أسامة ياسين.. وزير حمل لواء شباب "ثورة يناير" فقرر نظام السيسي إعدامه
حكم بالإعدام في إطار مسلسل محاكمات السيسي المستمر لقيادات جماعة الإخوان المسلمين ورموز ثورة 25 يناير 2011، ومنهم الدكتور أسامة ياسين وزير الشباب خلال حقبة حكم الرئيس المصري الراحل الدكتور محمد مرسي.
ففي 4 مارس/ آذار 2024، حكمت "الدائرة الأولى إرهاب" بمحكمة جنايات أمن الدولة بالإعدام شنقا لكل من مرشد الجماعة محمد بديع، والقائم بأعمال المرشد محمود عزت، وعضو مجلس الشعب الأسبق محمد البلتاجي.
إضافة إلى عضو مجلس الشعب الأسبق عمرو زكي، ووزير الشباب أسامة ياسين، إضافة إلى صفوت حجازي، وعاصم عبد الماجد، ومحمد عبد المقصود.
ولم يكن هذا هو الحكم الأول الذي يواجهه ياسين، ففي 14 يونيو/ حزيران 2021، أيدت محكمة النقض المصرية أحكام الإعدام على قيادات وأعضاء في جماعة الإخوان المسلمين منهم أسامة ياسين.
وفي 22 مايو/ آيار 2023 تم تحويل أوراق أسامة ياسين للمفتي، لاعتماد الحكم عليه بالإعدام.
ومع الحكم الجديد تكاثرت الأسئلة عن أسامة ياسين وأسباب وضعه من قبل نظام عبد الفتاح السيسي على رأس قائمة أعدائه الذين يسعى للتخلص منهم.
ياسين في سطور
هو أسامة ياسين عبد الوهاب، ولد في العاصمة المصرية القاهرة يوم 25 ديسمبر/ كانون الأول 1964.
التحق بكلية الطب جامعة عين شمس، وحصل على البكالوريوس، ثم نال درجة الماجستير في طب الأطفال عام 1995، والدكتوراة عام 2008.
وعمل الدكتور ياسين في حياته العملية، كاستشاري متخصص في حساسية ومناعة الأطفال.
وبدأ نشاطه السياسي والدعوي عندما انتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين عام 1985، في وقت كانت الجماعة تشهد فيه ذروة نشاطها وعملها الطلابي داخل الجامعات، في أواخر عهد المرشد الأسبق عمر التلمساني.
وتدرج ياسين في المناصب التنظيمية للجماعة حتى أصبح عضوا في المكتب الإداري لوسط القاهرة، والمتحدث الإعلامي باسمهم.
وظهر ياسين على الساحة العامة وطرح اسمه بقوة كرمز من رموز ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.
فخلال اندلاع الثورة كان المنسق الميداني للإخوان خلال فعالياتها، ومثل الجماعة في اللجان الجماهيرية لتنسيق الثورة التي أسست أواخر أيام الثورة في ميدان التحرير.
ومما يذكر له أنه أسهم مع شباب الثورة في حماية الميدان خلال اليوم الذي عرف إعلاميا باسم "موقعة الجمل" الموافق 2 فبراير/ شباط 2011.
وقتها توجهت مجموعات من البلطجية من أنصار الرئيس المخلوع حسني مبارك، محملين على أظهر الجمال والخيل واقتحموا ميدان التحرير بهدف فض تجمعات الثوار والقضاء عليهم.
لكن ياسين وغيره من الشباب تمسكوا بالميدان ورفضوا المغادرة رغم تعرضهم للإصابات، ما أسهم في نجاح مسار الثورة، فلولا ثباتهم في ذلك اليوم لانفض الميدان، وقضي على الثورة في مهدها.
وزير الشباب
في أعقاب سقوط نظام مبارك، كان ياسين في طليعة النخبة السياسية التي عملت على ترسيخ مطالب الثورة، وبدء مرحلة جديدة.
وخلال عام 2012، أصبح عضو مجلس الشعب، بعد ترشحه على رأس قائمة حزب الحرية والعدالة ممثلا عن دائرة القاهرة الرابعة في الانتخابات البرلمانية.
