أجواء مشحونة.. ما دلالات توجيه العاهل الأردني بإجراء انتخابات برلمانية؟

يوسف العلي | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

في ظل الأجواء الشعبية والسياسية المشحونة، وتصاعد الاحتجاجات في الأردن بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أمر العاهل عبد الله الثاني بإجراء انتخابات برلمانية في 10 سبتمبر/ أيلول 2024، “ستكون بداية مرحلة جديدة”.

قرار العاهل الأردني، أثار تساؤلات عن دلالات توقيت هذه الخطوة بعدما كان الحديث في وسائل الإعلام عن احتمالية تأجيل الانتخابات بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتداعياتها على الأردن. 

كما أن البعض تساءل عن الجديد الذي يمكن أن تأتي به العملية الانتخابية المقبلة.

مرحلة جديدة

وأصدر الديوان الملكي الأردني بيانا في 24 أبريل، قال فيه: "بمقتضى الفقرة الأولى من المادة 34 من الدستور، نأمر بإجراء الانتخابات لمجلس النواب وفق أحكام القانون".

ولفت الديوان الملكي إلى أنه بالتزامن مع صدور المرسوم، زار الملك مقر هيئة الانتخابات واطّلع على استعداداتها وتحضيراتها للإدارة والإشراف على العملية الانتخابية.

وشدد العاهل الأردني على “ضرورة بذل الجهود من مجلس المفوضين وكوادر الهيئة لإنجاح العملية الانتخابية، والعمل لمنع أية تجاوزات بكل حزم”.

وأكد أن "الأردن أمام محطة مهمة من عملية التحديث السياسي، التي تشكل بداية مرحلة جديدة من العمل الحزبي والبرلماني البرامجي".

من جانبه، أعلن رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن، موسى المعايطة، إجراء الانتخابات النيابية في 10 سبتمبر 2024، وذلك بعد ساعات فقط على المرسوم الملكي بإجراء انتخابات لاختيار برلمان جديد.

وخلال مؤتمر صحفي، أكد المعايطة أن إصدار الجدول الزمني الناظم لمجريات العملية الانتخابية في مراحلها كافة ومن ضمنها موعد الترشح الأسبوع المقبل، وفق ما نقلته قناة "المملكة" الرسمية.

ولفت إلى أن "قرار مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب بتحديد يوم الثلاثاء الموافق العاشر من سبتمبر 2024 موعدا للاقتراع لانتخابات البرلمان العشرين يأتي بالاستناد لأحكام قانون الانتخاب البرلمانية وقانون الهيئة المستقلة للانتخاب وتعديلاته".

وحسب المعايطة، أعلنت الهيئة عن سجل الناخبين إلكترونيا، وبلغ عدد الناخبين أكثر من 5 ملايين"، لافتا إلى أنه "جرى تحديد 1600 مركز اقتراع، واختيار 19 لجنة انتخابية رئيسة".

وستُجرى الانتخابات وفق قانون جديد تم إقراره في يناير/ كانون الثاني 2022، ورفع عدد مقاعد البرلمان من 130 إلى 138، وخصص للأحزاب 41 منها.

ويرتبط رحيل الحكومة وفقا للدستور، بموعد حل البرلمان الحالي الذي ينتهي عمره الدستوري منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وليس بموعد إجراء الانتخابات النيابية، إذ يتوجب عليهما الاستقالة خلال أسبوع إذا صدر قرار الحل قبل الأشهر الأربعة الأخيرة من عمر المجلس. 

"انتخابات مختلفة"

وبخصوص دلالات قرار إجراء الانتخابات، قال النائب في البرلمان الأردني عن حزب جبهة "العمل الإسلامي"، موسى هنطش، إن "الاستحقاق الانتخابي يأتي في ظل الاقتراب من نهاية دورة البرلمان الحالية، خصوصا إذا بقي إلى تاريخ 10 سبتمبر المقبل".

