طلاب بجامعات أميركية ينتفضون ضد حرب إسرائيل على غزة.. هكذا يجرى قمعهم
في أعقاب التظاهرات والاحتجاجات الضخمة والمتصاعدة في الولايات المتحدة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تتعرض الجامعات للعديد من التوترات في داخلها وخارجها.
وتذكر صحيفة "كالكاليست" العبرية أنه في محاولة منها لاحتواء الاحتجاجات، اتخذت بعض الجامعات إجراءات ضد بعض المنظمات الطلابية.
وتصاعد التوتر في تلك الجامعات على خلفية العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة بعد تنفيذ حركة المقاومة الإسلامية حماس عملية طوفان الأقصى.
توترات متزايدة
يذكر أن كبار مسؤولي الجامعات الرائدة في الولايات المتحدة يجتمعون في مؤتمر لمناقشة سبل جديدة للتعامل مع التوترات التي هزت الجامعات وضغطت على المتبرعين اليهود، في أعقاب أحداث 7 أكتوبر 2023.
وبحسب الصحيفة، فإن معدلات التسجيل في هذا المؤتمر في جامعة براندايس -المبادرة الرئاسية لمكافحة معاداة السامية في مؤسسات التعليم العالي- ارتفعت إلى عنان السماء منذ بداية الأحداث.
كما تتوقع أن يشارك في هذا المؤتمر ما يقرب من 100 مسؤول من جامعات مرموقة ومختلفة، بما في ذلك جامعات هارفارد وييل وكولومبيا وبنسلفانيا.
ووصف رون ليبوفيتز، رئيس جامعة براندايس التي أسسها اليهود الأميركيون قبل 75 عاما، الجو في الحرم الجامعي بأنه "متوتر للغاية".
وأضاف: "الحرم الجامعي يُعد صورة مصغرة للمجتمع الذي نعيش فيه. الاستقطاب الآن غير مسبوق ولا يسمح لنا بالتعبير عن أنفسنا، ونحن في صدد معالجة هذا الأمر".
وبشأن التوترات والضغوط التي تمر بها الجامعات، تذكر الصحيفة أن بعضها تعرض لانتقاد من قبل الطلاب والمحاضرين والجهات المتبرعة لـ "فشلهم في توضيح الحدود بين حرية التعبير وخطاب الكراهية"، وفق قولها.
وبحسب بعض الادعاءات، فإن استجابة بعض المؤسسات لحوادث "معاداة السامية" و"كراهية الإسلام" و"التشهير" تكون متأخرة للغاية.
من ناحية أخرى، تلفت الصحيفة إلى أنه في أعقاب الأحداث، هدد المتبرعون اليهود بقطع تبرعاتهم لبعض الجامعات الأميركية التي لم تتخذ مواقف مناهضة للتظاهرات الداعمة للفلسطينيين.
كما حذر أكثر من 24 مكتب محاماة من أنهم لن يوظفوا خريجين يدعمون "معاداة السامية"، وهي تهمة معلبة باتت تطلق على مناهضي الاحتلال الإسرائيلي.
إجراءات تعسفية
وإضافة إلى التوترات التي يخلقها الطلاب داخل الحرم الجامعي، تذكر "كالكاليست" العبرية أن بعض المسؤولين في الجامعات احتجوا ضد إدارتها.
ووصفوا محاولاتهم لتشجيع المزيد من الخطاب الثقافي وإقامة الفعاليات، التي من شأنها التقريب بين الأكاديميين والطلاب والمتحدثين من الخارج، بأنها "غير كافية".
وفي هذا الصدد، أشارت شوشانا هيشيل، المحاضرة في الدراسات اليهودية في جامعة دارتموث، إلى أنه "من المهم جدا إيجاد طرق مختلفة وجديدة للقيام بخطاب محترم وممتع وحضاري".
وشددت على أن "مهمتهم ليست البحث عن الجناة في الحرم الجامعي، بل إنهم متطلعون إلى فهم وتوحيد أعضاء المجتمع الأكاديمي".
