تهديد وتشهير. لماذا يرفض شباب إسرائيليون الخدمة في الجيش خلال العدوان؟
مع تأكيد مسؤولين إسرائيليين أن العدوان على غزة سيستمر عدة أشهر، يسلط موقع "تاجسشاو" الألماني الضوء على إسرائيليين يرفضون الخدمة في الجيش وسفك دماء الأبرياء.
وبحسب الموقع، فإن قول "لا" للجيش من المحرمات بإسرائيل، لذا فمن يصر من هؤلاء على موقفه يواجه تداعيات صعبة، في مقدمتها المحاكمة العسكرية والسجن.
التجنيد في إسرائيل
في البداية، يتناول الموقع سياسات التجنيد في إسرائيل، موضحا أن معظم اليهود الإسرائيليين -رجالا ونساء- يُجندون في سن الـ18 عاما. حيث يخدم الرجال عادة لمدة عامين ونصف العام، أما النساء فلمدة عامين.
وهناك بعض الحالات المستثناة من التجنيد؛ مثل العديد من اليهود الأرثوذكس المتطرفين ومعظم العرب الإسرائيليين.
ووفقا للأرقام الرسمية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، يوضح الموقع أن ثلثي الرجال وأكثر من نصف النساء يُستدعون للانضمام إلى الجيش.
وتبعا لسياسات التجنيد الإسرائيلية، تعد الخدمة العسكرية "العنصر الموحد والمشترك في المجتمع الإسرائيلي".
وبالنسبة للمجتمع الإسرائيلي، أي شخص يرفض الانضمام للجيش هو غريب، ويتلقى الكثير من الكراهية على شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي هذا الصدد، يشير الموقع إلى الشاب الإسرائيلي إدو عيلام، الذي يجتمع مع رفاق له في الحزب الشيوعي الإسرائيلي، معلنين رفضهم الحرب، والخدمة في الجيش.
وفي حديث له مع "تاجسشاو"، يقول عيلام: "إذا كنت ضد الاحتلال، وضد الحرب في غزة، وإذا كنت أريد أن أعيش بسلام، فيجب علي أن أرفض الخدمة العسكرية، وإلا فإن إراقة الدماء هذه سوف تستمر إلى الأبد".
ويتابع الشاب ذو الـ17 عاما، والذي يتعين عليه الانضمام للخدمة العسكرية قريبا: "لأنني أرفض الانضمام للجيش، تأتيني بعض التهديدات بالقتل من أشخاص عشوائيين، كما يصفني البعض بالخائن، ويتهمونني بأنني أدمر البلاد، والبعض يقول يجب أن أرحل من إسرائيل".
تداعيات مكلفة
بخلاف التهديد الاجتماعي الذي يعيشه عيلام، يلفت الموقع إلى أنه سيتأثر مهنيا كذلك، وهو ما يجعل عائلته وأصدقاءه يشعرون بالقلق حيال ذلك.
وفي هذا الصدد، يقول الموقع: "في إسرائيل، عدم الالتحاق بالجيش يعني عدم وجود مهنة".
يقول عيلام: "لحسن الحظ، عائلتي تدعمني كثيرا، فقد نشأت في عائلة يسارية للغاية".
وأشار الموقع إلى أن والدته لم تكن تريده أن يرفض الالتحاق بالخدمة العسكرية، بل أرادت منه الحصول على وثيقة معافاة بأي حجة أو مبرر، كأن يعفى من الخدمة لأنه غير لائق لأسباب نفسية على سبيل المثال، وفق الموقع.
ويتابع عيلام: "إنها قلقة من احتمال أنه قد يُزج بي في السجن، حيث إن أي شخص يرفض الجيش يُعتقل أولا ثم يُقدم إلى محكمة عسكرية".
ويذكر الموقع أنه "بعد المحكمة العسكرية، يُرسل المعترضون على أداء الخدمة العسكرية إلى السجن لبضعة أسابيع".
كما ينوه أنه في بعض الحالات، يُعفى من الخدمة بالإعلان عن "عدم لياقته البدنية لأسباب نفسية".
ويوضح "تاجسشاو" الألماني أنه "ليس كل من في الجيش يقاتل في الحرب". فالبعض يعمل في وظائف مكتبية أو طبية وتمريضية وما إلى ذلك.
ولأنهم قلقون عليه من السجن، ينصح بعض أصدقاء عيلام بأنه يمكنه الانضمام إلى الجيش ويخدم في أي فرقة ليس من شأنها الحرب والقتال.
لكن الموقع يلفت إلى أن "هذا غير وارد بالنسبة للشاب الذي يبلغ من العمر 17 عاما، كما أنه يرفض أن يكون قدوة للآخرين في هذا الموضوع".
قدوة في الرفض
ويوضح عيلام قائلا: "إن الأشخاص الذين يعارضون الاحتلال ولكنهم لم يفكروا أبدا في الرفض، ربما يفكرون الآن في الأمر وينضمون إلى مجموعتنا".
وبالنسبة له، يبدو أن تغيير الجيش من الداخل أمر ميؤوس منه، حيث يعتقد أن القادة العسكريين البارزين هم مستوطنون متطرفون.
علاوة على ذلك، بحسب الموقع، فإن عيلام يصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وشركاءه في الائتلاف اليميني المتطرف بـ "الفاشيين".
في ختام التقرير، يظهر الموقع الألماني أن قرار عيلام بالرفض كان واضحا قبل الحرب الحالية في غزة.
وبعد الحرب الحالية، والتي بدأت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أصبح عيلام متأكدا من قراره مرة أخرى.
وفي هذا الصدد، يقول الشاب: "إننا نخوض حربا في غزة كل عام تقريبا، وبعد هذا الهجوم البري، الذي عزز موقفي مرة أخرى، تأكدت من أنني لا أستطيع أن أنضم إلى الجيش الإسرائيلي".
وفي هذا السياق، يسلط "تاجسشاو" الضوء على حقيقة "ترك بعض الجنود العاملين خدمتهم في الحروب السابقة".
ففي صيف عام 2023، أعلن الآلاف من جنود الاحتياط أنهم لن يأتوا بعد الآن إلى التدريبات طوعا، احتجاجا على إعادة الهيكلة المزمعة للقضاء.
ويلفت الموقع إلى عدم وجود أرقام رسمية حول عدد الأشخاص الذين يرفضون الخدمة العسكرية في إسرائيل، حيث يعلن عدد قليل جدا عن ذلك علنا.
كما أن وسائل الإعلام نادرا ما تتحدث عن هذا الموضوع، فقول "لا" للجيش هو من "المحرمات" في إسرائيل.