نهاية الجمود.. لماذا تفضل شركات تركية نقل أعمالها إلى مصر؟

a year ago

12

طباعة

مشاركة

يبحث المزيد من الشركات التركية عن نقل أعمالها إلى مواقع جديدة، نظرا لاستمرار ارتفاع معدلات التضخم، وهنا تبرز مصر كبديل جذاب مع انخفاض تكاليف الإنتاج والسفر بدون تأشيرة.

لكن، تواجه الشركات التركية العديد من المشكلات في مصر، أهمها صعوبة الحصول على النقد الأجنبي، وهو ما يحاول البنك المركزي التركي التدخل فيه لحله مع السلطات المصرية.

ويقول موقع "دويتشه فيله" الألماني إنه بعد عشر سنوات من العصر الجليدي، جمعت قطر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، على هامش كأس العالم في عام 2022.

نهاية الجليد

وكما يوضح الموقع فإن "الصور التي التقطت أوضحت كيف اقترب السيسي من أردوغان بابتسامة عريضة مستقبلا إياه بطريقة ودية". 

وينوه أنه "لم يكن من المتوقع أن يبتسم عبد الفتاح السيسي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام الكاميرات معا، حيث كان الاثنان معاديين لبعضهما بعضا على مدار عشر سنوات تقريبا". 

وأعقب تلك المصافحة القصيرة اجتماعان رسميان عام 2023، الأول في قمة مجموعة العشرين في نيودلهي في سبتمبر/أيلول، والثاني خلال قمة منظمة التعاون الإسلامي في الرياض في أكتوبر/تشرين الأول.

وبالعودة إلى الوراء قليلا، يذكر الموقع ذلك الوقت عندما أطاح قائد الجيش آنذاك ورئيس النظام الحالي السيسي، عام 2013، بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي، والذي كان ينتمي لجماعة "الإخوان المسلمين".

وأشارت إلى انحياز أردوغان ووقوفه إلى جانب الرئيس مرسي، واصفا الحاكم الجديد السيسي بـ "القائد الانقلابي والقاتل والطاغية والفرعون". 

إضافة إلى أنه كثيرا ما كان يطلق على السياسيين المعارضين الأتراك اسم "السيسي" تعبيرا عن استيائه منهم، وفقا لادعاءات الموقع.

وبدورها، اتهمت القاهرة أردوغان بدعم ما تسميه "إرهاب جماعة الإخوان المسلمين" ومنحهم مأوى على مضيق البوسفور.

من ناحية أخرى، يسلط الموقع الضوء على اتخاذ تركيا ومصر موقفين متناقضين فيما يخص الصراع الليبي، حيث "كان لكل منهما مصالح مختلفة في البحر الأبيض المتوسط فيما يتعلق الأمر بمكامن الغاز الجديدة". 

ومع ذلك، يلفت إلى "اضطرار الجانبين إلى التقارب بسبب الأزمة في السياسة العالمية والأوضاع الاقتصادية السيئة في بلديهما". 

ففي عام 2022، التقى وفدا الأعمال التركي والمصري للمرة الأولى منذ تسع سنوات، وتقدمت العلاقات التجارية إلى الأمام منذ ذلك الحين.   

التضخم في تركيا

يزعم "دويتشه فيله" أن العديد من الشركات التركية كانت غير راضية للغاية عن بلدها لعدة سنوات.

وعزا ذلك إلى سياسة سعر الفائدة المنخفضة غير التقليدية التي كان ينتهجها أردوغان، والتي تؤدي باستمرار إلى ارتفاع التضخم. 

وفي الآونة الأخيرة، بلغ معدل التضخم رسميا أكثر من 61 بالمئة، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الطاقة وسياسة سعر الفائدة غير المؤكدة التي ينتهجها البنك المركزي. 

وعلى الرغم من الشروع في العودة إلى السياسة الاقتصادية التقليدية، يدعي الموقع أن "الثنائي الجديد وزير المالية الجديد محمد شيمشك والرئيسة الجديدة للبنك المركزي التركي حفيظة أركان لم يتمكنا حتى الآن من تهدئة الأسواق".

وبحسب الموقع، تسببت تكاليف الإنتاج المرتفعة بشكل متزايد، والإنفاق المرتفع على الطاقة والسياسة الحكومية غير الثابتة فيما يتعلق بالعملات الأجنبية وأسعار الفائدة في خلق أزمات عديدة للشركات المحلية التركية، مما دفع البعض للبحث في الخارج لفترة طويلة.

وبهذا الشأن، يذكر أن مصر كانت دائما في دائرة الضوء، وذلك لأن تكاليف الموظفين والإنتاج أرخص بكثير مما هو الوضع في تركيا.

وأشار الموقع إلى أن العقبة الأخيرة للشركات أُزيلت عندما رُفع شرط الحصول على التأشيرة في أبريل/ نيسان 2023.

وبالفعل، يقول إنه "في عام 2023، وصل إجمالي الاستثمارات التركية في مصر إلى 2.5 مليار دولار".  ومن المقدر أن يصل إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار بحلول نهاية نفس العام.

