بعد اجتماعهم لأول مرة.. هل تشكل الجبهات المناهضة لطالبان تحالفا عسكريا؟
تركز جبهة تحرير أفغانستان بشكل أكبر على هجمات حرب العصابات ضد طالبان
لأول مرة منذ ثلاث سنوات، تحدث زعيم جبهة المقاومة الوطنية في أفغانستان أحمد مسعود، ورئيس جبهة تحرير البلاد الجنرال محمد ياسين ضياء، في اجتماع مشترك يعبر عن الوحدة والانسجام بين هاتين الجبهتين العسكريتين المناهضتين لحركة طالبان.
وشدد الجانبان خلال اجتماعهما على أن الكفاح المسلح هو السبيل الوحيد للخروج من الوضع الحالي في أفغانستان.
وفي هذا التقرير، يسرد موقع "إندبندنت" البريطاني بنسخته الفارسية تفاصيل الاجتماع ومآلاته.
وبعد مرور عام تقريبا على مقتل 6 من أعضاء جبهة تحرير أفغانستان، بينهم اثنان من كبار قادتها، عقد زعيم الجبهة، محمد ياسين ضياء، في 13 أبريل/ نيسان 2024، اجتماعا عبر الإنترنت "بمناسبة ذكرى استشهادهم وتقديرا لمقاومة قوات جبهته العسكرية ضد حركة طالبان".
وخلال هذا الاجتماع، أكد زعيم جبهة المقاومة الوطنية أحمد مسعود على "ضرورة الكفاح المسلح ضد طالبان"، ويرى أنه "السبيل الوحيد للخروج من الأزمة الحالية في أفغانستان".
إغلاق الحوار
وفي هذا الصدد، يشير الموقع الفارسي إلى أن مسعود كان يعطي الأولوية دائما للحوار والحلول السياسية في أزمات أفغانستان، لكنه تحدث هذه المرة عن العمل المسلح.
وعزا مسعود موقفه ذلك إلى ادعائه بأن "حركة طالبان أغلقت كل أبواب السلام والحوار".
وسيطرت طالبان على البلاد في أغسطس/آب 2021 بموازاة مرحلة أخيرة من الانسحاب الأميركي، لكن مازالت قوات مسعود الذي يعيش في المنفى تقاتل ضد الحركة، خاصة في ولاية بنجشير.
وبنجشير، وهي مسقط رأس والده أحمد شاه، أحد أهم قادة المقاومة ضد الاحتلال السوفيتي في أفغانستان بين 1979 و1989، وقتل قبل يومين من تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وبعد سيطرة "طالبان" على أفغانستان، أعلن أحمد مسعود الابن مواصلة النضال ضدها، واتخاذه خطوات عملية بهذا الصدد، وحشد مجموعات مختلفة تحت راية "الجبهة الموحدة" التي يُطلق عليها أيضا "تحالف الشمال".
وبشأن أمر طالبان إغلاق مكاتب الأحزاب السياسية، قال محمد ضياء: "إن حظر أنشطتنا أظهر بوضوح أن الحركة لا تعد أفغانستان موطنا لجميع الأفغان".
وأكد ضياء وهو في ذات الوقت ضابط سابق وشغل مناصب متعددة مثل القائم بأعمال وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش ونائب العمليات في إدارة الأمن الوطني الأفغاني، على أن "الكفاح المسلح هو الحل الوحيد للأزمة الأفغانية".
وبين أن "سياسيي البلاد انتظروا لمدة ثلاث سنوات لتوفير أساس للحوار مع طالبان وحل المشكلة عبر الحوار، لكن ذلك لم يحدث".
وكما ينقل الموقع، طلب ضياء من القادة السياسيين الأفغان، الذين تحدثوا عن إيجاد حل سياسي للأزمة الأفغانية في أطر مختلفة، "الانضمام إلى الجبهات العسكرية في أسرع وقت ممكن".
وشدد على أن "طالبان ليست في مزاج موات للحوار والمصالحة"، وأن "انتظار الحوار وحل المشكلة عبر الوسائل السياسية مع هذه المجموعة لن يؤدي إلى أي شيء".
