مبادرة أحادية.. ما دور اليونان في "تسميم" علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي؟
"العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي ستستمر في مواجهة تصرفات اليونان شرق المتوسط”
زخم جديد مرتقب في العلاقات بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، عقب اجتماع قادة الاتحاد في العاصمة بروكسل، لاعتماد عدد من القرارات بشأن أوكرانيا والشرق الأوسط وتركيا.
وتمت مناقشة العديد من القضايا في القمة المنعقدة في 17 و18 أبريل/ نيسان 2024، بدءا من الصعوبات الاقتصادية إلى التوترات الجيوسياسية، ومن دعم المنافسين إلى الانتقال السريع للتقنيات الخضراء والرقمية.
تطوير التعاون
ونشر مركز "سيتا" التركي مقالا للكاتبة، إيلين أونفار نوي، أشارت فيه إلى "إعداد تقرير بعنوان (وضع العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا)، وذلك بهدف تحقيق تقدم إستراتيجي ومستقبلي في العلاقات بين الجانبين".
وأوضحت أونفار نوي أنه "تم إعداد هذا التقرير من قبل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي المسؤول عن السياسة الخارجية والأمن جوزيب بوريل والمفوض المسؤول عن التوسعة أوليفر فارهيلي، وتم الإعلان عنه في بروكسل في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023".
وفي ضوء هذا التقرير كان من المتوقع أن تتم مناقشة المحادثات حول مستقبل العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي في قمة قادة الاتحاد الأوروبي التي عقدت في 14-15 ديسمبر/ كانون الأول 2023 أو 21-22 مارس/ آذار 2024.
ولكن لم تُناقَش المحادثات حول العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي في أي من القمتين وتم تأجيلها إلى موعد لاحق.
وقالت أونفار نوي: "في قمة قادة الاتحاد الأوروبي التي عقدت يومي 17 و18 أبريل 2024، اعتمد الممثل السامي والمفوضية قرارا يأخذ في الحسبان (البلاغ المشترك حول حالة العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا)".
وبناء على ذلك، ذكر في التقرير أن "الاتحاد الأوروبي لديه مصلحة إستراتيجية في تطوير علاقة تعاونية ومتبادلة المنفعة مع تركيا في بيئة مستقرة وآمنة في شرق البحر الأبيض المتوسط".
وقد تم التأكيد على ضرورة أن يتقدم هذا النمط من العلاقة بطريقة تدريجية ومتناسبة وقابلة للعكس.
وفي هذا السياق، أعلنت لجنة الممثلين الدائمين للاتحاد الأوروبي صدور تعليمات توضح هذا الأمر.
ويهدف هذا النهج إلى ضمان أن يتم التقدم في العلاقة بشكل متدرج ومتوازن، "مع إمكانية التراجع إذا لزم الأمر".
بالإضافة إلى ذلك، ذكر في التقرير أنه "بمشاركة بناءة من تركيا سيكون من الممكن تطوير مختلف مجالات التعاون التي ناقشها بوريل وفارهيلي في التقرير".
وتم التأكيد على أن الاتحاد الأوروبي يعلق أهمية على استئناف مفاوضات التسوية القبرصية وإحراز تقدم من أجل زيادة تطوير هذا التعاون، وأنه أعرب عن استعداده للعب دور نشط في تسهيل وتعزيز هذا الأمر.
وأشارت الكاتبة التركية إلى أن "هذا القرار قد يؤدي إلى إعادة تنشيط الحوارات رفيعة المستوى بين الاتحاد الأوروبي وتركيا حول الاقتصاد والطاقة والنقل، والتي تم تعليقها عام 2019".
بالإضافة إلى أن هذا القرار يمكن أن يؤدي إلى استئناف الاجتماعات والحوار السياسي رفيع المستوى بين تركيا والاتحاد الأوروبي على المستوى الوزاري.
وكذلك تحقيق أجندة بين تركيا والاتحاد الأوروبي في الفترة المقبلة، والتي قد تشمل زيادة عدد الحوارات القطاعية رفيعة المستوى حول المناخ والهجرة والأمن والصحة والزراعة والبحث والابتكار.
تأخر التطور
في التقرير المذكور، لفت إلى أن الاتحاد الأوروبي وتركيا “قد اختلفا لمدة طويلة بشأن قضايا السياسة الخارجية”.
ففي هذه البيئة الأمنية المتغيرة حيث تتزايد التوترات الجيوسياسية، أدى الانخفاض في القدرة والرغبة في العمل معا بشأن قضايا السياسة الخارجية إلى إبعاد كل من الاتحاد الأوروبي وتركيا على حدّ سواء عن نهج الفوز المشترك.
وبسبب العلاقات المتوترة بين اليونان والإدارة القبرصية اليونانية لجنوب قبرص وتركيا والإدارة القبرصية التركية تأثرت علاقة أنقرة والاتحاد الأوروبي وتأخر التطور والتقدم بينهما.
وقالت الكاتبة إن "جهود الاتحاد الأوروبي تهدف إلى خلق جدول أعمال إيجابي بعد فترة طويلة من الانقطاع في العلاقات مع تركيا".
ومع ذلك، يثير إعلان أثينا عن إنشاء حديقة بحرية في بحر إيجة تساؤلات حول ما إذا كانت اليونان ترغب في عرقلة هذا القرار الذي سيعيد الزخم للعلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
وفي ديسمبر 2023، وقّعت اليونان وتركيا على "بيان أثينا" الذي يهدف إلى تحقيق تحسن في مستقبل العلاقات بينهما والتعايش السلمي.
وفي هذا البيان، تم الاتفاق على اتخاذ تدابير لمنع تكرار التوترات العسكرية والسياسية في شرق البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجة.
وتعهدت تركيا واليونان بعدم القيام بأي إعلان أو مبادرة أو تصرف يعرض السلام والاستقرار في منطقتهما للخطر.
ولفتت الكاتبة النظر إلى أن "محاولة اليونان إعلان إنشاء حديقة بحرية في بحر إيجة بهدف إنشاء وضع قانوني أحادي الجانب يعني عدم الوفاء بالتزاماتها في بيان أثينا وانتهاكها لها".
والأهم من ذلك، فإن هذه الخطوة “قد تعكر العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي وتعرض عملية التقدم التي تم بدؤها بالتوجه نحو جدول أعمال جديد للعلاقات بينهما للخطر”، وفق أونفار نوي.
وأضافت “يبدو أن العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي ستستمر في مواجهة التحديات الناجمة عن تصرفات اليونان في شرق البحر الأبيض المتوسط”.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مفهوم الاتحاد الأوروبي عن تعزيز العلاقات مع تركيا بطريقة "تدريجية ومتناسبة وقابلة للعكس" قد ينقطع بسبب ذلك.
وختمت الكاتبة التركية مقالها قائلة: لا يمكن تحقيق هذه العملية، والتي ستوفر صيغة مربحة للجانبين في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، إلا إذا تم منع تصريحات أثينا ومبادراتها الأحادية الجانب المؤثرة سلبا على علاقات الاتحاد مع تركيا".
وشددت على أن "الاتحاد الأوروبي يجب عليه أن يتوقف عن النظر إلى قضايا شرق البحر الأبيض المتوسط وقبرص من منظور اليونان والإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص، وألا يجعل هذه القضايا شرطا لتقدم العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي".