مخاطر متزايدة.. كيف يؤثر العدوان الإسرائيلي على ممرات التجارة العالمية؟

منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

تتواصل الأحاديث عن التداعيات السياسية والاقتصادية لحرب الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة المتواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ويؤكد معهد إيطالي أن هذه الحرب تزيد من المخاطر التي تهدد التجارة البحرية وممرات الطاقة في الشرق الأوسط في ظل تحديات كانت تفرضها أصلا إيران في أوقات سابقة. 

مخاطر عالية

ويفترض معهد الدراسات السياسية الدولية أن المخاطر عالية لجميع الأطراف على الرغم من بقاء الصراع منحصرا داخل الأراضي المحتلة مشيرا إلى عاملين رئيسين في ذلك.

أولا دور المليشيات الموالية لإيران في المنطقة وكذلك تحركات طهران المحتملة، مستبعدا في الوقت ذاته فرضية إغلاق مضيق هرمز.

لكنه أشار  إلى أن الهجمات والتحركات ضد الأهداف البحرية، خاصة الإسرائيلية والأميركية، تشكل خيارات أكثر احتمالا. 

وأفاد بأن ناقلات النفط المتجهة إلى إسرائيل تقوم في الوقت الراهن بإيقاف تشغيل أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بموقعها لتجنب استهدافها.

وكثفت حركة المقاومة الإسلامية حماس منذ 7 أكتوبر، سواء من القطاع أو من جنوب لبنان، إطلاق صواريخ باتجاه المدينتين الساحليتين حيفا، شمال إسرائيل، وإيلات، جنوبا، وباتجاه عسقلان وأشدود المطلتين على البحر المتوسط. 

في المقابل، قام الاحتلال بإغلاق ميناء عسقلان المنفذ الرئيس للنفط إلى البلاد بينما انخفض النشاط بشكل كبير في ميناء أشدود.

كما أعاد توجيه العديد من السفن التجارية إلى ميناء حيفا الشمالي، فيما توفر إيلات المطلة على خليج العقبة طريقا بديلا عبر البحر الأحمر. 

إلا أن هذه المدينة الساحلية نفسها تتعرض أيضا لهجمات يشنها الحوثيون من شمال غرب اليمن عبر مسيرات وصواريخ، وهو ما دفع الاحتلال إلى تعزيز دفاعاته في البحر الأحمر.

نقاط الاختناق 

وفي سياق الأزمة الراهنة، أشار المعهد الإيطالي إلى أن جميع الممرات البحرية في الشرق الأوسط، قناة السويس ومضيق هرمز وباب المندب، تخضع "لمراقبة خاصة". 

وقال إن الصراع غير المباشر بين إيران والولايات المتحدة، والذي ينعكس بوضوح في الحرب بين حماس وإسرائيل، يمكن أن يؤثر على أمن الطرق البحرية والبنى التحتية العديدة بما في ذلك الطاقية في الشرق الأوسط على الرغم من عدم وجود تهديدات مباشرة على نقاط الاختناق في الوقت الحالي.

ويمر عبر قناة السويس يوميا 3.6 ملايين برميل من النفط الخام ويعبر 80 بالمئة من النفط المصدر من الشرق الأوسط والخليج عبر خط أنابيب سوميد الرابط بين خليج السويس والبحر الأبيض المتوسط ​​وأوروبا.

وعبر مضيق هرمز، يعبر 21 مليون برميل يوميا وأكثر من ربع التجارة الدولية في الغاز الطبيعي المسال. 

فيما يمر عبر باب المندب أكثر من 6.2 ملايين برميل من النفط الخام والمنتجات البترولية المكررة  يوميا أي 9 بالمئة من النفط المنقول بحرا.

وبالنسبة للدول الأوروبية، يعد باب المندب أكثر إستراتيجية من هرمز من حيث واردات النفط لا سيما أن 3.6 ملايين برميل من النفط الخام المنقول يوميا عبر المضيق يتم توجيهه إلى أوروبا بينما يذهب 2.6 مليون المتبقية إلى آسيا.

كما أن 76 بالمئة من كمية النفط الخام التي تمر عبر هرمز تتجه إلى الأسواق الآسيوية.

وقائع لافتة

وفي هذا الإطار، أشار المعهد إلى أنه على مر السنين، طورت الميليشيات الموالية لإيران التابعة لما يسمى بمحور المقاومة وحدات بحرية.

حيث بات باستطاعة حزب الله اللبناني الاعتماد على وحدة بحرية مكونة من بضع مئات من العناصر ومجهزة بصواريخ مضادة للسفن روسية وصينية الصنع، وغواصات وسفن إيرانية (غدير وذو الفقار).

بالإضافة إلى كوماندوز للعمليات البحرية، إلى جانب إمكانية استخدام الصواريخ والمسيرات ضد أهداف بحرية.

