استقطابات وتقلبات ومفاجآت.. ماذا ينتظر أميركا في حملة الانتخابات؟
تعد الانتخابات الرئاسية الأميركية من بين الأكثر متابعة في العالم قياسا بمثيلاتها في دول أخرى، نظراً لأهمية الولايات المتحدة كقوة عالمية.
وستكون الولايات المتحدة على موعد مع انتخابات رئاسية جديدة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
ويقول معهد تحليل العلاقات الدولية إن "اختيارات الرئيس الأميركي المقبل من شأنها أن تغير التوازن العالمي، كما حدث بالفعل في الماضي".
ورجح المعهد الإيطالي أن ينحصر التنافس بين الرئيس الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترامب، وأن تكون المحاكمات القضائية جزءا لا يتجزأ من الحملة الانتخابية التي يتوقع أن تكون شديدة الاستقطاب ومليئة بالمفاجآت والتقلبات.
وبالنظر إلى الأحداث الأخيرة على الساحة الدولية، يرى أن الرئيس المقبل سيكون مطالبا بالتعامل مع جبهات متعددة في آن واحد.
في مقدمتها الحرب في أوكرانيا والمعارك بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية حماس إلى جانب التنافس مع الصين على دور القوة العظمى العالمية.
ينطلق دونالد ترامب بأوفر الحظوظ بالفوز بالانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، لا سيما أنه يتقدم في استطلاعات الرأي بأكثر من 60 بالمئة، بينما تحصل منافسه حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، على نسبة 12 بالمئة.
وفي حال حقق ترامب، كما يبدو، الفوز في الانتخابات التمهيدية لحزبه، فمن المؤكد تقريبا أنه سيتحدى الرئيس الحالي جو بايدن مرشح الحزب الديمقراطي على الرغم من تقدم الأخير في السن.
أعاد المعهد الإيطالي التذكير بأن الأخير ليس الرئيس المنتهية ولايته فحسب، بل هو أيضا المنافس الذي فاز على ترامب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة لعام 2020.
المشكلات القانونية
أكد المعهد أن الانتخابات الرئاسية لعام 2024 ستتأثر حتماً بالتهم الموجهة ضد دونالد ترامب الذي يواجه حاليا أربع قضايا أمام المحكمة.
وهي تهم تزوير سجلات تجارية، وسرقة وثائق سرية وحملها معه إلى المنزل، والتدخل في الانتخابات في ولاية جورجيا، بالإضافة إلى التآمر ضد الولايات المتحدة من خلال محاولة تغيير نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
وتعد القضية الأخيرة بلا شك الأكثر صلة بالانتخابات الأميركية المقبلة، إذ يتهم ترامب بأنه لعب دورا في حادثة اقتحام الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني 2021 احتجاجا على فوز بايدن.
ويقول محامو ترامب إنه كان يتمتع بالحصانة الرئاسية في وقت وقوع حادثة الاقتحام وبالتالي لا يمكن محاكمته على وقائع ارتكبها خلال فترة ولايته.
على الطرف المقابل، حاول الادعاء، الذي يمثله المستشار الخاص جاك سميث، تسريع عملية المحاكمة لكن المحكمة العليا رفضت إصدار حكم عاجل ضد ترامب على خلفية اتهامه بتغيير نتائج انتخابات عام 2020.
وسيؤدي هذا القرار الذي اتخذته المحكمة في 22 ديسمبر/كانون الأول 2023، إلى تمديد فترة المحاكمة وهو ما يخدم ترامب خصوصا أن إستراتيجيته تتمثل في تأخير عملية المحاكمة قدر الإمكان لمنع صدور أي إدانات في وقت مبكر من موعد الانتخابات المقبلة.
في الأثناء، قررت المحكمة العليا في ولاية كولورادو أن ترامب ليس أهلا لتولّي منصب الرئيس بموجب المادة الثالثة من التعديل الرابع عشر لدستور الولايات المتحدة.
وقضت المحكمة بعدم أهلية الرئيس السابق لخوض انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية للاستحقاقات الرئاسية في هذه الولاية.
ويرتكز الحكم إلى التعديل الرابع عشر الذي يمنع أي شخص سبق له وأن أقسم على الولاء لدستور الولايات المتحدة من أن يشغل أي منصب منتخب إذا ما نكث بقسم اليمين عبر مشاركته في تمرّد.
