صحيفة عبرية: معظم أسلحة غزة تصل عبر الجنوب ولا مفر من الحرب على مصر
في ظل عجز العدوان الإسرائيلي عن تحقيق أي إنجاز في قطاع غزة منذ نحو 3 أشهر، أكدت صحيفة عبرية أن بئر حركات المقاومة الفلسطينية بلا قاع ويجب إعلان الحرب على مصر، لوقف وصول الأسلحة إلى غزة.
وقالت صحيفة "معاريف": "انتهت مرحلة المناورة في شمال ووسط قطاع غزة. وسحب الجيش الإسرائيلي ألوية كاملة وقوات خاصة أخرى من هذه المناطق".
في المقابل، حذر رئيس الأركان من أن "إنجازات جيش الدفاع الإسرائيلي في هذه المناطق قد تتآكل".
وعقبت الصحيفة بالقول: "وبالفعل، خلال يوم واحد أُطلقت دفعات صواريخ ثقيلة من هذه المناطق نحو سديروت وأشدود ونتيفوت، ورجال حماس يعودون إلى شمال القطاع ويعيدون تنظيم أنفسهم هناك".
بئر بلا قاع
وفي هذا الإطار، ذكرت الصحيفة أن "الجيش الإسرائيلي حارب في القطاع لثلاثة أشهر، وقتل آلاف المسلحين، وكشف ودمر مئات الأنفاق، وكذلك مصانع إنتاج الصواريخ، وصادر آلاف الأسلحة".
واستدركت قائلة: "لكن يبدو أن البئر ليس لها قاع، وإسرائيل لا تزال بعيدة عن تدمير القدرات العسكرية للتنظيمات المسلحة في غزة".
وأضافت: "لدينا الكثير من المشاكل؛ جبهات صعبة ضد حزب الله وحماس، وضد فتح وحماس في الضفة الغربية، وضد الحوثيين الذين فرضوا حصارا بحريا على إيلات. وفوق الجميع وخلف الجميع تعمل إيران".
وأردفت: "إسرائيل لا تعاني من نقص في الأعداء في هذا الوقت. وتأمل أن يتعامل العالم مع الحوثيين، وأن تظل الأردن -رغم انضمامها إلى الدعوى ضد إسرائيل في لاهاي وتدريبات القتال التي تجريها في الأغوار الأردنية التي تشمل إطلاق النار غربا نحونا- ملتزمة بالسلام ولا تنقلب علينا".
وفي ذات السياق، يدعي عاموس يادلين رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (آمان) السابق، أن حزب الله "مرتدع"، كذلك يطالب يوآف غالانت بإدخال آلاف العمال من الضفة الغربية وتحويل الأموال إلى السلطة الفلسطينية لمنع التصعيد.
وتعقيبا على ذلك، قالت الصحيفة: "هذا المنظور هو مرض نفسي، وليس تصورا للعالم".
وتابعت: "فكل هذا قيل كمقدمة لما يجب أن يقلقنا بالفعل؛ حيث وصلت معظم الأسلحة لحماس وللجهاد في غزة عبر مصر. وحتى ما يُصنع في القطاع لا يمكن أن يُنتج هناك بدون مكونات حيوية هُربت إلى القطاع عبر الأنفاق من سيناء ومعبر رفح".
وأردفت: "الحكومة في مصر مركزية وشمولية. نعم يمكن هنا وهناك رشوة ضابط أو شرطي، لكن شحنات ضخمة من وسائل القتال لا يمكن أن تعبر صحراء سيناء بدون تعاون أو على الأقل غض الطرف من الحكومة المركزية في مصر".
وأكملت: "عندما كان عبد الفتاح السيسي بحاجة إلينا في الحرب ضد تنظيم الدولة في سيناء، تحرك ضد الأنفاق. لكن ليس بعد الآن".
