السيسي يلوح بـ"اقتصاد الحرب".. مخاوف حقيقية أم حجة لتبرير الغلاء؟

إسماعيل يوسف | منذ ٣ أشهر

12

طباعة

مشاركة

مع تواصل العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، ومخاوف اتساع ذلك إلى حرب إقليمية شاملة، في ظل التهديدات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، تحدث رئيس وزراء النظام المصري، مصطفى مدبولي، لأول مرة عن “اقتصاد الحرب”.

وأبدى مدبولي تخوفه في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2024 من انفجار الوضع وصولا إلى حرب إقليمية، قد تدفع مصر للدخول في مرحلة "اقتصاد حرب".

ويعني "اقتصاد الحرب"، حالة طوارئ اقتصادية يترتب عليها غلاء في الأسعار واختفاء سلع وفرض أنماط اقتصادية ومعيشية معينة على الشعب، وخطوات تقشف لضبط الإنفاق بحجة الحرب.

تقييد كبير

ويُعتقد أن خطاب رئيس النظام عبدالفتاح السيسي في 12 أكتوبر 2024، والذي عاتب المصريين فيه، لإنفاقهم ملايين الدولارات على استيراد وأكل الجبنة والعطور والمنظفات وورق الفويل، وتحميلهم سبب أزمة الدولار، كان مقدمة لذلك.

ويتوقع بعد الحديث عن استيراد سلع بمبالغ كبيرة، رغم ضرورتها مثل الأجبان، وعقب التلويح بـ"اقتصاد الحرب"، تقييد كبير للاستيراد بشكل رسمي ومعلن، بحجة نقص الدولار، بينما السبب الحقيقي متعلق بـ"الفشل المزمن لإدارة السيسي".

وظهر مصطلح اقتصاد الحرب، والذي يعني تحويل اقتصاد الدولة بشكل كامل أو جزء منه لخدمة المجهود الحربي، لأول مرة، خلال الحرب الأهلية الأميركية ما بين عامي 1861 و1865.

ثم برز مجددا مع الحرب العالمية الثانية، عندما أشار الرئيس الأميركي آنذاك فرانكلين روزفلت في أحد خطاباته إلى ضرورة التحول إلى "اقتصاد الحرب في حال انتصار دول المحور".

وطبقت مصر اقتصاد الحرب في الفترة من 1967 وحتى 1973، عندما أعلن رئيس الوزراء وقتئذ عزيز صدقي عن "ميزانية المعركة" لتعبئة الاقتصاد وتنظيمه خلال فترة الحرب، وتوفير جميع احتياجات القوات المسلحة.

وكانت مفارقة أن يفاجئ مدبولي المصريين بحديثه عن لجوء حكومته إلى "اقتصاد الحرب".

وقال في مؤتمر صحفي: "إذا تعرضت المنطقة لحرب إقليمية (إيران وإسرائيل) فستكون هناك تداعيات شديدة، وستضطر الدولة بالتالي إلى التعامل مع ما يمكن وصفه باقتصاد الحرب".

وزعم مدبولي أن "الحكومة تواجه تحديات غير مسبوقة، وهذا سيتطلب مزيدا من الحوكمة والترشيد في كل النفقات وكذا الاستهلاك، تحسبا للأوضاع القادمة والسيناريوهات الأسوأ".

وأثار هذا الإعلان حالة من الاستغراب لأن مصر ليست في حالة حرب، ولم تدخل في أي حرب، رغم احتلال إسرائيل المنطقة الحدودية وخرق كامب ديفيد وتهديد أمن مصر القومي، وكذا اعتداء إثيوبيا على أمن مصر المائي، وكلاهما "خط أحمر" منذ قرون.

سياسيون مصريون وخبراء اقتصاد يرون أن حديث رئيس وزراء النظام ربما لا يعبر عن مخاوف حقيقية على القاهرة بسبب العدوان الإسرائيلي لأن مصر لم تدخل "اقتصاد الحرب" رغم مرور عام كامل عليها في غزة ولبنان

كما أن اتساعها حتى لو تصادمت إسرائيل وإيران، سيكون له نفس الآثار على مصر ولا جديد فيه، فضلا عن أن “أرض الكنانة” حاليا في وضع اقتصادي أسوأ من فترات الحرب التي دخلتها.