كما تقوم المقاومة الفلسطينية وحزب الله أيضا باختبار غواصات يتم التحكم فيها عن بعد وقادرة على ضرب الحقول البحرية وخطوط أنابيب الغاز.

ويدعي المعهد في هذا الصدد أن  قوات الاحتلال قامت في عام 2018 بقصف "قاعدة بحرية تابعة لحماس في قطاع غزة، ودمرت أسلحة بحرية متطورة".

وفي عام 2021، استهدفت المقاومة حقل غاز تمار البحري الإسرائيلي بعشرات الصواريخ إلا أنه كان محميا بنظام الدفاع الصاروخي القبة الحديدية.

وقبل اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان (أكتوبر 2022)، هدد حزب الله في مناسبات عديدة بمهاجمة الحقول البحرية الإسرائيلية، وقام بإطلاق ثلاث طائرات مسيرة باتجاه حقل كريش للغاز في يوليو/ تموز 2022 تم إسقاطها.

الحوثيون، هم الأكثر نشاطًا في الحرب البحرية على حد وصف المعهد الإيطالي، مشيرا إلى أنهم قاموا بشكل مستمر باستهداف السفن العسكرية والتجارية في البحر الأحمر من خلال استخدام المسيرات وكذلك الألغام البحرية وتستهدف هجماتهم حتى الآن بشكل رئيس السعودية.

ولفت إلى أن حادثة اصطدام قارب مفخخ بناقلة نفط في عام 2020 تسبب في انفجار بالإضافة إلى الإغلاق المؤقت لميناء جدة.

الأمن البحري

حرب الشرق الأوسط الجديدة، كما يسميها المعهد، تندرج ضمن سيناريو بحري مليء بالتحديات خصوصا أن أمن بعض الطرق البحرية كان مهددا بالفعل حتى قبيل تجدد الصراع بين حماس والاحتلال. 

وأشار إلى وقوع "حلقات من الحرب غير المتكافئة منذ 2019 مثل الهجمات المتكررة التي شنتها إيران والمليشيات الموالية لها بواسطة الصواريخ والطائرات بدون طيار والقوارب المفخخة ضد السفن المدنية في البحر أو البنية التحتية الاقتصادية أو الطاقية أو الموانئ،  بين خليج عمان وبحر العرب وجنوب البحر الأحمر".

ولاحظ المعهد الإيطالي أن "استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران في مارس/آذار 2023، لم يحسن في الواقع حرية الملاحة بين هرمز وخليج عمان، بتواصل الهجمات واحتجاز ناقلات النفط". 

وبحسب وزارة الدفاع الأميركية، هاجمت إيران أو احتجزت أو حاولت منذ عام 2021 استهداف ما يقرب من عشرين سفينة تجارية فيما لم يتم الإبلاغ عن أي حوادث منذ 7 أكتوبر. 

وفي العامين الأخيرين فقط، أسهمت الهدنة في اليمن بين الحوثيين والحكومة المعترف بها أمميا والتحالف العسكري الذي تقوده السعودية، في الحد من انعدام الأمن في جنوب البحر الأحمر. 

إلا أن هذه الهدنة لم يتم تمديدها منذ أكتوبر 2022، فيما تتجدد الاشتباكات وتشمل كذلك الحدود السعودية.

وأكد المعهد الإيطالي أن استقرار التجارة البحرية وطرق الطاقة يشكل أولوية بالنسبة للدول الخليجية وكذلك للاعبين العالميين. 

ويشرح أن عمليات التنويع الاقتصادي في مرحلة ما بعد النفط والغاز في الدول الخليجية على غرار رؤية 2030 السعودية، تركز بشكل كبير على الصادرات والبنية التحتية وبالتالي تتطلب طرقًا بحرية آمنة.

إلا أنه ألمح إلى إمكانية استفادة فقط السعوديين والإماراتيين من طرق بديلة لمضيق هرمز في إشارة إلى زيادة الرياض لصادراتها النفطية إلى أوروبا عبر سوميد منذ عام 2022 والاعتماد على ميناء ينبع الواقع في البحر الأحمر الذي يمر عبره 80 بالمئة من النفط الخام نحو الدول الأوروبية.

وبدورهم يستغني الإماراتيون عن هرمز من خلال استخدام ميناء الفجيرة الواقع في أقصى الإمارة شرق المضيق.

من جانبها لا تستطيع آسيا، خاصة الصين والهند، أن تتجاهل الأمن البحري للمراكز المحيطة بشبه الجزيرة العربية والخليج خصوصا وأن نصف واردات بكين ونيودلهي من النفط الخام تأتي من الخليج. 

كما عد المعهد إرسال الولايات المتحدة غواصة تعمل بالطاقة النووية إلى الشرق الأوسط بمثابة رسالة ردع أخرى لإيران وحلفائها وهو ما يؤكد أن المخاطر عالية لجميع الأطراف فيما يتعلق بالأمن البحري.