اتفاقية التنقيب والإنتاج الهيدروكربوني.. هذه فوائدها لتركيا والصومال
تشمل الاتفاقية عمليات البحث والتقييم والتطوير والإنتاج لموارد النفط والغاز الطبيعي في الصومال
أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار في 18 يوليو/تموز 2024 أن بلاده تعتزم التنقيب عن النفط والغاز في 3 مناطق قبالة السواحل الصومالية.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقب حضوره حفل توقيع اتفاقية بين أنقرة ومقديشو في إسطنبول بشأن التنقيب عن الهيدروكربون وإنتاجه، مع وزير النفط والثروة المعدنية الصومالي عبد الرزاق عمر محمد.
فما الذي تعنيه هذه الاتفاقية بين البلدين، وما هي الفوائد التي تعود على كل طرف، وأي فراغ تملأه تركيا في هذا المجال؟
نشرت وكالة الأناضول مقالاً للكاتب التركي "كان ديفيجي أوغلو" والذي سلط فيه الضوء على الاتفاقية في إطار تعزيز التعاون الإستراتيجي والتنمية الاقتصادية بين تركيا والصومال.
وأشار ديفيجي أوغلو إلى تصريح وزير الطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بيرقدار بشأن بحث تركيا عن الغاز الطبيعي والنفط في ثلاثة مواقع بحرية في الصومال، وذلك في إطار الاتفاقية الموقعة بين البلدين.
وأوضح أن سفينة الأبحاث الزلزالية التركية "أوروتش رئيس" ستتوجه إلى الصومال في نهاية سبتمبر بدعم من سفن مساندة.
ماذا تعني الاتفاقية؟
لقد شهدت العلاقات بين تركيا والدول الإفريقية، وخاصة الصومال، تطورا ملحوظا منذ عام 2005.
وكانت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التاريخية إلى مقديشو في عام 2011 مع عائلته نقطة تحول مهمة.
فبعد هذه الزيارة، تم توقيع العديد من الاتفاقيات الإستراتيجية لتعميق التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
وتبرز "اتفاقية إطار التعاون الدفاعي والاقتصادي" الموقعة في فبراير 2024 كعلامة فارقة في العلاقات.
في هذا السياق، تُظهر "اتفاقية التنقيب والإنتاج الهيدروكربوني" الموقعة بين تركيا والصومال مدى تعمق العلاقات بين البلدين.
حيث تشمل الاتفاقية عمليات البحث والتقييم والتطوير والإنتاج لموارد النفط والغاز الطبيعي في الصومال.
إن هذا التعاون لا يعزز فقط الموقع الإستراتيجي لتركيا في القارة الإفريقية، بل يزيد أيضا من إمكانيات الصومال لتحقيق الاستقلال الاقتصادي والاستقرار.
وأضاف ديفيجي أوغلو: ستسهم استثمارات تركيا في قطاع الطاقة في الصومال في تسريع التنمية الاقتصادية وتحديث البنية التحتية للطاقة في البلاد.
كما سيدعم هذا التعاون هدف الصومال في أن يصبح مركزا إقليميا للطاقة، وسيلعب دورا مهما في جذب الاستثمارات الأجنبية.
وتابع: بالنسبة لتركيا تعد هذه الاتفاقية جزءا من إستراتيجيتها لتنويع مصادر الطاقة وتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي في إفريقيا على المدى الطويل.
حيث تعد هذه الاتفاقية استمرارا لاستثمارات تركيا في مجالات المساعدات الإنسانية، ومشاريع البنية التحتية، والتعليم في الصومال، وتسهم في تعزيز التعاون المتعدد الأبعاد بين البلدين.
وإن وجود تركيا في الصومال لا يتطور فقط في مجال الطاقة، بل أيضا في مجالات الأمن والزراعة والصحة والتعليم، مما يدعم رفاهية الشعب الصومالي والتنمية المستدامة للبلاد.
فوائد جمة
واستدرك ديفيجي أوغلو: تشير الدراسات إلى أن الصومال قد تمتلك احتياطيات نفط وغاز تصل إلى 30 مليار برميل.
لذلك، فإن الاستخدام الفعال لموارد الهيدروكربون سيسهم بشكل كبير في إعادة إحياء الاقتصاد الصومالي وتحقيق استقلاله في مجال الطاقة.
