أكرم الكعبي.. زعيم مليشيا عراقية يرفض الاستقرار ويصر على تنفيذ فوضى إيران
"إيران تدفع نحو 1500 دولار لكل مقاتل في حركة النجباء بزعامة أكرم الكعبي"
منذ أيام تنشط حسابات قريبة من المليشيات العراقية، في كيل المديح إلى زعيم مليشيا "النجباء" أكرم الكعبي، ووصفه بمقاوم إسرائيل وأميركا، ومهاجمة قيس الخزعلي، وأبو آلاء الولائي، زعماء مليشيات "عصائب أهل الحق" و"سيد الشهداء"، ووصفهما بالخونة.
جاءت هذه الحملة بعد استهداف مجهول نال مقرا للحشد الشعبي العراقي، بمدينة بابل في 20 أبريل/ نيسان 2024، وأسفر عن مقتل عنصر وإصابة ثمانية آخرين، والذي اتهمت فيه "النجباء"، الاحتلال الإسرائيلي بالوقوف وراءه من أجل توسيع دائرة الحرب بالمنطقة.
جزء من هذه الحملة، هي الصورة التي نشرها صاحب حساب "الخراساني" على منصة "إكس" في 20 أبريل، للكعبي والخزعلي، وقال مخاطبا الأول: "دورك حان شيخنا المجاهد أكرم الكعبي، فالعلاس (شخص يتهم بإرشاد القتلة على الضحية)، أمامك. رسالة الاستهداف اليوم (قصف بابل) يراد فيها راسك، كن منتبها".
رافض للسياسة
الكعبي الذي يتزعم مليشيا "النجباء"، يعد الشخصية الوحيدة من بين قادة المليشيات القريبة من إيران البعيدة عن العملية السياسية، المنضوية ضمن الإطار التنسيقي وخارجه، لكنه جزء من عناصره في الحشد الشعبي، وأعلن أكثر من مرة أنه سيبقى "مقاوما" ولن يشارك بالعمل السياسي.
على الرغم من مقاطعته العملية السياسية في العراق، لكن الكعبي يمتلك علاقات واسعة مع روسيا، فضلا عن إيران والنظام السوري وحزب الله اللبناني، ضمن ما يعرف بمحور "المقاومة والممانعة".
في خطوة غير مسبوقة، أجرى أكرم الكعبي زيارة إلى روسيا في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، التقى خلالها بنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، والمستشار الخاص للرئيس الروسي، فيتالي نؤومكين، إضافة إلى لقائه بمفتي روسيا، ألبير غرغانوف.
وخلال الزيارة واللقاءات التي أجراها الكعبي مع المسؤولين الروس، شن زعيم المليشيا الموالية لإيران هجوما على الولايات المتحدة ووصفها بالمحتلة للأراضي العراقية، وتطرق خلال محادثاته إلى ضرورة إنهاء احتلالها للعراق بقوة السلاح، وكذلك إنهاء الهيمنة الأميركية على العالم.
وقال الكعبي خلال مقابلة مع قناة "روسيا اليوم" في 28 نوفمبر، إن "الخيار العسكري السبيل الوحيد لإنهاء الاحتلال الأميركي في العراق، لأن الخيار السياسي لا ينفع، والآن المقاومة تعمل على الأرض ضد الاحتلال حتى يخرجوا من العراق".
وتنتشر له العديد من الصور على شبكة الإنترنت تظهر لقاءاته المتعددة مع المرشد الإيراني علي خامنئي، ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني والقائد السابق للحرس الثوري محسن رضائي، وقائد "فيلق القدس" السابق، قاسم سليماني، والحالي، إسماعيل قاآني.
وكذلك لدى الكعبي صور تجمعه بزعيم حزب الله اللبناني، حسن نصر الله، ومفتي النظام السوري، أحمد بدر الدين حسون، وعدد من القادة العسكريين التابعين للنظام.
جزار حلب
في ظل الثورة السورية عام 2011، برز اسم الكعبي، كواحد من أبرز قادة المليشيات الشيعية العراقية الموالية لإيران، التي تقاتل إلى جانب رئيس النظام السوري، لا سيما قرب العاصمة دمشق ومدينة حلب.
وفي سبتمبر/ أيلول 2016، بثت قناة "النجباء" العراقية صورا تُظهر الكعبي يتجول في جبهات القتال في ريف حلب الجنوبي، وقال إن زيارته لحلب تأتي في إطار مشاركته في الحرب ضمن "محور مقاومة الاحتلال والاستكبار العالمي المدعوم من دول وهابية وتكفيرية".