كما شغل منصب الأمين العام المساعد للحزب، قبل أن يصبح وزيرا للشباب في أول حكومة تعمل داخل نظام رئاسي مدني منتخب ديمقراطيا في تاريخ الحياة السياسية المصرية.
وفي 22 أبريل/ نيسان 2012، كانت له كلمة قوية داخل قاعة البرلمان المصري، ومما قاله فيها: "خمسة عشر شهرا مضت من عمر الثورة، ونكاد في كل يوم نواجه موقفا، علينا فيه قرار شجاع واستحقاق".
وأضاف: "نستجمع قلوبنا، ونستغفر ربنا، ونجتهد اجتهادنا، ونرجو أن نكون فيه من أصحاب الأجرين، لا الأجر الواحد، ونتخذ قرارات نحسبها موضوعية، فقط نبتغي بها مرضاة الله وصالح الوطن".
وفي 28 مايو/ آيار 2012 حذر من انتفاضة الدولة العميقة، وذكر بأنها تعمل بقوة لعودة الأمور إلى مجاريها السابقة، وتستعد لاسترداد الحكم العسكري وإحكام قبضة الدولة البوليسية.
وقال: "اليقظة اليقظة.. الوطن في خطر، سأشعر بالخزي والخجل كل يوم حين أنظر في مرآتي، وأتذكر كل قطرة دم من شهيد سالت لأجل انتصار الثورة".
الانقلاب العسكري
كان ياسين في طليعة المستهدفين من الانقلاب العسكري الذي وقع يوم 3 يوليو/ تموز 2013، بقيادة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي.
حيث قامت قوات من الأمن الوطني بالقبض على الدكتور أسامة ياسين من منزل أحد أصدقائه بمنطقة التجمع الخامس يوم 26 أغسطس/ آب 2013.
حيث تم إيداعه في زنزانة انفرادية داخل سجن العقرب سيئ السمعة ومنعت عنه الزيارة لسنوات.
وقالت زوجته شيرين العزب محفوظ، إن زوجها منع عنه أيضا القدر الضئيل من الطعام الصحي الذي كان يصله من خلالنا.
وأضافت أن ما يحدث لزوجها يأتي ضمن مسلسل التنكيل به وبكل رموز الثورة المصرية الذين تمنع عنهم (عصابة العسكر) أدنى مقومات الحياة الأساسية.
ووصفت التنكيل بـ "ياسين" أنه ليس مجرد انتهاك حقوقي عادي أو قاسٍ، لكنه عملية قتل بطيء حقيقية تهدف إلى تصفيته.
وفي 21 مايو 2016، استمعت المحكمة لوزير الشباب أسامة ياسين، الذي أكد أنه محبوس في سجن العقرب وحقق معه دون حضور أي محامٍ يدافع عنه.
لافتا إلى أنه لا يعرف أسباب محاكمته، وأن ضحايا "رابعة" هم من يحاكمون في القضية وليس الجناة.
وعد ياسين مذبحة فض رابعة "أكبر مأساة لم تحدث من قبل في تاريخ مصر المعاصر".
وأوضح أن تهمته الحقيقية هي مشاركته في ثورة 25 يناير، وأن المحاكمة له ولزملائه من المعتقلين هي "عبرة لمن شارك في هذه الثورة".
وأشار إلى أن مصر "تعيش كابوسا ولازم الناس تتحرك لتخرج منه"، واختتم حديثه "نحن لم نفرط ولن نفرط في نقطة مية ولا حبة رمل من أرض مصر".
شهادات في حقه
الحق ما شهدت به الأعداء، هكذا قال الدكتور إبراهيم الزعفراني، القيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين.
وروى في تدوينة نشرها عبر حسابه بموقع "فيسبوك" في 16 أبريل 2022، أنه كان يستمع في لقاء متلفز لرجل الأعمال "نجيب ساويرس"، إذ كان يقول لقد كان في حكومة الدكتور هشام قنديل، ثلاثة وزراء متميزون يجب الاستفادة منهم وهم باسم عودة وزير التموين، وأسامة ياسين وزير الشباب والرياضة، وخالد الأزهري وزير القوى العاملة.
