السيسي يبيع منجم السكري عملاق الذهب العالمي لشركة أسترالية.. ما القصة؟

داود علي | 2 months ago

12

طباعة

مشاركة

فوجئ المصريون يوم 10 سبتمبر/ أيلول 2024، بإعلان شركة "أنغلو غولد أشانتي" عملاق الذهب العالمي، شراء شركة أسهم شركة "سنتامين" الأسترالية لتعدين الذهب بنحو 1.9 مليار جنيه إسترليني (2.5 مليار دولار).

وبموجب الصفقة، ستفرض "أنغلو غولد أشانتي" سيطرتها على منجم السكري في مصر، الذي ينظر إليه منذ فترة طويلة على أنه أحد أفضل مناجم الذهب بالعالم.

وواجه منجم السكري تحديات تشغيلية وسياسية منذ عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وحتى في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، وصولا إلى حقبة عبدالفتاح السيسي. 

فماذا نعرف عن شركة "أنغلو غولد أشانتي"؟ ولماذا استحوذت على منجم السكري؟ وما قصة ذلك المنجم الكنز الذي لا يستفيد الشعب المصري منه؟ 

منجم السكري

يقع منجم السكري في منطقة الصحراء الشرقية على بعد 30 كم من مدينة مرسى علم بمحافظة البحر الأحمر.

وهو منجم فرعوني قديم؛ حيث تدل الآثار على استغلال الفراعنة والرومان له، كما عمل الإنجليز على استغلاله خلال فترة احتلالهم لمصر (1882- 1959).

وكان السكري هو المنجم الحكومي الوحيد حتى توقف الإنتاج به عام 1954 بأمر ملكي من الملك فاروق الأول، حاكم مصر آنذاك. 

ونقلت بعض المواقع المحلية المصرية مثل (مصراوي- البوابة نيوز)، أن الملك فاروق، قال عبارته الشهيرة بشأن قراره بإغلاق منجم السكري: "هذا من حق الأجيال القادمة، حتى ينعموا في خير أجدادهم ويعلموا أننا لم نفرط في ثروات مصر".

فيما نقلت مواقع أخرى مثل "صدى البلد" أن الملك قرر إغلاقه بسبب النهب الذي كان يمارسه بعض النخبة من البشوات، وأنه وجد أن تكلفة استخراج الذهب أعلى كثيرا من استثماره.

لكن في عام 1994، وقع حدث فارق في تاريخ المنجم، عندما وقعت هيئة الثروة المعدنية المصرية مع "الشركة الفرعونية الأسترالية" لمناجم الذهب اتفاقية.

وبموجبها تم الإعلان عن الكشف التجارى للذهب، وتأسيس شركة العمليات تحت مسمى "شركة السكرى لمناجم الذهب"، وبدأت فى الإنتاج بدءا من مارس/ آذار 2010.

وأعلنت الحكومة المصرية آنذاك أن احتياطيات المنجم من الذهب تبلغ 15.7 مليون أوقية، مؤكدة أنها "من أكبر الاحتياطيات فى العالم حيث سيتم تعدين 1300 مليون طن على مدار عمر المنجم". 

أما عمر المنجم فيقدر بـ 20 عاما وهو ضعف متوسط أعمار المناجم في إفريقيا.

كما يعمل بالمنجم 4500 كعمالة مباشرة وغير مباشرة وألف مورد و50 شركة مقاولات.

وفي 18 ديسمبر/ كانون الأول 2021، أعلنت شركة سنتامين المالك (آنذاك) للمنجم والمدرجة في بورصة لندن، أن زيادة الاحتياطي بأكثر من مليون أونصة في منجم السكري، تدعم خططها لإنتاج 500 ألف أونصة من الذهب سنويا في السنوات العشر المقبلة.

في نفس اليوم ذكرت وكالة "رويترز" أن السكري من أكبر 10 مناجم في العالم.

“سنتامين” و "أنغلو غولد أشانتي"

يعد منجم السكري أحد المشروعات المشتركة بين هيئة الثروة المعدنية المصرية وشركة سنتامين الأسترالية.

إذ وقعت الحكومة المصرية اتفاقية عام 1994 مع الشركة الفرعونية لمناجم الذهب الأسترالي (سنتامين حاليا)، للبحث عن الذهب والمعادن واستغلالها.

وبعد القرار بالعمل على تفعيل منجم السكري تقرر إنشاء شركة السكري لمناجم الذهب في مايو 2005، بمنطقة امتياز يبلغ طولها 160 كيلومترا مربعا، لاستغلال المنجم.

وشركة السكري، ذات رأسمال مشترك بين هيئة الثروة المعدنية المصرية التابعة لوزارة البترول والثروة المعدنية في مصر، وسنتامين التي يقع مركزها الرئيس في أستراليا.

وكانت الشركة الفرعونية لمناجم الذهب هي المشغل الأول لمنجم السكري قبل أن تستحوذ عليها سنتامين.

أما الشركة الجديدة المستحوذة على منجم السكري، فهي "أنجلو غولد أشانتي" التي تأسست في يونيو/ حزيران 1998.

وفي أبريل/ نيسان 2004 تم الدمج التجاري بين أنجلو غولد وشركة أشانتي جولد فيلدز المحدودة.

