بعد الموافقة على انضمام السويد وفنلندا.. أين ينتهي توسع الناتو؟

تخلت السويد وفنلندا عن سياسة عدم الانحياز العسكرية طويلة الأمد

تخلت السويد وفنلندا عن سياسة عدم الانحياز العسكرية طويلة الأمد

8 months ago

12

طباعة

مشاركة

أزيلت العقبة الأخيرة أمام انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" بعد تصويت البرلمان المجري في 26 فبراير/شباط 2024 بالموافقة على الاقتراح.

وتعتقد بعض التقارير الإعلامية أن الناتو أكمل القطعة الأخيرة من "اللغز" لاحتواء روسيا في بحر البلطيق، الذي سيتحول إلى "بحيرة الناتو".

ورغم نجاح حلف شمال الأطلسي في التوسع شمالا، يعتقد موقع "الصين. نت" أن السويد قد تواجه خطر التورط في صراعات عسكرية وتصبح ضحية للمواجهة بين المعسكرات. 

فكيف سيتطور الوضع الإقليمي بعد انضمام السويد إلى المعاهدة؟ ومن الذي يثير باستمرار توتر الأمن الإقليمي؟

نهاية الحياد

يذكر الموقع الصيني بما أشارت إليه الحكومة السويدية بأن "السويد لم تشارك في حروب منذ عام 1814، وأنها تتبع سياسة عدم الانحياز في زمن السلم، والحياد في زمن الحرب". 

وهنا يؤكد أن "كل هذا سوف يُمحى بلا شك بانضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي".

وأوضح: "بعد حرب أوكرانيا في فبراير 2022، تخلت السويد وفنلندا عن سياسة عدم الانحياز العسكرية طويلة الأمد، وطلبتا الانضمام إلى الناتو في مايو/ أيار من نفس العام". 

ووقعت أغلبية الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي بروتوكولا بشأن انضمام البلدين إلى المعاهدة في يوليو/ تموز 2022.

وانضمت فنلندا إلى الناتو في أبريل/ نيسان 2023، وأصبحت العضو الحادي والثلاثين في الحلف. 

وبعد موافقة تركيا على انضمام السويد في يناير/كانون الثاني 2024، وتحت ضغط من الولايات المتحدة وحلفائها بالحلف، أعطت المجر أخيرا الضوء الأخضر للسويد للانضمام إلى الناتو.

وتستعد السويد للانضمام رسميا إلى الحلف لتكون العضو رقم 32 بدءا من 11 مارس/ آذار 2024، كما سيقام حفل رسمي لذلك في مقر "الناتو" بالعاصمة البلجيكية بروكسل.

جدير بالذكر أنه "بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، حاول حلف شمال الأطلسي إقناع البلدين بالانضمام إلى الحلف عدة مرات، لكنه فشل".

ولكن كما يقول الموقع: "فإن تصاعد الصراع بين روسيا وأوكرانيا دفع فنلندا والسويد إلى إعادة النظر في مواقفهما". 

وبطبيعة الحال، يلفت الموقع إلى أن "السويد وفنلندا ستتمتعان بالفوائد المترتبة على تدابير الدفاع الجماعي التي يفرضها حلف شمال الأطلسي عند انضمامهما إليه". 

وهذا يعني أن "أي هجوم مسلح ضد أي دولة عضو في حلف الناتو سيُنظر إليه بوصفه هجوما على الدول الأعضاء كافة".

وفي هذا السياق، يسلط الموقع الصيني الضوء على أن "الوضع الأمني بين الناتو وروسيا، بعد انضمام البلدين، سيصبح أكثر توترا".

وفي هذا الإطار، قال جان أوبيرج، مؤسس المؤسسة السويدية لأبحاث السلام والمستقبل العابرة للحدود الوطنية، إن "السويد دعمت في الأصل نزع السلاح والسلاح النووي، كما كانت وسيطا محتملا خارج المواجهة بين الناتو وروسيا".

وأضاف الخبير في مقابلة مع الموقع الصيني، أن "السويد ستصبح دولة في خط المواجهة، وعالقة في الأزمات والتوترات، وقد تقع بسرعة ضحية لصراعات المعسكرات".

إضافة إلى ذلك، سبق أن ذكرت وزارة الخارجية الروسية أن "حياد السويد كان عاملا مهما في الحفاظ على الاستقرار والثقة في منطقة بحر البلطيق منذ عقود". 

ونتيجة لذلك، يذهب الموقع إلى أن "انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي سيلحق ضررا كبيرا بأمن شمال أوروبا والقارة الأوروبية بأكملها". 

ومن وجهة نظره، "سيتعين على الاتحاد الروسي أن يتبنى استجابات عسكرية تقنية وغيرها من الاستجابات للقضاء على تهديدات الأمن القومي". 

روسيا محاصرة

وفقا للموقع الصيني، "بعد انتهاء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، توسع حلف الناتو شرقا لعدة جولات، واتسع نطاقه الجغرافي تدريجيا حتى الحدود الروسية، مما أدى إلى الضغط المستمر على الفضاء الإستراتيجي لروسيا". 

ويشير إلى أن "توسع الناتو يشمل هذه الأيام السويد وفنلندا شمالا"، موضحا أن هاتين الدولتين "شكلتا مواجهة حادة مع روسيا في منطقة الشمال، وهو الأمر الذي يشكل تحديا أمنيا لأوروبا بأكملها".