ويعلق الزعفراني على حديث ساويرس: "هم الثلاثة بدلا من أن يكافأوا ويرمز لهم نماذج وقدوات وطنية، الآن هم جميعا في ظلمات السجون منذ سنوات".
وأضاف: "أحدهم أسامة ياسين، الذين وجهوا له عقوبة الإعدام ويحاولون تشويه صورته".
وفي 4 فبراير 2024، نشر خالد الحداد، الذي كان يعمل مستشارا للوزير أسامة ياسين، لشؤون الموارد البشرية، بعضا من شهاداته على الرجل.
وقال: "جلسنا يوما في غرفة الاجتماعات، ونادى الوزير هو على السكرتير ووجدته يسأل كل واحدِ فينا (تاكلوا ايه)، فسألنا السكرتير وما هو الموجود في قائمة مطبخ ضيافة الوزير؟".
وأتبع: "ضحكا هما الاثنين، ووجدت أسامة يطلب من سكرتيره قائمة الطعام الخاصة بمطعم مصري شهير اسمه (كوك دور)، ويخبرنا بتفضيل كل واحد فينا؟"
وأكمل: "ضحكت مخبرا الوزير بعد أن وجدته يخرج من محفظة نقوده بعضا من المال يقدمه لسكرتيره، هو إحنا مش مستشارين وحضرتك مش وزير جاي تشتغل في الوزارة وكمان الساعة 9 مساء، وقدامنا مش أقل من 3 ساعات مناقشة! هناكل من برة وعلى حسابك!".
ثم عقب مستشار الوزير: "بابتسامة تحمل أحزانا أبلغني الدكتور أسامة أنه أصدر تعليماته بإيقاف بند الضيافة لأنه وجد به فسادا رائحته تُزكِم الأنوف! وقرر أن يدفع هو من جيبه الخاص أية أحمال مالية للضيافة!".
واستطرد: "بكل صدق وجدية وبعض المستشارين الآخرين موجودون على صفحتي ويعلمون مدى غضبي في ذلك اليوم، غضبت للغاية وأخبرته، ولماذا لم تأخذ موقفا وتحيل ذلك الفاسد أو الفسدة للمحاكمة؟ ولماذا رضيت وأنت الوزير في دولة عظيمة كمصر أن تصرف من جيبك ما هو من حقك؟"
وأتبع: "فوجدت تعبيرات وجهه بدت حزينة قائلا لي، بلغت النيابة عن طريق المستشار القانوني للوزارة، ولم يفعلوا شيئا ولا حتى ضبط وإحضار المشتبه فيهم.. فقررت قفل المحبس الذي يسرقون منه، مجبر أخاك لا بطل".
ويعلق الحداد: "كانت النيابة أغلبها متواطئ ضد حزب الحرية والعدالة حينها".
ثم روى: "عندما هممنا بالانصراف، أخبرني الوزير (مش إنت ساكِن جنبي؟ فأخبرته: نعم، فقال لي إذن أوصلك معايا وندردش (نتسامر) في الطريق)، وكانت الساعة تقترب من الواحدة صباحا".
وأضاف: "نزلت لأركب مع الوزير سيارته..فإذا بها من نوع (نيسان صني)! فسألته، ألم يخصصوا لك سيارة مرسيدس من بتوع الوزراء!".
قال لي أكيد بالطبع، ولكنني أفضل الانتقال بهذه السيارة حينما أكون متوجها لبيتي لأنني أسكن في منطقة لا أحب أهلها أن يروا وزيرا في زمن الثورة يتفشخر (يتفاخر) بسيارة مرسيدس، أحرص على مراعاة مشاعرهم!".
واختتم الحداد: "قام السائق بتوصيلي لبيتي، ودعت الوزير الصادق النقي الكفء والمحبوس منذ 10 سنوات ظلما وبهتانا وحقدا وغلا حقيقيا من المنقلب الذي سرق مصر وجعل أهلها شيعا يكره بعضهم بعضا".