بعدها تم تغيير اسم الشركة إلى أنجلو جولد أشانتي، وفي سبتمبر 2023، أصبحت أنجلو جولد أشانتي بي إل سي، وذلك بعد إعادة هيكلة مؤسسية كبيرة تضمنت تغيير المقر إلى المملكة المتحدة.

بعد إعادة تسجيلها وتأسيسها في إنجلترا وويلز، أصبحت الشركة تمتلك، محفظة من الأصول في المناطق الرئيسة المنتجة للذهب في العالم.

منها تنزانيا، والكونغو الديمقراطية، وغانا، وغينيا، وأستراليا، والولايات المتحدة، والبرازيل، والأرجنتين، وكولومبيا. 

وأصبحت الشركة مدرجة بشكل أساسي في بورصة نيويورك للأوراق المالية، ومقرها الرئيس في الولايات المتحدة، وهي مدرجة أيضا في بورصتي جوهانسبرغ وغانا.

وأهم نشاط لـ "أنجلو غولد أشانتي" هو تعدين الذهب، حيث تشتهر الشركة بعملياتها الواسعة في مجال استخراج الذهب من المناجم المنتشرة في مختلف القارات.

كذلك الاستكشاف، حيث تستثمر الشركة بشكل كبير في عمليات استكشاف مناجم الذهب الجديدة وتطويرها.

وتقوم أيضا بتصنيع الذهب المستخرج وتجهيزه للأسواق العالمية.

في عام 2023 أنتجت "أنجلو غولد أشانتي" 2.635 مليون أونصة من الذهب، وفي نفس العام وظفت ما معدله 33.658 شخصا.

لشركة "أنجلو غولد أشانتي" علاقة تعاون وتحالف وثيقة ببعض الشركات الإماراتية.

ففي يونيو 2009 أعلنت شركة دبي للتعدين المحدودة وشركة أنجلو غولد اشانتي، تكوين تحالف فيما بينهما للتنقيب عن الذهب وإدارة المناجم وتطويرها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. 

ومن اللافت أنه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، التقت وزيرة الاستثمار المصرية (آنذاك) سحر نصر بالمستثمر الإماراتي عبدالله سعيد آل ثاني رئيس شركة دبي الإمارات للتعدين.

وأعلن وقتها أن شركة دبي تبحث زيادة استثماراتها فى مجال البحث عن الذهب بمصر.

وهو ما يطرح سؤالا عن احتمالية دخول الشركة الإماراتية ضمن إطار استحواذ أنجلو جولد آشانتي على منجم السكري المصري.

السكري والفساد 

ولا يغفل أن منجم السكري ارتبط بوقائع فساد وشبهات متعددة، ففي سبتمبر 2018 أعلنت وزارة الداخلية المصرية عن ضبط 6.5 أطنان من الذهب الخام، المستخرج من منطقة الصحراء الشرقية، تحديدا من منجم السكري.

وقتها تساءل الكاتب الصحفي بأخبار اليوم، أيمن الشحات، عن مصير الذهب الذي يتم استخراجه من السكري؟

وأشار في تعليق له بصفحته على فيسبوك إلى أن كل فترة يخرج من مصر ما بين 40 إلى 70 كيلو غراما خاما لمطار القاهرة.

حيث تقوم الحكومة بإرساله لكندا من أجل تحويله لسبائك، موضحا أن أخبار خروج الذهب من المطار وفي ظل حراسة أمنية مشددة أمر يعلمه الجميع، لكن عودة الذهب في سبائك لا يسمع أحد عنها.

وفي سبتمبر 2018 أيضا وفي بيان عاجل قدمته النائبة البرلمانية "فايقة فهيم" ضد وزير البترول (آنذاك) الدكتور طارق الملا، أكدت أن المنجم يشهد مافيا كبيرة للفساد.

واستشهدت بالأرقام حيث أنتج المنجم 377 ألف أوقية ذهب، أي نحو 11 طنا خلال عام 2014، و420 ألف أوقية خلال 2015 بما يوازي 11.7 طن.

و470 ألف أوقية خلال 2016 بما يوازي 13 طنا، ليصل لطاقته القصوى من حيث الإنتاج، وهي 500 ألف أوقية خلال عام 2017، بما يوازي 16 طنا.

وأشارت النائبة إلى أن مصر خلال 5 سنوات، من 2011 حتى 2015، لم تحصل سوى على 70 مليون دولار فقط من المنجم.

ما يؤكد هيمنة شبكات مافيا الفساد على ثروات مصر، ومع ذلك لم ترد وزارة البترول على تساؤلات النائبة.

وفي نوفمبر 2021، طالب النائب فتحي قنديل، عضو مجلس النواب عن نجع حمادي بمحافظة قنا، بإسناد الإشراف على منجم السكري لوزارة الدفاع.

وقال خلال الجلسة العامة لمجلس النواب: إن القوات المسلحة ستكون قادرة على تحقيق النجاح أفضل من أي شركة أخرى.

لكن المثير أنه قال إن “الشركات التي تنقب عن الذهب تستعين بالمجرمين والخارجين عن القانون للعمل في التنقيب”.

وفي 16 اغسطس / آب 2023 أعلنت السلطات في زامبيا احتجازها طائرة خاصة قادمة من القاهرة إلى لوساكا، كان على متنها 5.7 ملايين دولار نقدا، و602 قطعة من سبائك الذهب، وخمسة مسدسات مع 126 طلقة.