سباق تسلح.. مركز تركي يرصد صراع أميركا والصين بالمحيط الهادئ
نشر مركز "أنقرة لدراسة السياسات والأزمات" التركي مقالا تناول فيه الأهمية الإستراتيجية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ بعد أن أصبحت المركز الجديد للاقتصاد والسياسة الدولية.
وذكر المقال، الذي كتبه الباحث أوكتاي كوتشوك ديغيرمينجي، أن المنطقة بدأت "تعتلي الأجندة الدولية مؤخرا نظرا لكثافة الأنشطة وتطور التقنيات العسكرية بها، وزيادة الإنفاق الدفاعي للدول هناك".
ديغيرمينجي، لفت إلى أن "احتدام التنافس الرئيس في المنطقة بين الصين وأميركا، والتنافس الفرعي والمهم بين الصين واليابان، تسبب في زيادة إنفاق الدول الصغيرة على التسلح".
وألمح إلى أن "الدول الصغيرة التي تتخذ مكانها على هامش السياسة الإقليمية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، تحاول أن تفعل مثل الدول الأخرى".
الباحث التركي طرح في مقاله التساؤل عما يمكن أن يتسبب به الصراع بين أميركا والصين بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ وسباق التسلح المحموم، محذرا من أن تلك الحالة تشابه لحد كبير بدايات الحرب العالمية الأولى.
لعبة التنين والنسر
وبحسب الكاتب، "بدأت الصين في إنتاج كميات كبيرة من صواريخ (دي إف-26) أول نظام صاروخي صيني برأس نووي قادر على توجيه الضربات الدقيقة".
"ومع أن بعض المحللين يقدرون وجود هامش خطأ في قدرة الصاروخ على إصابة الأهداف بدقة، إلا أن هذا النظام يعد مهما في سياق الأسلحة الهجومية الصينية".
"وبينما يمكن استخدام رأس حربي أيضا، في النظام المتطور المتحرك الذي طورته الصين للصواريخ متوسطة المدى، يصل المدى القتالي لهذه الصواريخ حتى 3 آلاف كم".
"الأمر الذي يعني أنها قادرة على استهداف جزيرة (غوام) التي تستضيف إحدى القواعد العسكرية الأميركية الرئيسة في المحيط الهادئ"، وفق المقال.
من ناحية أخرى، أشار الكاتب ديغيرمينجي، إلى تطوير أميركا أسلحة جديدة في المحيط الهادئ لتتصدى لبكين".
"ووفقا لوثائق الإحاطة العسكرية الأميركية لعام 2021، تخطط واشنطن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لنشر أسلحتها الجديدة بعيدة المدى في اليابان، وتايوان ودول أخرى".
وتحدث ديغيرمينجي، عن "سلاح أميركي تصل سرعته خمسة أمثال سرعة الصوت، وقادر على إطلاق رأس حربي وإصابة أهداف بمسافة 2775 كيلومتر".
وأوضح أنه "لم يتقرر بعد في أي الدول ستنشر هذه الأسلحة؛ إذ إن معظم حلفاء أميركا في المنطقة مترددون في وضع هذه الأسلحة بأراضيهم"، مرجحا أن "يجري ذلك في اليابان"، بحسب المحللين.
"طوكيو حليف واشنطن التي تستضيف أكثر من 54 ألف جندي أميركي، وربما كانت جزيرة أوكيناوا اليابانية أفضل الأماكن لنشر الصواريخ فيها"، بحسب رؤية الكاتب التركي.
وأضاف: "لدول المنطقة الأخرى مخاوف أمنية منبعها بكين، وهي لذلك تريد تقليل اعتمادها على واشنطن".
"إذ إن استضافتهم الصواريخ الأميركية على أراضيهم ربما يجعلهم عرضة لعداء الصين وردود أفعالها غير محمودة العواقب في ظل التوتر المتزايد بينها وبين أميركا".
ديغيرمينجي، لفت إلى أن "هذه الدول تعمل على زيادة قدراتها العسكرية بشراء وتطوير صواريخ جديدة".
