تستغل العدوان الإسرائيلي على غزة للعودة.. هل انهارت منظمة غولن؟

a year ago

12

طباعة

مشاركة

تحاول منظمة غولن المصنفة إرهابية في تركيا استعادة شرعيتها من خلال القضية الفلسطينية، عبر استغلال العدوان الإسرائيلي الحالي على قطاع غزة، وفق ما ترى صحيفة محلية.

وقالت صحيفة ستار التركية: "قبل حوالي سبع سنوات وبالتحديد في ليلة 15 يوليو (تموز 2016) وقعت محاولة انقلاب في تركيا"، اتهمت السلطات جماعة غولن بتدبيرها.

هذه المنظمة يقيم زعيمها "فتح الله غولن" في الولايات المتحدة منذ 1999، وقد تغلغلت منذ أعوام طويلة في أجهزة الدولة، لا سيما الشرطة والقضاء والجيش والمؤسسات التعليمية، بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، الأمر الذي برز بشكل واضح من خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة.

وأوضح الكاتب مراد جوزال: "هُزمت العناصر العسكرية لمنظمة غولن الإرهابية بشدة بسبب المقاومة الملحمية للشعب التركي".

وقد كان هذا الحدث نقطة تحول مهمة أظهرت التزام الشعب التركي بالديمقراطية وموقفه ضد الانقلابات. 

وكانت هذه الليلة نقطة تحول ليس فقط للشعب التركي، ولكن أيضاً لمنظمة غولن. 

فلو نجحت محاولة الانقلاب لأصبحت منظمة غولن وصية على تركيا بما يتماشى مع الطموحات والمصالح التي كانت تحملها مراكز القوى العالمية، وفق تعبير الكاتب. 

وبالطبع لم يحصل ذلك، لكن يجب القول إن منظمة غولن حافظت على كونها مهمة على الرغم من فشل عناصرها العسكرية. 

هل تنهار؟ 

وأردف جوزال: في الفترة الفاصلة، تخلصت الدولة من العديد من العناصر المرتبطة بمنظمة غولن.

ومع ذلك فقد تمكنت المنظمة من البقاء على قيد الحياة من خلال العملات المشفرة داخل البلاد بالإضافة إلى أولئك الذين فروا إلى الخارج. 

وعلى الرغم من أن الصراعات الداخلية داخل المنظمة كثيراً ما يجري ذكرها في وسائل الإعلام، فإنه لن يكون لها أي تأثير على الدور الذي تتولاه فيما يتعلق بمصالح مراكز القوى العالمية. 

وأرجع الكاتب ذلك إلى أن "هذه المصالح لا يمكن تغييرها عن طريق الصراع داخل المنظمة". 

وأضاف: مع وفاة زعيم المنظمة، من المحتمل أن تؤدي هذه الصراعات الداخلية والمشاجرات إلى انقسامها وتفككها.

ولكن لا وفاة زعيم العصابة ولا تفكك المنظمة يمكن أن يضر بالمصالح التي تشكل جوهر هذه الوصاية، وفق تقديره. 

ورأى أن "تغير الأعضاء لن يؤثر على مصالح وتوجهات المنظمة وستظل منظمة غولن الإرهابية تسعى إلى أن تعود إلى منصب الوصي في المستقبل كما كانت من قبل".

وأشار الكاتب التركي إلى أن منظمة غولن كانت تدعم المعارضة السياسية في تركيا بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو/أيار 2023،

وكان ذلك "يهدف إلى الإفراج عن المعتقلين المسجونين (من مؤيديها)، وكان هذا الدعم بمثابة لمحاولة استعادة قوتها".

غير أنّ خسارة المعارضة في الانتخابات دفعت المنظمة الإرهابية إلى اتخاذ تدابير أخرى، وفق تعبير الكاتب.

وأضاف: من الملاحظ أن منظمة غولن استوعبت أنه من الصعب على هذا النوع من المعارضين البقاء قائمين بفضل الدعم السياسي الذي يتلقونه من داخل البلاد.

ولهذا تسعى المنظمة إلى استعادة القوة مرة أخرى وتأسيس نفسها بشكل ما داخل تركيا، على الأقل على مستوى المجتمع، بهدف أن يكون لها تأثير مجددًا.

ومن أجل استعادة سلطتهم وتعويض الأضرار التي تكبدوها بعد انقلاب 15 يوليو، يتقرب التنظيم مرة أخرى من أولئك الذين كانت لديهم علاقات سابقة معهم.