ورجح الخبراء أن يكون ما أعلنه رئيس وزراء النظام مجرد "حجة" أو "شماعة" ليبرر بها نظام السيسي تنفيذ أوامر صندوق النقد الدولي، خاصة رفع أسعار الوقود والكهرباء والغاز الذي تسبب في حالة تضخم كبيرة وارتفاع كل أسعار الأغذية ومستلزمات الحياة.

وتوقعوا اختفاء العديد من السلع مستقبلا ومنع استيرادها بحجة توجيه الموارد نحو توفير السلع الأساسية فقط وربما التسليح، رغم أن مصر لم تدخل حربا.

وظل مدبولي يمهد لارتفاع كبير في أسعار الكهرباء والوقود ورفع الدعم، بحجة أن الموازنة لا تتحمل، بينما هي مطالب لصندوق النقد وقروض معلقة لمصر.

تبرير الغلاء

خبير مصري بأحد مراكز الأبحاث السياسية، ألمح إلى أن "الهدف من استخدام مصطلحات ذات صدى عال، مثل اقتصاد الحرب، تبرير استمرار الفشل الاقتصادي لنظام السيسي".

والخروج بحجج جديدة –مثل كورونا وحرب أوكرانيا- تبرر ما تسميه السلطة "تعطل الإصلاح الاقتصادي" و"تأخر خطط التنمية"، لتبرير الفشل الأزلي في سياسات السلطة منذ انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، وفق تعبيره لـ"الاستقلال".

الخبير المصري، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أشار إلى أن الوضع الاقتصادي "يسير من سيئ إلى أسوأ" لأسباب "هيكلية"، لا علاقة لها باقتصاد الحرب وغيره، وهذا أمر مستمر منذ مجيء السيسي على رأس السلطة.

وأوضح أن “الأسباب معروفة، وتتعلق بسوء توزيع مصادر الدخل وإنفاقها في مشاريع ومنتجعات بلا عائد في الصحراء لا تفيد سوى الأثرياء وتعود بعمولات وحوافز على أركان النظام، وبناء القصور وشراء الطائرات الرئاسية وغيره، ولا علاقة لها بالحرب”.

لكن الخبير أشار إلى أن "حديث مدبولي عن اقتصاد الحرب ربما يكون مؤشرا وتمهيدا وتهيئة من جانب السلطة، للشعب، لمرحلة أكثر صعوبة وقسوة اقتصاديا، بحجة أن السبب هو الحروب، لتبرير الغلاء والتعويم الجديد المقبل". 

واتفق خبراء على استبعاد أن تصل مصر إلى إعلان الدخول في "اقتصاد الحرب"، لأن ذلك يحدث حينما تدخل البلاد كطرف مباشر في مواجهة عسكرية، حسبما نقلت عنهم شبكة "بي بي سي" في 10 أكتوبر 2024.

لأن هذا سيستلزم توجيه القدر الأكبر من الموارد للعمل العسكري، وهو حتى الآن "أمر غير مرجح بالنسبة لمصر في المدى المنظور"، أي عدم دخولها حربا، حسب تقدير الخبراء.

"بي بي سي" نقلت عن المحلل الاقتصادي في صحيفة فايننشال تايمز، أنور القاسم، أن مصر "قد تضطر لاتخاذ إجراءات شبيهة بتلك التي يتم اتخاذها وقت الحرب، نظرا لأن اقتصادها ليس في وضع جيد"، لكن دون حرب.

وتضررت وانخفضت موارد مصر الرئيسة مثل إيرادات قناة السويس والسياحة كما تراجع الاستثمار المباشر، ما قد يدفعها لتقليص الاستيراد من الخارج للحفاظ على النقد الأجنبي، واستخدام احتياطات الذهب في توفير الاحتياجات الأساسية.

ووصف الإعلامي المصري حافظ المرازي إعلان "اقتصاد الحرب" بأنه "اقتصاد ودولة أغنياء الحرب لا الحرب".

وأضاف في تدوينة عبر "فيسبوك": "لأنه بدون حرب، لم يتبق شيء في مصر، خلال السنوات العشر الأخيرة، لا تسيطر عليه المؤسسة العسكرية، أو مُسخّر لها من أرض وماء ومال ورجال".

ولفت إلى أن “إلغاء الدعم وعدم توافر السلع الأساسية بأسعار في مقدور المواطن البسيط، أوصل المصريين لمرحلة وصلت في شدتها درجة لم تمر بها مصر في فترات الحرب الحقيقية”.

9 سنوات!

