الحرب على غزة.. ما تأثيرها على الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا؟
رأت صحيفة صينية أن الحرب بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل والتغيرات التي طرأت على الديناميكيات الجيوسياسية في غرب آسيا، قد تلقيان بظلالهما على الممر الاقتصادي الهندي الأوروبي الذي يحظى بمتابعة كبيرة.
ونشرت صحيفة "جلوبال تايمز" تقريرا لتحليل انعكاسات الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي وفلسطين على الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا والشرق الأوسط.
الممر والحرب
وأعلن عن الممر الاقتصادي بين الهند والاتحاد الأوروبي في قمة مجموعة العشرين خلال سبتمبر/أيلول 2023.
إذ دفعت الولايات المتحدة باتجاه مشروع طموح من شأنه أن يربط الهند وأوروبا من خلال خطوط السكك الحديد والنقل البحري عبر الشرق الأوسط، فيما يُعد ردا محتملا على مشروع "طريق الحرير" الصيني.
وتعتقد الصحيفة الصينية أن العرض يبدو جذابا بالنسبة للهند، نظرا لعلاقات نيودلهي الاقتصادية الوثيقة مع أوروبا.
ولكن حتى قبل الانتهاء من تفاصيل الممر البري والبحري والسكك الحديدية المعقد، بدا وكأنه يخرج عن مساره.
وبينت الصحيفة أن إدراج كلمة "الشرق الأوسط" في تسمية الممر يشير إلى أنه "يتماشى أكثر مع الإستراتيجيات الأميركية وليس إستراتيجية الاتصال المنبثقة عن نيودلهي".
إضافة إلى ذلك، فإن الحرب التي تخوضها حماس مع إسرائيل الآن ستؤثر على التطبيع الأوسع للعلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية.
في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أطلقت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، معركة "طوفان الأقصى" ردا على انتهاكات الاحتلال بالقدس.
ورد الاحتلال بعمليات قصف إجرامية متواصلة من البر والبحر والجو أدت إلى نشوب مخاوف من توسع جبهة الصراع في الإقليم.
وهددت إيران وحلفاؤها فيما يعرف بـ"محور المقاومة" بالدخول على خط الحرب إذا استمرت إسرائيل في جرائمها بغزة أو توجهت نحو الاجتياح البري.
منافسة دولية
ويحرص بعض المحللين المتحمسين على وصف المشروع بأنه ثقل موازن لمبادرة "الحزام والطريق"، رغم أن المبادرتين لهما منطق وجداول زمنية مختلفة.
وترد الصحيفة الصينية بأن تاريخ مبادرة "الحزام والطريق" يبلغ 10 سنوات، وقد اجتذبت ما يقرب من تريليون دولار أميركي من الاستثمارات وشكلت أكثر من 3000 مشروع تعاون.
وجدير بالذكر أن ممثلين من أكثر من 100 دولة سيشاركون في منتدى قمة "الحزام والطريق" الثالث للتعاون الدولي المقرر عقده بالصين في وقت لاحق من شهر أكتوبر 2023.
علاوة على ذلك، تقول الصحيفة إن "العديد من شركاء الممر الاقتصادي الهندي الأوروبي لا يرون أن المشروع بديل لمبادرة الحزام والطريق".
ولفتت إلى أن بعض هذه الدول شاركت بالفعل في البناء المشترك لمبادرة "الحزام والطريق".
وبحسب "جلوبال تايمز" الصينية، يُعد الممر الاقتصادي الهندي الأوروبي ثاني مشروع نقل وربط تقوده الولايات المتحدة وتشارك فيه الهند.
ومن قبيل الصدفة، في عام 2011، أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك، هيلاري كلينتون، أيضا عن المشروع الإستراتيجي "طريق الحرير الجديد" -أي مبادرة "الحزام والطريق"- في الهند.
"لكن واشنطن لم تلتزم قط بأي تمويل للمشروع، ودعمت الهند الخطة بكل إخلاص حتى سحبت الولايات المتحدة قواتها من أفغانستان".
وتشير الصحيفة إلى أنه في الوقت الحالي، اتفقت الصين وحركة طالبان الأفغانية على ربط أفغانستان بمبادرة "الحزام والطريق".
التهديد الإسرائيلي
وتذكر أن الممر الاقتصادي الهندي الأوروبي سيساعد الهند على تحقيق إمكاناتها الاقتصادية والجيوسياسية.
وفي هذا الشأن، قال المسؤول التحضيري الهندي لمجموعة العشرين "أميتاب كانت"، إن "المشروع لديه إمكانات هائلة لفتح الكثير من الفرص التجارية".
ويعتقد سفير الهند السابق لدى منظمة التجارة العالمية "جايانت داسجوبتا"، أنه "بالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية البحتة، فإن الممر سيجلب أيضا المزيد من الفوائد الجيوسياسية للهند".
وأضاف قائلا إن العديد من الدول ملتزم بمبادرة "حزام واحد، طريق واحد"، المبادرة الطموحة التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013، بهدف تطوير وإنشاء طرق تجارية وممرات اقتصادية تربط أكثر من 60 بلدا.
وعلى الرغم من أن الممر الاقتصادي الهندي الأوروبي لا يزال مفهوما غامضا، فإنه سيساعد الهند بالتأكيد جيوسياسيا.
ولكن في المقابل، تؤكد الصحيفة أن "الممر الاقتصادي الهندي الأوروبي يشكل علامة فارقة، ومن المتوقع أن يجعل الهند لاعبا مهما في التجارة العالمية".
وتنوه من ناحية أخرى إلى أن "الحرب (الإسرائيلية) في غزة ألقت بظلالها الآن على المشروع الطموح".
ولفتت إلى أن "إسرائيل تمثل جزءا مهما من مشروع الممر الاقتصادي الهندي الأوروبي"، ولذلك فإن "الجهود ذات الصلة ستتعثر مع اندلاع الصراع بين إسرائيل وحماس".