عماد العدوان.. برلماني دعم فلسطين بالسلاح فسجنه الأردن إرضاء لإسرائيل

يوسف العلي | 2 hours ago

12

طباعة

مشاركة

"نائب شجاع، محب لفلسطين، سياسي معارض".. بهذه الكلمات يُوصف البرلماني الأردني السابق عماد العدوان، الذي حكم عليه القضاء في بلاده بالسجن مدة 10 سنوات، وذلك لاتهامه من الاحتلال الإسرائيلي بتهريب السلاح إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

ففي 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أدانت المحكمة العسكرية الأردنية المختصة في قضايا الأمن الوطني، النائب العدوان بتهمة "تصدير أسلحة بقصد استخدامها على وجه غير مشروع"، وأصدرت حكما ضده يقضي بوضعه في الأشغال الشاقة المؤقتة لمدة 10 سنوات. 

"صفقة سياسية"

وبدأت القصة في 22 أبريل/ نيسان 2023، عندما أوقفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي سيارة النائب العدوان على جسر الملك حسين (اللنبي وفق التسمية الإسرائيلية)، بهدف تفتيشها، لتعلن بعد ذلك ضبط نحو 200 قطعة سلاح بين مسدس وبندقية كان يحاول الأخير إدخالها للضفة الغربية. 

وفي 7 مايو/أيار 2023، أعلن رئيس مجلس النواب الأردني أحمد الصفدي، رفع الحصانة عن النائب عماد العدوان بتوصية حكومية إثر طلب من محكمة أمن الدولة الأردنية، وذلك بعدما أفرجت عنه السلطات الإسرائيلية بتوجيه من حكومة بنيامين نتنياهو.

ونقلت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية في 27 أبريل 2023، عن صحفي أردني لم تسمّه، أن "حوارا سريا يجرى في القنوات الأمنية بين إسرائيل والأردن حول ملف النائب عماد العدوان".

وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن "عدم حل القضية بسرعة سيؤدي إلى اتساع حجم التوترات والاضطرابات داخل المملكة".

وفي اليوم نفسه، أفادت صحيفة "عكاظ" السعودية بأن دولة عربية تدخلت لدى إسرائيل للإفراج عن العدوان، الذي اعتقلته الشرطة الإسرائيلية وبحوزته نحو 200 قطعة سلاح و100 كيلو من الذهب. 

ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تكشف هويتها أن "المفاوضات مع إسرائيل سواء التي تجريها عمان مباشرة أو عبر وساطات عربية وأجنبية ستفضي في النهاية لإبرام صفقة يتم بموجبها إطلاق سراح العدوان".

ووقتها، لم تستبعد المصادر وجود ابتزاز وضغط من إسرائيل على الأردن في بعض الملفات لإنهاء القضية.

وفي 26 أبريل 2023، قال وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك، إيلي كوهين، لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية: "هذه حادثة خطيرة، ويجب تقديمه للعدالة، وعليه دفع ثمن الفعل الجسيم الذي ارتكبه"، مضيفا: "لا أريد إلقاء اللوم على الحكومة الأردنية برمتها".

وذكر موقع "آي 24" العبري، في 20 نوفمبر 2024، أنه تبين في التحقيق مع عماد العدوان أنه نفذ 12 عملية تهريب إلى إسرائيل من خلال استغلال جواز سفره الدبلوماسي، وذلك منذ فبراير/شباط 2022.

وبعد بضعة أشهر من اعتقاله في إسرائيل وإيداعه سجن عوفر، سُلم العدوان إلى السلطات الأردنية لمزيد من التحقيق معه واتخاذ جميع الإجراءات القانونية والقضائية بحقه، وفقا للموقع العبري.

وأشار إلى أن “قرار إسرائيل تسليم النائب عماد العدوان جاء بعد ضغوط من الحكومة الأردنية والقصر الملكي”.

وفي تعليقه على قرار الإفراج، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، إن إطلاق سراح العدوان "خطأ إستراتيجي وأخلاقي".
 

محب لفلسطين

ورغم أن البرلماني الأردني، عماد العدوان، لا ينتمي إلى أي فكر قريب من حركة المقاومة الإسلامية حماس، فقد دأب على الإشادة بمقاومتها للاحتلال الإسرائيلي.

وكان العدوان يعلن على الدوام وقوفه إلى جانب المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل، ويدعو إلى ضرورة قطع الأردن العلاقات معها.

وفي 21 نوفمبر 2024، أعاد ناشطون أردنيون نشر مقطع فيديو للعدوان أثناء جلسة للبرلمان الأردني (لا يعرف تاريخ انعقادها)، وهو يهاجم فيه رئيس الحكومة السابق بشر الخصاونة، بسبب ضعف موقفها من القضية الفلسطينية.

وخاطب العدوان، رئيس الحكومة حينها، قائلا: “ماذا قدمتم للقضية الفلسطينية؟ فهم ليسوا بحاجة إلى مساعدات طبية. هل (قدمتم له) معاهدة السلام (الموقعة عام 1994) التي لا يحترمها الكيان الصهيوني؟”

وتابع: "تحية إجلال وإكرام إلى حركات المقاومة، وإلى حماس، وإلى الرمز العربي أبو عبيدة (المتحدة باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس)".

وشدد على ضرورة "طرد (فصل) السفير الأردني الموجود لدى إسرائيل، لأن الأطفال في غزة تراق دماؤهم وهو يجلس على مائدة طعام مع الكيان الصهيوني".