والمفارقة أن الحديث عن اقتصاد الحرب تكرر في عهد السيسي كلما عانت السلطة من أزمات اقتصادية، وفي غير أوقات الحروب، وبدون أن تدخل مصر أي حرب.

وتم طرح فكرة "اقتصاد الحرب" قبل 9 سنوات وتحديدا في يوليو 2015 وتصدرت عبارة "اقتصاد الحرب هو الحل" عناوين صحف موالية للسلطة.

ففي 11 يوليو 2015، خرجت صحيفة "اليوم السابع" بعناوين تقول: "اقتصاد الحرب هو الحل.. طالما احنا في حالة حرب (لم تكن هناك حرب) وفى عجز موازنة .. ليه الحكومة والشعب مش عايشين عيشة أهلهم".

وأضافت: "كفاية استيراد كافيار وهدايا وأكل قطط وإكسسوارات ونوفر 60 مليار دولار على السلع الاستفزازية".

وزعمت أن "مصر تعيش ظروفا استثنائية حقيقية منذ ثورة 30 يونيو (انقلاب 2013) وتواجهه بحروب متعددة يعاني منها الاقتصاد الوطني".

وتحدثت "اليوم السابع" عن "ارتفاع نسب البطالة وتعثر مئات المصانع وتوقفها عن العمل وتباطؤ حركة الإنتاج وتراجع معدلات الاستثمار إلى أدنى مستوى، وارتفاع الدين المحلى، وتزايد الاستيراد من الخارج".

وما أسمته "حروب الإرهاب الجديد المدعوم من الخارج"، وترى أن هذا يستدعى التفكير الجدي في اتخاذ ما يشبه التدابير الاقتصادية الاستثنائية أو ما يسمى بـ"اقتصاد الحرب" أو الحرب غير العسكرية المباشرة والتقليدية.

وعقب حديث مدبولي عن اقتصاد الحرب، خرج السيسي لينتقد في 13 أكتوبر 2024 ارتفاع فاتورة استيراد المصريين لسلع، مثل الهواتف المحمولة والشوكولاتة وورق الفويل بمليارات الدولارات، داعيا لوقف الاستيراد العشوائي. 

ومنذ حديث رئيس وزراء النظام عن "اقتصاد الحرب"، والمصريون على منصات التواصل الاجتماعي في حالة سخرية لاذعة، حيث دارت تعليقاتهم حول أنه “لا يوجد أصلا اقتصاد في مصر حتى يدخل حالة حرب”.

وشددت التعليقات على أن أي حديث عن "اقتصاد الحرب" ليس سوى مجرد تبرير مخزٍ ومناورة للتدليس على الفشل الاقتصادي.

ووصف نائب رئيس الوزراء الأسبق، زياد بهاء الدين، مصطلح اقتصاد الحرب، الذي أطلقه مدبولي بأنه "ليس موفقا".

وقال إنه "صدر في وقت ندعو فيه إلى زيادة الاستثمارات، ومن ثم فإن الحديث عن اقتصاد الحرب يثير الخوف"، حسبما قال لقناة "الحدث" الفضائية في 12 أكتوبر 2024.

صندوق النقد

رغم المليارات التي تدفقت على مصر عام 2024، والتي قُدرت بـ50 مليار دولار من صفقة رأس الحكمة الإماراتية وقرض صندوق النقد (8 مليارات) وقروض أوروبية وخليجية أخرى.

عادت مؤشرات الأزمة الاقتصادية ونقص العملة الأجنبية مجددا بعد إنفاق هذه الأموال في دفع أقساط الديون، أو استكمال نفس المشاريع الفاشلة أو الفساد.

مؤشرات ذلك ظهرت في الحديث عن خلل في تنفيذ بنود الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وعدم صرف شرائح القرض المتفق عليه، وبالتالي تعرض مصر لمخاطر سوء التصنيف الائتماني لاحقا، وهي مخاطر تتعلق بالدخول في اقتصاد الحرب.

فخلال حديث مدبولي عن "اقتصاد الحرب"، أكد أن صندوق النقد طلب تأجيل مراجعته للشريحة الجديدة من القرض البالغ قيمته 8 مليارات دولار والمقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 لما بعد اجتماعاته السنوية.

وهو ما يعني تأخير صرف أقساط القرض، وربما عدم رضى الصندوق لتأخر تنفيذ مطالبه بإلغاء كل الدعم، رغم رفع سلطات النظام المصري أسعار الوقود والكهرباء بنسب فاقت 50 بالمئة، وتأكيد رئيس الوزراء أنه سيتم رفعها مجددا عدة مرات.