من زاوية أخرى، تظهر لنا الصحيفة بعض التوترات التي عاشتها جامعة كولومبيا، حيث مُزقت "ملصقات الأسرى لدى حماس".
وفي مظاهرة نظمت خارج إحدى المكتبات، أشار طالب فلسطيني إلى أن "جامعة كولومبيا فشلت بالتحقيق في حوادث الإسلاموفوبيا".
وقال: "لقد انتظرنا عشرة أيام للحصول على الموافقة على هذه المظاهرة، في حين يموت كل يوم عدة مئات من الأشخاص في غزة".
وتعليقا على مناظرات الطلاب وأسلوب حديثهم، قال أحد كبار الأكاديميين في جامعة كولومبيا إن "الجهل بين النخبة الشابة يثبت مدى فشلنا كمؤسسة تعليمية".
وتنوه الصحيفة إلى أن نفس الأكاديمي يؤيد تنفيذ برنامج تعقد فيه الجامعة مناقشات تهدف إلى "توضيح التعبيرات والمصطلحات التي أصبحت شائعة في الخطاب الحالي"، مثل الاستعمار والإبادة الجماعية والمحرقة والفصل العنصري.
وأعلنت جامعة كولومبيا أخيرا أنها "علقت عضوية منظمتين طلابيتين قادتا احتجاجات تطالب بوقف إطلاق النار في الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة".
وبدوره، شدد نائب رئيس الجامعة، جيرالد روزبرغ، على "أهمية سلامة الحرم الجامعي عند إعلانه تعليق عضوية منظمتي طلاب من أجل العدالة في فلسطين والصوت اليهودي من أجل السلام حتى نهاية فصل الخريف".
وزعم رئيس الجامعة أن هذا القرار اتخذ بعد أن انتهكت هذه المجموعات سياسات الجامعة المتعلقة بإقامة أحداث داخل الحرم الجامعي بشكل متكرر.
ولفت إلى أن هذه الانتهاكات بلغت ذروتها في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، في حدث غير مصرح به "تضمن خطاب التهديد والترهيب".
محاولات الاحتواء
وتشير الصحيفة العبرية إلى المئات من طلاب جامعة كولومبيا، الذين انسحبوا من فصولهم الدراسية للمشاركة في احتجاج استضافته المنظمتان، لحث الحكومة الأميركية على دعم وقف إطلاق النار في غزة.
ويُذكر أن منظمتي "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" و"الصوت اليهودي من أجل السلام" توجدان في العشرات من الجامعات في جميع أنحاء البلاد.
كما أنهما قادتا احتجاجات مثيرة للجدل ضد إسرائيل والحكومة الأميركية، وفق وصف الصحيفة.
وتبعا لهذه الأحداث، انتقد سياسيون أميركيون يدعمون إسرائيل، وخاصة من الحزب الجمهوري، الحركة الطلابية في الجامعات الأميركية، وهددوا بترحيل الطلاب الأجانب.
وبحسب الصحيفة، غالبا ما تستخدم جماعات الضغط الداعمة لإسرائيل اتهامات "معاداة السامية" عند انتقاد تل أبيب.
وفي محاولة منها لاحتواء التوترات الحالية، نشرت منظمة "PEN America" لحقوق الإنسان، مبادئ توجيهية بشأن التعامل مع "معاداة السامية" في الجامعات.
ولفتت "كالكاليست" إلى أن المنظمة الحقوقية أفادت بأنه "في حالات التهديدات الحقيقية والمضايقات وأي سلوك آخر ينتهك القانون، هناك مجال لاتخاذ إجراءات جنائية".
كما توضح الصحيفة، نقلا عن المنظمة، أنها تعد أيضا مبادئ توجيهية للتعامل مع الإسلاموفوبيا.
وفي حديث لها، أكدت الرئيسة التنفيذية للمنظمة، سوزان نوسيل، على "ضرورة تطبيق تلك القوانين بالتساوي على الجميع".
وأبدت اندهاشها من هذا الاستقطاب الذي لم يشهده الحرم الجامعي بهذا الشكل المتزايد في السنوات الأخيرة.