وأضاف الكعبي أن قتالهم في سوريا "ضمن منهج أهل البيت"، وهو دفاع عن "المظلومين والله والإسلام الذي يحاول الأعداء تهديمه من الداخل بدعم غربي وعربي"، على حد وصفه.
وتحدث عن معارك منطقة العيس في ريف حلب الجنوبي قائلا إنهم حرروا منطقة العيس، التي قال إن استعادتها من جانب المعارضة المسلحة لم يكن ليتحقق لو "كنا موجودين لمرغنا أنف الأعداء بالتراب".
وانتهى الفيديو بشعارات طائفية رددها عناصر المليشيا، وكانت تقارير عدة أكدت في وقت سابق أن قوات النظام تلعب دورا ثانويا في حلب، وتحديدا في ريفها الجنوبي، حيث تشكل المليشيات الطائفية اللبنانية والعراقية القوة الرئيسة هناك.
وتظهر مقاطع فيديو أخرى نشرت على الإنترنت في 2016 عروضا عسكرية لـ"النجباء" حول حلب ظهرت فيها ناقلات جند مدرعة وصواريخ مضادة للدبابات وشاحنات صغيرة تحمل مدافع رشاشة ثقيلة.
تظهر مقاطع أخرى أعضاء مليشيا "النجباء" التي يتزعمها الكعبي، يخوضون اشتباكات في الشوارع بجنوب حلب، فيما أكدت في حينها أن نحو 500 من عناصرها قتلوا في المعارك في سوريا والعراق.
في أواخر مايو/ أيار 2017، زار الكعبي مقاتلين في بلدة عراقية قرب الحدود السورية، وقال إن "الجماعة (النجباء) تتبع نهج ولاية الفقيه وهي الأساس الفكري الذي يقوم عليه نظام الحكم الديني في إيران"، حسبما ذكرت وكالة "رويترز".
يتطلع الكعبي إلى ما هو أبعد من الصراع في سوريا والعراق، ففي مارس/ آذار 2017، أعلن تشكيل كتيبة من أجل "الجولان" لإجبار إسرائيل على الانسحاب من "هضبة الجولان" السورية، التي تحتلها الأخيرة منذ عام 1981، لكن شيئا لم يحصل بعدها.
زعيم مليشيا
برز أكرم الكعبي المولود في العراق، عام 1977، كأحد المساعدين لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بعد عام 2003، وتحديدا في مليشيا "جيش المهدي" التي شكلها الأخير في العام نفسه، ووقعت اشتباكات عديدة مع القوات الأميركية، إذ كان يتولى الكعبي متابعة تدريبات هذه العناصر.
تتلمذ في العلوم الشرعية على يد العديد من العلماء الشيعية، منهم آية الله محمد محمد صادق الصدر (والد مقتدى) في حوزة النجف، وكان إمام مدينة المسيب الواقعة في جنوب بغداد.
تنقّل أكرم بين سجون الأحكام الخاصة في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، قبل أن ينخرط في المقاومة إثر الغزو الأميركي، إذ كانت له مسؤوليات قيادية في مليشيا "جيش المهدي" خلال معركة النجف عام 2004.
وفي عام 2005، أمرت إيران حزب الله اللبناني بتكوين مجموعة عراقية لمحاربة القوات الأميركية في العراق، وقد أمر نصر الله وحدة سرية في حزب الله بتدريب جيش المهدي، الذي انبثقت مليشيا "عصائب أهل الحق" التي تولى الكعبي قيادتها لاحقا في 2007.
وتتهم الولايات المتحدة الكعبي بتوفير المال والسلاح لجيش المهدي لتنفيذ أنشطته العدائية ضد الولايات المتحدة. ففي عام 2008، دفع الكعبي 41 ألف دولار لقادة في جيش المهدي لتنفيذ هجمات باستخدام عبوات ناسفة ضد قوات التحالف الدولي في بغداد.
ويدعي الكعبي أنه بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق في عام 2011، سلم عصائب أهل الحق لقائدها الحالي قيس الخزعلي، حتى يتفرغ هو لدراسة العلوم الإسلامية.
وعاد المعمم الشيعي في عام 2013 ليؤسس مليشيا "النجباء"، بعدما بدأ تنظيم الدولة يسيطر على مساحات كبيرة في العراق وسوريا، بحسب موقع "كاونتر تريروزم" الأميركي.
وفي يناير 2024، نقلت قناة "الحرة" الأميركية، عن مسؤولين عراقيين (لم تكشف عن هويتهم)، قولهم إن "إيران تدفع نحو 1500 دولار لكل مقاتل في حركة النجباء بزعامة أكرم الكعبي".