يوسف الدموكي
5 years ago
هادئ دائما، يتخلل ضحكه صمتٌ وتفكير بعيد، لا ينتبه أحدٌ في العادة، أو ينتبهون وتنقلب الجلسة إلى مسرحٍ يكون هو الضحية، نقول له كلاما من نوعية "اللي واخد عقلك"، إشارةً إلى الفتاة التي رأيناه يسير برفقتها أكثر من مرة.
هل جربت حساب سعة مكانٍ ما لعدد معين من الأشخاص؟ كأن تسع الغرفة عشرة أشخاص مثلا، أن تسع الصالة عشرين شخصا. كل هذه الحسابات والنظريات المنطقية، تتنافى مع سرير جدتي.
الجموع كأنها يوم الحشر، القلوب تنتفض وتشعر كأنك تراها، العيون تدمع ولا تدري أمِن سكينة أم من خوف، الألسنة تتوحد كأنها لسان واحد رغم أن أصحابها ملايين، الأرض تنطق بالفصحى، رغم محاولات الـ"فرنَسة".
بعيدا عن الأنظار، في مكانٍ ما لا تطاله الكاميرات ولا أعين المصورين، في ركنٍ ليس له علاقة بالمكان المكشوف، في زاويةٍ لا يراها الواقفون هناك ولا المارون من هنا، في ساعةٍ من الليل البغيض، لا تتسع إلا لشخصٍ واحدٍ فقط.
في كل بيتٍ أخٌ صغير طيب القلب، مدلل حلو اللسان، في بيتنا يقول أبي عنه وقت غضبه إنه "مايص"، وترد عليه أمي بأنه "رقيق"، في وقت الضحك يقول "حطيه في الشمس يتحمص"، لكنه يا سيدي تربية القمر، عيونه نصف مغمضة، وخدوده وردية.
حين خطر لي الموضوع قبل يومين، قلت سأكتب عن قليل من الخوف وكثير من الأمل، وفي ليلة أمس، قلت سأكتب عن كثير من الخوف وقليل من الأمل، واليوم قلت سأكتب عن الخوف والأمل معا، وأنا بداخلي شعور باللا شيء، ولعل هذا هو الشيء الأكثر صدقا.