يصفهم بـ"الطابور الخامس".. ما مصير ناشطين اعتقلهم الأردن بتهم دعم المقاومة؟

يوسف العلي | 4 months ago

12

طباعة

مشاركة

ضمن سلسلة القمع التي يقوم بها الأردن ضد المتضامنين مع غزة، تسعى السلطات إلى محاكمة عدد من الناشطين بتهمة دعم المقاومة الفلسطينية، وبعضهم أحيل إلى محكمة أمن الدولة المختصة بقضايا الإرهاب، وسط دعوات للإفراج عنهم.

ومنذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يخرج آلاف الأردنيين بتظاهرات كبيرة في العديد من المحافظات، لا سيما قرب محيط سفارة الاحتلال في العاصمة عمّان، وهتفوا للمقاومة الفلسطينية: "يا عبد الله يا ابن حسين.. بدنا نحرر فلسطين".

محاكمة ناشطين

ولا تزال الأوساط الشعبية في الأردن تترقب بدء محاكمة 4 أردنيين لاتهامهم بدعم المقاومة الفلسطينية في الأراضي المحتلة وهم: هبة أبو طه ونعيم جعابو وأيمن صندوقة، الذي اعتقلوا في ديسمبر 2023، مطالبين مجلس الأمة المقبل بالنهوض في دوره بتعديل تلك التشريعات.

وقال "الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن" في الأردن إن "نهج اعتقال الكتاب والصحفيين والحزبيين والناشطين السياسيين بسبب كلمة قالوها أو موقف أبدوه في قضية من قضايا الشأن العام هو نهج غير مقبول يوسع فجوة الثقة بين الشعب ومؤسساته ويهدم منظومة التحديث السياسي".

وطالب الملتقى خلال بيان له في 7 يوليو/ تموز 2024، بالإفراج عن "هبة أبو طه ونعيم جعابو وأيمن صندوقة وغيرهم من معتقلي الرأي وتعديل جميع التشريعات المقيدة لحرية التعبير وعلى رأسها قانون العقوبات وقانون الجرائم الإلكترونية".

وخلال مظاهرة شارك فيها آلاف الأردنيين في 7 يوليو، انطلقت مساء، تساند وتناصر الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ومقاومته الباسلة التي تواجه الاحتلال الإسرائيلي منذ ثمانية أشهر، طالب المتظاهرون بالإفراج عن الناشطين المعتقلين بسبب دعم المقاومة الفلسطينية.

وجاءت المسيرة التي دعت إليها الحركة الإسلامية تحت شعار (الهجرة.. طوفان النصر)، تأكيدا على دعم الأردنيين المقاومة الفلسطينية المسلّحة بصفتها السبيل لردع العدوّ ودحر الاحتلال.

ودعا مراقب عام جماعة الإخوان المسلمين، مراد العضايلة، الدولة الأردنية لفتح صفحة جديدة قبيل الانتخابات النيابية القادمة (مقررة في نوفمبر 2024) وتمتين الجبهة الداخلية، والإفراج الفوري عن كافة معتقلي الرأي، ومنهم: القيادي في الحركة الإسلامية نعيم جعابو، والناشط السياسي أيمن صندوقة.

ويرى مراقبون أن استمرار الأردن في التضييق على الناشطين المؤيدين والداعمين للقضية الفلسطينية والمقاومة، قد يدفع إلى مزيد من التوتر الداخلي للبلاد، في وقت لم تتراجع فيه الاحتجاجات الشعبية الأردنية المنددة بالجرائم الإسرائيلي التي تُرتكب في قطاع غزة.

اتهام بالإرهاب

وفي قضية أخرى تتعلق بدعم المقاومة الفلسطينية، تستمر السلطات الأردنية، لأكثر من عام، باعتقال ثلاثة مواطنين أردنيين (إبراهيم جبر، وحذيفة جبر، وخالد المجدلاوي) بتهمة محاولة تزويد المقاومة بالسلاح، والذين أحيلوا إلى محكمة أمن الدولة المختصة بقضايا الإرهاب.

اعتقل الأخوان إبراهيم وحذيفة جبر بتاريخ 13 مايو 2023 بادعاء أنهم كانوا متوجهين لإيصال أسلحة من نقطة إلى نقطة أخرى كانت ذاهبة لإسناد المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية.

وحسب لائحة الاتهام الصادرة بحقهم فإن الدور المناط بالموقفين هو "نقل الأسلحة من نقطة في مدينة المفرق إلى نقطة أخرى في بلدة حوارة"؛ ووفقا لهيئة الدفاع فإن الظروف التي أخذت بها الاعترافات وفق أقوال موكليهم تجعل منها محلا للطعن.

لائحة الاتهام هذه، جرى توجيهها من مدعي عام أمن الدولة وإحالتهم إلى محكمة أمن الدولة، إلا أن المحكمة منذ ما يقارب ستة أشهر لم تحدد موعدا لنظر الدعوى، فيما ظل المتهمون موقوفين على ذمة الدعوى دون محاكمة.

أما المعتقل الثالث، وهو خالد المجدلاوي فقد اعتقل في 2 يونيو 2023، وقد نفى تماما أي ارتباط تنظيمي بحركة المقاومة الإسلامية حماس، وقال إنه "أسهم في المجال الإغاثي وجمع التبرعات لمساعدة المتضررين وطلاب العلم في غزة".