وبالعودة إلى وقت تأسيس حلف شمال الأطلسي، يذكر "الصين.نت" أن عضوا واحدا فقط، النرويج، كان يشترك في الحدود مع روسيا، حيث يبلغ طول الحدود البرية 196 كيلومترا.

وفي وقت لاحق، بعد انضمام بولندا إلى الحلف عام 1999 وانضمام دول البلطيق الثلاث في 2004، زادت الحدود البرية بين الناتو وروسيا إلى حوالي 1200 كيلو متر. 

والآن بعد أن انضمت السويد إلى حلف شمال الأطلسي، تضاعف طول الحدود البرية بين الحلف وروسيا، بحسب الموقع.


 

وفي هذا السياق، ينقل عن وسائل إعلام غربية قولها إنه "بعد فنلندا، فإن انضمام السويد يعني أن الدول المحيطة ببحر البلطيق، باستثناء روسيا، ستضم إلى أراضي الناتو، وسيصبح بحر البلطيق بمثابة بحيرة حلف شمال الأطلسي".

ومن هنا، ينوه إلى أنه "يمكن السيطرة على الممرات البحرية في بحر البلطيق، بما في ذلك الوصول إلى خليج فنلندا الذي ينتهي عند سانت بطرسبورغ، ثاني أكبر مدينة في روسيا". 

علاوة على ذلك، فإنه على مسافة ليست بعيدة إلى الجنوب الشرقي من الجزيرة تقع كالينينغراد، المقر الرئيس لأسطول البلطيق الروسي.

وأخيرا، في بيان صدر في يناير 2024، أعرب وزير الحماية المدنية السويدي، كارل أوسكار بولين، عن مخاوفه بشأن جر السويد إلى الحرب. 

كما حذرت الإذاعة السويدية أخيرا من أنه "في حالة نشوب صراع على الحدود الشمالية لحلف شمال الأطلسي، فإن القوات الأجنبية والأسلحة والذخائر والوقود ستُنقل عبر السويد.

وهو ما سيزيد التهديد الذي تتعرض له البلاد من أنظمة الأسلحة بعيدة المدى مثل الصواريخ والطائرات بدون طيار. 

أكثر أمانا؟

وبعد تصويت البرلمان المجري، أعلن الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، أن "عضوية السويد تجعلها هي والناتو أقوى وأكثر أمانا".

وفي هذه النقطة، يتساءل الموقع: "ماذا يعني ستولتنبرغ بالأمن؟ وهل السويد آمنة حقا؟ ومن الذي يحرك الأمن الإقليمي؟"

ويرى أن "حلف الناتو قد بالغ منذ فترة طويلة في تقدير التهديد الذي تشكله روسيا للدول الأوروبية، وخاصة أعضاء الناتو في أوروبا الشرقية".

وفي مقابلة مع مذيع الأخبار الأميركي الشهير تاكر كارلسون أوائل فبراير 2024، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن "روسيا ليس لديها مطالبات إقليمية في بولندا أو لاتفيا أو دول أخرى في القارة الأوروبية، ولن تستخدم القوة ضد وارسو ما لم تهاجم الأخيرة موسكو".

"ولكن من جانبه، يواصل حلف شمال الأطلسي اتخاذ العديد من الإجراءات"، وفق ما يشير إليه الموقع الصيني.

وتابع: "ففي يناير 2024، أطلق الناتو أكبر مناورة عسكرية عبر الأطلسي منذ نهاية الحرب الباردة، مستهدفة روسيا".

وفي منتصف فبراير 2024، قال ستولتنبرغ إنه "من المتوقع أن تنفق 18 دولة عضو في الناتو ما يصل إلى 100 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع هذا العام، في حين وصلت ثلاث دول أعضاء فقط إلى هذه الحصة عام 2014".

وفي هذا السياق، يلفت إلى أنه في نهاية عام 2023، وقعت السويد اتفاقية تعاون دفاعي ثنائي جديدة مع الولايات المتحدة.

كما أنها فتحت استخدام القواعد العسكرية في البلاد البالغ عددها 17 للجيش الأميركي، مما سمح له بنشر المعدات العسكرية مسبقا وإجراء عمليات على الأراضي السويدية.

وبنفس الشكل، وقعت فنلندا والولايات المتحدة اتفاقية تعاون دفاعي، تسمح للجيش الأميركي بدخول 15 منشأة قاعدة عسكرية إلى البلاد وتخزين المعدات والأسلحة على الأراضي الفنلندية.

وبناء على ذلك، أشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن "انضمام السويد وفنلندا إلى المعاهدة يُعد التحدي الأكثر إلحاحا الذي يواجه روسيا، لأن قوات الناتو وأسلحته ومعداته قد تُنشر في هذين البلدين".

وفي المقابل، صرح بوتين بأنه "إذا نشر حلف الناتو قوات وبنية تحتية عسكرية في البلدين، فإن روسيا سترد بالتأكيد".

وفي هذا الصدد، قال ديمتري دانيلوف، الخبير في معهد الدراسات الأوروبية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إنه "بعد انضمام السويد وفنلندا، ستتعزز القوة العسكرية للجناح الشمالي للحلف بشكل كبير".

ويحذر الخبير من أن "روسيا ستعزز أنشطتها العسكرية في المنطقة بناء على ذلك، وهو ما لا يخدم الأمن والاستقرار الإقليميين".