وعدت المحكمة أحداث 6 يناير واقتحام مبنى الكابيتول هيل تمردا كان للرئيس الأسبق دورا فيه.
الحملة الانتخابية
ويتوقع المعهد الايطالي أن تكون الانتخابات المقبلة شديدة الاستقطاب، مشيرا إلى وجود حالة من الانقسام في الرأي العام الأميركي وخبراء القانون حول قرار المحكمة العليا في كولورادو.
وذلك بين من يؤيد قرار عدم التأهيل ومن يرى أن مثل هذا القرار من شأنه أن يعرض الديمقراطية الأميركية للخطر.
ويستبعد المعهد أن تحكم المحكمة العليا على المستوى الفيدرالي بعدم إمكانية ترشح دونالد ترامب، حتى مع الأخذ في الاعتبار أن 6 من قضاتها التسعة حاليًا هم من المحافظين وثلاثة جرى تعيينهم من قبل دونالد ترامب نفسه عندما كان رئيسًا.
علاوة على ذلك، يرى بأنه من غير المرجح أن يؤثر قرار محكمة كولورادو على ترشح الرئيس السابق لأنها لا تمثل ولاية انتخابية رئيسية.
واستدرك بالقول إن سيناريو مختلف قد يحدث إذا حذت محاكم أخرى حذو كولورادو وقضت بأن ترامب غير مؤهل.
وأشار المعهد إلى رفض المحكمة العليا في ميشيغان استبعاد ترامب من خوض الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري التي ستجرى في فبراير/شباط.
في هذا السياق الذي يعد فوضويا، بحسب وصف المعهد، يبدو من الواضح أن المسائل القضائية سيكون لها تأثير حاسم على الانتخابات.
وسيكون للمحكمة العليا خاصة دور مهم أيا كان القرار الذي ستتخذه بشأن القضايا المختلفة المتعلقة بترامب.
وأكد المعهد على أهمية جانب آخر يتمثل في عدم فقدان ترامب الدعم بعد توجيه الاتهامات إليه، بل على العكس من ذلك تعززت قاعدته الانتخابية، كما يواصل الصعود في استطلاعات الرأي.
مفاجآت وتقلبات
من المنتظر، بحسب المعهد الإيطالي أن تكون الانتخابات الأميركية مليئة بالمفاجآت والتقلبات.
ويتوقع أن يتحدد مناخ شهر نوفمبر 2024 بكيفية تطور الأحداث القضائية المحيطة بالرئيس السابق دونالد ترامب.
وقال إن الرئيس القادم سيتعين عليه أن يقرر ما إذا كان سيواصل دعم كييف في حربها ضد روسيا أو يسعى للتوصل إلى اتفاق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ولفت إلى أن الأخير قد يأمل في أن يؤدي انتخاب ترامب إلى التوصل إلى اتفاق مفيد بشأن الوضع في أوكرانيا.
بالإضافة إلى ذلك سيواجه رئيس الولايات المتحدة المقبل العديد من المسائل الأخرى على المستوى الدولي.
وفي مقدمتها التطورات في الشرق الأوسط ومواجهة حزم الصين التي تتزايد تهديداتها ضد تايوان.
علاوة على ذلك، يرجح المعهد أن تلعب الحملة الانتخابية على هذه القضايا بالنظر إلى الانتقادات الأخيرة الموجهة إلى بايدن بشأن سياسته الخارجية فيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على غزة.
وكذلك قد تؤثر على حظوظه حالة "الإرهاق من الحرب" التي تتسبب في تراجع دعم الرأي العام الغربي لكييف.
وفي خضم كل هذا، تظل الهجرة مصدرا لزعزعة الاستقرار على جانبي المحيط الأطلسي وتشكل كذلك مسألة محورية في النقاش السياسي في كل من أوروبا وأميركا.
ومن المؤكد أنها ستكون موضوعاً آخر سيتصادم حوله المرشحون للانتخابات الرئاسية في العام المقبل، يفترض المعهد الإيطالي.
وخلص إلى أن تداعيات كل ما يحدث على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي لن تبقى داخل حدوده فحسب، بل ستؤثر على العالم بأسره.