وأكد هنطش لـ"الاستقلال" أن "الأمر الآخر يكمن في أن البرلمان أقرّ قانونا جديدا للانتخابات مبنيا على أساس التنافس الحزبي والقوائم الوطنية، وليس كما كان في السابق على أساس عشائري، إذ جرى تقسيم المناطق هذه المرة بشكل جيد، بعدما كانت هناك دوائر متخمة بشكل كبير".

وأوضح أن "بعض الدوائر المتخمة يصل فيها عدد الأصوات إلى 900 ألف، بينما دوائر أخرى لا تتعدى الـ50 ألفا، وهذه كانت سابقا خاضعة للتركيبة العشائرية والمناطقية، لكن القانون الجديد خُصص للمرشح الحزبي أكثر منه للفردي، والشعب هو من يختار المرشحين على أساس البرامج".

ويرى هنطش أن "توقيت إجراء الانتخابات جيد بالنسبة لنا، رغم الظروف التي يمر بها البلد والمنطقة، لا سيما ما يجرى في أراضي فلسطين، وأن الأصل في برنامج كل مرشح سيكون فيه نصرة القضية الفلسطينية بمؤسساتها الحقيقية الجهادية".

وتوقع النائب أن "تكون المشاركة أوسع من الانتخابات الماضية، فهناك سبب رئيس ربما يغفل عنه الكثيرون، هو أنه لأول مرة يحق للموظف في أي مركز بالدولة أن يأخذ إجازة ويرشح ويخوض العملية الانتخابية".

وتابع: "إذا فاز الموظف في الانتخابات يكون عضوا في البرلمان، وفي حال خسارته يعود إلى وظيفته بشكل طبيعي، وهذا الأمر يحصل لأول مرة في تاريخ الانتخابات البرلمانية الأردنية، وهو أمر إيجابي".

وأكد هنطش أن "القانون الانتخابي الجديد يوسع من مشاركة المرأة، إضافة إلى أنه يقلل من سن المرشح الذي يريد خوض الانتخابات والوصول إلى عضوية البرلمان إلى 25 عاما بدلا من 30 عاما".

 

من جهته، قال البرلماني السابق ومقرر لجنة الأحزاب في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسة، إبراهيم البدور إن حيثيات "التوجيه الملكي بإجراء الانتخابات، ثم إعلان الهيئة موعد يوم الاقتراع مباشرة، تعكس صلابة الأردن بغض الطرف عن الأوضاع المحيطة سواء الداخلية أم الخارجية".

وأضاف البدور، أن "عام 2024 يشهد أزمة سياسية محيطة بنا بسبب الحرب على غزة، وهناك مخاوف من تفجّر الأوضاع أيضا في الضفة الغربية أو في جنوب لبنان، ولكن مع كل ذلك فإن القرار الملكي جاء حاسما، كما أن هذا القرار هو بالتأكيد للرد على المشككين بالتزام الأردن بإجراء الانتخابات".

ولفت البدور العضو في مجلس الأعيان حاليا، خلال حديث لشبكة "سي إن إن" الأميركية في 25 أبريل، إلى أن محطة انتخابات المجلس النيابي الـ20 هي "المحك الرئيس لتطبيق مخرجات منظومة التحديث السياسية التي جرى العمل عليها خلال العامين الماضيين".

وأوضح أن “المرحلة المقبلة سنشهد فيها انتخاب مجلس نيابي مختلف منذ 35 عاما، سيضم أحزابا ونوابا حزبيين وعملا تنظيميا حزبيا، النائب سيلتزم بسياسة حزبه وسيكون المقعد للحزب من خلال الدائرة العامة وليس مقعدا للفرد”.

ويعتقد البدور أن الانتخابات المقبلة ستكون "مفصلية وجذرية في العمل النيابي والحزبي والعملية السياسية، لتتبعها انتخابات المجلس الحادي والعشرين التي أقر القانون برفع مقاعد الدائرة العامة بنسبة 50 بالمئة من مقاعد المجلس، ومن ثم المجلس الـ22 الذي أقر قانون الانتخاب له برفع هذه النسبة إلى 65 بالمئة".

