رغم مغادرته الحزب الحاكم.. لماذا قبل كاميرون حقيبة الخارجية بحكومة سوناك؟

a year ago

12

طباعة

مشاركة

عودة رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون إلى الساحة السياسية عبر وزارة الخارجية تشير إلى قرب الإعلان عن رؤية جديدة في "عاصمة الضباب".

وفي 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، عين رئيس الوزراء ريشي سوناك، ديفيد كاميرون وزيرا للخارجية، بعد تعديل حكومي "مفاجئ".

وعقب تعيينه مباشرة، كتب كاميرون عبر حسابه على منصة "إكس": رغم أني ربما أختلف مع سوناك في بعض القرارات الفردية، إلا أنه رئيس وزراء قوي ومقتدر، ويظهر قيادة مثالية في وقت صعب".

عودة للحكومة

وبالعودة إلى الوراء قليلا فإن كاميرون استقال من قيادة الحزب المحافظ الحاكم في 4 يوليو/ تموز 2016، أي بعد يوم واحد بالضبط من الاستفتاء على "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي" (بريكست).

وقبل ذلك بـ6 سنوات، في انتخابات عام 2010، نجح كاميرون في هزيمة حزب العمال بقيادة جوردون براون.

ثم تولى رئاسة الحكومة من خلال تشكيل ائتلاف بين حزب المحافظين وحزب الديمقراطيين الليبراليين بقيادة نيك كليج. 

وبعد ثلاث سنوات، في مواجهة أزمة المهاجرين من البلدان التي مزقتها الحرب إلى أوروبا، اقترح كاميرون إجراء استفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لاستخدام هذا النفوذ كأداة للمساومة مع الاتحاد الأوروبي ومنع المهاجرين من دخول بلاده.

وقالت وكالة "إرنا" الإيرانية، إن "كاميرون تمكن بذكاء من تأجيل الاستفتاء إلى ما بعد انتخابات عام 2015، وعمل على ضمان فوز حزب المحافظين في انتخابات ذلك العام لمدة خمس سنوات أخرى".

وأضافت "كما قدم نفسه كـ(معارض لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، وتمكن من الحصول على تنازلات في المفاوضات مع الأطراف الأوروبية، بما في ذلك ما يسمى بخطة منع دخول المهاجرين إلى إنجلترا".

لكن بعد تصويت الشعب البريطاني لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، ودع كاميرون المشهد السياسي وسلم رئاسة الوزراء إلى تيريزا ماي. 

وبسبب خروجها من الاتحاد الأوروبي، تواجه بريطانيا أزمة مالية، وفق وكالة "إرنا".

وذكرت أن "بعض التقارير تشير إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كلف الاقتصاد البريطاني 100 مليار جنيه إسترليني".

وبعد مرور عامين على انسحاب إنجلترا الرسمي من الاتحاد الأوروبي، يواجه الوضع الاقتصادي في البلاد "أزمة مالية خطيرة". 

استعادة الصين

ووصل معدل التضخم في برريطانيا إلى 6.7 بالمئة بعد أن كان 2 بالمئة.

كما رفع بنك إنجلترا سعر الفائدة الأساسي، الذي يرتبط بشكل مباشر بأقساط الرهن العقاري لملايين الأسر البريطانية، بمقدار 525 نقطة مئوية للسيطرة على الوضع الحالي.

وتشير الوكالة الإيرانية إلى أنه "من المقرر أن يقدم وزير المالية جيريمي هانت تعديل ميزانية الحكومة إلى مجلس العموم في الأيام المقبلة". 

وبالنسبة للعديد من البريطانيين، تُعد هذه الميزانية بمثابة تذكير بالسنوات الأولى لحكومة كاميرون، التي سلكت طريق التقشف الاقتصادي والتخفيض الحاد في الإنفاق العام، بحجة مشاركة البلاد بكثافة في حربي العراق وأفغانستان.

وأبرزت أن "عودة كاميرون إلى الحكومة هي تأكيد على إحياء سياسة التقشف الاقتصادي والسياسات التي تسببت في احتجاجات واسعة النطاق في ذلك الوقت".

من ناحية أخرى، ذهبت وكالة الأنباء الإيرانية إلى أن "أحد أهداف كاميرون في مجال السياسة الخارجية يمكن تفسيره على أنه استعادة العلاقات الدبلوماسية البريطانية مع الصين، بوصفها أحد الأقطاب الاقتصادية في العالم". 

وأشارت إلى "استضافة كاميرون رئيس الصين عام 2014، سعيا منه إلى تطوير العلاقات الثنائية في إطار العصر الذهبي".

وفي 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، قال كاميرون في مؤتمر صحفي مشترك مع شي جين بينغ في لندن، إن "زيارة الرئيس الصيني هذه ستكون بداية حقبة جديدة"، وصفها البعض بأنها "العصر الذهبي للعلاقات بين الصين والمملكة المتحدة". 

وأضاف أنها "فترة لعلاقات اقتصادية أقوى وعلاقات تجارية أعمق وعلاقات أوثق بين شعبي البلدين".

"ورغم ذلك، وتحت ضغط البيت الأبيض خلال رئاسة ترامب، أصبحت العلاقات بين البلدين غائمة للغاية، مما أدى إلى انتهاء بعض ملفات التعاون الاقتصادي"، وفق الوكالة الإيرانية.

تحديات دولية

ولكن بعد تعيين كاميرون وزيرا للخارجية، ترى "إرنا" أن ذلك يبعث برسالة مفادها أن "بريطانيا تريد التجارة مع الصين بأي ثمن".

وأشارت إلى أن "عملية استعادة العلاقات مع الصين بدأت منذ بعض الوقت، وتزايدت الاتصالات بين وزيري خارجية البلدين خلال الأشهر الأخيرة". 

ففي سبتمبر/ أيلول 2023، توجه أكبر وفد تجاري بريطاني إلى بكين للمشاركة في السوق الصينية الدولية للخدمات التجارية.

تلتها رحلة وزير الخارجية السابق، جيمس كليفرلي، إلى بكين للقاء المسؤولين الصينيين.

وفي رأي "إرنا"، يبدو أن العلاقات بين البلدين انتعشت، لكنها لا تزال بعيدة عن المستوى المنشود، وهو العمل الذي من المتوقع حاليا أن يتبعه عمل آخر وفق منظور (العصر الذهبي) لكاميرون.

وسلطت الوكالة الإيرانية الضوء على أحد التحديات التي تواجه تعيين كاميرون، وهو غيابه الطويل نسبيا عن مجلس العموم البريطاني. 

وبعد تعيينه، كتب كاميرون في بيان مطول: "طلب مني رئيس الوزراء أن أتولى منصب وزير الخارجية، وقبلت ذلك بكل سرور". 

وأشار إلى أن البلاد "تواجه سلسلة من التحديات الدولية، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا والأزمة في الشرق الأوسط".

وأضاف: "بينما كنت خارج الخطوط الأمامية للسياسة على مدى السنوات السبع الماضية، آمل أن تمكنني تجربتي -كزعيم للمحافظين لمدة 11 عاما ورئيسا للوزراء لمدة ست سنوات- من مساعدة رئيس الوزراء في هذه التحديات الحيوية". 

وشدد على أن "الأمن العالمي أمر حيوي ومهم لأمن بريطانيا الداخلي".