غزة فرصة

واستدرك جوزال: تستغل منظمة غولن الإرهابية الفرصة التي تتيحها الهجمات الإسرائيلية الكارثية على غزة. 

إذ إن جميع حسابات منظمة غولن السابقة على وسائل التواصل الاجتماعي تتضمن فقط إدانة إسرائيل ودعم فلسطين. 

وأضاف: يجري إنشاء مجموعات قراءة حول فلسطين في العديد من المحافظات من قبل أعضاء سابقين في منظمة غولن ودعوة الناس إلى هذه المجموعات. 

وبذلك يستخدم أعضاء منظمة غولن قضية فلسطين وغزة بهدف استعادة الشرعية والتجهز للمستقبل.

وتابع: "في تسعينيات القرن الماضي بعد سقوط جدار برلين، ذكر (المؤلف التركي) علي أونال في لائحة اتهام أعدها مكتب المدعي العام في أوشاك أن منظمة غولن تسافر إلى الخارج منذ عام 1990 وترسل رجالها إلى بلدان مختلفة".

وأوضح الكاتب: "بالنسبة لي فإن بكاء زعيم منظمة غولن في الخطبة التي ألقاها في إزمير حول صواريخ سكود التي سقطت على تل أبيب خلال حرب الخليج الأولى كان مرتبطاً أيضا بقصة سفره إلى الخارج".

وأضاف: "سافر (قيادات وأعضاء) منظمة غولن وعقدوا اجتماعات مع العديد من الأجانب (معظمهم من الولايات المتحدة وإسرائيل)، لكنهم لم يتمكنوا من العثور على اهتمام من أي منظمة فلسطينية، وخاصة (حركة المقاومة الإسلامية) حماس". 

بالطبع لم يكن من المتصور أن يقع رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس خالد مشعل، الذي نجا من العديد من الاغتيالات الإسرائيلية، في فخ منظمة غولن، يقدر الكاتب. 

اكتساب الشرعية

وواصل القول: "في هذا الصدد من الضروري التفكير بشكل مختلف في الدعم الذي قدمه أعضاء منظمة غولن الإرهابية السابقون لغزة والقضية الفلسطينية". 

إذ إنّه "من الصعب جدا ومن غير الملائم تفسير هذا الدعم فقط بضمير الإنسانية. فلماذا يوجد هذا الدعم إذاً؟".

والجواب هو أن المنظمة تريد اكتساب الشرعية لتعزيز سلطتها، و"لهذا ستنتهز أي فرصة  لتحقيق هذا الهدف".

وبطبيعة الحال، فإن العناصر الذين ستجندهم من خلال تنظيم اجتماعات لدعم فلسطين سيمنحون المنظمة قوة جديدة. 

لذلك، يعتقد الكاتب أن "المنظمة تريد الاستفادة من ردود الفعل المتصاعدة المعادية لإسرائيل وتعزيزها ليس فقط في تركيا ولكن أيضاً في جميع أنحاء العالم بما يتماشى مع مصالحها الخاصة". 

وأشار إلى أنه "يمكننا القول أيضاً إن منظمة غولن سترغب في الوقوف إلى جانب الجماعات المؤيدة للفلسطينيين ليس فقط في تركيا ولكن أيضاً في مختلف البلدان التي توجد فيها، بل وتريد التسلل إليها".

وبالطبع هناك قضية واحدة فقط هنا: كيف سينعكس موقف منظمة غولن على علاقاتها الجيدة مع إسرائيل؟ 

إن الإجابة على السؤال حول كيفية رد إسرائيل على عناصر منظمة غولن التي تحاول فتح المجال لنفسها من خلال ردود الفعل الفلسطينية واضحة في الواقع.

إذ إن تسلل منظمة غولن إلى مجموعات الدعم المذكورة أعلاه ليس بعيداً عن السياسة التي اعتمدتها إسرائيل حتى الآن، وفق قوله. 

وتابع: "يمكن أن نستنتج أن محاولة التسلل بهدف التشهير واستعادة الشرعية للمنظمة قد تخدم مصالح إسرائيل في نهاية المطاف".

فيمكن لمثل هذه المبادرة أن تضعف استقرار البلد من خلال خلق صراع داخلي وانقسامات، يمكن بدورها أن تعزز موقف إسرائيل في المنطقة، كما قال الكاتب.