ويعد رفع نسبة المشاركة في الانتخابات النيابية، من عوامل نجاح العملية الانتخابية، حيث انعكست تداعيات جائحة كورونا في الانتخابات السابقة عام 2020 على نسب الاقتراع التي لم تتعد 29 بالمئة.

اختبار حزبي

وبخصوص مدى مشاركة الأحزاب في العملية الانتخابية المقبلة، فقد نشر مركز "راصد لمراقبة الانتخابات في الأردن" استطلاعا بشأن توجهات الأحزاب، أظهر أن "32 حزبا من أصل 38 تم التواصل معها تعتزم المشاركة فيها".

وأشار الاستطلاع، الذي نشر في 25 أبريل، إلى أن "71 بالمئة من الأحزاب تثق بشكل كبير في قدرة الهيئة المستقلة على تنفيذ انتخابات برلمانية حرة وشفافة وعادلة ونزيهة، و17 بالمئة تثق بشكل متوسط، و6 بالمئة تثق بشكل محدود، و6 بالمئة لا تثق على الإطلاق".

وأظهرت الدراسة أن الأحزاب تواجه تحديات خلال الفترة الحالية، أبرزها، ضعف القدرة المالية، حيث عبّر عن ذلك 63 بالمئة من الأحزاب، وأن 9 بالمئة قالت إن ضعف القبول المجتمعي يعدّ تحديا حقيقيا.

أما 28 بالمئة كان لديها تحديات مختلفة، من ضمنها ضعف توفر الأجواء الملائمة للعمل الحزبي، والتباين في التعامل مع الأحزاب من قبل الدولة، وضعف الثقافة الحزبية، وتباين التعامل الإعلامي مع الأحزاب.

وبحسب الاستطلاع، فإن 26 بالمئة من الأحزاب، ترى أن البيئة السياسية في الأردن تسمح بالمنافسة الحرة والنزيهة بشكل كبير، في حين ترى 34 بالمئة أنها تسمح بشكل متوسط، وترى 26 بالمئة أنها تسمح بشكل محدود، و14 بالمئة ترى أنها لا تسمح على الإطلاق.

وعن الاستعداد للانتخابات المقبلة، عبّر 25 حزبا عن الاستعداد التام، بينما قالت 8 أحزاب إنها مستعدة إلى حدٍ ما، وقال حزب واحد إنه غير مستعد، وحزب واحد غير مستعد على الإطلاق.

وأظهرت الدراسة أن 94 بالمئة من الأحزاب تنوي الترشح على مستوى الدائرة العامة، و6 بالمئة لم تقرر بعد بهذا الخصوص. 

كما أوضحت أن 61 بالمئة من الأحزاب حسمت أسماء مرشحيها للدائرة العامة، وأن 39 بالمئة قالت إنها لم تحسم الأمر بعد.

وتنص الفقرة الأولى من المادة 68 في الدستور على أن "مدة مجلس النواب أربع سنوات شمسية تبدأ من تاريخ إعلان نتائج الانتخاب العام في الجريدة الرسمية، وللملك أن يمدد مدة المجلس بإرادة ملكية إلى مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد على سنتين".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2016، أصدر الملك الأردني ما يعرف بـ"الأوراق النقاشية" وعددها سبع، وتمثل رؤيته لتحقيق الإصلاح الشامل، واحتوت الثانية والثالثة والرابعة والخامسة منها على خارطة واضحة لخطوات التحوّل نحو حكومة برلمانية تخرج من رحم البرلمان، وليست بتكليف ملكي مباشر.

وفي إطار التعديلات المتعلقة بقانوني الانتخاب والأحزاب الجديد، خُصص 41 مقعدا برلمانيا من أصل 138 للأحزاب في الانتخابات المقبلة 2024، ليرتفع العدد المخصص للأحزاب تدريجيا إلى ما يعادل 65 بالمئة من إجمالي المقاعد، بما يتيح في النهاية تشكيل حكومة برلمانية.