"اليابان، تنفق مليارات الدولارات على صواريخ طويلة المدى، وتسعى لتطوير الصاروخ المضاد للسفن (تايب 12) الذي يمكن تثبيته على الشاحنات، ورفع مداه من 200 كم إلى 900 كم ومن ثم إلى 1500 كم".
"ويمكن لـ(تايب 12) قصف أهداف برية وبحرية، وبعد تطويرها ستحصل على تحديثات بشأن أهدافها عبر بيانات الأقمار الصناعية أثناء تحليقها، ما يحسن أداءها ويزيد دقة تصويبها أثناء الهجمات"، وفق الكاتب.
ويؤكد أن "اليابان ستزيد عدد المواقع التي تحتوي على أنظمة الصواريخ في سلسلة جزر (نونساي) إلى 4 هي: (أمامي أوشيما)، و(أوكيناوا)، و(مياكو)، و(إيشيجاكي)، نهاية السنة المالية 2021".
قلق متضخم
وعن كوريا الجنوبية أحد حلفاء أميركا الرئيسين، قال الكاتب التركي: إنها "تمتلك برنامجا محليا للصواريخ الباليستية طورته بموجب اتفاقية أبرمتها حديثا مع واشنطن، وتعتبره سيؤول سلاحا هجوميا إستراتيجيا مهما".
ديغيرمنجي، أوضح أن "مدى نظام الصواريخ المسمى بـ"هيونموـ4"، يبلغ 800 كيلومترا، ويحمل 2 طن من الرؤوس الحربية، ويوجه ضربات دقيقة، خاصة وأن البلاد كانت تحت ضغط تهديدات كوريا الشمالية الصاروخية".
"من ناحية أخرى، تخطط الحكومة الأسترالية لإنفاق 270 مليار دولار على المشاريع الدفاعية في السنوات الـ10 القادمة تمكنها من مواجهة القوى الصاعدة مثل الصين"، وفق رصد الكاتب التركي.
وزير الدفاع الأسترالي بيتر داتون أكد في مارس/آذار 2021، أن بلاده تعمل مع أميركا بمشروع صاروخ موجه محلي يلبي احتياجات أستراليا وتوقعات حلفائها العسكريين.
أما بالنسبة لتايوان، أوضح ديغيرمنجي، أنه "لم يعلن عن برامج صواريخ حتى الآن، غير أن وزارة الخارجية الأميركية وافقت في ديسمبر/كانون الأول 2020، على طلبها شراء عشرات الصواريخ الباليستية قصيرة المدى".
وفقا للكاتب التركي، فإن "تايوان تنتج أسلحة بكميات كبيرة، وتطور صواريخ (كروز) مثل صواريخ (يون فنغ) التي يمكن أن تصل إلى بكين".
يعرف "يون فنغ" بأنه صاروخ "كروز"، (أرض ـ أرض) أسرع من الصوت، ومصمم لقصف أهداف عسكرية في شمال ووسط الصين، ويعد أحد الممتلكات الإستراتيجية القليلة لتايوان.
ديغيرمنجي، أوضح أن "مدى (يون فنغ) القياسي يبلغ 1200 كم، ونسخته المحسنة تصل 2000 كم، وفيما تقع جزيرة تايوان على بعد 200 كم من الساحل الجنوبي للصين، فيمكن فهم مدى أهمية هذا الصاروخ لتايوان".
وحذر من أن "تطوير الصواريخ في آسيا والمحيط الهادئ تؤذن بتحول المنطقة لمسرح استعراض الطائرات الأسرع والأدق في التصويب، والصواريخ الأكثر تطورا في العالم السنوات القادمة".
وختم مقاله بالقول: "بينما يعني هذا تصاعد المشاكل الأمنية في المنطقة مع تزايد القلق الأمني للدول الأخرى، يمكن القول بأن المنطقة تشهد مرحلة مشابهة لما قبل الحرب العالمية الأولى".