أيضا أعلن البنك المركزي في 5 أكتوبر 2024، حظر توفير البنوك العملة الأجنبية لاستيراد 13 سلعة، بعضها غذائية، وبدأ يحدث نقص في هذه السلع مثل السيارات، وارتفاع أسعارها، بسبب شح الدولار.

وهو ما قد يشير إلى عودة أزمة نقص العملات الأجنبية في مصر، وإفلاس السلطة مجددا ومن ثم حاجتها لتعويض ذلك برفع الأسعار، ولكن بحجة اقتصاد الحرب هذه المرة.

وتراجعت إيرادات قناة السويس بنسبة 60 بالمئة، حسب الأرقام الرسمية، واستمر ارتفاع التضخم والبطالة، ما زاد الضغوط الاقتصادية الداخلية.

وفي 3 أكتوبر 2024، قالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، لوكالة "رويترز" إن تصعيد الحرب في الشرق الأوسط قد يكون له تداعيات اقتصادية كبيرة على المنطقة والاقتصاد العالمي.

وبينت أن التأثير الرئيس للحرب على الاقتصاد العالمي كان في ارتفاع أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك النفط والحبوب، بالإضافة إلى زيادة تكاليف الشحن، مع تجنب السفن للهجمات في البحر الأحمر.

وكان مدبولي قد زعم أن سعر برميل البترول ارتفع بنسبة 10 بالمئة، خلال أسبوع واحد، ليتجاوز 80 دولارا، وأعرب عن قلقه من إمكانية ارتفاع السعر إلى أكثر من 100 دولار في حال حدوث تداعيات إضافية، ليبرر رفعه مجددا.

وذلك رغم أن موازنة 2024/2025 حددت سعر البترول الذي تستورده مصر بـ82 دولارا، أي أقل من السعر الذي حددته الحكومة مسبقا، وهو ما لم يذكره مدبولي، ما يؤكد أن حديث "اقتصاد الحرب" ليس سوى شماعة لرفع أسعار الوقود.

وفي 27 أغسطس/آب 2024 أعلن صندوق النقد الدولي، تخفيف عدد من الشروط بحزمة الدعم المالي المقدمة إلى مصر، البالغة 8 مليارات دولار، لكنه شدد على "التزام حازم" بشأن رفع أسعار الوقود.

وأكد أنه سيتم التخلي عن زيادات أسعار الوقود الدورية كل ثلاثة أشهر، مقابل "التزام حازم" برفع الأسعار إلى "مستويات استرداد التكلفة" بحلول نهاية عام 2025.

دولة مدينة

وكانت مصر رفعت أسعار الوقود في يوليو 2024 بنسبة تصل إلى 15 بالمئة، بينما أشار مدبولي إلى زيادات أخرى حتى نهاية العام 2025.

ومنذ أبريل/ نيسان 2020 وحتى يوليو 2024، رفعت حكومة النظام أسعار البنزين بنسبة تتراوح بين 76 و96 بالمئة، فيما زادت أسعار السولار (الديزل) وهو أحد أكثر أنواع الوقود استخداما، بنسبة 70 بالمئة.

ومع ذلك تقول السلطات في خطاب النوايا المنشور ضمن وثائق المراجعة الثالثة لصندوق النقد إن “الفجوة بين أسعار الوقود ومستوى استرداد التكاليف اتسعت بشكل كبير منذ عام 2021”.

أما السبب، وفق النظام، فهو التعديلات الملحوظة في أسعار صرف العملات التي أدت إلى انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع تكلفة الاقتراض، مما أدى إلى زيادة دعم الوقود في الموازنة.

ووقعت القاهرة في مارس/ آذار 2024 حزمة دعم مالي قيمتها 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي للمساعدة في السيطرة على سياسة نقدية تغذي التضخم، لكنها تستلزم زيادة في أسعار عدد كبير من المنتجات المحلية.

ورفعت الحكومة أسعار عدد من السلع المدعومة للتصدي لعجز الموازنة الذي بلغ 505 مليارات جنيه مصري (10.3 مليار دولار) في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو 2024، كما خفضت قيمة الجنيه بشدة عام 2022.

وسبق أن حصلت مصر من صندوق النقد الدولي بعد المراجعة الثالثة في نهاية يونيو على شريحة قيمتها 820 مليون دولار.

وتعد مصر ثاني أكبر دولة مدينة للصندوق بعد الأرجنتين، وفق إحصاء رسمي، حيث تبلغ ديونها 13.3 مليار دولار. 

