غزة تعيد جورج غالاوي إلى برلمان بريطانيا.. لماذا يخشاه سوناك والصهاينة؟
عاد السياسي اليساري البريطاني جورج غالاوي إلى مجلس العموم لأول مرة منذ عام 2015 بعد أن فاز بمقعد مدينة روتشديل شمال إنجلترا.
وجاءت هذه العودة بفضل تصويت الآلاف خاصة من المسلمين له خلال انتخابات فرعية تكميلية أقيمت في نهاية فبراير/شباط 2024.
وكان غالاوي البالغ من العمر 69 عاما، قد حصل على مقعد في البرلمان لأول مرة عام 1987 وعرف بدفاعه الشرس عن القضية الفلسطينية وانتقاده اللاذع للاحتلال الإسرائيلي.
غزة تعيده
وبينت صحيفة إيطالية أن السياسي اليساري "المثير للجدل والمعجب بصدام حسين (الرئيس العراقي الراحل)"، انتخب مجددا بعد 9 سنوات بفضل دعمه القضية الفلسطينية وتركيزه خلال حملته الانتخابية على العدوان الإسرائيلي في غزة في مدينة روتشديل جنوب لندن، حيث يشكل المسلمون قرابة 30 بالمئة من السكان.
وأشارت صحيفة "إيل بوست" إلى أن "غالاوي بنى حملته الانتخابية على الحرب في غزة (منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، وانتقد على وجه الخصوص الأحزاب الرئيسة في البلاد لدعمها لإسرائيل".
ونقلت عن العديد من المعلقين تأكيدهم أن غالاوي حصل على العديد من أصوات الجالية الإسلامية الكبيرة التي تعيش في روتشديل بفضل موقفه المساند للقضية الفلسطينية وانتقاده ما يحدث في القطاع المحاصر.
يذكر أن مقعد روتشديل ظل شاغرا بعد وفاة النائب العمالي توني لويد في يناير/كانون الثاني 2024، وهو ما حتم انتخاب نائب جديد عن تلك الدائرة الانتخابية.
وتجزم الصحيفة الإيطالية بأن غياب مرشح من حزب العمال، الحزب اليساري الرئيس في بريطانيا، سهّل فوز غالاوي بنسبة 40 بالمئة في هذه الانتخابات الفرعية.
وكان حزب العمال قد سحب قبل بضعة أسابيع دعمه للمرشح أزهر علي بسبب بعض التعليقات زعم أنها "معادية للسامية ".
وفي تسجيل صوتي، اتهم علي الاحتلال الإسرائيلي بالسماح عمدا لحركة المقاومة الإسلامية حماس بتنفيذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول ضد مستوطنات غلاف غزة كذريعة حتى تتمكن من غزو القطاع.
ورغم تقديمه اعتذارا لاحقا، إلا أن حزب العمال أعلن أنه لم يعد يدعم حملته ليصبح نائبا في البرلمان عن روتشديل من بوابة الانتخابات الفرعية التي أقيمت في 29 فبراير.
وحصل غالاوي على 12 ألف صوت متفوقا على المرشح المستقل ديفيد تولي، بينما احتل مرشح المحافظين المركز الثالث.
واستهدف غالاوي في خطاب النصر زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر قائلا "هذا من أجل غزة".
وأضاف "ستدفعون ثمنا باهظا للدور الذي لعبتموه في تمكين الكارثة التي تحدث حاليا في غزة وتشجيعها".
بينما عد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك فوز السياسي المؤيد لفلسطين في الانتخابات الفرعية "مثيرا للقلق".
من جهتها، قالت نائبة منسق الحملة الوطنية لحزب العمال إيلي ريفز: "جورج غالاوي شخص يؤجج الانقسام والخوف. لم تكن هذه هي الطريقة التي كنا نريد أن تسير بها هذه الانتخابات الفرعية".
