سفينة "مهدوي" الإيرانية.. ماذا يعني عبورها خط الاستواء في المحيط الهندي؟
"طهران باتت تتمتع بالقدرة على الدفاع عن خطوط الاتصال البحرية خارج منطقة الشرق الأوسط"
في تطور جديد يغير معادلة القوى الإقليمية في أعالي البحار، دخلت السفينة الحربية "الشهيد مهدوي" التابعة لبحرية الحرس الثوري الإيراني، في 4 مايو/أيار 2024، النصف الجنوبي للكرة الأرضية بعد عبورها خط الاستواء.
وبذلك بلغت أطول مسافة تقطعها إحدى سفن الباسدران (قوات الحرس الثوري) في تنفيذ مهامها، وفق ما أفادت به وسائل الإعلام الإيرانية.
وبحسب وكالة "تسنيم" الإيرانية تأتي "هذه المهمة ضمن مساعي طهران لتوسيع حضورها البحري في البحار والمحيطات، بهدف تأمين الملاحة البحرية وخطوط التجارة الإيرانية والعالمية".
إشارة مهمة
وفي تعليقه على أبعاد بلوغ سفينة تابعة للحرس الثوري الإيراني هذه المسافة، رأى موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي أن العملية "تشكل إشارة مهمة للغاية على تغيير في نهج إيران نحو الاهتمام بشكل أكبر بما يقع خارج الأحواض البحرية المجاورة لها، الخليج العربي وخليج عمان وكذلك المتاخمة مثل بحر العرب وخليج عدن".
ونوه الموقع إلى القول "إننا أمام تغيير تاريخي في مهام القوات البحرية الإيرانية (البحرية وبحرية الحرس الثوري) مما يعني توسع مصالح طهران الإستراتيجية من منطقة الخليج إلى العالم بأكمله".
ويبلع طول مساحة سفينة " الشهيد مهدوي" التي دخلت الخدمة عام 2023، 240 مترا وعرضها 32 مترا وتزن 14 ألف طن.
وبحمولة 41 ألف طن، تتزود السفينة بمعدات وأدوات ذات قابلية طي 18 ألف ميل بحري وسرعة 18 عقدة.
وهي مجهزة كذلك بمعدات قتالية بحرية وجوية ورادار مرحلي ثلاثة أبعاد، فضلا عن صواريخ سطح-سطح وصواريخ سطح-جو، ومنظومات اتصال موحدة متطورة بالحروب الإلكترونية.
كما أنها مجهزة بصواريخ كروز بحرية بمدى أكثر من 700 كلم بقابلية حمل وهبوط وتحليق المروحيات وإنزال الطرادات المختلفة.
وأظهرت صور نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية في الأشهر الأخيرة أن السفينة كانت تحمل على متنها طائرتي هليكوبتر من طراز "ميل مي 17 " وأنواعا مختلفة من الطائرات بدون طيار وأربعة صواريخ مضادة للسفن وزورقين هجوميين سريعين صغيرين.
وتتسلح "الشهيد مهدوي" بأربعة مدافع مضادة للطائرات عيار 23 ملم وعدة رشاشات ثقيلة.
وبحسب ما نقلت وسائل إعلام، أُطلق صاروخ باليستي من عائلة ذو الفقار لأول مرة من السفينة وأصاب هدفه بنجاح في الصحراء الوسطى لإيران في فبراير/ شباط 2024.
وانضمت هذه السفينة إلى البارجة العابرة للمحيطات والتابعة للحرس الثوري "الشهيد رودكي" التي كانت قد انضمت بدورها إلى أسطول بحرية الباسدران في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.
وسفينة "الشهيد رودكي" حربية متعددة الأغراض وبعيدة المدى تحظى بإمكانية نقل وتفعيل مختلف أنواع المروحيات والمسيرات والمنظومات الصاروخية والدفاعية والرادارية.
ويبلغ طول هذه السفينة "اللوجيستية والاستخباراتية"، 150 مترا وعرضها 22 مترا، وهي مجهزة للقيام بمهمات في المحيطات لتوفير الأمن لخطوط المواصلات البحرية.
وتقديم المساعدة والإغاثة لأسطول التجارة والصيد لإيران والدول الإقليمية، بالإضافة إلى توفير الأمن لناقلات النفط والأساطيل التجارية وأساطيل الصيد في أعالي البحار.
مسارح مفتوحة
وشرح الموقع الإيطالي أن "البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني تتمتع دائما بقدرات ساحلية حصرية لشن هجمات خاطفة، وهو ما يشبه الحرب غير المتكافئة التي تخوضها طهران لمحاولة ممارسة الحظر البحري (sea denial) في المياه المجاورة لها وخاصة في مضيق هرمز".
إلا أن استخدام هاتين السفينتين، إلى جانب "إم في سافيز" و"ماكران" و"بهشاد" التابعة للبحرية الإيرانية، يكشف كيفية تحرك طهران منذ فترة نحو استعراض القوة، على حد تعبير الموقع.
لذلك يرى أن "الشهيد رودكي"، وكذلك "الشهيد مهدوي"، ليست سوى سفن دعم لعمليات القوات الخاصة ولشن هجمات غير متماثلة واسعة النطاق.
وبذلك تُجنب الإيرانيين الاضطرار إلى تنفيذ العمليات انطلاقا من القواعد الساحلية وبالتالي إمكانية تنفيذ أنشطة "الحظر البحري" أو السيطرة على البحر في مسارح أخرى مفتوحة.
وقال الموقع إنه "بفضل هذه السفن، يمكن لإيران أن تشرع في الدفاع عن خطوط الاتصال البحرية الخاصة بها خارج منطقة الشرق الأوسط رغم محدودية البحرية غير المجهزة بالعدد الكافي من سفن السطح الحديثة".
وأكد أن هذه السفن الجديدة "من شأنها أن تزيد من تأثير النشاط الإيراني غير المتماثل حول الخليج العربي".
واستشهد الموقع في هذا السياق بما عده "الدور النشط الذي لعبته إيران خلال أزمة عبور سفن الشحن عبر البحر الأحمر أخيرا".
وأشار إلى أن سفينة التجسس "بهشاد"، كان لها دور مركزي ليس فقط في دعم هجمات الطائرات بدون طيار التي يشنها الحوثيون عبر تزويدهم بالبيانات التي تساعدهم في تحديد أهداف هجماتهم على السفن، وإنما لعبت دورا أيضا على الأرجح في قطع بعض كابلات الاتصالات تحت الماء بالبحر الأحمر، وفق ما ذكرت تقارير غربية.
وقد تعرضت هذه السفينة التي تتولى رسميا مهمة مكافحة القرصنة، لهجوم سيبراني من الولايات المتحدة في وقت سابق عام 2024 بسبب اشتباهها في دعم الحوثيين بالمعلومات لاستهداف الشحن التجاري في المنطقة.
وعادت إلى الخدمة بعد أيام من الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع أبريل/نيسان 2024 والذي أدى إلى مقتل 7 عناصر بارزة في الحرس الثوري.
في ذات السياق، أشار "إنسايد أوفر" إلى أن "طهران تمتلك أصولا، مثل الغواصات الصغيرة ومركبات غاطسة يتحكم فيها عن بعد، بإمكانها تنفيذ هذا النوع من العمليات أي قطع الكابلات البحرية".
وعلى وجه الخصوص، رجح الموقع فرضية إنزال سفينة "بهشاد" لغواصة من طراز "فاتح" للقيام بهذه العملية.
و"فاتح" غواصة تستخدم في القيام بعمليات خاصة تحت الماء وباستطاعتها مواجهة الألغام البحرية أو أي هجوم برمائي رغم صغر حجمها.
وبفضل هذه البوارج الحربية، استنتج الموقع الإيطالي أن "إيران باتت تتمتع بالقدرة على الدفاع عن خطوط الاتصال البحرية خارج منطقة الشرق الأوسط".