وستقلل هذه العملية من اعتماد الصومال على المساعدات الخارجية وتعزز استقراره الاقتصادي.
وأضاف ديفيجي أوغلو: تهدف الاتفاقية إلى تطوير البنية التحتية اللازمة لإنتاج النفط والغاز، والتي تشمل منصات الحفر ومحطات التصدير، مما سيمكن الصومال من الوصول إلى المعايير الدولية في قطاع الطاقة.
وستؤدي الإيرادات الناتجة عن هذه الموارد إلى تأثيرات إيجابية على الاستقرار السياسي والأمني، مما يعزز الديناميكيات الداخلية للبلاد.
وأشار الكاتب التركي إلى أن وجود تركيا في الصومال يعد نقطة مرجعية مهمة لتعزيز تأثيرها الإستراتيجي في إفريقيا.
حيث تتماشى هذه الاتفاقية مع هدف تركيا لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وتتيح لها تنويع مصادرها من الطاقة.
ومن خلال الاستفادة من الخبرة التي اكتسبتها من اكتشافات الطاقة الكبيرة في البحر الأسود في عام 2020، ستتمكن تركيا من تعزيز مكانتها كفاعل رئيس في إنتاج الطاقة الدولي.
كما ستتيح هذه الشراكة للشركات التركية فرصا وتجارب مهمة في مجالات البحث والتقييم والتطوير والتكرير لموارد النفط والغاز في الصومال. وبذلك فإنّ هذا التعاون يعزز القوة الدبلوماسية والإستراتيجية لتركيا في المنطقة.
ملء الفراغ
واستدرك ديفيجي وغلو: بدأت شركات النفط الدولية مثل شيفرون وإيني وإكسون موبيل وشل في البحث عن النفط في المياه الصومالية في الخمسينيات، لكنّ هذه الأنشطة توقفت بسبب اندلاع الحرب الأهلية في عام 1991.
وفي السنوات التالية لذلك واجهت الدول والشركات التي أجرت أبحاثا في المياه الصومالية صعوبات في إكمال مشاريعها بسبب عدم الاستقرار السياسي والمشاكل الأمنية.
لكن في عام 2022 بدأت شركة "كوستلاين إكسبلوريشن" الأميركية عمليات البحث بعد شراء سبع مواقع بحرية من الحكومة الصومالية، لكنها واجهت تأخيرات كبيرة بسبب المناخ السياسي غير المستقر والمشاكل اللوجستية.
ومن هذا المنطلق، تملأ تركيا الفراغ الذي تركته القوى الغربية والإقليمية التي لم تتمكن من إكمال مشاريعها في المياه الصومالية.
حيث قدمت تركيا نموذج تعاون شامل من خلال تقديم استثمارات اقتصادية ودعم أمني.
وأضاف: يتيح النهج الاستباقي لتركيا في الصومال استغلال موارد الطاقة بكفاءة، ويسهم في تحقيق الاستقرار في البلاد، مما يخلق بيئة أكثر أمنا للاستثمارات الأجنبية.
هذا بدوره يمهد الطريق لإعادة بناء قطاع الطاقة في الصومال وجعلها لاعبا مهما في السوق الدولية للطاقة.
وتعزز هذه الخطوة الإستراتيجية العلاقاتِ الاقتصادية والدبلوماسية بين البلدين، وتزيد من تأثير ونفوذ تركيا في المنطقة.
وأضاف: تعد "اتفاقية التنقيب والإنتاج الهيدروكربوني" بين تركيا والصومال مؤشرا على تعميق التعاون الإستراتيجي بين البلدين.
حيث تهدف تركيا من خلال هذه الاتفاقية إلى تحديث البنية التحتية للطاقة في الصومال، وتسريع التنمية الاقتصادية، وزيادة استقلالها في مجال الطاقة.
ويعزز هذا التعاون أيضا الموقع الإستراتيجي لتركيا في إفريقيا ويدعم إستراتيجيتها لتنويع مصادر الطاقة.
ومن خلال ملء الفراغ الذي تركته القوى الغربية والإقليمية في المياه الصومالية، تعزز تركيا الاستقرار وتجذب الاستثمارات الأجنبية، مما يقوي التعاون متعدد الأبعاد بين البلدين.