ومن المتوقع أن تدفع مصر لصندوق النقد 646 مليون دولار كفوائد ورسوم إضافية على مدى السنوات الخمس المقبلة، مما يجعلها تحتل المرتبة الرابعة عالميا بين الدول التي تدفع أعلى الرسوم الإضافية، وفقا لـ"مركز أبحاث السياسة الاقتصادية".

وعد مراقبون انخفاض صافي الأصول الأجنبية وقرارات البنك المركزي الجديدة بخصوص تدبير العملة لاستيراد بعض السلع "بمثابة ضوء أحمر يُنذر بخطورة عودة أزمة شُح الدولار إلى مصر"، وفق شبكة "سي إن إن" في 9 أكتوبر 2024.

ونقلت الشبكة الأميركية عن خبراء ومستوردين تخوفهم من عودة أزمة شح الدولار التي عانت منها مصر عامي 2022 و2023 حين فرضت السوق الموازية قواعدها، فضلا عن النقص الشديد في البضائع والمنتجات.

وبدأت تظهر مخاوف في الأسواق من عودة المشهد الذي مر به الاقتصاد المصري من قبل، حين اختفت السيولة الدولارية وتم حظر شراء سلع عديدة والقيام بحملات أمنية للاستيلاء على أموال قيل إنها تخالف السياسة النقدية.

وجاء الارتفاع بعد قرار تعويم الجنيه في أعقاب توقيع صفقة رأس الحكمة، وظل فائض الاحتياطي في التصاعد حتى وصل إلى 2.8 مليار دولار نهاية يوليو 2024، لكنه عاود النزول الجديد في الوقت الحالي وفق إحصاءات رسمية.

دخول الحرب

الخبير الإستراتيجي ومدير جهاز الشؤون المعنوية بالجيش المصري سابقا، اللواء سمير فرج، أفاد بأن “دخول مصر مرحلة اقتصاد الحرب لا يعني أنها ستدخل في مواجهة عسكرية مع أي طرف”.

وذكر فرج لموقع "العرب" في 13 أكتوبر أن "الأمر مرتبط بإجراءات شديدة التقشف، وتقليل الاستهلاك ووقف استيراد الكماليات وخفض فاتورة أي سلعة ليست لها أهمية واتخاذ إجراءات تقشفية في كل القطاعات والخدمات، والأمر لا يحمل أي مغزى عسكري أو رسالة سلبية لأحد".

ولفت إلى أن "ما ذكره رئيس الوزراء هو تمهيد للرأي العام الداخلي بأن الأوضاع الإقليمية قد تفرض على الحكومة إجراءات ما يخص الأوضاع الاقتصادية، كي لا يفاجؤوا بما سيحدث، وهذا لا يعني أن مصر ستدخل حربا حتما".

وتزامن الحديث عن "اقتصاد الحرب" مع مزاعم، شارك فيها منجمون، تتوقع حدوث اشتباك مسلح بين مصر وإسرائيل على الحدود عند معبر رفح.

وحين أجرى الجيش المصري "اصطفاف تفتيش حرب" للفرقة السادسة المدرعة بالجيش الثاني الميداني، بحضور السيسي في 8 أكتوبر 2024، عد محللون ذلك تطورا يحمل رسائل لعدة دول أبرزها إسرائيل وإثيوبيا.

وذلك بعدما أثر العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان على هيبة مصر وأمنها الإقليمي"، وحاولت إثيوبيا فرض إرادتها على القاهرة مع اكتمال ملء سد النهضة وسيطرتها على مجرى النيل من منابعه.

إلا أن السيسي قال في 8 أكتوبر خلال ما يسمى "اصطفاف تفتيش حرب" للجيش الثاني الميداني إن "السلام خيار إستراتيجي للدولة، وليس لدينا في مصر وقواتها المسلحة ومؤسسات الدولة أي أجندة خفية".

وادعى أن “تجربة السلام بين مصر وإسرائيل حققت ما لم تحققه الحروب خلال الـ51 عاما الماضية، وعلى العالم أن يقف أمام تلك التجربة”.

وسبق للسيسي أن أشار في تصريحات عدة، بدت كرسائل للجيش المصري، إلى أن “إسرائيل لم تعد عدوا، وأن العدو الأساسي هو ثورة 25 يناير 2011، التي جاءت بجماعة الإخوان المسلمين للحكم”.