تواطؤ مصري
وتابعت مزاعمها قائلة: "فالواقع أن مصر تسمح بتوريد الأسلحة إلى القطاع. هناك مئات الأنفاق التي تمر تحت ممر فيلادلفيا، بعضها كبير بما يكفي لعبور المركبات المحملة بالأسلحة. لا يمكن أن يحدث نقل من هذا النوع بدون علم مصر".
ومضت تقول: "تعلم إسرائيل هذا، لكن منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد والانسحاب من سيناء، تفاخرت تل أبيب بالسلام مع القاهرة، وهو سلام سمح لها بتقليص حجم الجيش الإسرائيلي الذي لم يعد بحاجة للاستعداد لمواجهة أكبر جيش عربي، الذي يمتلك عددا أكبر بكثير من الدبابات والطائرات والمدافع والفرق والسفن الحربية والغواصات".
وأكملت: "يُردد دائما على مسامعنا بأن السلام مع مصر صمد أمام العديد من الأزمات، لذا نفضل التغاضي عن تهريب الأسلحة، وعن حقيقة أن مصر لا تحتاج إلى جيش ضخم إلا لأغراض الحرب ضدنا، وأن إسرائيل هي العدو في كل تدريب عسكري مصري".
وفي السنوات الأخيرة لعبت مصر دور الوسيط الدائم في كل "جولة" ضد حماس والجهاد. لكن الصحيفة تزعم أن "كل وقف إطلاق نار تم التوصل إليه بوساطة مصرية كان يمنح حماس والجهاد مهلة لحاجات التسليح والتعزيز وحفر الأنفاق والتحضير للحرب معنا".
وتابعت: "وبهذا الشكل ساعدت مصر في بناء المفهوم الإجرامي الذي تبلور في إسرائيل والذي يفيد بأن حماس مرتدعة، وتسعى إلى التسوية".
مشيرة إلى أن "الوساطة المصرية تجعل أعين الشاباك والجيش الإسرائيلي والحكومات الإسرائيلية عاجزة عن الرؤية في العقود الأخيرة".
وأكملت: "صحيح أن لدينا أعداء بما فيه الكفاية حتى بدون مصر. لكن فقط من يراهن على وجود إسرائيل نفسها سيتجاهل ما تفعله مصر للتحضير للحرب ضدنا".
ووفقا للصحيفة العبرية، يتناول هذا الموضوع عدد من الباحثين، مثل ضابط المخابرات المتقاعد إيلي ديكل، والمؤرخ العسكري داني أورباخ، وأيضا يائير أنسباخر الذي نشر أخيرا كتابا بعنوان "كاري ياتنيشا".
وذكر التقرير أن تحليل أنسباخر العسكري والجيوسياسي كان دقيقا للغاية، وكتب بالكامل قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ووفقا للصحيفة، يقوم هؤلاء الباحثون بتحليل القوة العسكرية المصرية والبنية التحتية التي تم إنشاؤها منذ اتفاقيات كامب ديفيد لتدفق الجيش المصري بأكمله إلى سيناء ومهاجمة إسرائيل.
لافتة إلى وجود عشرات الجسور والأنفاق تعبر قناة السويس. كذلك تم تمهيد طرق سريعة ضخمة في الصحراء الفارغة، وتم بناء المطارات، ومستودعات الذخيرة والوقود.
وأشارت إلى أن "كل هذا جاهز لليوم الذي تقرر فيه مصر أن إسرائيل ضعيفة بما فيه الكفاية، وأن الحرب يمكن حسمها".
وأعادت التأكيد مرة أخرى: "نعم لدينا ما يكفي من الأعداء حتى بدون مصر. هذا صحيح. ولكن أولئك الذين يثقون في أن مصر تمتلك القدرة ـولكن ليس لديها أي نية لمهاجمتناـ ينسون ما أقسمنا عليه في السابع من أكتوبر: ألا نحاول بعد الآن تقييم نوايا العدو، بل فقط قدراته".
وتابعت: "وبالتالي فإن النقاش يدور فقط حول تعريف "العدو". وبمجرد أن يتضح لنا أن مصر، التي تتصرف بالفعل كعدو في مناطق معينة، قد تبدأ في ظروف معينة حربا، يجب على إسرائيل الاستعداد لذلك".