وبينت أن فوزه جاء نتيجة "ظروف فريدة" وبسبب استحالة تقديم مرشح لحزب العمال.
من جانبها، وصفت شبكة "بي بي سي" البريطانية عودة السياسي اليساري إلى البرلمان بأنها "ولادة سياسية جديدة" مفاجئة.
من هو؟
ولد غالاوي في دندي بأسكتلندا لعائلة فقيرة إلى حد ما وعمل في مصنع إطارات ميشلان المحلي حيث بدأ نشاطه كنقابي.
خاض تجربته السياسية الأولى في مجلس مدينة دندي عام 1980، حيث برز اسمه بفضل تأييده قرار المجلس البلدي رفع العلم الفلسطيني على دار البلدية.
وكذلك تأييده إقامة التوأمة بين مدينة داندي ونابلس قبل أن يقوم في عام 1989 بتوأمة بين مدينة غلاسكو وبيت لحم.
دخل غالاوي البرلمان لأول مرة عام 1987 نائبا عن حزب العمال عن غلاسكو هيلهيد واكتسب بسرعة شهرة بفضل اتخاذه مواقفا متشددة يساريا.
وفي التسعينيات، أقام علاقات متواصلة إلى حد ما مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وحل بالعاصمة بغداد في زيارات متكررة.
وقد تعرض لانتقادات شديدة للقائه بصدام حسين الذي قال له في أحد اللقاءات عام 1994 بعد حرب الخليج الأولى، في مقطع متداول كثيرا "سيدي، أحيي شجاعتك، وقوتك، وهمتك".
كما أن زياراته المتعددة للمنطقة خلال تلك الفترة دفعت إلى إطلاق لقب "عضو البرلمان البريطاني عن وسط بغداد" عليه.
وبانضمامه إلى حركة "تحالف أوقفوا الحرب"، بات أحد أبرز الوجوه المعارضة لمشاركة المملكة المتحدة في غزو أفغانستان ثم العراق.
وكان قد وصف غزو القوات الأميركية والبريطانية لبلاد الرافدين بأنه "غير قانوني"، ودعا الجنود البريطانيين إلى عدم الامتثال للأوامر.
وقد أدى هذا الموقف إلى طرده من حزب العمال في ذلك الوقت لينضم على أثر ذلك إلى حزب "الاحترام" أو "الكرامة".
وتأسس هذا الأخير عام 2004 كحزب سياسي جديد عن يسار حزب العمال.
على مر السنين، اتخذ غالاوي مواقف متشددة بشكل متزايدة بحسب تعبير الصحيفة الإيطالية وعارض ما أسماه "الإمبريالية الأميركية والصهيونية" ووصف إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري ودعا إلى تفكيكها.
في عام 2005، ترشح لانتخابات مجلس العموم عن حزب الاحترام وفاز بشكل غير متوقع بمقعد في الضواحي الشرقية للندن وهو ما مكنه من العودة إلى البرلمان.
وفي عام 2006، أثارت مشاركته في البرنامج التلفزيوني البريطاني "الأخ الأكبر - نسخة المشاهير" الكثير من الجدل.
وكان قد أعلن أنه في حال حقق الفوز، فإنه سيتبرع بقيمة الجائزة إلى انتربال وهي منظمة خيرية تقدم الدعم للشعب الفلسطيني.
وفي عامي 2010 و2012، جرى انتخابه مرتين أخريين عن حزب الاحترام، لكنه خسر الانتخابات التالية مع نفس الحزب وكمستقل ثم مع حزب العمال.
كما عمل أيضا كمقدم برنامج إذاعي اتهم عدة مرات بمعاداة السامية وبرنامجا آخر لقناة روسيا اليوم الموالية لموسكو.
وعلى مر السنين، ذكرت إيل بوست بدعمه "العديد من الأنظمة غير الليبرالية بما في ذلك النظام الإيراني، مدفوعا بشكل أساسي بمعارضة إسرائيل والولايات المتحدة".