وسط الانشغال بحرب غزة.. هل يشعل المستوطنون حربا في الضفة الغربية؟
بينما يتركز اهتمام العالم على غزة، يسعى المستوطنون الإسرائيليون لاغتنام فرصة الانشغال الحالية بالحرب لطرد الفلسطينيين من بعض أجزاء الضفة الغربية.
ويقول موقع "ميديل إيست آي" البريطاني، إن هذا المخطط يجرى بدعم من الجيش والسلطات الأمنية الإسرائيلية، وسط الانشغال بالرد على عملية طوفان الأقصى التي شنتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
إشارات مقلقة
ويرى الموقع بنسخته الفرنسية أن "أنظار العالم كله متجهة نحو غزة اليوم، حيث تخطط حكومة (بنيامين) نتنياهو، وفقا للقادة الإسرائيليين، لارتكاب واحدة من أكبر الجرائم في القرن الحادي والعشرين".
وبينما يتركز اهتمام العالم على هذه الكارثة التي تتكشف فصولها، يدعو الموقع إلى الاهتمام بالأحداث التي تبرز في أماكن أخرى، مثل الضفة الغربية المحتلة.
في 10 أكتوبر 2023، استشهد أربعة فلسطينيين برصاص المستوطنين في بلدة قصرة التابعة لمحافظة نابلس في الضفة الغربية.
وبعد أقل من 24 ساعة، عندما تجمع أهالي الشهداء لتشييع الجنازة، عاد المستوطنون ليعتدوا على شخصين آخرين في موكب الجنازة، وفق الموقع.
وفي الخليل، في 13 أكتوبر 2023، أطلق المستوطنون النار على المصلين الذين كانوا يغادرون المسجد بعد صلاة الجمعة.
ووفقا لتلك الأحداث، يخلص الموقع إلى أن "المستوطنين يستفيدون من الدعم السياسي الكبير داخل حكومة نتنياهو، كما أنهم يعتمدون على دعم الجيش الإسرائيلي".
وفي 26 أكتوبر، ارتفعت حصيلة الشهداء في الضفة الغربية منذ بداية العام 2023 إلى 313 شهيدا، بينهم 105 منذ بدء "طوفان الأقصى"، بحسب وكالة الانباء الفلسطينية وفا.
ويقارن الموقع البريطاني هذه الحصيلة بالأشهر الثمانية الأولى من عام 2023، حيث استشهد 172 شخصا، وفقا للأرقام الرسمية للأمم المتحدة.
ومنذ عملية "طوفان الأقصى"، سجل مراقبو الأمم المتحدة 70 هجوما، شنها المستوطنون الإسرائيليون تسببت في أضرار للممتلكات أو إصابات، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف المعدل المسجل منذ بداية عام 2023.
ويتساءل الموقع هنا: "إلى أي مدى سيزداد الوضع سوءا؟" لافتا إلى إن الإشارات مثيرة للقلق.
يقول "ميديل إيست آي" إنه "قبل هجوم حماس، كانت هناك بالفعل إشارات واضحة بأن الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى طرد الفلسطينيين من بعض أجزاء الضفة الغربية".
تصاعد الاستيطان
وتذكر بأن "عودة بنيامين نتنياهو إلى منصب رئيس الوزراء في ديسمبر/كانون الأول 2022 تزامنت مع تجدد الدعم للمشروع الاستعماري".
كما أنه عين بتسلئيل سموتريش، زعيم الحزب الصهيوني الديني المتطرف، والمستوطن النشط، وزيرا للمالية.
وبحسب الموقع، فإن الأخير يؤيد مشروع "الانتصار من خلال الاستيطان"، الذي بموجبه ستعمل إسرائيل على ضم الضفة الغربية بشكل نهائي دون منح الحقوق السياسية للفلسطينيين.
"وبعد منحه صلاحيات واسعة فيما يتعلق بالمستوطنات في وقت سابق من عام 2023، ورد أن سموتريتش طلب من الوزارات الاستعداد لاستقبال 500 ألف مستوطن إضافي في الضفة الغربية، وهو ما يضاعف العدد الكلي تقريبا إلى أكثر من مليون"، وفقا للموقع.
ويشير إلى أن ما يثير القلق بنفس القدر هو أن "نتنياهو عين إيتمار بن غفير وزيرا للأمن القومي الإسرائيلي"، موضحا أن الأخير هو الناطق الرسمي لحركة الجبهة الوطنية اليهودية المتطرفة.
ثم في مارس/ آذار 2023، وافق نتنياهو على طلب إيتمار بن غفير بـ "إنشاء حرس وطني لقمع الاضطرابات في المجتمعات العربية في إسرائيل".
كما لفت الموقع إلى أنه بعد هجوم "حماس" الأخير، احتفظ كل من إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش بمنصبيهما في حكومة الطوارئ الإسرائيلية.
وردا على مطالب زعماء المستوطنين بالحصول على أسلحة وأفراد أمن، أعلن إيتمار بن غفير أن وزارته ستوزع 10 آلاف قطعة سلاح ناري، بالإضافة إلى معدات قتالية "لحماية المستوطنات".
ويقول "ميديل إيست آي": "إذا نظرنا إلى الجانب المشرق، فلا يوجد ما يشير حتى الآن إلى أن نتنياهو حاول تأجيج الوضع في الضفة الغربية".
لغة مرعبة
وأضاف أن "نتنياهو نجح في تأمين تحالف من الدعم الدولي لخطة غزو غزة، وآخر ما يحتاج إليه هو إثارة الانتقادات في أماكن أخرى".
ومع ذلك، يعتقد أن هذا الموقف الإسرائيلي الرسمي "يتناقض مع اللغة المرعبة التي يستخدمها بعض المستوطنين القوميين المتطرفين على مجموعات الواتساب وقنوات التلغرام".
وكما كشف موقع "ميدل إيست آي"، في 13 أكتوبر 2023، فإن مجموعة تسمى "صيادو النازيين" تبث قوائم بالأهداف الفلسطينية بأسمائها ومواقعها على قناة تلغرام يمينية متطرفة (لم تسمها)، وتدعو إلى قتلهم.
وبحسب قوله، تصف القناة الأفراد المستهدفين بأنهم "نازيون يتنقلون بحرية، ولم يُقضَ عليهم بعد".
من ناحية أخرى، يسلط الموقع الضوء على تنظيمات المستوطنين المتشددين على منصات التواصل لتنفيذ أعمال شبه عسكرية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وفي مجموعة على تطبيق واتساب تسمى "أخبار من التلال"، تنص الرسائل على أن "أي عربي يجرؤ على التفكير في الاقتراب من مستعمرة يهودية يمكن أن يُقتل".
وتقول هذه المجموعة إن "الوقت قد حان لإضعاف معنويات العرب"، مع انتقاد الجيش الإسرائيلي لعدم فعله ذلك.
ووفق الموقع، استنكرت رسالة في مجموعة "أخبار التلال" سماح جيش الاحتلال الإسرائيلي "للفلسطينيين بإقامة جنازات على الطريق العام".
وبهذا الشأن، حذرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الليبرالية بصراحة من أن المستوطنين "يحاولون جر إسرائيل إلى حرب في الضفة الغربية".
ويؤكد "ميديل إيست آي" أن هذا الموضوع بالفعل يتناقله المستوطنون الناشطون بشكل سريع عبر الإنترنت.
كما لفت إلى أنهم يحتفون بدمار غزة، معتقدين أن "العرب" يجب أن "يُطردوا سواء على أرجلهم أو في أكفان".