توحيد الجبهات
ويعود "إندبندنت" إلى فترة ما بعد وصول طالبان إلى السلطة في أفغانستان، حيث كانت جبهة المقاومة الوطنية، بقيادة أحمد مسعود، أول جهة مسلحة تعلن الحرب على الحركة.
وأفاد الموقع بأنه بعد ستة أشهر، ظهرت مجموعة أخرى بقيادة الجنرال محمد ياسين ضياء، تتألف في معظمها من جنود أفغان سابقين، تحت اسم جبهة تحرير أفغانستان.
ومنذ البداية، ركزت هذه الجبهة بشكل أكبر على هجمات حرب العصابات ضد طالبان. وفي العامين الماضيين، انتشرت في الفضاء الإلكتروني شائعات عن وجود خلافات بين هاتين الجبهتين، اللتين لهما هدف مشترك، وفق الموقع.
ولكن الآن، بعد مشاركتهم في اجتماع واحد لأول مرة، نفى قادة هاتين الجبهتين هذه الشائعات، مشددين على "مثلهم وأساليبهم المشتركة في النضال".
ومن جانبه، أكد أحمد مسعود على الوحدة بين الجبهتين العسكريتين، ووصف هذه الشائعات بأنها من "عمل المنافقين".
وقال: "وئامنا أكبر من أي وقت مضى، ودماء الشهداء سقت شجرة وحدتنا"، بحسب ما ذكره الموقع.
وبشأن الشائعات التي تنشر بين الحين والآخر نقلا عن المقاومة الوطنية ضد أطراف أخرى، بما فيها جبهة تحرير أفغانستان، حذر مسعود من أنها "خطة ومؤامرة من العدو".
ومن ناحية أخرى، يشير الموقع الفارسي إلى أن "محمد ياسين ضياء أكد أيضا على المسار والهدف المشترك للجبهتين وطلب من الشعب الأفغاني، خاصة المجموعات السياسية، الانضمام إليهما".
وقال ضياء إن "حركة طالبان تخشى من وحدة هذه الجبهات وارتباط الأشخاص والمجموعات السياسية والمدنية والناشطات النسويات".
وفي إشارة إلى بيان مشترك صدر أخيرا عن كل من الجبهة العسكرية ومجموعة سياسية من القادة السياسيين الأفغان السابقين والناشطات النسويات في فبراير/شباط 2024، أوضح ضياء أن "هذا البيان خلق الخوف لدى طالبان".
ولفت إلى أن "الموقف الموحد للجماعات السياسية والعسكرية والمدنية ضد طالبان سيتسبب في التراجع المبكر لحكم هذه الجماعة".
لعبة خطيرة
وخلال هذا اللقاء، قال ضياء إن "ما تقوله طالبان عن توفير الأمن في أفغانستان ليس أكثر من ادعاء".
كما زعم أن "طالبان تستخدم تنظيم الدولة لتحقيق مصالحها المختلفة". وهنا أشار الموقع إلى أن ضياء يتمتع بخبرة عمل عسكرية واستخباراتية في الحكومة الأفغانية السابقة.
وفي هذه النقطة، يوضح أن "حركة طالبان تدعي قمع تنظيم الدولة في أفغانستان من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإنها تستخدم اسم التنظيم للانتقام، وللحصول على تنازلات من الدول الغربية باسم مكافحة الإرهاب".
وحذر ضياء من أن "حركة طالبان بدأت لعبة خطيرة فيما يتعلق بأمن أفغانستان"، قائلا إن "الإرهاب سينتشر من البلاد إلى دول المنطقة والعالم قريبا".
وبناء على ذلك، يوضح الموقع أن زعيم جبهة تحرير أفغانستان طالب دول العالم بـ "الاعتراف بطالبان ليس كحزب سياسي وحكومة، بل كجماعة إرهابية والوقوف ضدها"، وفق تعبيره.
وفي غضون ذلك، تحدث أحمد مسعود، عن أن "طالبان ليس لديها القدرة على توفير الأمن وإنشاء حكومة ونظام ديمقراطي شامل".
وفي النهاية، أعلن بدء الكفاح المسلح بعد استراحة شهر رمضان، مؤكدا أن "هذه الكفاحات ستستمر بشكل مشترك ومتماسك بين الجبهات المسلحة ضد حركة طالبان".