ووجه كلامه إلى رئيس الحكومة قائلا: "نحن أمامنا خياران إما طرد السفيرين الأردني والإسرائيلي، أو أنا سأتبنى مذكرة طرح الثقة عن الحكومة. وعاشت فلسطين حرة عصية على الاحتلال". 

وبرز اسم عماد العدوان بشكل واضح في البرلمان بعد مشاركته في جلسة المطالبة بحجب الثقة عن حكومة بشر الخصاونة عام 2022، ورفضه التصويت على مشروع قانون الموازنة العامة، فضلا عن مواقفه السياسية العديدة المعارضة للحكومة.

وفي 4 أغسطس/ آب 2021، رفض عماد العدوان، مغادرة المقعد المخصص لبشر الخصاونة تحت قبة البرلمان بعدما سبقه إليه وجلس فيه.

ووقتها رفض النائب السابق النهوض عن الكرسي احتجاجا على ما سماه "سياسة الحكومة برفع الأسعار".

وقال لرئيس الوزراء بصوت عال: “هذا مجلس الشعب ولن أسمح لك بالجلوس فيه”.

وأردف أن "الشعب مصدر السلطات ونحن مجلسه، قراراتك المجحفة بحق الشعب الأردني لن تمر مرور الكرام".

واضطر رئيس مجلس النواب حينها، عبد المنعم العودات، إلى رفع الجلسة وتأجيل افتتاحها، لكن بعد ذلك تمكن نواب من إقناع العدوان بترك مقعد رئيس الوزراء السابق، ليغادر عقبها قبة البرلمان.

نائب شجاع

عماد زيدان عبد الحميد العدوان محامٍ وسياسي أردني وعضو سابق في مجلس النواب الأردني، حاصل على البكالوريوس في الحقوق، ودرجة الماجستير في القانون الدولي.

انضم إلى مجلس النواب الأردني التاسع عشر في 10 نوفمبر 2020، عقب فوزه بالانتخابات البرلمانية واستمر حتى رفع الحصانة عنه عام 2023 بعدما اعتقلته السلطات الإسرائيلية.

العدوان كان نائبا عن محافظة البلقاء وسط غرب البلاد على الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.

كما أنه عضو في لجنة فلسطين بمجلس النواب الأردني، ولجنة الزراعة والمياه والبادية، ولجنة الأخوة البرلمانية الأردنية مع دول الخليج العربي واليمن.

وينتمي إلى قبيلة العدوان التي كان لها حضور بارز في الأردن على امتداد التاريخ، وكان لأبنائها دور كبير في دعم المقاومين الفلسطينيين وإيوائهم وتقديم العتاد والسلاح لهم، واستشهد ثلة من أفرادها في مواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي.

وتعرف العدوان بكونها "قبيلة القدس" بالنظر لانتشار أفرادها في مناطق لا تبعد كثيرا عن الأراضي الفلسطينية.

فقد أصدرت في أبريل 2023، بيانا دعت فيه جميع الفعاليات النيابية والشعبية للتحرك والضغط لاستعادة النائب عماد العدوان من معتقلات الاحتلال الإسرائيلي.

وساند الكثير من المدونين الأردنيين، النائب السابق وعدوا الحكم الذي صدر بحقه وفق اتهامات له بتهريب السلاح إلى الضفة الغربية، بأنه فعل يرفع الرأس كونه وقف إلى جانب المقاومة الفلسطينية. 

وكتب الناشط الأردني علي مسلّم تدوينة على منصة "إكس" في 20 نوفمبر 2024، قائلا: "الحكم على النائب الأردني 10 سنوات سجن بتهمة تهريب أسلحة للمقاومة الفلسطينية يعكس الواقع المؤلم".

وأضاف: "ارفع رأسك يا عماد، فأنت شرف لكل الأردنيين. هذا يوضح حقيقة النظام الذي يتعارض مع المقاومة والقضية الفلسطينية، نظام بني لخدمة الصهاينة وهدم الإرادة الشعبية الأردنية".

وعلق الناشط الأردني، محمد الرجوب، على منصة "إكس" في 20 نوفمبر، قائلا: "أبناء الأردن المخلصون يزجُّ بهم في السجون ارضاءً للكيان الغاشم. ما ضل للأردني كرامة".

وأبدى الناشط الأردني، خالد الجبور، امتعاضه من الحكم الصادر بحق النائب العدوان، بالقول: "أين كنا وأين أصبحنا؟ من يدعم غزة يُصنَّف إرهابيا ومن يدعم إسرائيل يُمنح الشرعية والتكريم!"، مضيفا: "أشرف تهمة أن تُتهم بدعم الحق والمظلومين".

وبدوره، قال الكاتب المصري جمال الجمل إنه “في مقابل انبطاح الأنظمة توجد جماعات وأفراد متمسكة بحق المقاومة والدفاع عن الأرض العربية وقضية تحرير فلسطين، ومن هؤلاء الصامدين النائب عماد العدوان".

وأشاد الجمل خلال مقال نشره في 17 مايو 2023 بتصريحات العدوان ومواقفه السابقة، واهتمامه بعضوية لجنة فلسطين في البرلمان، مثنيا على "علاقاته الطيبة مع شخصيات مقدرة في الداخل الفلسطيني، وإشادته بصمود المقاومة في صد العدوان الإسرائيلي المتكرر على غزة والضفة”.