الإعفاء من الرسوم 

بالإضافة إلى ظروف الإنتاج الفعالة من حيث التكلفة، يسلط الموقع الألماني الضوء على ميزة أخرى تحصل عليها الشركات التركية بالاستثمار في مصر.

وتتمتع الشركات التركية التي تفتتح متجرا في مصر بفرصة الوصول إلى التجارة المعفاة من الرسوم الجمركية  مع الدول الأخرى. ويتوقع الخبراء أن هذا سيمكنهم من فتح أسواق دولية جديدة، وفق الموقع.     

ويؤكد رئيس مجلس الأعمال التركي المصري مصطفى دينيزر، في مقابلة مع "دويتشه فيله" أن "مصر كانت جذابة على أي حال، لكن رفع شرط التأشيرة للمواطنين الأتراك نقطة التحول".

وأضاف: "من أجل الحفاظ على قدرتها التنافسية على المستوى الدولي، تبحث الشركات التركية منذ عدة سنوات عن بلدان أخرى. ولكن مع رفع شرط الحصول على التأشيرة حُلت العقدة". 

ووفقا له، فإن 35 شركة صناعية تركية تنشط بالفعل في مصر، بمبيعات سنوية تزيد عن 1.5 مليار دولار.

وتابع دينيزر: "إن التجارة الحرة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأميركا الجنوبية وبعض الدول الإفريقية توفر أيضا للمستثمرين الأتراك مجموعة واسعة من الفرص".

 وبالتالي، ستتاح للشركات التركية التي تنتج منتجات فعالة من حيث التكلفة في مصر فرصة الوصول إلى جميع هذه الأسواق.    

الأجور في تركيا

بحسب المعلومات الرسمية، يبلغ الأجر الشهري للعامل في تركيا حوالي 500 دولار شهريا، بينما يبلغ في مصر 150 دولارا فقط. ويضيف الموقع أيضا أن "تكاليف الطاقة في مصر أقل بكثير مما هي عليه في تركيا". 

ولهذا السبب، فإن العديد من الشركات التركية العملاقة مثل "أرتشليك" و"سيسا جام" و"تيمسا" و"يلديز هولدنج" وغيرها أنشأت خط إنتاجها في مصر بالفعل.

وعلى سبيل المثال، بحسب ما نشرته الشركة نفسها، تصدر "تيمسا" الحافلات والشاحنات المصنعة في مصر من هناك إلى الدول المستوردة. 

كما تتمتع "يلدز هولدنج"، مع العلامة التجارية المحلية للحلويات "بلاديس"، بنجاح كبير في السوق المصري، وهو ثاني أكبر سوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفق الموقع.

إضافة إلى ذلك، تدير شركة "يشيم تكستيل" ثلاثة مصانع في مدن القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية، وتزود العديد من العلامات التجارية الرياضية المشهورة عالميا من هناك. 

وبحسب الموقع، استثمرت الشركة العملاقة "أرتشيليك" المعروفة في أوروبا بعلامة "بيكو" التجارية، أخيرا 100 مليون دولار في مصنع جديد. ومن المقرر أن يجرى الافتتاح في نهاية عام 2023. 

 وبشكل عام، يوضح الموقع أن الشركات التركية توظف ما يقرب من 70 ألف شخص في مصر، دون احتساب العاملين كموردين.

ولفت إلى أن "ثلث إنتاج المنسوجات والملابس في البلاد يأتي كذلك من آلات المصانع التركية". 

ثقافة الترحيب

بحسب مصطفى دينيزر، رجل الأعمال في صناعة النسيج، فإن مصر تقدم للشركات التركية ثقافة ترحيبية ناجحة. 

وبين أن "الصعوبة الوحيدة التي تواجهها الشركات التركية في مصر هو نقص العملات الأجنبية في البلاد". 

وأضاف: "غالبا ما تتلقى الشركات التركية، على وجه الخصوص التي تنتج للسوق المحلية المصرية، مستحقاتها بشكل  متأخر، لكن البنك المركزي التركي يتفاوض حاليا مع مصر لحل هذه المشكلة".   

من ناحية أخرى، يلفت الموقع الأنظار إلى "تعزيز العلاقات بنشاط على المستوى الوزاري". ففي أكتوبر/تشرين الأول 2023، سافر وزير الاقتصاد التركي عمر بولات إلى القاهرة.

وبشأن العلاقات التجارية مع مصر، أعرب رئيس غرفة تجارة وصناعة مدينة بورصة القوية اقتصاديا، إبراهيم بوركاي، عن تفاؤله الشديد.

وبحسب بوركاي، فإن هدف الأتراك هو زيادة حجم التجارة بين البلدين إلى 15 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، بعد أن كان سبعة مليارات دولار في عام 2022. ويضيف: "لدينا أيضا فرصة للتعاون مع الشركات المصرية". 

وكما ورد عن الموقع، يرى رئيس الغرفة إمكانات كبيرة أخرى في المعارض التجارية، حيث يُخطط بالفعل لإقامة معرض تجاري كبير للمنسوجات والأقمشة المنزلية.