جيش صغير
وحول الاستعدادات الإسرائيلية، أفادت معاريف بأنه "رغم أن ميزانيتنا الدفاعية ضخمة (في المرتبة الثانية بعد ميزانية التعليم)، فإن حصتها النسبية في الناتج المحلي الإجمالي انخفضت من 16 بالمئة قبل 35 عاما إلى 5 بالمئة فقط".
وفي العقود الأخيرة، خفضت إسرائيل قواتها البرية إلى حد ينذر بالخطر حقا. وتم إغلاق العديد من ألوية الدبابات، وتم بيع الدبابات أو تفكيكها، وتم تسريح جنود الاحتياط من الخدمة.
وأوضحت أن القيود المفروضة على الميزانية لم تكن وحدها هي التي تسببت في تقليص قوتنا البرية، بل إن وجهات النظر العالمية حول (الجيش الصغير والذكي) و(الجيش الصغير والفتاك) وتقييم أن زمن (الحروب الكبرى) قد ولى، وأنه لا مزيد من الاشتباك مع الجيوش النظامية (مثل مصر وسوريا).
وأن العصر الحالي هو زمن العمليات الخاصة ومحاربة الإرهاب والاعتماد على القوات الجوية والأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار والاستخبارات والعديد من المقرات المتطورة، كل ذلك ساهم في تقليص قوتنا البرية، حتى وجد جيش الدفاع الإسرائيلي فجأة نفسه صغيرا للغاية".
وأشارت إلى أن المقر الرئيس المتطور لن يكون لديه ما يكفي من القوات البرية للانتشار في حالة تحطم نظريات المفكرين العسكريين مرة أخرى، وفي حال بيان زيف "الاحتمال المنخفض" للحرب ضد الجيوش النظامية.
وأردفت: "فجأة وبشكل غير متوقع، اتضح أن الحرب ضد منظمات الإرهاب التي تحولت إلى جيوش تحتاج إلى الكثير من الدبابات والمدرعات والمدفعية والهندسة".
وتابعت ساخرة: "إسرائيل حاليا تتجنب الحرب مع حزب الله بينما تحارب في غزة، لأن جيشنا ذكي جدا ومتطور جدا وشجاع جدا؛ لكنه صغير جدا. وهذا حتى بدون مصر".
وتساءلت: "منذ بدء الحرب وحتى اليوم لا أستطيع فهم لماذا بدأ الجيش بتفكيك حماس من الشمال إلى الجنوب وليس العكس؟".
فمن وجهة نظرها، "القطع الكامل لخطوط إمداد حماس من مصر كان ولا يزال ضروريا".
وأكملت: "يمكن الافتراض أن أحد التقديرات لعدم المساس برفح ومحور فيلادلفيا كان الرغبة في عدم إزعاج مصر، لكن هذا التقدير قد يتحول إلى كارثة إستراتيجية".
وشددت على أنه "عاجلا أم آجلا، سيتعين علينا السيطرة على الحدود بين قطاع غزة ومصر والاحتفاظ بها لسنوات عديدة. ولا يمكن هزيمة حماس دون السيطرة على هذه الحدود".
وفي الختام، أوصت بأنه "إذا أرادت إسرائيل أن تعيش في مواجهة التهديدات العديدة، فعليها أن تزيد ميزانياتها الدفاعية بشكل كبير". مؤكدا أن "مصر لا بد أن تكون أيضا في بؤرة اهتمام الجيش الإسرائيلي".
ورغم أن الخبراء الأمنيين يقولون إن هناك احتمالا ضعيفا أن تصبح مصر عدوا عدوانيا، تشدد معاريف على أن "فرصة حدوث ذلك ستقل أكثر إذا عرف المصريون أن لدينا جيشا يأخذهم في الحسبان كعدو، ولا يكتفي بالمفاهيم والأوهام الفارغة".