يقبع المعتقلون في سجن ماركا حاليا، وسبق أن جرى إلغاء المحاكمة التي كانت مقررة في أكتوبر 2023، ووفقا لما أدلى به الأخوان إبراهيم وحذيفة جبر لهيئة الدفاع، فإنهم يرون أن دعم المقاومة هو واجب ديني ووطني وإنساني ويستوجب التقدير والاحترام، وأن فعلهم ينبغي أن يحتفى به.

وفي 2 يوليو 2024، عقدت محكمة أمن الدولة الأردنية، أولى جلسات محاكمة المعتقلين الثلاثة، إذ دفع المحامي عبد القادر الخطيب، المترافع عنهم بعدم اختصاص المحكمة بهذه القضية، حيث إن الأخيرة معدة للنظر في قضايا الإرهاب.

ونقلت صحيفة "عربي21" عن الخطيب، قوله إنه "مع عدم التسليم بالتهمة الموكلة إلى موكلي، فإن ما أسند إليهم يتعلق بتقديم الدعم للمقاومة على أراض كانت أردنية ومحتلة من قبل إسرائيل".

ولفت المحامي إلى أن ما قام به المتهمون الثلاثة (إبراهيم جبر، وحذيفة جبر، وخالد المجدلاوي)، هو فعل مشروع حتى في القوانين الأردنية، متسائلا: “كيف تكون المقاومة غير مشروعة ويحال داعموها إلى محاكم الإرهاب؟”

شيطنة مستمرة

وقبل حملات الاعتقال، وخصوصا التي نالت ناشطين بعد مظاهرة حاشدة قرب السفارة الإسرائيلي في مارس 2024، تغيّرت اللهجة الرسمية في البلاد تجاه المظاهرات، وبدأ التحريض الرسمي ضد المشاركين في الاعتصامات اليومية، قرب السفارة الإسرائيلية في العاصمة عمّان.

وقال الناطق باسم الحكومة، مهند مبيضين، خلال تصريح لقناة "سكاي نيوز عربية" الإماراتية في 29 مارس، إن "أي محاولات للتحريض على الدولة الأردنية هي محاولات يائسة تريد أن تشتت البوصلة وتشتت تركيزنا". 

وأضاف: "نتمنى على قادة حركة حماس أن يوفروا نصائحهم ودعواتهم لضرورة حفظ السلم ودعوة الصمود لأهلنا في قطاع غزة"، لافتا إلى أن "الأردن بلد له سيادة وله مرجعياته الدستورية وقيادته تسمو على هذه المرجعيات".

وتابع: "عندما يكون الملك عبدالله الثاني في مقدمة الموقف العربي لا ننظر إلى بعض المراهقات السياسية، ولا إلى من يريد أن يحصد الشعبية على أنقاض الدمار الذي حل في غزة نتيجة لهذه الحرب الكارثية".

وأردف: "هذا الموقف يأتي لأن القضية الفلسطينية لها خصوصية أردنية وهي جزء من أمننا الوطني، وأن أيديولوجيات بائسة تريد تأليب الرأي العام باستغلال المشاعر والعواطف، فهناك إفلاس من قوى تريد أن تطعن في الموقف الأردني أو إجبار الأردن على اتخاذ خيارات أخرى".

من جهته، قال النائب في البرلمان، عمر عياصرة، خلال مداخلة مع قناة "المملكة" الرسمية، في 29 مارس، إن "الأردن يمتلك مؤسسية عالية في التعامل مع التظاهرات، لديه مؤسسات منها الأمنية والسياسية والقصر يحسنون التعامل بدقة مع كل الحساسيات، ومن ثم كل التناقضات في الشارع".

وفي السياق ذاته، شارك في الحملة ضد المظاهرات، مدير الأمن العام السابق فاضل الحمود، وكتب عبر منصة "إكس" في 28 مارس، قائلا: "لا ندري هل هي إملاءات خارجيه إلى بعض من يعيش بيننا أن يطلب من هذا البلد فقط  (دون غيره).. اتقوا الله ولا يغرنكم  صبر وحلم الحليم".

وقبل ذلك، رد رئيس الوزراء بشر الخصاونة، على مطالبات الإفراج عن المعتقلين، بالهجوم على ما أسماه بـ"الطابور الخامس" في الداخل، والذي يعمد إلى التشكيك في المواقف الرسمية للأردن حيال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وقال خلال مداخلة له بمجلس النواب الأردني في 16 نوفمبر 2023، إنه "لا يوجد في الأردن معتقلو رأي ولا خلافه، ونعطي الحرية التي سقفها السماء، في التعبير عن التضامن المطلق والكامل لقطع الطريق على الطابور الخامس".

وأوضح الخصاونة أن الموقف الأردني متحد وواضح خلف الموقف المتقدم والطليعي الذي يقوده العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لوقف الحرب في غزة وكشف الجرائم التي تصنف على أنها جرائم حرب.

وأشار إلى أنه لا يوجد أي خط فاصل بين الموقف الشعبي والرسمي إزاء جرائم الاحتلال بحق الأهل في غزة والضفة الغربية المحتلة.

وتابع: "في كل مكان يوجد طابور خامس، حتى بين ظهرانينا موجود، وهناك ضرورة للتصدي له مجتمعين وبيد واحدة"، داعيا إلى أهمية "التنبه له ومن كل مساعيه وعمله الدؤوب الخبيث والمنظم ليحرف البوصلة باتجاه أن تنتقل حالات من التوتر إلى الداخل".

وختم الخصاونة حديثه: "نقول لهم إنهم خاسئون إن ظنوا أنهم يستطيعون أن يدقوا أي أسافين في وحدتنا الوطنية بالمملكة الأردنية الهاشمية".