التعاون مع الصين بعض الأشخاص في إسرائيل، إلا أنه يعد تطورا طبيعيا للقاهرة".

وقال: "مصر تحافظ عمدا على علاقات مع الجميع، مع أي طرف يمكنها التعاون معه، مع أي شخص له كلمة في الساحة، ومع أي طرف يمتلك قدرة عسكرية وأسلحة متطورة، ولذلك تجري تدريبات مشتركة مع روسيا، فضلا عن خطوات أخرى".

وأردف: "لا تزال مصر تجري تدريبات مع فرنسا، وإنجلترا، وبالطبع مع أميركا، وللأسف، أعلم أنه لا توجد تقريبا أي مناورات سابقة أجرتها مع الصين، لكن لا أرى فرقا بين التدريبات العديدة التي أجرتها مصر مع روسيا والاتحاد السوفيتي وتلك التي أجرتها مع الصين".

وأوضح ديكل أن "سوق السلاح الصيني ليس غريبا على مصر، رغم أن الولايات المتحدة لا تنظر لذلك بعين الرضا".

سوق السلاح

وفي إطار "تجوالها" في أسواق الأسلحة سعيا لخلق حالة من الاستقلال عن الولايات المتحدة، دأبت القاهرة على شراء أسلحة من بكين على مر السنين، رغم علمها بأن واشنطن لا ترغب في ذلك.

فهي تدرك أن الولايات المتحدة تموّلها بما يشبه منحة سنوية قدرها 3 مليارات دولار، ومع ذلك لا تزال تشتري الأسلحة من الصين.

ووفقا لديكل، اشترت مصر أخيرا أنظمة حرب إلكترونية متطورة من الصين، بما في ذلك أربع بطاريات نشطة، إلى جانب أسلحة أخرى قد لا تكون معروفة للعامة، لكن علاقات مصر مع الصين تتجاوز الجانب الأمني.

وقال: "لقد اكتسبت الصين مكانة خاصة في مصر خلال السنوات الأخيرة، منذ أن استولى عبد الفتاح السيسي على السلطة؛ حيث نجحت بكين في دخول اللعبة وتأمين مكانة بارزة في سياسات السيسي".

وأشار إلى أن "الصين لا تبني العاصمة الإدارية الجديدة فقط، التي يمكن القول إنها أهم مشروع للسيسي، بل أيضا تبني على الأقل ميناءين كبيرين ومهمين في مصر، في أبو قير، كما أن لبكين انخراطا واسعا، ولذا لست مندهشا من أنها تجري هذه المناورة".

وفيما يتعلق بالطائرات المقاتلة الصينية التي شاركت في المناورات المشتركة، يعتقد ديكل أنها قد تكون تكتيكا مصريا قبل عمليات استحواذ مستقبلية.

وقال ديكل: "منذ عدة سنوات، ترغب مصر في تعزيز سلاحها الجوي، لذلك أعتقد أنها تمارس لعبة تهدف إلى تحصيل مكاسب مالية من جميع من يعرضون عليها الطائرات".

وأضاف "فهي في مفاوضات طويلة مع فرنسا لشراء طائرات رافال، ولكن في الوقت نفسه، بصدد التفاوض مع إيطاليا للحصول على طائرات مشابهة، والآن تُجري نفس المفاوضات مع الصين للحصول على طائرات شبحية".

وأوضح: "أعتقد أن هذا جزء من صفقة تجارية تهدف إلى إرسال رسالة للآخرين بأنهم ليسوا اللاعب الوحيد في السوق، وبالتالي يجب عليهم خفض الأسعار، ثم في النهاية سيتخذ المصريون قرارهم".

ويظن المسؤول الإسرائيلي السابق أنهم "في النهاية سيتجهون نحو الطائرات الفرنسية، ولكن هذا مجرد تخمين، فهذا جزء من إستراتيجية الصفقة".

واختتم ديكل بالقول إنه لا يرى في المناورة المشتركة مع الصين "خطوة خارجة عن المألوف أو مثيرة للقلق بشكل خاص، بل امتدادا لنهج قائم ومستمر".

وقال: "لست متفاجئا من المناورة المشتركة، فمصر تُجري تدريبات مع معظم القوى الكبرى، باستثناء إسرائيل".